عن أوهام التفاؤل الأميركي
تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT
عن أوهام التفاؤل الأميركي
المقاومة ماضية في طريقها، لا تعوّل علينا كثيراً في الواقع، وهذا من حسن حظها وحسن حظنا نحن أيضاً.
إما أن بلينكن يروج معطيات غير صحيحة لكسر الحصار على إسرائيل، وإما أن يكون صادقاً، وهذا يكشف أن أمراً ما يُدبر من ورائنا.
سقف المقاومة في التفاوض لا يزال عالياً رغم قوافل الشهداء والدمار والجوع والعطش والمرض والمأساة، تفاؤل فلسطيني مقابل التفاؤل الأميركي، ستقول الأيام كلمتها.
عن أي اندماج إسرائيلي يتحدث الأميركي؟ هذا أمر خطير لأننا أمام مسؤول كأنه بصدد تقديم معطيات وليس مجرد تكهنات وآمال، متحدثا عن دول عربية وكثرتها.
يتحدث بلينكن كأن موجة تعاطف مع إسرائيل ستقود إلى مصالحة يتحدث عنها واندماج في المنطقة كأن حرباً لا تجري، كأن عشرات الآلاف لا يُقتلون، كأن شعباً لم يُشرّد.
تفاؤل أميركي كأن مقدساتنا لم تُدنس، كأننا لا نرى ولا نسمع ولا نتابع الإبادة الجماعية التي تنفذها آلة الحرب الهمجية الإسرائيلية الأميركية، كأننا لا نحس بالقهر ولا نرغب في الانتقام.
* * *
ما قاله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، السبت الماضي، يدعو إلى الحيرة والاستغراب، والريبة بالخصوص. فقد أكد أن هناك "فرصة استثنائية في الأشهر المقبلة لدمج إسرائيل في المنطقة، مع رغبة الدول العربية في تطبيع العلاقات معها"، على حدّ تعبيره.
وفي حديثه أمام مؤتمر ميونخ للأمن، ذكر بلينكن أن "كل دولة عربية الآن تقريباً تريد حقاً دمج إسرائيل في المنطقة لتطبيع العلاقات"، من دون أن يسمّي دولاً محددة أو يعطي تفاصيل إضافية، مضيفاً أن "هناك فرصة استثنائية لإسرائيل في الأشهر المقبلة من أجل اندماجها".
كلام خطير كأنه يحيل على عوالم غامضة لا نعرفها، كأنه يتحدث عن عالم موازٍ لعالمنا، فيه فلسطين أخرى، وإسرائيل أخرى، وعرب آخرون.
يتحدث المسؤول الأميركي وكأن هناك موجة تعاطف مع إسرائيل ستقود إلى هذه المصالحة التي يتحدث عنها، الاندماج في المنطقة، كأن حرباً لا تجري الآن، كأن عشرات الآلاف لا يُقتلون، كأن شعباً لم يُشرّد، كأن مقدسات لم تُدنس، كأننا لا نرى ولا نسمع ولا نتابع عملية الإبادة الجماعية التي تنفذها آلة الحرب الهمجية الإسرائيلية الأميركية، كأننا لا نحس بالقهر ولا نرغب في الانتقام، بأي طريقة كانت.
عن أي اندماج لإسرائيل يتحدث الوزير الأميركي؟ هذا أمر خطير، لأننا أمام مسؤول كأنه بصدد تقديم معطيات وليس مجرد رغبات أو تكهنات أو آمال، وهو يتحدث عن دول عربية ويُلمح إلى كثرتها، وهذا يعني أمرين لا ثالث لهما، إما أن يكون بصدد ترويج معطيات غير صحيحة لكسر الحصار على إسرائيل، وإما أن يكون صادقاً، وهذا يكشف أن أمراً ما يُدبر من ورائنا، كما حدث دائماً في الواقع.
ولكن إن صح هذا فسيكون إيذاناً بنيران ستشتعل في أكثر من مكان في الوطن العربي، فالشعوب على فوّهة بركان، تغلي من القهر والعجز إزاء ما يحدث للشعب الفلسطيني، ولعل هذا، إن حدث لا قدر الله، سيخرجها من صمتها العاجز، وقد يحررها ويدفعها أخيراً إلى التعبير عن شعارها الأبدي "بالروح والدم نفديك يا فلسطين".
في الأثناء، نحمد الله أن المقاومة ماضية في طريقها، لا تعوّل علينا كثيراً في الواقع، وهذا من حسن حظها وحسن حظنا نحن أيضاً. أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، السبت، أن الحركة تريد "الوقف الكامل للعدوان" في غزة من دون أن "تفرّط في تضحيات شعبنا" و"إنجازات مقاومته"، وهو ما يعني أن سقف المقاومة في التفاوض لا يزال عالياً، رغم قوافل الشهداء، ورغم الدمار المتواصل، رغم الجوع والعطش والمرض، رغم كل المأساة، تفاؤل فلسطيني مقابل التفاؤل الأميركي، ستقول الأيام كلمتها.
*وليد التليلي كاتب صحفي تونسي
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أميركا بلينكن التطبيع اندماج إسرائيل فلسطين غزة سقف المقاومة التفاؤل الأميركي الإبادة الجماعية الوقف الكامل للعدوان التفاؤل الأمیرکی فی المنطقة یتحدث عن
إقرأ أيضاً:
مدير مستشفى الشفاء أبو سلمية يتحدث لـعربي21 عن حجم الكارثة بعودة العدوان
قال قال مدير مستشفى الشفاء في قطاع غزة، الدكتور محمد أبو سلمية، إن آخر حصيلة لعدد الشهداء والجرحى نتيجة القصف الإسرائيلي الذي تجدد فجر الثلاثاء، هي حتى الان 360 شهيد، ومئات الجرحى تجاوز عددهم 700.
وأكد أبو سلمية في حديث خاص لـ"عربي21"، أن "عدد الشهداء مرشح للزيادة، وذلك لخطورة إصابات الجرحى وعدم تمكن الطواقم الطبية من التعامل معها لقلة الإمكانيات اللازمة لذلك، كما أن هناك مواطنين تحت الأنقاض".
وكان من اللافت في القصف الأخير أنه استهدف عدد من قيادات الحكومة وكوادر الدفاع المدني، وحول ما إذا كان هذا الاستهداف للكوادر الطبية متعمدا، قال أبو سلمية، إن "الاحتلال يستهدف كل شيء، فهو استهدف الطواقم الطبية والدفاع المدني ليلحق أكبر عدد من الشهداء، لأنه يريد قتل أكبر عدد ممكن".
وحول وضع القطاع الصحي في غزة خاصة في ظل الحصار المشدد والمفروض منذ أسبوعين على القطاع، أكد مدير مستشفى الشفاء، أن "القطاع الصحي مُنهك ومُتعب بسبب الحصار على قطاع غزة".
وتابع، "لم يدخل قطاع غزة مُنذ أسبوعين حبة دواء واحدة، كذلك نحتاج إلى محطات أكسجين، وغرف عمليات وأدوات جراحية وأدوية طوارئ ومستشفيات ميدانية وطواقم طبية من الخارج".
وختم حديثه بالقول، "المطلوب الان أولا وقف العدوان على غزة، وثانيا فتح المعابر وإدخال الأدوية والمستهلكات الطبية، والسماح بدخول الطواقم الطبية والمستشفيات الميدانية".
وكان الاحتلال عاد إلى العدوان على قطاع غزة فجر الثلاثاء، حيث أعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو عن استئناف الحرب على قطاع غزة.
وطالت الغارات عددا من المنازل، ما أسفر عن شهداء وإصابات، وذلك في خرق لتفاهمات اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 20 كانون الثاني/ يناير الماضي.