أجبر ارتفاع تكاليف المعيشة في سوريا غالبية العائلات على الاعتماد على الغذاء الرخيص، والاستغناء عن المواد مرتفعة الثمن واللحوم الحمراء والبيضاء والفواكه، في وقت يبدو فيه النظام السوري بدون حلول بمواجهة التضخم، وسط حديث عن تراجع الدعم الإيراني والروسي.

وبحسب بيانات المكتب المركزي للإحصاء لعام 2023، ارتفعت تكاليف المعيشة في سوريا بنسبة 1920 في المئة مقارنة بعام 2020، حيث أنفقت الأسرة السورية، التي تتكون من 5 أفراد، يوميا حوالي 59,842 ليرة سورية على استهلاك السلع والخدمات، مما يعادل 1,795,252 ليرة شهريا.



تضخم مستمر
ويبلغ متوسط الرواتب في مناطق سيطرة النظام 250 ألف ليرة سورية، في الوقت الذي تقدر فيه مصادر اقتصادية تكاليف المعيشة في سوريا بما يزيد عن 10 ملايين ليرة سورية.

ويقول الباحث والخبير الاقتصادي، فراس شعبو، إن سوريا تعاني من تضخم مستمر، من دون وجود أي مؤشرات على توقف ارتفاع الأسعار.


ويضيف لـ"عربي21"، إن الأمر بات يتجاوز قدرة السوريين في غالبيتهم، وخاصة أن النظام يسهم في زيادة متاعبهم، من خلال تقليل الشرائح المدعومة، وفرض الضرائب على التجار.

ورغم استقرار قيمة الليرة أمام العملات الأجنبية نسبياً، تواصل الأسعار الارتفاع، ما يعني من وجهة نظر شعبو أن "سعر الدولار في سوريا غير حقيقي، نتيجة السياسات الأمنية، أي منع وتجريم التعامل بالعملة الأمريكية"، بذلك، فإن التضخم يهدد بخسارة مدخرات السوريين أو ما تبقى منها.

وكانت صحيفة "الوطن" الموالية للنظام، قد اتهمت صناعيين باللجوء إلى التحايل على التضخم وارتفاع تكاليف الإنتاج، من خلال تقليص منتجاتهم عوضاً عن رفع سعرها، مشيرة إلى أن بعض المنتجات تم تصغير حجمها وأخرى تم تخفيف جودة تغليفها أو تخفيض نسبة تركيز مكوناتها، لتحقيق إنتاج أكبر وأرباح أكثر على حساب أموال وصحة المستهلكين.

وأشار رئيس جمعية حماية المستهلك التابع للنظام في دمشق وريفها، عبد العزيز المعقالي، إلى ورود العديد من الشكاوى للجمعية حول لجوء بعض المعامل والصناعيين في سوريا إلى حيلة تقليص حجم المنتجات والعبوات أو تخفيض كمية المادة الغذائية ضمن العبوة مع الإبقاء على حجمها الأصلي في ظل ارتفاع أسعارها إضافة إلى قيام البعض بتخفيض المادة الفعالة في المواد الداخلة بتصنيع منتجاتهم ومنها المنظفات وبعض المواد الغذائية.

وأشار إلى استغلال هذه المعامل ضعف القوة الشرائية للمواطن مقابل ارتفاع الأسعار بشكل كبير، بالتالي يسعى المواطن إلى السلعة الأرخص ولو على حساب المادة الفعالة والجودة مما يحقق أرباحاً طائلة للمعامل والمنتجين.

أما وزير الاقتصاد في "الحكومة السورية المؤقتة"، عبد الحكيم المصري، فقد أشار إلى فقدان قيمة الليرة السورية أكثر من 99 في المئة من قيمتها منذ العام 2011، مؤكداً أن النظام لا يمتلك كميات من الذهب أو من العملات الصعبة، ولا يستطيع حتى الاستدانة.

وأكد لـ"عربي21"، أن سوريا بحاجة إلى ناتج محلي يساوي ناتج 10 سنوات على الأقل حتى يعود اقتصادها إلى ما كان عليه قبل الثورة، لكن بدون إنفاق أي ليرة في هذا العقد.

بدائل غير مجدية
ويتزامن ذلك، مع أزمة نقص وقود تعم مناطق سيطرة النظام، أصابت بعض المناطق بالشلل نتيجة انقطاع المواصلات، وسط تفسيرات تفيد بتأخر وصول الإمدادات الإيرانية، بسبب عجز النظام السوري عن دفع ثمن الشحنات.

وجرى طرح طباعة العملات على أنه أحد الحلول لمواجهة نقص السيولة في خزينة النظام، ويقول الوزير المصري إن خيار "التمويل بالعجز"، يعني زيادة التضخم.

ويتفق مع ذلك المستشار الاقتصادي ورئيس "مجموعة عمل سوريا"، أسامة القاضي، الذي يرى أن اللجوء إلى هذا الخيار يعني انهيار الليرة وزيادة التضخم ونسبة الفقر.


وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف أنه في ظل عدم وجود إيرادات نفطية وزراعية، فإنه لا وجود لمداخيل حقيقية للدولة السورية، وحتى الإيرادات التي كانت تأتي من التجارة غير الشرعية (الكبتاغون) تقلصت بسبب العقوبات الأمريكية والتشدد حيال تهريب الممنوعات، عبر الحدود.

ويلفت القاضي، إلى صراع الأجنحة الاقتصادية داخل النظام، ويقول: "يظهر الصراع اليوم بوضوح بين أقطاب إيران، وروسيا، وهو ما تجلى في اغتيال بعض الشخصيات البارزة".

والأهم من ذلك كله، فإن انقطاع الدعم الإيراني والروسي ينذر بالأخطر، فطهران تطالب بديونها، وموسكو مشغولة ومستنزفة في أوكرانيا، وبالتالي لا يمكنهم دعمهم النظام إلى ما لا نهاية، كما يقول القاضي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية المعيشة سوريا سوريا نظام الأسد المعيشة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تکالیف المعیشة فی سوریا

إقرأ أيضاً:

التكاليف الاقتصادية للحرب على غزة: “نتنياهو” يكابر في وجه مؤشرات التضخم والغلاء

الجديد برس:

أفاد موقع قناة “كان” الإسرائيلية، أنه وخلافاً للتقديرات والتوقعات المسبقة، فقد قفز التضخم المالي بأكثر من واحد في المئة، وذلك يعني أن خفض قيمة الفائدة المصرفية لا يلوح في الأفق القريب.

وارتفع مؤشر غلاء الأسعار الاستهلاكية بنسبة 0.9% في شهر يوليو، حسب ما أعلنت أمس دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، وكجزء من هذا، جاء مؤشر التضخم مفاجئاً بشدة إذ ارتفع أكثر من المتوقع من 3.2% إلى 3.6% وقفزت أسعار الشقق بنسبة 0.9%، بحسب الموقع.

وفي مؤشر يوليو، تجاوز التضخم الحد الأعلى الذي وضعه “بنك إسرائيل”، بارتفاعه إلى أكثر من 3%، لكنه قفز في أغسطس بنسبة 1% تقريباً، وذلك على عكس تقديرات المحللين بأنها سترتفع بنسبة نصف في المئة. وهذا يعني أن خفض قيمة الفائدة المصرفية غير متوقع قريباً، حسب ما ذكر موقع “كان” الإسرائيلي.

ويضيف أنه “في توزيع ارتفاع مؤشر غلاء المعيشة، تأتي زيادة أسعار المساكن حسب المناطق، إذ كان هناك ارتفاع بنسبة 0.1% في منطقة وسط “تل أبيب”، وزيادة بنسبة 0.8% في منطقة حيفا، وزيادة بنسبة 1.8% في منطقة المركز، وزيادة بنسبة 1% في منطقة “تل أبيب”، وبنسبة 0.4% في منطقة الجنوب. كما ارتفعت أسعار الشقق الجديدة بنسبة 0.9%، لتكمل ارتفاع الأسعار السنوي بنسبة 5.8%.

وسجلت أسعار الخضروات الطازجة ارتفاعاً ملحوظاً الشهر الماضي بنسبة 13.2%، والنقل بنسبة 2.8%، والتعليم والثقافة والترفيه بنسبة 0.5%، وصيانة المنازل بنسبة 0.4%، والمواد الغذائية بنسبة 0.3%. وبهذه الطريقة، يصل المعدل السنوي لارتفاع الأسعار إلى 6% تقريباً، وإذا استمرت الأسعار في الارتفاع، فستكون هناك زيادة في أسعار الشقق تفوق 10%.

“هآرتس”: مؤشر الحرب اقتصادي أيضاً

بدورها، صحيفة “هآرتس” انتقدت الوضع الاقتصادي في كيان الاحتلال، متحدثة عن أن “أطول حرب وأكثرها تكلفة في تاريخنا تفرض علينا ثمناً في غلاء المعيشة وتقلل من فرصة خفض سعر الفائدة”.

ولكن ذلك لن يجعل “بنك إسرائيل” يتعجّل في رفع سعر الفائدة، خوفاً من قمعه النشاط الاقتصادي، وهو آخر أمر مطلوب حالياً، بحسب “هآرتس”.

وأطلقت “هآرتس” على مؤشر غلاء المعيشة في “إسرائيل” اسم “مؤشر الحرب”، مؤكدة أن “أطول حرب وأكثرها تكلفة في تاريخ البلاد تفرض ثمناً ليس فقط في التكاليف الأمنية والتعويضات للكثير من الضحايا، بل أيضاً في غلاء المعيشة”، وأن “مؤشر شهر أغسطس الذي ارتفع بنسبة 0.9%، خلافاً للتوقعات المبكرة التي قدرت ارتفاعه بنسبة نصف في المئة فقط، مرتبط بالحرب وآثارها إلى حد كبير”.

وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية أن جزءاً من الإيرادات جاء بسبب ارتفاع أسعار رحلات الطائرات الحاد، على متن شركات السفر الإسرائيلية، بسبب أن شركات الطيران الأجنبية خفضت رحلاتها إلى “إسرائيل” بشكل كبير، وانخفض العرض، وازداد الطلب لأنه شهر أغسطس، والنتيجة: زيادة بنسبة 22.1% في تكلفة السفر إلى الخارج.

وأشارت الصحيفة إلى أن “عمليات إلغاء الرحلات الجوية من قبل الشركات الأجنبية تزايدت بشكل خاص” بعد استشهاد القيادي في حزب الله فؤاد شكر في بيروت، ورئيس حركة حماس إسماعيل هنية في طهران، ما زاد التوتر والخشية من تصعيد.

ولم يتبدد هذا التخوف بشكل كامل حتى الآن، بحسب الصحيفة، ويتجلى ذلك، من بين أمور أخرى، في الفجوة التي تبلغ 1.2% بين عائدات سندات الحكومة الإسرائيلية وسندات حكومة الولايات المتحدة، أي أن المستثمرين يطالبون بعائد أعلى للاستثمار في سندات الحكومة الإسرائيلية، لأنها تعد في هذا الوقت أكثر خطورة.

وهذه فجوة نشأت خلال الحرب وتغيرت بحسب مستوى التوترات الإقليمية، ومعنى هذه الفجوة هو ارتفاع تكاليف تمويل الديون التي تأخذها الحكومة في الأسواق المالية لتمويل نفقات الحرب.

ويعكس المؤشر الحالي سلسلة من التطورات المتعلقة بالحرب، كسؤال “هل تقوم شركات الطيران الدولية بتقليص رحلاتها إلى هنا؟ هل الأسعار ترتفع؟ هل تمنع المقاطعة التركية استيراد الطماطم؟ سَلطتنا تصبح أكثر تكلفة؟ العمال الفلسطينيون لا يأتون إلى مواقع البناء؟ أسعار الشقق تحلق؟ كل هذا يمنع تخفيض سعر الفائدة ويتطلب سداد أقساط رهن عقاري أعلى بمئات الشواكل شهرياً.

وانتقدت الصحيفة أن كل ذلك “لا يزعج أحداً في الحكومة”، ولا يشكل اعتباراً في منظومة الاعتبارات لاستمرار الحرب، على الرغم من أثره الكبير داخل جمهور المستوطنين.

مقالات مشابهة

  • مصر تصدم مواطنيها بقرارين وسط ارتفاع تكاليف المعيشة.. رصد لحجم الأزمة والحلول
  • مفاجأة بشأن أسعار العقارات في مصر خلال الفترة المقبلة.. فيديو
  • خبير يفجر مفاجأة بشأن أسعار العقارات في مصر خلال الفترة المقبلة (فيديو)
  • مقتل 3 مسلحين في كمين قرب الحدود السورية - اللبنانية
  • البنك المركزي المصري يكشف أسباب ارتفاع التضخم خلال شهر أغسطس الماضي
  • التكاليف الاقتصادية للحرب على غزة: “نتنياهو” يكابر في وجه مؤشرات التضخم والغلاء
  • اليماني: غلاء المعيشة من ارتفاع أسعار المحروقات
  • مع استمرار الحرب.. ارتفاع التضخم في إسرائيل
  • خلافا للتقديرات والتوقعات.. ارتفاع مؤشر أسعار الاستهلاك وغلاء المعيشة والشقق في إسرائيل