بعد محطات عدة مررنا بها في قاموس المقاومة، يمكننا التعرف على منظومة المفاهيم الإيجابية الدافعة للمقاومة والتحرير، وكذا نتمكن من الكشف والاكتشاف للمفاهيم الخبيثة؛ مفاهيم دافعة تتطلب منا صناعة الرسوخ والتمكين لها، ومفاهيم غازية يطلقها العدو خبيثة في محتواها وتأثيراتها يجب اجتثاثها. وكلتا المهمتين تجب على الأمة كمجال حيوي لإعمال هذه الرؤية والاستراتيجية ضمن صناعة ثقيلة في الأمة؛ ألا وهي صناعة الوعي الممتد فيها على قاعدة ذهبية؛ المقاومة في الأمة والأمة في المقاومة؛ لتتحول الأمة بكل فعاليتها ومكوناتها إلى أمة مقاومة داعية لها ورافعة دافعة معها ولها، فتصير بالفعل وفي الميدان مقاومة لأمة شاملة ومتكاملة ومتكافلة.



هنا فقط يمكننا أن نتحدث ونشاهد بحق "أمة الطوفان في مواجهة العدوان والطغيان"، ويتحقق الشعار "من طوفان الأقصى إلى طوفان الأمة"، فتكون المقاومة في قلب الأمة وفعلها.

ضمن هذه الرؤية الاستراتيجية المتكاملة لا بد أن تكون تلك الرؤية مشفوعة بتفكير وتدبير، بتخطيط وتنفيذ يتم بعقل استراتيجي للأمة لا ينفصل بأي حال عن عقل استراتيجي للمقاومة؛ فيتمدد الوعي في الأمة ويتجدد، وتتعدد مسالكه ولا يتبدد أو ينحرف ويتجمد.

ومن أهم الأصول الحضارية في هذا المقام حضور مفهوم "الأمة"، يعني "الأَمّ"، وهو القصد والوجهة، فالأمة محل القصد والقِبلة والاتجاه، وحينما يبرز مفهوم جديد لا يُعنَى "بالأمة الوسط" وإنما "بالشرق الأوسط" مضافا إليه صفة "الكبير"، فإنما يشير ذلك إلى معانٍ جغرافية، ويشير إلى أن مَن أطلق صفة "الكبير" (الولايات المتحدة) إنما يحدد عناصر اهتمامه هو ومجاله الحيوي فيما يعتبره يحقق مصالحه هو، ويحقق عناصر استراتيجيته الكونية في منطقة تعتبر عقدة استراتيجية. ولكن هذا يحوّل الأمة من قَصْدٍ، ومن بشرٍ قاصد، ومن مقصود وفكرة ورسالة، إلى "مكان" مُصمَتٍ يراه الخارجُ كيفما شاء وكيفما تصور، وكأنه مساحة خالية من البشر الفاعل أو الفكرة الجامعة، إنه -بهذا- مجال للفك والتركيب وإعادة التشكيل وهندسة المنطقة في إطار تتحكم فيه "هندسة الإذعان"؛ وفي مجال تغيب الأمة أو تكاد من أن تكون طرفا فاعلا حيا يملك الندية كما يتصف بالفاعلية في التغيير والتأثير.

الأزمة الحقيقية لاستقرار جوهري في المنطقة واستمراره على قواعد راسخة؛ تستلهم معنى الأمة وشهودها في مواجهة تحديات جسام وعقبات عظام، ومكمن الداء في هذا الشأن أن الاستقرار ليس بأيدي أهلها ولكنه بأيدي غيرها
إن الأزمة الحقيقية لاستقرار جوهري في المنطقة واستمراره على قواعد راسخة؛ تستلهم معنى الأمة وشهودها في مواجهة تحديات جسام وعقبات عظام، ومكمن الداء في هذا الشأن أن الاستقرار ليس بأيدي أهلها ولكنه بأيدي غيرها، صحيح أن العالم بتفاعلاته لم يعد معه الأمر الذي يتعلق بالتمييز بين داخل وخارج هو الأمر الصحيح، ولكن مهما كان للخارج سطوته فإن الداخل هو الذي يمكّن له، فهل يمكن أن نتصور أن تكون هناك رؤية ضمن مشروع لكل هذه القضايا ويبحث عن متطلبات الاستقرار؟ أم أن التفكيك هو مصير المنطقة ومزيد من التفتيت؟

إلا أنه ومع وجود تلك التحديات والعقبات فإننا نؤكد على أهمية العمل الجدي لتقديم استجابات واعية داعية، قادرة فاعلة، بحيث يكون ذلك لصناعة المستقبل مسبوق باستشرافه، وكذلك فإنه على الرغم من التحديات المختلفة التي تواجه مشروع الأمة في المقاومة، إلا أنه ما يزال الأقدر علي الاستمرار كإطار ووسيلة للمواجهة والانتصار في صراع الأمة مع الكيان الصهيوني، سواء كان ذلك على المستوى النظري أو التطبيقي وعلى المدى القصير أو البعيد، إلا أن هذه التحديات والعقبات قد أسهمت في تراجع المشروع من حيث الفاعلية -دون أن ينفي ذلك استمرار لنهج المقاومة طالما ظل الصراع قائما- في حسم الصراع على الصعيد العربي على الأقل في إطار المدى القصير. بدا طوفان الأقصى يشير إلى ذلك الإشكال الحقيقي ويؤكده بأعلى صوت؛ لا يخلو من الإنذار والتحذير ومن الإنذار والدعوة إلى النفير.

ضمن هذه المداخل الثلاث الجامعة؛ لمدخل الكلمات والمفاهيم، وكذا مدخل الأمة واستلهام معانيها ومبانيها ومغازيها، وصناعة المستقبل وعيا واستشرافا؛ علينا أن ننظر إلى "الدعاية والدعوة بين المقاومة والعدو" من المادة اللغوية "د ع و"، جاء الاشتقاق لمادتي: دعوة، ودعاية، وبينهما التقاء وتباعد، التقاء في اللفظ، وتباعد في الدلالة والهدف.. وهذا من محاسن اللغة العربية وسعتها في الاشتقاقات.

فالدعوة هي سبب من أسباب الوصول إلى غاية حسنة، معيّنة في "دين الإسلام، والانصهار في تعاليمه"، والدعوة لا تكون إلا بكلمة حق عن حق وبحق. أما الدعاية فهي أسلوب إداري مبتكر، للترويج للسلع، وبأنواع الأساليب التجارية، لغاية المكسب والأغراض الدنيوية. فالأولى إذا صَدَقت النيّة في تطبيق المفهوم الأساسي بالدعوة إلى دين الله سبحانه، وسخّر الداعية الذي يجب أن يكون عارفا حقيقة بما يدعو إليه: علما وفهما، وعالما بما ينهى عنه، نفسه وعلمه وحلمه في هذا الميدان، والدعاية من أدواتها الإعلان والترويج والتسويق وكلها عمل مادي صِرف، لأن عمل الدعاية أسلوب مبتكر من قبل الشركات والمصانع وما يشابهها مما يعود بمردود مالي عليه، وترويج بضائعها.

ولكن هذين المفهومين لم يبقيا في مجالاتها المختلفة عند المستوى الداخلي؛ بل امتدا إلى دوائر أوسع في الخارج، وأكثر من هذا في الأزمات والحروب. وظل كل من المفهومين يحتفظ بجوهره؛ الدعوة التي تتوسل الصدق الكامل والحق الدائم، والدعاية التي تتغيا التروّيج لمصالحها بالدعاية التي أصبحت فنا من فنون المعرفة، تنفَق فيها أموال وجهود، وأساليب متنوعة، حتى تحصل على السمعة الحسنة مهما كانت ولو كان في هذا الأسلوب تضليل على من توجه إليه هذه الدعاية، لأن أصحابها عندهم أن الغاية تبرر الوسيلة، صدقا أو كذبا، أو جزءا من الحقيقة تنسج حوله خيوطا متشابكة من الكذب، فيمرر هذا الجزء من الحقيقة أكاذيب كثيرة وافتراءات باطلة.

هذا في ميدان الكلمة؛ فماذا عن الأمة وصناعة مستقبلها في شأن موضوع الدعوة والدعاية؟ في الحقيقة قليل من المهتمين هم من ميزوا بين الدعوة والدعاية، خاصة حينما انتقلتا إلى المجال السياسي.

نؤكد منذ البداية أن الدعوة هي مقام الأمة، والمقاومة فيها لا تتأسس إلا على قيم الصدق والحق والعدل؛ تنطلق إلى الداخل والخارج على حد سواء؛ مفعمة بمنظومة القيم حتى لو كانت في ميادين الحروب والمعارك.. مَعَنَا الحق؛ متوسلا الصدق، متوجا كل ذلك بالعدل في الموقف والقول والفعل.

"الحرب خدعة" ترد هذه الكلمة إما مفردة كحديث للنبي r أو أنها أحد الأشكال الثلاثة التي يباح فيها الكذب كوضع استثنائي، خروجا على أساس من قاعدة الشرع التأسيسية المحرمة له، المعظمة لأثر نشوئه، والمشيرة إلى اعتباره أصلا في الكبائر، مناقضا لأصل الإيمان، بل قد ينقضه، ويحذر المسلم، والمؤمن من تسربه إلى نفسه فيمارسه "عادة" تتحكم في سلوكه، وتؤثر على مسار حركته فضلا عن عناصر رؤيته واتجاهاته، فتؤدي إلى حالة من حالات السواد الحالك في علاقته بذاته وعلاقته بغيره وعلاقته بربه في المبتدئ والمنتهى.

إن للحرب فنون وقواعد من مثل الاستخفاء (العدد- العدة، والتعرف على أحوال العدو وقدراته)، وهي مما تقتضي عناصر الخداع بحيث يعد ذلك آلية استثنائية تتعلق بحالة استثنائية، وهو ما تفرضه استراتيجية الكر والفر والتخطيط الحربي وعناصر التكتيك وغير ذلك من أمور.

إن عنصر الخدعة وإخراجه إلى دائرة الحلال أو المباح مما هو في ذلك ليس من شأنه أن يخدع في إطار القواعد والمقصود والقيم التي تحيط بالحالة الحربية (الإنسان، الأشياء) ومادة العمران، ومن ثم فإن عمليات الخداع بدورها مخصصة ومحددة بالحالة الحربية من جهة، ومقيدة بعناصر القيم العامة المرتبطة بالحالة الحربية أو المقاصد الكلية المرتبطة ببناء مادة العمران في حق العدو كما هو في حق "الجماعة المسلمة"، وهي علاوة على ذلك ترتبط بالقدر اللازم لها، أي بالحدود المؤدية للمقصود والغرض؛ لا تتعداه (فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ..). المثلية في العدوان قاعدة تحقق أصول العدل حتى ضمن الحالات الاستثنائية في الحالة الحربية.. ومن ثم من الواجبات في الحالات الحربية خداع العدو وشن حرب نفسية ومعنوية للنيل من إرادته وباطله.

وإن مقام العدو المغتصب للأرض المرتكب لكل أشكال الإبادة الجماعية لكل أشكال العمران، ومادته الأساسية الإنسان الحامل لمهمة العمران في الحياة، والقائم بالتخريب عن عمد وقصد؛ هو الدعاية الكاذبة والافتراء المحترف والمنحرف عن جادة الحق، الحامل للظلم في كل أشكاله وألوانه؛ منذ أن قام كيانه وقبل أن يقوم، وهو ما دفع كثيرين إلى أن يؤلفوا في هذا المعنى "الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل" المزعومة.

إن البحث في نموذج الدعاية الإسرائيلية ومقوماته وسماته؛ قد يتطلب منا تفحص هذه الاستراتيجيات للعدو وسبل مدافعتها ومقاومتها في مقال آخر بحول الله.

x.com/Saif_abdelfatah

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاومة المفاهيم الدعاية الدعوة المقاومة الدعاية الدعوة مفاهيم مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة من هنا وهناك صحافة سياسة رياضة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی هذا

إقرأ أيضاً:

المفكر السياسى الروسى المعاصر الكسندر دوغين والدعوة لعالم متعدد الأقطاب

د. صبرى محمد خليل / أستاذ فلسفة القيم الاسلامية فى جامعة الخرطوم

Sabri.m.khalil@gmail.com

تعريف: الكسندر دوغين هو فيلسوف سياسى روسى ، مشهور داخل روسيا وعلى نطاق النخب السياسيه خارجها، باعتباره منظر ايديولوجى للرئيس الروسى فلاديمير بوتين. وقد زادت شهرته عالميا، بعد مقتل ابنته وسكرتيرته الصحفية داريا فى 20أغسطس 2022، فى حادث تفجير سياره، يرجح انه كان هو المستهدف به . ولد عام 1962 في موسكو عاصمة روسيا “الاتحاد السوفباتى حينها” . درس الطيران في معهد موسكو للطيران عام 1979. لكنه غيّر مساره فيما بعد إلى الفلسفة ليتخرج بماجستير في الفلسفة. وحصل بعدها على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية وعلم الاجتماع.تولى العديد من الوظائف ومنها: أستاذ علم الاجتماع في جامعة موسكو سابقا، مستشار سياسي وعسكري للكرملين، مستشار رئيس مجلس الدوما ، عضو فاعل في حزب ” روسيا الموحدة ” الحاكم .ألف الكثير من الكتب أهمها: أسس الجغرافيا السياسية: المستقبل الجيوسياسي لروسيا ، الاوراسية و الخلاص من الغرب – الحضارات الأرضية مقابل الحضارات البحرية والاطلسية.
نظرياته السياسيه:
النظريه السياسيه الرابعه: يعتقد أن النظريات الرئيسية المؤثرة في العالم بالعصر الحديث هي الشيوعية والفاشية والليبرالية، التي يعتبرها قائمة على “تحرير أعضاء الجسم من سيطرة العقل “.ويضيف دوغين أن الليبرالية وزعيمتها أميركا القائمة على توفير الحرية الفردية والسوق الحرة، انتصرت على الفاشية عام 1945 وعلى الشيوعية عام 1991، لكنها تعاني “أزمة قاتلة” تهددها بالأفول الآن، من وجهة نظرته.وبما أنه يرى أن النظريات الفائتة ستنتهي ومعها الليبرالية، فإنه طرح فكرة أسماها “النظرية السياسية الرابعة”، التي لا تركز على الفرد أو العرق أو القومية، بل على الوعي الذاتي الإنساني الذي همّش من قبل التكنولوجيا.
الدفاع عن الاصاله الروسيه : ووصف دوغبن النظرية السياسية الرابعة بأنها نظرية الثورة وتصفية الاستعمار بالنسبة للمجتمع الروسي، والتي تدافع عن أصالة الحضارة الروسية ، وايضا عن حقوق الإنسان ولكن ليس وفقا للقيم الغربية التي قال إنها ليست شمولية وهي غير مقبولة لا في روسيا ولا في “العالم الإسلامي ولا في الصين”.
عالم متعدد الاقطاب: ولأن الوعي الذاتي- الذى هو معياره الفكرى – يختلف من إنسان لآخر، فلابد للعالم أن يكون متعدد الأقطاب وليس كما تحاول أميركا جعله “حكومة عالمية” تقودها نخبة معينة ومديرو أعمال عالميون، وتستهدف الناس لمصالح شركاتها الخاصة
الصراع الروسي – الأميركى صراع جيبوليتيكي: . ويرى أن الصراع بين روسيا وأميركا صراع “جيبوليتيكي” (جغرافي) وليس كما كان سابقا “صراعا أيديولوجيا” بين الليبرالية والشيوعية.
الاتحاد الاوراسى: وبرى وجوب إنشاء قوة عظمى أوراسية من خلال اندماج روسيا مع الجمهوريات السوفيتية السابقة في الاتحاد الأوراسي الجديد (EAU)
خصوصيه التعاليم السياسيه : ويرى أن من حق الحضارات الأخرى أن تعتمد التعاليم السياسية الخاصة بها القائمة على قيمها هي لا على القيم الغربية.
روسيا الجديدة والعوده للهويه الروسيه و القيم الروسيه المحافظه : يؤمن دوغين بمفهوم روسيا الجديدة الذي يعني “استرجاع الأمة الروسية الكبرى قوتها بالعودة إلى قيمها المحافظة. ويقول دوغين إن روسيا كانت إمبراطورية بعقيدتها وتصورها، لكنها أصيبت بتغييرات جذرية بدأت بعد قيام الثورة البلشفية على إثرها تغيرت الهوية الروسية عام 1991، مما جعل روسيا جزءا من العالم الغربي حتى جاء بوتين وأعاد القوة للبلاد مدافعا عن القيم المحافظة الخاصة بها.
سبب سقوط الاتحاد السوفياتى جيبوليتيكي وليس سياسى : حلل سبب سقوط الاتحاد السوفياتي في اعتماده على “حضارة اليابسة” في مقابل حضارة البحر والأطلسي التي عمل عليها الأميركيون والأوروبيون على حد سواء، وليس بسبب الحرب الباردة.
مواقفه السياسيه :
معارضه الرئيس يلتسين: بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991 انضم دوغين للمعارضة وشارك في الانتفاضة الشعبية التي ساهمت في إسقاط الرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسين.
تاييد الرئيس بوتن :من اشد مؤيدى الرئيس فلاديمير بوتين منذ وصوله للسلطة وحتى الان.
حلف الناتو هو الخصم الحقيقى لروسيا : وبرى ان هو حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) المؤسس على يد 12 دولة بينها أميركا، والذي أنشئ بهدف وقف تمدد الاتحاد السوفياتي عام 1949.خو الخضم الحقيقى لروسيا
ضم القرم: وصِف بأنه العقل المدبر وراء ضم شبه جزيرة القرم، الذي بسببه أدرجت الولايات اسمه في قائمة العقوبات الأميركية .
الحرب على أوكرانيا : تنبأ بحرب بلاده “الحتمية” على أوكرانيا تحت ما أسماه ” روسيا الجديدة”، ودعا بوتين للتدخل العسكري في شمالي أوكرانيا، متعللا بـ”إنقاذ السلطة الأخلاقية لروسيا”، وأنها ستنقذ العالم من الأحادية القطبية.ووصف حرب بلاده على أوكرانيا بأنها “ليست حربا على الشعب الأوكراني ولا على الدولة، ولكنّها حرب على الدمى الغربية التي تحاول السيطرة على العالم، وعلى النازيين الجدد الذين انقلبوا على إرادة الشعب الأوكراني في 2014 .وذكر أن “أوكرانيا كدولة ليس لها معنى جيوسياسي” كما كتب في كتابه “أسس الجغرافيا السياسية”، ودعا إلى أن تستوعبها روسيا بالكامل تقريبا وترك معظم المناطق الغربية من أوكرانيا خارج نطاقها.
التدخل في سوريا : يرى أن التدخل الروسي في سوريا مهم لوقف التمدد الأميركي المتمثل في تنظيم الدولة الإسلامية، الذي يعدُه منتجا أميركيا يهدد الوجود الروسي بشكل مباشر، مما يلزم موسكو باحتوائه للضرورة الجيوسياسية التي يؤمن بها.ويقول دوغين إن “سوريا هي خطنا الخارجي للدفاع، والخط القادم بعد سوريا هو على أراضي الاتحاد الأوراسي (أ) وحتى داخل الاتحاد الروسي”.ويذهب إلى أن انهيار سوريا سيتسبب في انهيارات متتالية في منطقة الشرق الأوسط، وسيخلف فوضى في المنطقة بزيادة أعداد اللاجئين وتمددهم نحو أوروبا، الذي اعتبره سببا “سيرجع أوروبا سياسيا إلى الوراء”.وبنظر المفكر الروسي، فإن حل المشكلة السورية يجب أن يكون داخل سوريا نفسها، بالتعاون مع روسيا وإيران وقطر والإمارات والسعودية، أي أن ما سماها الأيديولوجية الليبرالية لا ينبغي أن تكون حاضرة في الملف السوري.
تقويم :
نقاط مقبوله: هناك العديد من النقاط فى النظريات السياسيه لدوغين قد تكون محل قبول ومنها:
رفض محاولات الغرب “الليبرالى – الراسمالى”بقياده الولايات المتحده الامريكيه، الهيمنه على العالم، ونهب ثروات الشعوب والامم،وفرض قيمها الحضاريه الخاصه.
رفض الاحاديه القطبيه والدعوه الى عالم متعدد الاقطاب.
الدعوه الى احترام الخصوصيه الحضاريه للشعوب و الامم .
الدعوه الى احترام السياده الوطنيه والقوميه للدول.
الدعوه الى الحفاظ على الهويه الوطنيه والقوميه للشعوب والامم.
توحد الدول الناميه لمكافحه السياسات الامبرياليه للامريكا وحلفائها.
نقاط محل خلاف: غير ان هناك نقاط فى نظرياته السياسيه هى محل خلاف- وبالتالى رفض- ومنها:
قد يلزم من نظرياته السياسيه تمجيد النزعه الامبراطوريه الروسيه،والتى هى فى التحليل النهائى شكل من اشكال الاستعمار وفرض التبعيه على الامم والشعوب غير الروسيه. ومحاوله الغاء الهويه الخاصه لها. وفرض الهويه الروسيه عليها.
رفض الصيغه الليبراليه للديموقراطيه والمفهوم الليبرالى حقوق الانسان، رفض الديموقراطيه بما هى نظام فنى للتعبير عن الاراده الشعبيه ، او رفض حقوق الانسان التى هى محل اتفاق بين كل الحضارات والاديان والمجتمعات كما قد يلزم من نظرياته السياسيه.فهذا الرفض لا يجب ان يستخدم لتبرير الاستبداد وانتهاك حقوق الانسان
الرفض المطلق- وليس الموقف النقدى الذى يتضمن اخذ الايجابيات ورفض السلبيات – للاشتراكيه يلزم منه الدفاع عن الراسماليه ،كما ان راسماليه الدوله هى شكل من اشكال الراسماليه ولا صله لها بالاشتراكيه.
نظرياته تركز على الانظمه السياسيه والحكومات وتتجاهل الشعوب ودورها.
الحفاظ على الهويه الحضاريه والقيم و العادات والتقاليد الخاصه يتحقق بالابقاء على الثوابت ، مع السماح بالتغيير والتجديد فى المتغيرات.والتوازن لبن الخاص والمشترك. وليس بالابقاء على ماهو كائن دون تغيير والانعزال . كما قد يلزم من نظرياته.  

مقالات مشابهة

  • المفكر السياسى الروسى المعاصر الكسندر دوغين والدعوة لعالم متعدد الأقطاب
  • مقدمات نشرات الأخبار المسائية ليوم الأربعاء
  • مصادر إعلامية: الإجراءات الأمنية التي اتخذتها المقاومة في أعقاب تفجيرات البايجر أمس أحبطت جزءاً من العدوان السيبراني اليوم
  • مقدمات النشرات المسائيّة
  • الدويش يشكر القيادة بمناسبة ترقيته للمرتبة الخامسة عشرة
  • لجان المقاومة تدين التفجيرات التي استهدفت أجهزة اتصالات لبنانية
  • "المجاهدين" تدين التفجيرات التي استهدفت أجهزة اتصالات لبنانية
  • محاولة أولية في فهم فلسفة القانون وفي أخلاقه القرآنية.. مقدمات منهجية
  • مقدمات نشرات الأخبار المسائية ليوم الاثنين