تفجيرات “بيجر”.. تضامن عربي وإسلامي وعروض لمساعدة لبنان
تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT
لبنان – أعلنت دول وحركات عربية وإسلامية، مساء الثلاثاء، تضامنها مع لبنان وعرضت تقديم مساعدات؛ إثر سقوط قتلى وجرحى بتفجير آلاف من أجهزة اتصال لاسلكية من نوع “بيجر” (pager) في أيدي من يحملونها.
هذا التضامن عبَّرت عنه إيران ومصر والعراق والأردن وفلسطين وحركة الفصائل الفلسطينية وجماعة الحوثي، عبر اتصالات هاتفية وبيانات ومنشورات.
ووفق وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض، خلال مؤتمر صحفي، أسفرت انفجارات أجهزة “بيجر” عن 9 قتلى، بينهم طفلة، بالإضافة إلى نحو 2800 جريح، منهم 200 في حالة حرجة، وهي حصيلة غير نهائية.
و”البيجر” جهاز اتصال إلكتروني لا سلكي صغير ومحمول يستخدمه مدنيون وعاملون بالقطاع الصحي وغيرهم للتواصل داخل مؤسسات أو ضمن مجموعات ومنظومات مختلفة، وهو يعمل ببطاريات قابلة للشحن ويستقبل رسائل مكتوبة واتصالات وإشارات صوتية وضوئية، وفق مراسل الأناضول.
ودون إيضاحات عن الكيفية، اتهمت الحكومة اللبنانية و
أعلنت دول وحركات عربية وإسلامية، مساء الثلاثاء، تضامنها مع لبنان وعرضت تقديم مساعدات؛ إثر سقوط قتلى وجرحى بتفجير آلاف من أجهزة اتصال لاسلكية من نوع “بيجر” (pager) في أيدي من يحملونها.
هذا التضامن عبَّرت عنه إيران ومصر والعراق والأردن وفلسطين وحركة الفصائل اللبنانية وجماعة الحوثي، عبر اتصالات هاتفية وبيانات ومنشورات.
ووفق وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض، خلال مؤتمر صحفي، أسفرت انفجارات أجهزة “بيجر” عن 9 قتلى، بينهم طفلة، بالإضافة إلى نحو 2800 جريح، منهم 200 في حالة حرجة، وهي حصيلة غير نهائية.
و”البيجر” جهاز اتصال إلكتروني لا سلكي صغير ومحمول يستخدمه مدنيون وعاملون بالقطاع الصحي وغيرهم للتواصل داخل مؤسسات أو ضمن مجموعات ومنظومات مختلفة، وهو يعمل ببطاريات قابلة للشحن ويستقبل رسائل مكتوبة واتصالات وإشارات صوتية وضوئية، وفق مراسل الأناضول.
ودون إيضاحات عن الكيفية، اتهمت الحكومة اللبنانية الفصائل اللبنانية إسرائيل بتنفيذ التفجيرات، وتوعدها الحزب بـ”قصاص عادل”، وهو ما قابلته تل أبيب بصمت رسمي.
عرض مساعدة
وتلقى وزيرا الخارجية والصحة اللبنانيين عبد الله بو حبيب وفراس أبيض اتصالين هاتفيين من نظيريهما الإيرانيين عباس عرقجي ومحمد رضا ظفرقندي.
وأعرب الوزيران الإيرانيان عن “إدانتهما للهجوم السيبراني الإسرائيلي وتعازيهما لحكومة لبنان وشعبه”، وفق وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.
وأكدا “استعداد إيران لإرسال طائرة لإجلاء الجرحى من أجل إجراء عمليات جراحية، لا سيما لإصابات العين الحرجة، إضافة إلى إمكان تقديم مستشفى ميداني لمساعدة الجرحى”.
وجراء تفجيرات “بيجر” أُصيب السفير الإيراني لدى بيروت مجتبى أماني بـ”جروح طفيفة”، حسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.
وتعد طهران أبرز داعم لـ”حزب الله”، وتعتبر كل من إيران وإسرائيل الدولة الأخرى العدو الأول لها.
طواقم طبية
بو حبيب تلقى أيضا اتصالا هاتفيا من نظيره المصري، بدر عبد العاطي لـ”التضامن مع لبنان على إثر الهجوم السيبراني الذي وقع اليوم”، وفق الوكالة اللبنانية.
وأكد عبد العاطي “وقوف مصر إلى جانب لبنان”، وأبدى “استعداد بلاده لتقديم كل مساعدة ممكنة لمعالجة المصابين”.
وفي العراق، قال متحدث الحكومة باسم العوادي، في بيان، إن “الحكومة العراقية تتابع التطورات الأمنية الخطيرة التي تحدث في لبنان والهجوم الصهيوني السيبراني”.
وأردف أن “رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وجّه بإرسال الطواقم الطبية العراقية وفرق الطوارئ إلى لبنان الشقيق، لتقديم المساعدة العاجلة وبالسرعة الممكنة؛ للتخفيف عن آلام المصابين من الأبرياء المدنيين”.
فتح مستشفيات
فيما أجرى نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي اتصالا هاتفيا مع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي.
وأبلغ ميقاتي بأن الملك عبدالله الثاني وجّه بـ”تقديم أي مساعدات طبية يحتاجها القطاع الطبي اللبناني لمعالجة من المواطنين اللبنانيين الذين أصيبوا في عملية التفجير الجماعي في لبنان”.
وأكد الصفدي “وقوف الأردن مع أمن لبنان وسيادته واستقراره وتضامنه معه ومع الشعب اللبناني”.
وقال سفير فلسطين لدى لبنان أشرف دبور، بتصريح صحفي: “فتحنا كافة المستشفيات الفلسطينية واستنفرنا كل الطواقم الطبية في لبنان، سواء التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني أو الموجودة في المخيمات، لاستقبال الجرحى وتقديم كل الدعم والمساندة لهم”، حسب الوكالة اللبنانية.
وأضاف دبور أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس “وجّه باستقبال الجرحى وتقديم كل الدعم والمساندة لهم للتخفيف عنهم، وتقديم كل ما هو ممكن لمساعدتهم، كما وجّه أبناء شعبنا في لبنان للتبرع بالدم لمساعدة الجرحى والمصابين من الأشقاء اللبنانيين”.
“جريمة خطيرة”
على مستوى الحركات والجماعات، أدانت حركة الفصائل الفلسطينية، في بيان، تفجير أجهزة اتصالات، مؤكدة أنها “جريمة خطيرة تتحدى كافة القوانين والأعراف”.
وشددت على أنها تأتي “في إطار العدوان الصهيوني الشامل على المنطقة، وسياسة العربدة والغطرسة التي تتبناها حكومة الاحتلال، متسلّحة بدعم أمريكي يوفّر غطاءً لجرائمها الفاشية”.
فيما قال عضو المجلس السياسي الأعلى بجماعة الحوثيين اليمنية محمد علي الحوثي إن “اللبنانيين اليوم أقوى من أن تؤثر عليهم عملية العدو بالبيجر”.
وأضاف الحوثي، في منشور عبر” إكس ، أن “أي اعتداء لن يزيد المقاومة الإسلامية إلا عزما على هزيمة الكيان الصهيوني”.
وفي إسرائيل، تنصل مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في بيان، من منشور لمستشاره توباز لوك على منصة “إكس” ألمح فيه إلى مسؤولية تل أبيب عن تفجير أجهزة الاتصال في لبنان قبل أن يحذفه.
ومنذ أيام يدفع نتنياهو بقوة نحو شن عملية عسكرية ضد لبنان في مواجهة الفصائل اللبنانية، تحت وطأة ضغوط داخلية جراء استمرار قصف الحزب لمواقع عسكرية إسرائيلية.
وتسبب قصف متبادل بين الجيش الإسرائيلي و”حزب الله” في نزوح عشرات آلاف الأشخاص على كل من جانبي “الخط الأزرق” الفاصل بين لبنان وإسرائيل.
وتحتل إسرائيل منذ عقود أراضٍ في لبنان وسوريا وفلسطين.
ومنذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها الفصائل اللبنانية، مع الجيش الإسرائيلي قصف يوميا عبر “الخط الأزرق” الفاصل، مما أسفر عن مئات بين قتيل وجريح معظمهم بالجانب اللبناني.
وتطالب هذه الفصائل بإنهاء الحرب التي تشنها إسرائيل بدعم أمريكي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر، ما خلف أكثر من 136 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
إسرائيل بتنفيذ التفجيرات، وتوعدها الحزب بـ”قصاص عادل”، وهو ما قابلته تل أبيب بصمت رسمي.
عرض مساعدة
وتلقى وزيرا الخارجية والصحة اللبنانيين عبد الله بو حبيب وفراس أبيض اتصالين هاتفيين من نظيريهما الإيرانيين عباس عرقجي ومحمد رضا ظفرقندي.
وأعرب الوزيران الإيرانيان عن “إدانتهما للهجوم السيبراني الإسرائيلي وتعازيهما لحكومة لبنان وشعبه”، وفق وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.
وأكدا “استعداد إيران لإرسال طائرة لإجلاء الجرحى من أجل إجراء عمليات جراحية، لا سيما لإصابات العين الحرجة، إضافة إلى إمكان تقديم مستشفى ميداني لمساعدة الجرحى”.
وجراء تفجيرات “بيجر” أُصيب السفير الإيراني لدى بيروت مجتبى أماني بـ”جروح طفيفة”، حسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.
وتعد طهران أبرز داعم لـلفصائل اللبنانية، وتعتبر كل من إيران وإسرائيل الدولة الأخرى العدو الأول لها.
طواقم طبية
بو حبيب تلقى أيضا اتصالا هاتفيا من نظيره المصري، بدر عبد العاطي لـ”التضامن مع لبنان على إثر الهجوم السيبراني الذي وقع اليوم”، وفق الوكالة اللبنانية.
وأكد عبد العاطي “وقوف مصر إلى جانب لبنان”، وأبدى “استعداد بلاده لتقديم كل مساعدة ممكنة لمعالجة المصابين”.
وفي العراق، قال متحدث الحكومة باسم العوادي، في بيان، إن “الحكومة العراقية تتابع التطورات الأمنية الخطيرة التي تحدث في لبنان والهجوم الصهيوني السيبراني”.
وأردف أن “رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وجّه بإرسال الطواقم الطبية العراقية وفرق الطوارئ إلى لبنان الشقيق، لتقديم المساعدة العاجلة وبالسرعة الممكنة؛ للتخفيف عن آلام المصابين من الأبرياء المدنيين”.
فتح مستشفيات
فيما أجرى نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي اتصالا هاتفيا مع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي.
وأبلغ ميقاتي بأن الملك عبدالله الثاني وجّه بـ”تقديم أي مساعدات طبية يحتاجها القطاع الطبي اللبناني لمعالجة من المواطنين اللبنانيين الذين أصيبوا في عملية التفجير الجماعي في لبنان”.
وأكد الصفدي “وقوف الأردن مع أمن لبنان وسيادته واستقراره وتضامنه معه ومع الشعب اللبناني”.
وقال سفير فلسطين لدى لبنان أشرف دبور، بتصريح صحفي: “فتحنا كافة المستشفيات الفلسطينية واستنفرنا كل الطواقم الطبية في لبنان، سواء التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني أو الموجودة في المخيمات، لاستقبال الجرحى وتقديم كل الدعم والمساندة لهم”، حسب الوكالة اللبنانية.
وأضاف دبور أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس “وجّه باستقبال الجرحى وتقديم كل الدعم والمساندة لهم للتخفيف عنهم، وتقديم كل ما هو ممكن لمساعدتهم، كما وجّه أبناء شعبنا في لبنان للتبرع بالدم لمساعدة الجرحى والمصابين من الأشقاء اللبنانيين”.
“جريمة خطيرة”
على مستوى الحركات والجماعات، أدانت حركة حماس، في بيان، تفجير أجهزة اتصالات، مؤكدة أنها “جريمة خطيرة تتحدى كافة القوانين والأعراف”.
وشددت على أنها تأتي “في إطار العدوان الصهيوني الشامل على المنطقة، وسياسة العربدة والغطرسة التي تتبناها حكومة الاحتلال، متسلّحة بدعم أمريكي يوفّر غطاءً لجرائمها الفاشية”.
فيما قال عضو المجلس السياسي الأعلى بجماعة الحوثيين اليمنية محمد علي الحوثي إن “اللبنانيين اليوم أقوى من أن تؤثر عليهم عملية العدو بالبيجر”.
وأضاف الحوثي، في منشور عبر” إكس ، أن “أي اعتداء لن يزيد المقاومة الإسلامية إلا عزما على هزيمة الكيان الصهيوني”.
وفي إسرائيل، تنصل مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في بيان، من منشور لمستشاره توباز لوك على منصة “إكس” ألمح فيه إلى مسؤولية تل أبيب عن تفجير أجهزة الاتصال في لبنان قبل أن يحذفه.
ومنذ أيام يدفع نتنياهو بقوة نحو شن عملية عسكرية ضد لبنان في مواجهة الفصائل اللبنانية، تحت وطأة ضغوط داخلية جراء استمرار قصف الحزب لمواقع عسكرية إسرائيلية.
وتسبب قصف متبادل بين الجيش الإسرائيلي والفصائل اللبنانية في نزوح عشرات آلاف الأشخاص على كل من جانبي “الخط الأزرق” الفاصل بين لبنان وإسرائيل.
وتحتل إسرائيل منذ عقود أراضٍ في لبنان وسوريا وفلسطين.
ومنذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها الفصائل اللبنانية، مع الجيش الإسرائيلي قصف يوميا عبر “الخط الأزرق” الفاصل، مما أسفر عن مئات بين قتيل وجريح معظمهم بالجانب اللبناني.
وتطالب هذه الفصائل بإنهاء الحرب التي تشنها إسرائيل بدعم أمريكي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر، ما خلف أكثر من 136 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
الأناضول
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: الفصائل اللبنانیة الحکومة اللبنانیة الوکالة اللبنانیة الجیش الإسرائیلی الطواقم الطبیة وکالة الأنباء اتصالا هاتفیا رئیس الوزراء الخط الأزرق أجهزة اتصال المصابین من بدعم أمریکی جریمة خطیرة تفجیر أجهزة قتیل وجریح للتخفیف عن عبد العاطی فی لبنان مع لبنان تل أبیب بو حبیب
إقرأ أيضاً:
أبعاد المحنة اللبنانية ودور إسرائيل
د. عبدالله الأشعل **
الوضع في لبنان مُعقد للغاية، ولكن التركيز على لبنان في هذه المرحلة في جزء منه مؤامرة أمريكا وإسرائيل على حزب الله ويمكن أن نُلخِّص الموقف في لبنان في الملاحظات الآتية:
أولًا: أن لبنان ليس طرفًا في الصراع العربي الإسرائيلي، فلم يحارب عام 1948 مع الجيوش العربية، ولا وقَّع وثيقة مع إسرائيل، وخاصة اتفاق الهدنة، لكن ملاصقة لبنان مع إسرائيل ونشأة المقاومة الفلسطينية.
ثانيًا: بدأت المقاومة الفلسطينية تضرب إسرائيل من لبنان، فرتبت إسرائيل واستغلت الوضع الطائفي في لبنان، ومع عدم إجماع الطوائف على عمل المقاومة، استعانت إسرائيل بقيادات من الطائفة المارونية حتى يمكن أن تحتل جزءًا من جنوب لبنان.
ثالثًا: إسرائيل هي التي خلقت الوضع المعقد في لبنان. وحكم الطائفة معناه عدم وجود الدولة إما الطوائف أو الدولة، وأصبح ولاء المواطن اللبناني لطائفته، وهي التي تحميه وتدافع عنه وتهتم بشؤونه، أما الدولة اللبنانية فهي غائبة بسبب سطوة الطوائف وهذا الوضع تم تقنينه منذ القرن التاسع عشر.
وكانت الطائفة الشيعية أضعف الطوائف، ولم تكن موجودة على خريطة الطوائف في لبنان وإنما كان هناك الموارنة والمسلمون السنة، فكانت الفتنة الطائفية بين المسيحيين والمسلمين، فتمَّ حل هذه المعضلة في الدستور الحديث الذي تمت صياغته في الأربعينات من القرن الماضي، فتم تشكيل كافة المؤسسات على أساس المُحاصَصَة.
رابعًا: قامت إسرائيل بغزو بيروت في 5 يونيو 1982، وهذا الغزو كان الهدف منه إخراج منظمة التحرير الفلسطينية ومقاتليها من لبنان وترتيب مجزرة صبرا وشاتيلا بالتعاون بين إسرائيل والموارنة ضد الفلسطينيين. وساومت الولايات المتحدة الأمريكية، منظمة التحرير ضمن الضغوط العربية والإسرائيلية على أساس أن تُبرم المنظمة اتفاقية سلام مع إسرائيل، خصوصًا وأن المنظمة تم الاعتراف بها في الأمم المتحدة عام 1974 ممثلًا وحيدًا للشعب الفلسطيني.
وتم لإسرائيل ما أرادت؛ حيث رحلت منظمة التحرير إلى تونس، لكن الثورة الإسلامية في إيران كانت قد قامت في فبراير 1979، وأعلنت عداءها منذ اليوم الأول لإسرائيل وأمريكا وانحيازها للفلسطينيين. ولكن إسرائيل تلكأت في الانسحاب بينما منظمة التحرير كانت قد رحلت، فقامت إيران بإنشاء "حزب الله"، لكي يُحارب الاحتلال الإسرائيلي للبنان؛ فإسرائيل هي التي تسببت في إنشاء حزب الله وفتحت ثغرة لإيران في لبنان وسوريا، وظل حزب الله يقاوم إسرائيل في لبنان حتى أخرجها من معظم الأراضي اللبنانية، باستثناء مزارع شبعا اللبنانية التي تمسكت إسرائيل بها، واغتالت الأمين الأول لحزب الله آنذاك، كما اغتالت في المرحلة الراهنة الأمين الثاني الشيخ حسن نصر الله.
خامسًا: أبلى حزب الله بلاءً حسنًا ضد إسرائيل التي تُريد لبنان بلا مقاومة وبلا جيش؛ حيث فرضت قيودًا على تسليح الجيش اللبناني حتى تُضعفه. أما حزب الله فقد رفع شأن الطائفة الشيعية في لبنان تارة بالسياسة وتارة بقوة السلاح ضد ميلشيات الطوائف الأخرى، ولكن ظلت إسرائيل تردد نغمة أن لبنان للبنانيين وتقصد عدم تدخل إيران في لبنان.
ولما كانت إيران في صراع مع الولايات المتحدة ومع السعودية، فإن بعض الطوائف الأخرى استعانت بفرنسا والولايات المتحدة والسعودية. وهكذا انتقل الصراع الإيراني السعودي الأمريكي الإسرائيلي إلى الساحة اللبنانية. وقام حزب الله بعمليات ضد إسرائيل بالصواريخ وأخلت إسرائيل شمالها والقرى المحاذية للشريط الحدودي مع لبنان. وكان حزب الله قد دخل الصراع مع إسرائيل مساندًا لغزة على أساس وحدة ساحات المقاومة في لبنان وفلسطين واليمن والعراق.
سادسًا: عقدت إسرائيل مع الحكومة اللبنانية اتفاقًا يقضى بانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية ووقف عملياتها ضد المدن اللبنانية، لكن إسرائيل- كعادتها- لم تحترم الاتفاق وأوكلت الحكومة اللبنانية إلى الجيش اللبناني للانتشار في المنطقة التي كان يقيم فيها حزب الله، وأملت إسرائيل في أن يحدث تصادم بين الجيش اللبناني وقوات حزب الله.
ويبدو أن المؤامرة ضد حزب الله وبهدف إثارة الحرب الأهلية في لبنان لا تزال قائمة، بدليل أن إسرائيل واصلت عدوانها رغم الاتفاق على لبنان فاضطر حزب الله أن يصدر بيانا يلقى فيه بالمسؤولية على الحكومة اللبنانية. وتأمل إسرائيل في المرحلة المقبلة أن يقوم الجيش اللبناني بنزع سلاح حزب الله، خاصة وأن التطورات الراهنة في سوريا أبعدت إيران عن المنطقة، وإن كانت إيران قد أعلنت انها لن تتخلى عن المقاومة وحزب الله، لكن إسرائيل تريد انكشاف لبنان وأن يكون هدفًا لعملياتها، خاصة وأن لبنان دخل في خرائط إسرائيل الكبرى، فلا الجيش اللبناني قادر على صد إسرائيل ولا حزب الله حر ويديه ليست طليقة لكي يدافع عن لبنان.
سارع الرئيس الفرنسي إلى زيارة لبنان يوم 17 يناير 2025؛ ليؤكد المؤامرة التي رسمتها إسرائيل للبنان ويتأكد بالذات من أن الجيش اللبناني ينتشر على كل الأراضي اللبنانية وألا يترك سلاحًا في أيدي المقاومة. وفرنسا كما نعلم ركن أساسي في انحياز الغرب لإسرائيل؛ فالزيارة لصالح إسرائيل وليس لصالح لبنان مقابل مجموعة من الحوافز الاقتصادية والمصرفية والعسكرية.
سابعًا: في "اتفاق الطائف" عام 1989، أجمعت الاطراف اللبنانية على آمالها في إلغاء الطوائف وإرساء مؤسسات الدولة اللبنانية، لكن منذ ذلك الوقت تكرَّست الطائفية وإن كان قد تم ترشيدها؛ فتعاونت سياسيًا على كل القرارات السياسية والاقتصادية. ومعلوم أن رئيس الجمهورية يجب أن يكون من الموارنة وأن رئيس الوزراء يجب أن يكون من المسلمين السنة، وأن رئيس مجلس النواب يجب أن يكون من الطائفة الشيعية، فتتساند حركة أمل مع حزب الله سياسيًا ومعنويًا وربما عسكريًا.
المطلوب في لبنان حاليًا من وجهة نظر إسرائيل، هو تكريس الطائفية وتأليب الطوائف الأخرى ضد حزب الله والشيعة ومن ورائهم إيران، وتأكيد اتجاه لبنان نحو الغرب وليس نحو العالم العربي وابرام اتفاق سلام بين لبنان وإسرائيل، وهذه الخطوة عصم لبنانَ منها حزبُ الله وسوريا. أما المصلحة العربية العليا التي ليس عليها إجماع عربي فهي استمرار المقاومة من خلال حزب الله، وأن يكون الحزب ضامنًا أساسيًا لأمن لبنان ضد إسرائيل، وقدر لبنان أن يدفع أكثر من غيره ثمن جواره لإسرائيل واستمرار الغرب في دعم إسرائيل وجرائمها.
يتوق اللبنانيون جميعًا إلى الانتماء للعروبة ما دام الانتماء للدولة غائبًاـ ولذلك فإنَّ المد القومي في لبنان أكبر من غيره من البلاد العربية، وهذا الاتجاه يمكن البناء عليه بمعاداة إسرائيل ودعم المقاومة فسلاح المقاومة مخصص للدفاع عن لبنان ضد إسرائيل ويجب ألا يستخدمَ في النزاعات الداخلية بين الطوائف.
ومما فاقم الأزمة اللبنانية أنه لا توجد رأس للعالم العربي بعد تخلي مصر عن دورها في قيادة العالم العربي عام 1979 باستبدال إسرائيل وأمريكا بالعرب على قول الرئيس المصري أنور السادات.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصر