بشأن تفاعلات الأحداث . في القرن الأفريقي عموما . أقول أنه من حسن حظ والسودان وعنايته أن حرب أبريل 2023 .كان مركزها غربا أو إمتداد خطوطها الخلفية وليس شرقا . وعكس ما يظن الجميع أعتقد أن تلك البوصلة للنار والإمداد من (الغرب) مقدور عليها وغير مؤثرة .بل على العكس وكيفما إنتهت الحرب بالسودان فإن الإرتدادات ستكون على ذاك الإتجاه والذي مهددات السودان عليه أكثر من مهدداته على السودان .

وتحديدا تشاد.

بالنسبة للشرق قناعتي الثابتة أن الله لطف بنا بإن الحرب لم تتسلل لطرفه وفشل الدعم السريع في أن يهبط من تلك الناحية للداخل أو أن يخترق من الخارج للشرق الابعد لأن ذلك كان ليشكل تهديد مميت للسودان غض النظر عن تماسكه عسكريا بالوسط أو الشمال .
الان المسرح الشرقي للسودان من جنوب أرتريا حتى أقصى الصومال بالبر والبحر في عين عاصفة تفاصيل صغيرة تجميع قطعها يشير لبروز وضع ملتهب سيكون مزعجا لقوى إقليمية ودولية ضعف السودان الذي بالعكس ستضطر تلك القوى لجعله القوة المركزية التي يمكن أن تلعب دور (المرتب) للأزمة وربما الإطفاء . ففي أثيوبيا إنقسمت جبهة تحرير تيغراي سياسيا وعسكريا ومناطقيا بجناحين جناح يقود غيتشاجو ردا .والفريق الموقع على إتفاقية السلام ببروتوريا مع الحكومة الإثيوبية وجناح يقوده زعيم الجبهة أثناء الحرب مع أديس أبابا (يعتقد أنه ضد الاتفاقية بالأساس) ومن غير المعروف كيف ستتعامل أثيوبيا الحاكمة والوساطة مع قرار للجبهة باقصاء ستة عشر عضوا من الجبهة الشعبية بمن فيهم أعضاء الإدارة المؤقتة للاقليم الشمالي الاثيوبي هذا بخلاف مخاطر اندلاع صراع داخلي تيغراوي قد يتطور لحرب داخلية في الإقليم وهو إحتمال لن يكون بعيدا عن مراصد الغرماء في إرتريا الذين بالضرورة على خلاف مع الطرفين وربما الطرف الثالث الحكومة الإثيوبية نفسها . دع عنك تعقيدات اشتجارات بعض القوميات والاقاليم

في الصومال الفيدرالي هناك وضع أشد تعقيدا .فــ(ارض الصومال) موضع الخلاف مع أثيوبيا منطقة تطورت في قياس تحقيق مصالح ذاتية وإنفصالية وحظيت بدعم إماراتي وأثيوبي كبير وليس من السهل التفريط فيه بسهولة وبالمقابل وجدت مصر فرصة لكعب أخيل أثيوبيا لن تهدرها فيما تبدو خيارات تركيا ذات إتجاه واحد (لها إتفاق دفاع بحري مع الصومال الفيدرالي) لكنها في الوقت نفسه قد تغامر بخسارة أثيوبيا والإصطدام المباشر بالامارات في (بربرة) ! وكلها حسابات بها ارقام أخرى مثل الصين والولايات المتحدة وروسيا .ناهيك عن ارتريا وجيبوتي حيث المتابعة وللبلدين كروت مؤثرة ومؤثرة جدا في هذا المشهد

محمد حامد جمعة
محمد حامد جمعةإنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

هل السودان بديل محتمل لتهجير أهالي غزة؟؟

كتب الأستاذ الجامعي د.محمد عبد الحميد

ماذا لو إستيقظ السودانيون على قرار تهجير الفلسطينيين من سكان غزة الي بلادهم؟؟
قد يستبعد أهل السودان أن يكون بلدهم مطروح كخيار لتهجير الفلسطينيين مِن غزة لسببين رئيسين.. الأول أنه غير عملي لبُعد السودان من أرض فلسطين. والثاني لأن السودان يشهد حرب طاحنة في أراضيه.
يؤكد علم العلاقات الدولية أنها فوق تشكلها بصورة معقدة، فإنها كذلك تسير بشكل لا خطي Non - linear بحيث أن أحداث في نطاق جغرافي ما يمكن أن تؤثر على دول بعيدة تماماً عن ذلك النطاق... وأن سلسلة أحداث صغيرة قد تؤدي لأحداث كبرى. وفي هذه النقطة بالتحديد يمكن تذكر الأحداث التي تسببت في الحرب العالمية الأولى، فقد أدى إغتيال الأرشيدوق فرانز فيرندناد في صربيا في العام 1914م لإندلاع الحرب الكونية الأولى وتأثرت بها الدول القريبة والبعيدة.. غير أن الكثير من الناس خاصة من غير المختصين في العلاقات الدولية يجنحون للنظر لتلك العلاقات على أنها تسير بإتجاه خطي واحد متسلسل زمانياً ومكانياً.. ولذلك يستبعدون عنصراً مهماً في التحليل وهو الإحتمالات الراجحة منها والمرتبطة بالخط المتصل بأحداث لم تكن بادية للعيان حدثت في مناطق بعيدة جغرافياً من مركز الحدث الشاخص أمامهم وربما في زمن بعيد نسبياً.
إن المتابع للقضية الفلسطينية يجد أن معظم أحداثها ترسمت وفق الإتجاه اللاخطي منذ وعد بلفور في 1921 وهو نفسه أي وعد بلفور وطبقاً للمسار اللاخطي في العلاقات الدولية قد إنبنى على حادثة إغتيال الأرشيدوق بينما في الواقع الظاهري للأحداث قد لا يجد غير المختص في العلاقات الدولية روابط حقيقية ومنطقية بين تلك الأحداث وتخليق الكيان الاسرائيلي.
عموماً، ومهما يكن من أمر، وبذات المنطق قد لا ينصرف ذهن السودانيين لإحتمالية أن يستقر سهم مؤشر الأحداث على إختيار السودان كمكان لتهجير الفلسطينيين نسبة لواقع الحرب الحالي، وحالة النزوح الواسعة لدى معظم سكانه، بينما القراءة اللاخطية لمسار العلاقات الدولية قد تجعل من السودان أفضل البدائل المطروحة الآن (إندونيسيا، مصر، الأردن، السعودية سيرلانكا أو ألبانيا).
إن منطق الإحتلال الإستيطاني الذي يميز وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية يجعل من أمر تهجيرهم هدف تخبو جذوته وتتقد بالتفاعل مع أحداث أخرى طبقاً للنمط اللاخطي في العلاقات الدولية. فصعود ترمب في سدة قيادة الولايات المتحدة وبنهجه السيرويالي وسلوكه النزق في السياسة عموماً وتعامله بعقليةالمطور العقاري Real state developer، وتبنيه لخيار التهجير أجج تلك الجذوة وشجع إسرائيل على تبنيه مع أنه لم يكن مطروح كخيار على أقل تقدير طوال عهد سلفه بايدن.
من ناحية أخرى تتسم العلاقات الدولية بالطبخات السرية والصفقات غير العلنية والتلويح بالحوافز والجزاءات كما يفعل ترمب الآن مستنداً لمنطق القوة Power وهذه الأخيرة هي المُعامل الذي يحرك كل تروس العلاقات الدولية، فإذا مضى منطق الصفقات والجزاءات وما يسميه ترمب (السلام بالقوة) فسوف لن يكون السودان خيارٌ محتمل و مرحبٌ به فحسب، بل ومثالي لتهجير الفلسطينيين. ذلك لأن الدول المطروحة في القائمة الآن مطلوب منها واحد من أمرين، إما أن تستقبل المهجرين أو تجد بديلاً لهم.. وفي الغالب سيسود منطق "دفع الضرر عن الذات" خاصة الثلاثة دول العربية في قائمة ترمب ولن تتحرج بتقديم البديل، وهنا يمكن ملاحظة كيف تصرف ملك الأردن في المكتب البيضاوي يوم 11 فبراير 2025م أمام ترمب عن طرح موضوع التهجير وموقفه منه، فرد بطريقة نفض بها كُرة النار الملتهبة من حِجره (إننا ننتظر الرؤيا المصرية) في حين لم يكن مطلوب منه التحدث عن مصر.. وهذا بالتحديد دفع الضرر فيم الأجواء المفتوحة، فكيف يكون الحال في الغرف المغلقة؟!!
إن الحرب في السودان لن تشكل عقبة كبيرة في هذا الإتجاه إذا ما طرح السودان كبديل، ذلك لأنها يمكن أن تتوقف بإشارة من اللاعب الدولي الأبرز - أمريكا- متى ما أرادت ذلك. فالحرب في السودان منظور لها من نواحي إستراتيجية وسياسية هي حرب "غير مُعرّفة" Undefined بطريقة يمكن معها تعقب أسبابها ومن ثم الإقبال على حلها. فهي حرب مازال يصدق عليها وصف قائد الجيش البرهان بأنها (عبثية) كما أنها في أحد تجليات التحليل تؤكد على "غياب الدولة". لهذا فهي لن تشكل عقبة في سبيل ترشيح السودان كبديل لخيار ترمب ولا أقول خطته. أما مِن الناحية الجغرافية فسفينة واحدة من أي ميناء ستكون كفيلة بنقل المهجرين لبورتسودان ومنها لبقية أراضي السودان خاصة وسطه النيلي الممتد على سهول زراعية خصبة يمكن أن تستوعب كل أهل غزة وسكان الضفة الغربية وحتى فلسطينيي الشتات. أو أن خطة عكسية كعملية موسى تلك التي نُقل فيها اليهود الفلاشا بقطع من الليل من السودان بسرية كفيلة بأن تنقل تحت جنح ذات الظلام العدد المستهدف من المهجرين.
غير أن في هذه المسارات اللاخطية خطٌ واضحٌ ومرسومٌ بجلاء وأنفة وكبرياء هي إرادة الشعب الفلسطيني الذي عاهد نفسه وشهداءه على ألاّ خيار غير التشبث بالأرض في محيط هو أدرى بمزاداته العلنية وخياناته الظاهرة والخفية. وإحباطاته العلنية ونبذه في العراء يتجرّع مرارات الإحتلال من التجارب التي خبرها منذ حريق الأقصى 1969م مروراً بالنكسة 1967م و إنتهاءاً بالأيدي المكتوفة التي أخذت تشاهد بلا مبالاة إزهاق أرواح فاقت في غضون خمسة عشر شهرا فقط سعة أكبر ملاعب كرة القدم في العالم.

د. محمد عبد الحميد

wadrajab222@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • الهاربون خوفاً من الجيش مواطنون أيضاً!
  • صمود قوى الثورة لاسترداد عافية السودان
  • الرئيس عباس يصل إلى أثيوبيا
  • «المنفي» يصل إلى العاصمة الإثيوبية «أديس أبابا»
  • باحثة سياسية: ترامب ينفذ خطة الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023
  • ???? إعادة تقسيم السودان
  • هل السودان بديل محتمل لتهجير أهالي غزة؟؟
  • القاعدة الروسية تطل براسها من جديد
  • ليبيا والسودان يهيمنان على أجندة اليوم الثالث للقمة الأفريقية
  • غزوة بدر