نشر موقع "ذا كونفرسيشن"  تقريرًا بيّن فيه أن تدخّل جهات أجنبية لإطالة أمد الحرب في السودان يجعل من الصعب على البلاد إيجاد السلام.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن هذا الصراع قد اتخذ بعدًا إقليميًا ودوليًا حيث تدعم العديد من الجهات الفاعلة الخارجية الطرفين المتحاربين بالأسلحة والذخيرة والمال.

وتبرز الإمارات كواحدة من أكثر الجهات الأجنبية استثمارًا في الحرب.

واستعرض الموقع رؤية مي درويش، التي درست التحالفات التي تشكلها دول الشرق الأوسط في القرن الأفريقي، حول الوضع في السودان.

وفي سؤالها عن سبب بُعد تحقيق السلام في السودان، أوضحت مي أن السودان، خلال سنة واحد فقط من اندلاع الحرب الأهلية، تحوّل إلى مسرح لإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. فالدولة، التي كانت تعد أكبر منتج زراعي في إفريقيا وكان يُنظر إليها على أنها "سلة خبز" محتملة للمنطقة، أصبحت الآن على حافة مواجهة أسوأ مجاعة يشهدها العالم.


وحسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، نزح أكثر من 7 ملايين شخص داخليًا وفرّ ما يقارب مليونا شخص إلى البلدان المجاورة بينما يحتاج 25 مليونًا بشدة إلى المساعدة الإنسانية. وتشير التقديرات إلى مقتل أكثر من 20 ألف شخص منذ بدء الحرب في نيسان/ أبريل 2023.

مع ذلك، تظل احتمالات السلام قاتمة حيث لا تظهر أي علامات على تراجع القتال، وفشلت الجهود الرامية إلى عقد محادثات السلام، ويؤدي تورط الجهات الفاعلة الأجنبية إلى إطالة أمد العنف. وذكرت مي أن القوى الإقليمية والجيران قد اصطفوا خلف أحد الجنرالين في قلب الصراع: عبد الفتاح البرهان من القوات المسلحة السودانية ومحمد "حميدتي" دقلو من قوات الدعم السريع شبه العسكرية. وقد اتهمت الأمم المتحدة كلا الطرفين المتحاربين منذ ذلك الحين بارتكاب جرائم حرب وتطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية.

وأضافت مي أن السودان محاط بمراكز رئيسية لتهريب الأسلحة عبر دول مثل ليبيا وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى. كما تموّل دول مثل الإمارات وإيران الحرب عبر هذه الدول في انتهاك لحظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على السودان.

وبسؤالها عن أكبر الجهات الأجنبية، أشارت مي إلى أن هناك العديد من الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية التي لها مصالح في استمرار الصراع. فعلى سبيل المثال، تدعم مصر والسعودية الجيش السوداني. وتدعم الإمارات وليبيا وروسيا (من خلال مجموعة فاغنر) قوات الدعم السريع شبه العسكرية.

وأوضحت مي أن الإمارات برزت باعتبارها اللاعب الأجنبي الأكثر استثمارًا في الحرب. وهي تنظر إلى السودان الغني بالموارد وموقعه الاستراتيجي كفرصة لتوسيع نفوذها وسيطرتها في الشرق الأوسط وشرق إفريقيا.

منذ سنة 2018، استثمرت الإمارات أكثر من 6 مليارات دولار أمريكي في البلاد. ويشمل ذلك الاحتياطيات الأجنبية في البنك المركزي السوداني ومشاريع الزراعة وميناء البحر الأحمر. كما جندت الإمارات مقاتلين من السودان ودفعت رواتبهم، معظمهم من قوات الدعم السريع، للانضمام إلى صراعها في اليمن.


منذ سنة 2019، قوّضت الإمارات عملية الانتقال الديمقراطي في السودان في أعقاب الإطاحة بالرئيس عمر البشير الذي حكم البلاد لفترة طويلة. وقامت أبو ظبي بتمكين كل من الجيش والقوات شبه العسكرية ضد الجناح المدني للحكومة.

ومع اندلاع الحرب الأهلية، ركزت الإمارات على قوات الدعم السريع. وقد نفت أبو ظبي مرارًا وتكرارًا تورطها في تسليح القوة شبه العسكرية أو دعم زعيمها حميدتي. لكن تشير الأدلة إلى خلاف ذلك وأصبح الدور المظلم للإمارات في الحرب "سرًا مكشوفًا".

كان مغني الراب الأمريكي ماكليمور قد أعلن إلغاء حفل تشرين الأول/ أكتوبر 2024 في دبي بسبب دور الإمارات العربية المتحدة "في الإبادة الجماعية والأزمة الإنسانية المستمرة"، ما أدى إلى إشعال الاهتمام الدولي بدور أبو ظبي في الحرب.

وبينت مي أن تورط الإمارات في السودان يسلط الضوء على نمط أوسع في السياسة الخارجية لهذه الإمارة في العقد الماضي: التحالف مع القوى المحلية لتأمين المصالح الجيوسياسية والاقتصادية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشرق إفريقيا.

وأفادت مي بأن الإمارات قد انضمت إلى روسيا لدعم قوات الدعم السريع في السودان من خلال مجموعة فاغنر. وكانت مجموعة فاغنر نشطة في السودان منذ سنة 2017، في المقام الأول فيما يتعلق بمشاريع استخراج الموارد في مناطق مثل دارفور، حيث كانت قوات حميدتي نشطة وأصبحت حليفًا مركزيًا في هذه المساعي.

وحسب خبراء الأمم المتحدة، أنشأت الإمارات عمليات لوجستية لإرسال الأسلحة إلى قوات الدعم السريع من خلال شبكاتها في ليبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان وأوغندا. وتم إخفاء الأسلحة والإمدادات تحت غطاء المساعدات الإنسانية.


‌الإمارات وسرقة الذهب
وفيما يتعلق بالفائدة التي تعود على الإمارات، ذكرت مي أن التفاعلات والتحالفات التي تشمل الإمارات وقوات الدعم السريع تعكس الطبيعة المعقدة وغير الشفافة غالبًا للمناورة الجيوسياسية الحديثة في السودان حيث تشير التقارير إلى أن حميدتي يعمل كوصي على المصالح الإماراتية في السودان، التي تشمل الذهب والمنتجات الزراعية.

وتابعت مي أن الذهب كان أحد المحركات الرئيسية للصراع في السودان فهو يسمح لكلا الطرفين بتغذية آلات الحرب الخاصة بهما. وتعتبر الإمارات المستفيد الرئيسي من هذه التجارة ذلك أنها تتلقى كل الذهب المهرب من السودان تقريبًا وأصبحت مركزًا لغسل الذهب المهرب إلى السوق العالمية. وتُظهر أحدث الإحصاءات المتاحة أن الإمارات استوردت رسميًا معادن ثمينة من السودان بقيمة حوالي 2.3 مليار دولار أمريكي في سنة 2022.

وأضافت مي أن الإمارات تستورد 90 بالمائة من إمداداتها الغذائية. ومنذ أزمة الغذاء العالمية في سنة 2007، جعلت الإمارات الأمن الغذائي أحد أهم أولوياتها وبدأت الاستثمار في الأراضي الزراعية في الخارج.

وذكرت مي أن هناك شركتان إماراتيتان تقومان بزراعة أكثر من 50 ألف هكتار في شمال السودان، مع خطط للتوسع، ثم يتم شحن المنتجات الزراعية عبر البحر الأحمر. ولتجاوز ميناء السودان، الذي كانت تديره الحكومة السودانية، وقّعت الإمارات صفقة جديدة في سنة 2022 لبناء ميناء جديد على ساحل السودان تديره مجموعة موانئ أبو ظبي. كما استخدمت الإمارات قوات الدعم السريع لتأمين مصالحها وطموحاتها في تحقيق الأمن الغذائي.


وبسؤالها عمن يستطيع كسر الجمود في السودان، قالت مي إن الوضع الإنساني في السودان يتدهور، لكن المجتمع الدولي لم يفعل الكثير لمعالجته. وبالإضافة إلى عدم قدرته على جمع المساعدات الكافية للسودان، لم يمارس المجتمع الدولي أي ضغوط على الإمارات وفشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في معالجة الادعاءات الموثوقة التي قدمتها لجنة الخبراء الخاصة به بشأن تورط أبو ظبي في السودان.

وأشارت مي إلى الاتهام الذي وجهته منظمة هيومن رايتس ووتش لقوات الدعم السريع بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وتطهير عرقي في الحرب الدائرة. مع ذلك، لا توجد احتمالات لمحاسبة الإمارات على دورها مع القوة شبه العسكرية حتى الآن. وتستمر البلاد في الاستفادة من تحالفاتها مع الغرب. وما لم يكن المجتمع الدولي على استعداد لمنع الجهات الفاعلة الأجنبية من تأجيج الصراع، فإن السودان يخاطر بالانزلاق إلى أزمة إنسانية كارثية ستطارد العالم لعقود قادمة.

وأشارت مي إلى الاتهامات التي وجهتها منظمة هيومن رايتس ووتش لقوات الدعم السريع بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وتطهير عرقي خلال الحرب الدائرة. ومع ذلك، لم تُتخذ أي خطوات حتى الآن لمحاسبة الإمارات على دعمها لتلك القوة شبه العسكرية، بل تستمر الإمارات في الاستفادة من تحالفاتها مع الدول الغربية. وإذا لم يتخذ المجتمع الدولي خطوات جادة لمنع التدخلات الأجنبية التي تغذي هذا الصراع، فإن السودان يواجه خطر الغرق في أزمة إنسانية مدمرة قد تستمر في التأثير على العالم لعقود قادمة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية السودان الإمارات البرهان حميدتي الدعم السريع السودان الإمارات حميدتي الدعم السريع البرهان صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات الدعم السریع الجهات الفاعلة المجتمع الدولی الأمم المتحدة شبه العسکریة أن الإمارات فی السودان فی الحرب الحرب ا أبو ظبی أکثر من

إقرأ أيضاً:

أمريكا تنتقد التصعيد.. الدعم السريع تعلن حكومة موازية في السودان

أعلن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الثلاثاء قيام حكومة موازية في السودان، مع دخول الحرب التي أوقعت عشرات آلاف القتلى وأغرقت أنحاء من البلاد في مجاعة، عامها الثالث.
وجاء في بيان لدقلو على تليجرام: "نؤكد بفخر قيام حكومة السلام والوحدة، تحالف مدني واسع يمثل الوجه الحقيقي للسودان".
أخبار متعلقة لبنان.. الأمم المتحدة تتهم الاحتلال بقتل 71 مدنيًا منذ وقف إطلاق النارخلال 6 أشهر.. الأمم المتحدة تتوقع عودة 2,1 مليون نازح إلى الخرطوموأضاف: "ستوفر حكومتنا الخدمات الأساسية، التعليم والصحة والعدالة، ليس فقط في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع وقوات الحركات بل في جميع أنحاء البلاد، سنصنع عملة جديدة، ونعيد الحياة الاقتصادية، ونصدر وثائق هوية جديدة، حتى لا يُحرم أي سوداني من حقوقه".واشنطن تدين تصعيد الدعم السريعأدانت الولايات المتحدة بأشد العبارات تصعيد قوات الدعم السريع هجماتها في غرب السودان، مندّدة باستهداف مخيمي نازحين ومواطنين.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء، إن قوات الدعم السريع تصعّد هجماتها على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور وعلى مخيّمين قريبين يؤويان نازحين.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الولايات المتحدة تصعيد قوات الدعم السريع هجماتها في غرب السودان - Global Witness
وأعربت بروس عن "قلق عميق إزاء تقارير تفيد بأن قوات الدعم السريع استهدفت عمدًا مدنيين وجهات فاعلة إنسانية في زمزم وأبو شوك"، في إشارة إلى مخيمي إيواء النازحين.
وقالت إن هجمات قوات الدعم السريع أوقعت 10 قتلى في صفوف عمال هيئة إغاثة تموّلها الولايات المتحدة.العام الثالث للحربودخلت الحرب المندلعة في السودان بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو، عامها الثالث.
واشتدت المعارك في إقليم دارفور غربي السودان بعد إعلان الجيش استعادته السيطرة على العاصمة الخرطوم.
وفي الأسابيع الأخيرة، صعّدت الدعم السريع هجماتها على الفاشر، عاصمة الولاية الوحيدة في دارفور التي لا تزال خارج سيطرتها.
وأعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على مخيم زمزم حيث يواجه أكثر من 500 ألف نازح مجاعة، في هجوم يقول مسؤولون أمميون إنه أسفر عن مقتل أكثر من 400 شخص.

مقالات مشابهة

  • منظمات إغاثية تخشى سقوط مزيد من المدنيين على يد الدعم السريع
  • مقتل العشرات بقصف لـالدعم السريع.. والسيسي يدعو البرهان إلى القاهرة
  • شهادات حية يرويها المتضررون.. كارثة إنسانية فى السودان بعد عامين على الحرب.. ميليشيات الدعم السريع ارتكبت إبادة جماعية ضد مجتمع المساليت فى دارفور
  • قوات الدعم السريع تعلن قيام حكومة موازية في السودان مع دخول الحرب عامها الثالث  
  • أمريكا تندد بهجمات قوات الدعم السريع على مدنيين في السودان
  • الجيش السوداني يعلن القضاء على 8 أفراد من قوات الدعم السريع
  • أمريكا تنتقد التصعيد.. الدعم السريع تعلن حكومة موازية في السودان
  • مجزرة في مدينة الفاشر.. الدعم السريع يقتل 15 شخصا ويصيب 20 آخرين
  • والي الخرطوم يتحدث عن نسبة تواجد قوات الدعم السريع في العاصمة
  • الفاشر في مرمى نيران قوات الدعم السريع.. تفاصيل