عندما أجبرت الحرب في العاصمة السودانية سارة الشريف وأسرتها على الفرار، تركت الطالبة التي تدرس تكنولوجيا المعلومات والبالغة من العمر 19 عاما كتبها وجهاز الكمبيوتر الخاص بها.

وتعيش حاليا في سنار الواقعة على بعد 30 كيلومترا جنوب شرقي الخرطوم، وتعاني من ضعف الإنترنت ولا تملك جواز سفر لترك السودان.

ولا تجد، شأنها شأن كثيرين، سبيلا لمواصلة دراستها في وقت يحتدم فيه القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وهوى الصراع، الذي بدأ في منتصف أبريل/نيسان، بنظام التعليم المتعثر في السودان إلى حالة من الانهيار مع إغلاق العديد من المدارس أو تحويلها لملاجئ للنازحين، وإلغاء معظم امتحانات نهاية العام.

تقول سارة الشريف إن هذه الحرب تؤدي إلى نهاية التعليم في السودان، وتحول الأمور من سيء إلى مستحيل.

وأشعل الصراع معارك يومية في شوارع الخرطوم، وعادت معه الهجمات العرقية في دارفور، وتسبب في تشريد أكثر من 4 ملايين داخل السودان وعبر حدوده.

اقرأ أيضاً

السودان.. نزوح عائلات من أم درمان إثر احتدام الاشتباكات

تقول سيمون فيس المسؤولة بمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في السودان، إن هناك "عددا مقلقا من التقارير التي تفيد بتجنيد جماعات مسلحة للفتيان والفتيات".

وتشير الأمم المتحدة إلى أن 89 مدرسة على الأقل في 7 ولايات تُستخدم ملاجئ للنازحين، مما يثير مخاوف من عدم تمكن الكثير من الأطفال من دخول المدارس في العام الدراسي الجديد، ليتركهم ذلك عرضة لعمالة الأطفال وسوء المعاملة.

وألغت وزارة التربية والتعليم الأربعاء، معظم امتحانات نهاية العام، في المناطق المتضررة من الحرب.

وقالت سحر عبدالله، وهي معلمة نازحة من الخرطوم، لجأت إلى سنار: "في ظل الواضع الراهن هذا، أي زول يشوف إنه مستحيل يكون في عام دراسي جديد".

وحتى قبل اندلاع الصراع، صنفت منظمة "أنقذوا الأطفال"، السودان واحد من البلدان الأربعة الأولى على مستوى العالم التي يواجه فيها التعليم خطرا شديدا.

وتشير المنظمة الخيرية إلى أن عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس ارتفع حالياً إلى 9 ملايين من 6.9 ملايين، ونزح أكثر من مليون طفل في سن الدراسة وأغلقت 10400 مدرسة على الأقل منذ بدء القتال.

اقرأ أيضاً

اشتباكات السودان تتسبب في نزوح 3 ملايين شخص

وفي حين أن الخرطوم لديها تراث فكري تعتز به، ينهار نظام التعليم بسبب قلة الاستثمار والتدخل السياسي والأزمة الاقتصادية الطاحنة.

وسبق أن تعطلت الدراسة نتيجة احتجاجات الشوارع قبل وبعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في 2019، فضلا عن فيضانات عارمة غير معتادة في 2020 وجائحة (كوفيد-19).

وعن مشكلة اكتظاظ الفصول الدراسية، تقول المعلمة النازحة سحر عبدالله: "بعض الطلاب يواجهون مشكلة في الإجلاس، الطالب ممكن ييجي شايل إجلاسه (مقعده) معه أو حتى توفير الكتاب المدرسي بالصورة الكافية المرضية للمعلم بحيث إنه يوصل المعلومة".

ونظم المعلمون العاملون في الدولة إضرابا لثلاثة أشهر، احتجاجا على الأجور وظروف العمل قبل اندلاع الحرب.

وقال عضو بارز في لجنة المعلمين السودانيين، إن ما يصل إلى 300 ألف معلم لم يتقاضوا رواتبهم منذ مارس/آذار.

وقالت فاطمة محمد، وهي معلمة نازحة فرت من الخرطوم إلى ولاية القضارف بعد أن استولت قوات الدعم السريع على المدرسة التي تعمل بها "بسبب الحرب توقفت الدراسة وكنا نستعد لامتحانات نهاية العام الدراسي ومستقبل ومصير التلاميذ مجهول لا نعرف متي سنعود للعمل؟، ومنذ مارس/آذار لم نستلم مرتباتنا الشهرية.. المدرسة حاليا في منطقة حرب".

اقرأ أيضاً

ارتفاع حصيلة قتلى الاشتباكات في السودان إلى 958

وعلى الرغم من الاضطرابات التي شهدتها الدراسة خلال السنوات القليلة الماضية، تمكنت رباب نصر الدين من بلوغ السنة الثالثة في كلية القانون بجامعة الخرطوم، حتى اندلاع الحرب.

لكنها اضطرت هي الأخرى إلى الفرار، وتخلت عن الشهادات والمواد التعليمية التي قد تساعدها على مواصلة الدراسة في مكان آخر، وقالت إن الخيار الوحيد أمامهم هو الانتظار والأمل في حدوث الأفضل.

أما عمال الإغاثة فيحاولون المساعدة في التخفيف من حدة الأزمة بإنشاء مساحات آمنة للتعليم وتزويد الأطفال بالدعم النفسي والاجتماعي.

وجمع صندوق "التعليم لا ينتظر"، التابع للأمم المتحدة والمخصص لتمويل جهود التعليم في حالات الطوارئ، نحو 12.5 مليون دولار، ويهدف إلى توفير الخدمات التعليمية لنحو 120 ألف طفل في السودان والدول المجاورة.

وقالت ياسمين شريف المديرة التنفيذية للصندوق، إنه خلال جائحة (كوفيد-19)، لم يرغب الآباء في الدول الغنية "في أن ينتظر الأطفال لعام أو شهر لمواصلة الدراسة، فلماذا نتوقع منهم (في السودان) الانتظار حتى ينتهي الصراع؟".

ويسعى بعض النازحين من السودان إلى الالتحاق بمدارس وجامعات في الدول التي فروا إليها مثل هؤلاء في مصر، لكن لا توجد مثل هذه الخيارات في تشاد التي وصل إليها أكثر من 377 ألف لاجئ.

وقال خليفة آدم وهو طالب نازح هرب إلى أدري في تشاد من دارفور: "ما أقدر أمشي وأواصل التعليم وأهلي ما أقدر أتواصل معهم وانقطع التواصل بيننا، الناس هنا قالوا ممكن تواصل إلكترونيا لكن شايف إلكترونيا هنا في أدري صعب، الشبكة سيئة".

اقرأ أيضاً

قطر توقع اتفاقا لتعليم 50 ألف طفل سوداني لم يلتحق بمدرسة

المصدر | رويترز

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السودان التعليم اشتباكات السودان دارفور فی السودان اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

نقل البشير إلى شمال السودان لتلقي العلاج

قالت مصادر سودانية، إنه تم نقل الرئيس السوداني المعزول عمر البشير (80 عاما)،  مع وزير الدفاع السابق عبد الرحيم محمد حسين ووزير الشباب والرياضة السابق يوسف عبد الفتاح من أم درمان اليوم الخميس إلى مروي بشمال السودان لتلقي العلاج.

 

وبدأت محاكمة البشير ورفاقه في 2020، ونقل الرئيس السابق من سجن كوبر في الخرطوم بحري المدينة الثانية بالعاصمة، إلى المستشفى العسكري قبل اندلاع الحرب، وعقب اقتحام قوات الدعم السريع السجون في الخرطوم، خرج المتهمون من عناصر النظام السابق من مكان احتجازهم بعدما كتبوا تعهدا بالمثول أمام المحكمة متى ما عادت لممارسة مهامها.

 

وأعلنت هيئة الدفاع، أن البشير ومعاونيه كانوا أمام خطر القذائف التي تطلقها قوات الدعم السريع، وإنه نجا من الموت مرتين، الأولى، حينما تعرضت الغرفة التي يقيم فيها للقصف، بينما كان موجودا في حجرة أخرى بالمستشفى والمرة الثانية حينما كان يؤدي الصلاة مع آخرين.

 

مقالات مشابهة

  • لا شيء يعلو على الكتب.. تعرف على نظام التعليم فى مصر القديمة مع بداية الدراسة
  • السودان.. معارك عنيفة وأزمة إنسانية متفاقمة
  • التعليم العالي في السودان يواجه صدمة الحرب وهجرة الطلاب والأساتذة
  • مع بدء الدراسة.. التعليم تحذر من استخدام العقاب البدني والنفسي للطلاب
  • عام دراسي جديد.. التعليم تتابع أعداد الطلاب في الفصول وجاهزية المدارس
  • استعدادات «التعليم» لانطلاق الدراسة: حظر الكتب الخارجية وتسجيل الغياب إلكترونيا
  • غداً.. بدء الدراسة فى 81 مدرسة بالتعليم العام والفني بالفيوم
  • غداً.. بدء الدراسة فى 73 مدرسة بالتعليم العام بالفيوم
  • عاجل - قبل بدء الدراسة بساعات.. أبرز ملامح العام الدراسي الجديد 2025 وقرارات وزارة التعليم
  • نقل البشير إلى شمال السودان لتلقي العلاج