الجزيرة:
2025-01-14@03:40:46 GMT

تفجيرات البيجر.. رسائل إسرائيل إلى حزب الله

تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT

تفجيرات البيجر.. رسائل إسرائيل إلى حزب الله

ليست مصادفة أن تأتي العملية الأمنية المعقدة التي شنها الجيش الإسرائيلي ضد عناصر حزب الله، والتي تسببت بآلاف الجرحى وعشرات القتلى، بعد إعلان الجيش الإسرائيلي إحباط محاولة اغتيال باستخدام عبوة ناسفة من نوع "كليماغور" زرعها حزب الله. كانت العبوة تستهدف مسؤولًا أمنيًا إسرائيليًا، وكان من المتوقع تنفيذها في الساعات القليلة المقبلة.

هذه العملية تشكل مرحلة جديدة من الصراع المستمر بين حزب الله، بما يمثله على المستويين: الإقليمي واللبناني، وبين إسرائيل التي تسعى لإثبات نفسها بعد الإهانة التي تعرضت لها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ويكشف هذا الصراع عن مجموعة من الوقائع الميدانية التي لا يمكن تجاهلها:

أولًا: أراد الجانب الإسرائيلي، وسط النقاشات والتهديدات ومحاولات "تبريد" الجبهة، توجيه رسالة واضحة، أنه قادر على توجيه ضربة قوية لحزب الله دون تكبد خسائر ميدانية كبيرة، أو تكاليف عسكرية باهظة. وفي الوقت نفسه، بات من الضروري أن تثبت إسرائيل تفوقها أمام خصومها. ثانيًا: ضمن توازن الرعب والمواجهة المفتوحة بين حزب الله وإسرائيل، سعى الجانب الإسرائيلي، وخصوصًا بعد إطلاق الحوثيين صاروخًا باتجاه تل أبيب، إلى قلب المعادلة. ومع اقتراب الذكرى السنوية لعملية "طوفان الأقصى"، فشلت إسرائيل في القضاء على المقاومة في غزة، أو اغتيال زعيم حركة حماس يحيى السنوار، ولهذا جاءت العملية في لبنان كمحاولة لتنفيذ "7 أكتوبر/تشرين الأول" بنسخة إسرائيلية. ثالثًا: قبل ساعات من عملية تفجير أجهزة "البيجر"، كان النقاش يدور بعمق حول وصول المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين إلى إسرائيل، الذي نقل رسالة تدعو إلى تهدئة التصعيد. لكن الموقف الإسرائيلي كان صارمًا في اتجاه التصعيد، بينما حاول الأميركيون حصر العمليات في الجنوب أو البقاع لتفادي حرب واسعة، مع تجنب التصعيد في بيروت والضاحية وتل أبيب. رابعًا: في ظل التوقعات بشن عملية عسكرية برية أو جوية تترافق مع اغتيالات، لجأ نتنياهو إلى تنفيذ ضربة أمنية معقدة وسيبرانية، كان الهدف منها اختبار القدرات اللوجيستية لحزب الله، وإشغاله في بنيته التحتية الصحية والاجتماعية؛ استعدادًا لعملية عسكرية أوسع في الجنوب أو البقاع. خامسًا: يظهر من هذه العملية أن إسرائيل أرادت ضرب بنية الاتصال الداخلي لحزب الله، مما وضع الحزب في حالة ارتباك تستغرق أسابيع لتجاوزها. ومع ذلك، فإن أجهزة "البيجر" المستهدفة لا ترتبط بالإطار العسكري للحزب، بل تقتصر على التواصل بين القيادات السياسية والإدارية وعائلاتهم. سادسًا: مع امتداد العملية إلى كوادر حزب الله في سوريا، يتضح أن الخرق الأمني الإسرائيلي بات عميقًا. سوريا، التي كانت على مدى سنوات مسرحًا لاستهداف مباشر من قبل إسرائيل، تشكل تحديًا أمنيًا لحزب الله الذي يواجه استخبارات إقليمية ودولية، ومسيرات إسرائيلية في الأجواء.

وعليه، يبقى السؤال حول رد حزب الله على أكبر اختراق أمني له في تاريخه، وهل ستكون عملية اختراق وتفجير آلاف الأجهزة اللاسلكية مقدمة لتوسع الحرب؟

قبل العملية، كان حزب الله يدرك أن إسرائيل تعمل على عدة مسارات: المسار التفاوضي والدبلوماسي، من خلال محاولة استقطاب دعم دولي للضغط على حزب الله ولبنان؛ المسار الإعلامي، من خلال التسريبات والتصريحات اليومية حول الاستعداد لتوسيع العملية العسكرية؛ وأخيرًا، المسار العسكري من خلال تكثيف الضربات الجوية كوسيلة لإجبار حزب الله على تغيير موقفه. وكان حزب الله يضع هذه الضغوط في سياق استباق زيارة هوكشتاين، الذي كان من المتوقع أن ينقل رسائل مباشرة للمسؤولين في بيروت.

اليوم، وبعد ضرب بنية الاتصالات وما نتج عنه من آلاف الجرحى وعشرات القتلى، يجد حزب الله نفسه أمام تحدّ جديد شبيه بالتحدي الذي واجهه بعد اغتيال القيادي فؤاد شُكر. ورغم حرص الحزب على عدم الانجرار نحو حرب إقليمية واسعة، فإنه مضطر للرد على هذا الاستهداف الكبير، خاصة مع سقوط العديد من الضحايا المدنيين منذ بداية الحرب.

فيما إسرائيليًا، تكثر التحليلات التي تتحدث عن أن ما حدث اليوم مقدمة لغزو بري بعمق منطقة جنوب الليطاني؛ بهدف إعادة مستوطني الشمال، لكن المنطق العسكري يشير إلى أن الجانب الإسرائيلي على الرغم من كل التهويل يدرك أن الحرب البرية ستكون نتائجها كارثية بأضعاف من نتائج اجتياح غزة، لأسباب كثيرة، أحد أبرزها هو القدرة القتالية العالية لحزب الله في جنوب لبنان.

من هنا يمكن تفسير وضع الجولة التي أجراها مدير الموساد ديفيد برنياع على دول أوروبية منذ أسابيع قليلة، ولقاءاته مع نظرائه الغربيين، وما حُكي عن نقاشاته حول بنك أهداف يشمل مناطق لبنانية متعددة، كمخازن أسلحة وصواريخ، ومنشآت جنوبًا وبقاعًا، وأن حكومته تفضل عمليات جوية لاستهداف هذه المواقع.

لكن التحدي الأبرز بالنسبة للمؤسسات العسكرية والأمنية الإسرائيلية يكمن في تحصينات الحزب في الأودية والجبال، والتي لا قدرة للطيران الحربي على تحقيق إصابات مباشرة فيها، مما يرفع مستوى التحدي أمام الإسرائيليين.

وهذا الواقع الجغرافي المعقد يضع إسرائيل أمام تحديات عسكرية وأمنية، مشابهة لتجربة الإنزال الذي تم تنفيذه في منطقة مصياف السورية وتدمير منشأة لتطوير الصواريخ والمسيرات، لأنه في حال فكر الجيش الإسرائيلي بهذا الحل الميداني، ستكون المسارات العسكرية قد انتقلت إلى مرحلة جديدة مفتوحة على مخاطر كبيرة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات لحزب الله

إقرأ أيضاً:

ما هي المهمة الشاقة التي تنتظرُ عون؟ تقريرٌ أجنبي يكشفها

نشر موقع "arabnews" تقريراً جديداً قال فيه إن لبنان قد يستفيد من ضعف "حزب الله" وسوريا وإيران.
ويقول التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" إنه "ليس سراً أن مصير لبنان واستقراره كانا دائماً تحت رحمة التوازن الدقيق بين القوى الداخلية الطائفية، وتوازن القوى الإقليمي العربي، وإسرائيل، والصراع الفلسطيني  فضلاً عن إيران وأجندتها الثورية في العقود الأخيرة".
وتابع: "نادرا ما اجتمعت تلك القوى على نحو يضع الدولة اللبنانية على المسار الصحيح نحو السلام والاستقرار وإعادة البناء والإصلاح بما يخدم مصالح كل تلك القوى المؤثرة في الوقت نفسه. كثيراً ما زعمت كتب النظريات المتعلقة بالشرق الأوسط أن لعبة الكراسي الموسيقية تنطبق بشكل خاص على هذه المنطقة، حيث يظل هناك دوماً لاعب إضافي واحد بدون كرسي، الأمر الذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى إفشال الحفلة لصالح بقية اللاعبين. وينطبق هذا القياس بشكل خاص على لبنان ومجتمعاته العديدة المتنافسة، بل وحتى المتحاربة، حيث كانت الأحداث في كثير من الأحيان تترك أحد هذه المجتمعات من دون كرسي على الطاولة".
وأكمل: "إن انتخاب جوزيف عون هذا الأسبوع، وهو خامس قائد للجيش يصبح رئيساً للجمهورية في تاريخ لبنان، يثير التساؤل حول ما إذا كان سيتمكن من إدخال البلاد في حقبة جديدة قادرة على انتشالها من حافة الهاوية، أو ما إذا كان سيكتفي بدور رئيس تصريف الأعمال، وإدارة مطالب النخب السياسية الفاسدة، وتوقعاتها، وتوقعات مجتمعاتها".
وتساءل التقرير عما إذا كان عون سيلعب الدور الذي لعبه الرئيس اللبناني الرّاحل فؤاد شهاب للصعود بلبنان نحو النمو والإزدهار، وأضاف: "لا شك أن إضعاف حزب الله وسيدته إيران في حرب العام الماضي مع إسرائيل، إلى جانب سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، كانا من العوامل الرئيسية في كسر الجمود الذي أصاب البرلمان اللبناني لفترة طويلة والوصول إلى توافق وانتخاب رئيس جديد يحظى بثقة المجتمع الدولي".
إلى ذلك، اعتبر التقرير أنَّ قبول حزب الله بانتخاب عون يؤكد أنه لم يعد يملي الأجندة السياسية في ضوء التحولات الجيوسياسية الإقليمية منذ المغامرة العسكرية لحركة حماس في 7 تشرين الأول 2023 وما تلاها، والتي أدت إلى إضعاف نفوذ إيران في المنطقة".
وأردف: "إن الهزيمة السياسية التي مني بها حزب الله تأتي في أعقاب النكسة العسكرية المدمرة التي تعرض لها على مدى الأشهر الأربعة عشر الماضية. وبموجب شروط وقف إطلاق النار مع إسرائيل، يواصل الجيش اللبناني انتشاره في الجنوب في حين تستعد القوات الإسرائيلية للانسحاب. والاختبار الحقيقي الآن هو ما إذا كان حزب الله سيوافق على تفكيك البنية التحتية العسكرية المتبقية له جنوب نهر الليطاني وسحب قواته المتبقية إلى مسافة ثلاثين كيلومتراً من الحدود".
وقال: "لا شك أن الاختبار الحقيقي لعون سيكون قدرته على الوفاء بوعده بأن تحتكر الدولة حمل السلاح، وهو ما يشير إلى الطريق الصعب الذي سيسلكه لنزع سلاح حزب الله، الذي احتفظ بأسلحته منذ انتهاء الحرب الأهلية في عام 1990 لمحاربة إسرائيل، حتى بعد الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب من جنوب لبنان في عام 2000".
وأكمل: "يقال إن حزب الله سمح بانتخاب الرئيس الجديد عون فقط بعد حصوله على ضمانات بشأن اسم قائد الجيش المقبل وتنفيذ مبادئ أو حدود اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، وهو ما قد يدق ناقوس الخطر. إن الدور الذي لعبته الولايات المتحدة وفرنسا وقطر والمملكة العربية السعودية ومصر، والتي ضغطت من أجل انتخاب عون، يستحق الإشادة. ولكن يتعين على هذه الدول أن تستعد للطريق الطويل الذي ينتظرها، والذي يتسم بالشوك، إذا كان للبنان أن ينعم بالاستقرار والازدهار. والتهديدات من جانب إيران، التي من غير المرجح أن تتخلى عن خطابها وأفعالها المعادية لإسرائيل والمؤيدة للمقاومة، من شأنها أن تفسد كل الجهود الرامية إلى إيجاد لبنان محايد ولكن مزدهر".
وختم: "سوف يكون على عون، بخلفيته العسكرية، أن يقنع حزب الله بالتخلي عن أسلحته وهي مهمة شاقة على أقل تقدير. ولكن هذا هو الاختبار الذي لا يمكن للرئيس الجديد أن يفشل فيه، وإلا فإن الفرصة التاريخية التي أتيحت للبنان لإعادة السلام والأمن والاستقرار، وإعادة بناء اقتصاده ونظامه المصرفي لجذب السياحة والاستثمار، وخاصة في احتياطياته من الطاقة المكتشفة حديثا في البحر، قد تضيع مرة أخرى".
 
المصدر: ترجمة "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • ما تاريخ صفقات التبادل التي أجرتها إسرائيل مع دول عربية وفصائل المقاومة؟
  • ما تاريخ صفقات التبادل التي أجربتها إسرائيل مع دول عربية وفصائل المقاومة؟
  • أهم 10 رسائل من شيخ الأزهر إلى طلاب وتلاميذ العلم الشرعي
  • أحمد الفيشاوي يكشف عن تفاصيل الحريق الذي نشب في منزل سمية الألفي
  • عام 2025م.. إرث السيد حسن نصر الله خالدً، وقوة المقاومة التي لا تُقهر
  • ما هي المهمة الشاقة التي تنتظرُ عون؟ تقريرٌ أجنبي يكشفها
  • المالية: استعادة جزء من الأموال التي قرصنتها إسرائيل وهذه طريقة إدارتها
  • تفجيرات تهزّ عيتا الشعب.. الجيش الإسرائيلي ينسف المنازل
  • خطيب لبناني يستنكر تسليم القرضاوي للإمارات.. ما المقابل والثمن الذي قدم؟ (شاهد)
  • "ديفيد".. اليهودي الإسرائيلي الذي غامر وزار اليمن رغم الحرب ضد الحوثيين (ترجمة خاصة)