تفجيرات البيجر.. رسائل إسرائيل إلى حزب الله
تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT
ليست مصادفة أن تأتي العملية الأمنية المعقدة التي شنها الجيش الإسرائيلي ضد عناصر حزب الله، والتي تسببت بآلاف الجرحى وعشرات القتلى، بعد إعلان الجيش الإسرائيلي إحباط محاولة اغتيال باستخدام عبوة ناسفة من نوع "كليماغور" زرعها حزب الله. كانت العبوة تستهدف مسؤولًا أمنيًا إسرائيليًا، وكان من المتوقع تنفيذها في الساعات القليلة المقبلة.
هذه العملية تشكل مرحلة جديدة من الصراع المستمر بين حزب الله، بما يمثله على المستويين: الإقليمي واللبناني، وبين إسرائيل التي تسعى لإثبات نفسها بعد الإهانة التي تعرضت لها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ويكشف هذا الصراع عن مجموعة من الوقائع الميدانية التي لا يمكن تجاهلها:
أولًا: أراد الجانب الإسرائيلي، وسط النقاشات والتهديدات ومحاولات "تبريد" الجبهة، توجيه رسالة واضحة، أنه قادر على توجيه ضربة قوية لحزب الله دون تكبد خسائر ميدانية كبيرة، أو تكاليف عسكرية باهظة. وفي الوقت نفسه، بات من الضروري أن تثبت إسرائيل تفوقها أمام خصومها. ثانيًا: ضمن توازن الرعب والمواجهة المفتوحة بين حزب الله وإسرائيل، سعى الجانب الإسرائيلي، وخصوصًا بعد إطلاق الحوثيين صاروخًا باتجاه تل أبيب، إلى قلب المعادلة. ومع اقتراب الذكرى السنوية لعملية "طوفان الأقصى"، فشلت إسرائيل في القضاء على المقاومة في غزة، أو اغتيال زعيم حركة حماس يحيى السنوار، ولهذا جاءت العملية في لبنان كمحاولة لتنفيذ "7 أكتوبر/تشرين الأول" بنسخة إسرائيلية. ثالثًا: قبل ساعات من عملية تفجير أجهزة "البيجر"، كان النقاش يدور بعمق حول وصول المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين إلى إسرائيل، الذي نقل رسالة تدعو إلى تهدئة التصعيد. لكن الموقف الإسرائيلي كان صارمًا في اتجاه التصعيد، بينما حاول الأميركيون حصر العمليات في الجنوب أو البقاع لتفادي حرب واسعة، مع تجنب التصعيد في بيروت والضاحية وتل أبيب. رابعًا: في ظل التوقعات بشن عملية عسكرية برية أو جوية تترافق مع اغتيالات، لجأ نتنياهو إلى تنفيذ ضربة أمنية معقدة وسيبرانية، كان الهدف منها اختبار القدرات اللوجيستية لحزب الله، وإشغاله في بنيته التحتية الصحية والاجتماعية؛ استعدادًا لعملية عسكرية أوسع في الجنوب أو البقاع. خامسًا: يظهر من هذه العملية أن إسرائيل أرادت ضرب بنية الاتصال الداخلي لحزب الله، مما وضع الحزب في حالة ارتباك تستغرق أسابيع لتجاوزها. ومع ذلك، فإن أجهزة "البيجر" المستهدفة لا ترتبط بالإطار العسكري للحزب، بل تقتصر على التواصل بين القيادات السياسية والإدارية وعائلاتهم. سادسًا: مع امتداد العملية إلى كوادر حزب الله في سوريا، يتضح أن الخرق الأمني الإسرائيلي بات عميقًا. سوريا، التي كانت على مدى سنوات مسرحًا لاستهداف مباشر من قبل إسرائيل، تشكل تحديًا أمنيًا لحزب الله الذي يواجه استخبارات إقليمية ودولية، ومسيرات إسرائيلية في الأجواء.وعليه، يبقى السؤال حول رد حزب الله على أكبر اختراق أمني له في تاريخه، وهل ستكون عملية اختراق وتفجير آلاف الأجهزة اللاسلكية مقدمة لتوسع الحرب؟
قبل العملية، كان حزب الله يدرك أن إسرائيل تعمل على عدة مسارات: المسار التفاوضي والدبلوماسي، من خلال محاولة استقطاب دعم دولي للضغط على حزب الله ولبنان؛ المسار الإعلامي، من خلال التسريبات والتصريحات اليومية حول الاستعداد لتوسيع العملية العسكرية؛ وأخيرًا، المسار العسكري من خلال تكثيف الضربات الجوية كوسيلة لإجبار حزب الله على تغيير موقفه. وكان حزب الله يضع هذه الضغوط في سياق استباق زيارة هوكشتاين، الذي كان من المتوقع أن ينقل رسائل مباشرة للمسؤولين في بيروت.
اليوم، وبعد ضرب بنية الاتصالات وما نتج عنه من آلاف الجرحى وعشرات القتلى، يجد حزب الله نفسه أمام تحدّ جديد شبيه بالتحدي الذي واجهه بعد اغتيال القيادي فؤاد شُكر. ورغم حرص الحزب على عدم الانجرار نحو حرب إقليمية واسعة، فإنه مضطر للرد على هذا الاستهداف الكبير، خاصة مع سقوط العديد من الضحايا المدنيين منذ بداية الحرب.
فيما إسرائيليًا، تكثر التحليلات التي تتحدث عن أن ما حدث اليوم مقدمة لغزو بري بعمق منطقة جنوب الليطاني؛ بهدف إعادة مستوطني الشمال، لكن المنطق العسكري يشير إلى أن الجانب الإسرائيلي على الرغم من كل التهويل يدرك أن الحرب البرية ستكون نتائجها كارثية بأضعاف من نتائج اجتياح غزة، لأسباب كثيرة، أحد أبرزها هو القدرة القتالية العالية لحزب الله في جنوب لبنان.
من هنا يمكن تفسير وضع الجولة التي أجراها مدير الموساد ديفيد برنياع على دول أوروبية منذ أسابيع قليلة، ولقاءاته مع نظرائه الغربيين، وما حُكي عن نقاشاته حول بنك أهداف يشمل مناطق لبنانية متعددة، كمخازن أسلحة وصواريخ، ومنشآت جنوبًا وبقاعًا، وأن حكومته تفضل عمليات جوية لاستهداف هذه المواقع.
لكن التحدي الأبرز بالنسبة للمؤسسات العسكرية والأمنية الإسرائيلية يكمن في تحصينات الحزب في الأودية والجبال، والتي لا قدرة للطيران الحربي على تحقيق إصابات مباشرة فيها، مما يرفع مستوى التحدي أمام الإسرائيليين.
وهذا الواقع الجغرافي المعقد يضع إسرائيل أمام تحديات عسكرية وأمنية، مشابهة لتجربة الإنزال الذي تم تنفيذه في منطقة مصياف السورية وتدمير منشأة لتطوير الصواريخ والمسيرات، لأنه في حال فكر الجيش الإسرائيلي بهذا الحل الميداني، ستكون المسارات العسكرية قد انتقلت إلى مرحلة جديدة مفتوحة على مخاطر كبيرة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات لحزب الله
إقرأ أيضاً:
التحية للدكتور الصادق الرزيقي القوي الذي وقف وقفة مشرفة
حضرت حلقتين من برنامج بودكاست بالسوداني مع الدكتور الصحفي الصادق الرزيقي وشايف نزلو حلقة ثالثة
د.الصادق عهدي بيهو قديم منذ أن كنت في الأساس،وذلك انو الوالد رحمة الله عليه كان محبا للاطلاع والقراءة فكان في اليوم يقرأ قرابة الست سبع صحف
أنا لمن وعيت كده كانت صحيفة الانتباهة هي التوب و لا صحيفة تعلوا عليها
الصادق في الحلقة الأولى تكلم عن نشأته وتنقله بين نيالا والجنينة و الضعين فهو رزيقي وتكلم عن مراحل تعليمه بتلك المناطق وتكلم كلام يغيب عن الكثيرين فيما يخص مشاكل دارفور و أن السبب الرئيس فيها هم فيه الآن بعض مثقفيها الذين تأثروا بجون قرنق وغيره
و إلا دارفور كانت حاضنة لشتات كبير من القبائل العربية و الإفريقية و من شمال السودان وشرقه وكانت سوقا تجاريا كبيرا والناس يعيشون في وئام وسلام ومصاهرة، ومن منتصف السبعينات تقريبا بدأت الاضطرابات شيئا فشيئا،مهم جدا لو زول مهتم بشأن دارفور يراجع الحلقة الأولى
وتكلم عن الانتهاكات و الضغوطات التي تمارس على كل أبناء تلك المناطق الآن في حالة أن واحدا منهم أنكر جرائم الميليشيا وذكر أن كثيرا من معارفه و أهله تعرضوا للأذى بسبب موقفه القوي في دعم الجيش
وهنا أنا داير أنبه لمسألة انو في كثير من الأهالي الهم من حواضن الميليشيا هم كارهون لفعالها لكن ما بقدرو يصرحو و لا يتكلموا وحكمهم حكم المضطر ،بتذكر لمن تحررت مدني تواصل معي أحد الفضلاء المشهورين باعتباره وهو من تلك المناطق وفرحان فرح شديد لكن قالي ما بقدر أنشر و لا أكتب و لا أظهر شيئا من ذلك ،دي نقطة مهمة جدا لازم الناس تفهمها وما تعمم في حكمها
أثناء كلامه عن المراحل التعليمية وقدراتهم الوقت داك كطلاب و حبهم للاطلاع وده كان حال غالب طلاب الفترات تلك جمعيات ثقافية وأدبية و سياسية
وتجي تقارن حسي تتأسف أسف شديد لما آلت إليه الأمور و آل إليه التعليم
ياخي لوقت قريب كانت في ثقافة الصحف و الاطلاع وتلقى الناس الصباح متلمين حول بتاع الجرائد الكلام ده قل و تأثر بانتشار الميديا و جات قحت كمان وانتهت منه فعليا بمحاربتها لصحفيين كبار و بذلك توقفت العديد من الصحف إلى أن اختفت ظاهرة الصحف تماما
أنا بقول الكلام ده لانو الوالد الله يرحمو كان لازم كل يوم أمشي اجيب ليهو جرائد وكان كلما يوم التحصل عليها ببقى صعب و بتعب جدا عشان ألقاها لحدي ما اختفت تماما
فللأسف الآن بقت مصادر الثقافة شبه مختفية ومعدومة ماف إلا مشاهير الميديا ديل البغلب عليهم السفه و الطيش و الجهل والعوارة
ما تقدر تقارن واحد بربع أي صحفي في بدايات الألفينات خلي ما قبلها
ياخي زمان ثقافة قراية العواميد و النقاشات
حسين خوجلي و مصطفى أبو العزائم و د.محمد الجزولي فك الله أسره والصادق الرزيقي و اسحاق فضل الله و أحمد البلال و الشمارات بتاعت جريدة الدار
و المهاترات الرياضية بين مزمل أبو القاسم و بتاع قوون داك عبدالماجد منو نسيت اسمو
كان في ثقافة القراية والاطلاع
ياخ جريدة الانتباهة دي لمن مرقت كانت صيحة وضجة كبيرة جدا في المجتمع السوداني ومنبر السلام العادل وكتابات الطيب مصطفى رحمه الله تعالى القوية وقتها و التي كانت فيها جرأة كبيرة
و د.الصادق الرزيقي المذيع الطاهر حسن التوم سألوا قاليهوا كيف أنت تمشي من جريدة ألوان و تمشي لجريدة جديدة و معروفة بدعوتها للانفصال وكان يقال أنها عنصرية
و الوقت داك جريدة ألوان كانت التوب وجات اكتسحتها الانتباهة (هوي ما تقولو كبير الوقت داك عمري ١٢ سنة تقريبا)
فدكتور الصادق الرزيقي قال ما كانت جريدة عنصرية أكتر منها كانت صحيفة لمجابهة الاستفزاز والابتزاز الذي كان تمارسه الحركة الشعبية مسنودة في ذلك بالضغط الخارجي
وانو الناس ما عندها مشكلة في السلام و رفع التهميش لكن برضو ما يكون رفع التهميش عن طائفة و إيقاعه في طوائف أخرى
والآن أنا شايف الموضوع ده برضو في من بعض السياسين النفعيين وبتكلموا بأسماء أقاليم بعينها
يتم الابتزاز المدعوم بأيدي خارجية لتحقيق سلام غير عادل ولتحقيق مكاسب شخصية و ده طبيعي جدا حيعمل ليك حركة مناهضة من الأطراف الأخرى وحيقوليك نحن زاتنا مهمشين و سيزداد خطاب العنصرية
يا حليل الصحف والجرائد و ربنا يعلمنا
والتحية للدكتور الصادق الرزيقي القوي والذي وقف وقفة مشرفة
مصطفى ميرغني