قال وزير الإعلام اللبناني زياد مكاري إن الهجوم الذي طال أجهزة الاتصال (البيجر) اليوم الثلاثاء يمثل اعتداء على سيادة لبنان وليس على حزب الله فقط، مؤكدا أن إسرائيل تجر المنطقة كلها نحو الحرب.

وأضاف مكاري في مقابلة مع الجزيرة أن ما جرى كان "مجزرة واعتداء" على المدنيين وليس عملا عسكريا، مشيرا إلى أن هناك عائلات مدنية بين الضحايا.

واعتبر أن ما جرى يؤكد عدم وجود أي رادع لإسرائيل التي تستهدف منازل ومدارس ومستشفيات، مؤكدا أن ما جرى اليوم ضرب لبنان ككل وليس الجنوب أو حزب الله فقط.

وقال إن الحكومة اللبنانية تعمل على رفع ملف إلى مجلس الأمن الدولي بشأن هذا الاعتداء "المدان والمجرم"، وإنها ستقوم باستدعاء سفراء دول متداخلة في النزاع اللبناني الإسرائيلي.

إسرائيل تجر المنطقة نحو الحرب

وعن وقوع التفجير خلال وجود المبعوث الأميركي إلى لبنان في إسرائيل، قال مكاري إن تل أبيب أثبتت أنها غير مكترثة للولايات المتحدة ولا معنية بالضغوط التي تمارس عليها، سواء من واشنطن أو من غيرها.

وأكد أن على الدبلوماسية اللبنانية تكثيف ضغوطها على إسرائيل وليس على لبنان أو حزب الله الذي قال "إنه لا يزال ملتزما بقواعد الاشتباك وبالأخلاق خلال هذه المواجهة من خلال استهداف مواقع عسكرية فقط وليست مدنية".

ورفض مكاري التعليق على التسريبات التي تتحدث عن أكبر عملية استعاضة عن أجهزة اتصال بأخرى مفتجرة، وقال إن الوقت لا يزال مبكرا لمعرفة تفاصيل ما جرى بشكل دقيق ومهني.

وأشار إلى أن الحكومة سوف تتعاون مع حزب الله في التحقيقات، مؤكدا أن لبنان كبلد لا يخشى الحزب وإنما يخشى "إجرام إسرائيل وإبادتها"، خصوصا أن الأمور آخذة في الاتساع.

وردا على حديث وسائل إعلام إسرائيلية عن قرب إعلان لبنان جبهة رئيسية للحرب بدلا من غزة، قال مكاري إن هذا الأمر يتم التلويح به منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مؤكدا أن على الولايات المتحدة الضغط على إسرائيل قبل أن تذهب بالمنطقة كلها إلى حرب واسعة قد تشمل إيران وأنصار الله (الحوثيون).

حالة طوارئ

وفي الشأن نفسه، قال وزير الصحة اللبناني الدكتور فراس الأبيض في مقابلة مع الجزيرة إن عدد القتلى الذين سقطوا في تفجير أجهزة الاتصال الخاصة بحزب الله اللبناني ارتفع حتى الآن إلى 9 -بينهم طفلة- ونحو 2750 مصابا، لافتا إلى أن هناك حالات حرجة بين الجرحى في غرف العمليات، وبعضهم في أقسام العناية الفائقة.

وكانت مصادر أمنية أكدت أن المئات من عناصر حزب الله اللبناني أصيبوا بصورة بالغة اليوم الثلاثاء في جنوبي لبنان والضاحية الجنوبية في بيروت بعد انفجار أجهزة اتصال لاسلكي يستخدمونها.

وبشأن تفاصيل الحادث، قال الوزير اللبناني إنه في حدود الثالثة والنصف عصرا بدأ توافد عدد كبير من المواطنين إلى المستشفيات، خاصة في منطقة بيروت والضاحية الجنوبية والبقاع، وإن روايات المواطنين تفيد بأنه كانت معهم أجهزة اتصال لاسلكي من نوع "بيجر"، والتي انفجرت وهم يحملونها.

وأكد أن أغلب الإصابات كانت في الوجه والعينين واليد ومنطقة البطن، ووصف بعض حالات المرضى بأنها حرجة، وقدر عدد هذه الحالات بنحو 170 حالة.

وتحدث الوزير اللبناني عن خطة الطوارئ التي تم وضعها منذ بداية الحرب على قطاع غزة، مؤكدا أن هذه الخطة ساعدت المستشفيات في استقبال الأعداد الكبيرة من الجرحى الذين سقطوا اليوم، مشيرا إلى أن وزارة الصحة جهزت نفسها لكل الاحتمالات.

يذكر أن الدفاع المدني اللبناني قال إن المستشفيات في الجنوب تجاوزت قدرتها الاستيعابية، ونعمل على نقل الجرحى خارج المحافظة.

وشدد وزير الصحة على أن لبنان أكد من اليوم الأول للحرب على غزة وبعث رسالة واضحة وهي أنه لا يريد الحرب ويريد وقفا فوريا لإطلاق النار في غزة ولبنان، لكن الاحتلال الإسرائيلي يواصل اعتداءاته على لبنان.

وبينما أوضح أنه كوزير للصحة غير معني بالاتصالات الدولية مع لبنان قال الدكتور الأبيض لقناة الجزيرة إن المشاركين في تلك الاتصالات ورئاسة الحكومة ووزارة الخارجية أكدوا على موقف لبنان الدائم وهو "لا نريد حربا وندعو لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان".

يذكر أن حزب الله أعلن -في بيان- أن "إسرائيل مسؤولة" عن الهجوم، مضيفا "نحمّل العدو الإسرائيلي المسؤولية كاملة عن العدوان الذي طال المدنيين أيضا وأدى لارتقاء عدد من الشهداء".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مؤکدا أن ما جرى إلى أن

إقرأ أيضاً:

هل تحقق إسرائيل ما تريد عبر سياسة الاغتيالات في لبنان؟

بيروت- صعَّدت إسرائيل عملياتها العسكرية على لبنان، ووسعت رقعة الاستهداف لتطال مجددا قيادات في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وفي قلب مدينة صيدا (عاصمة الجنوب اللبناني)، وذلك بعد أيام من استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت.

وفي عملية اغتيال جديدة، استهدفت مسيَّرة إسرائيلية، فجر اليوم الجمعة، القائد بكتائب عز الدين القسام -الجناح المسلح لحركة حماس- حسن فرحات "أبو ياسر"، ونجليه حمزة وحنين، داخل شقة سكنية بحي الزهور، الأكثر "اكتظاظا" في صيدا، وأدت الغارة التي استخدم بها صاروخان -حسب مصادرة أمنية للجزيرة نت- لاندلاع حريق كبير في الشقة المستهدفة امتد لمنازل مجاورة وأحدث رعبا بين السكان.

ويعد هذا الاغتيال الثاني الذي تنفذه إسرائيل داخل صيدا منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، إذ اغتالت يوم 17 فبراير/شباط 2025 القيادي بالقسام محمد شاهين بواسطة طائرة مسيرة عند المدخل الشمالي للمدينة.

الاغتيال هو الثاني من نوعه الذي تنفذه إسرائيل في مدينة صيدا اللبنانية منذ وقف إطلاق النار (الفرنسية) اغتيال ممنهج

وتكشف المعلومات أن الشهيد حسن فرحات عم الشهيد محمد بشاشة، صهر القيادي البارز في حماس الشهيد صالح العاروري، اللذان اغتالتهما إسرائيل في الضاحية الجنوبية مطلع يناير/كانون الثاني 2024، كما أن الشهيد فرحات هو شقيق الشهيدة هيام فرحات زيدان وخال ابنها الشهيد الطفل عمر زيدان اللذين استهدفتهما غارة جوية في بلدة الوردانية بجبل لبنان في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وجاءت الغارة الإسرائيلية على صيدا في سياق تصعيد سياسي وأمني متسارع تشهده الساحة اللبنانية. فعلى المستوى السياسي، تتزامن العملية مع زيارة نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس إلى بيروت مساء اليوم الجمعة، حاملة في جعبتها مقترحات، يقول خبراء إنها ترتبط بنزع سلاح حزب الله، في وقت يتمسك فيه لبنان الرسمي بالقرار 1701 ويؤكد التزامه الكامل به، مقابل خروقات إسرائيلية متواصلة.

أما على المستوى الأمني، فقد نفذت إسرائيل خلال الأيام الماضية غارتين على الضاحية الجنوبية لبيروت، الأولى بزعم استهداف مستودع للطائرات المُسيَّرة عقب إطلاق صواريخ من الجنوب اللبناني، والثانية فجر الثلاثاء الماضي، حين استهدفت قياديا في حزب الله يدعى حسن علي بدير، وأدى ذلك لاستشهاد 3 أشخاص وإصابة 7 آخرين بجروح متفاوتة.

إعلان

وهكذا، يتضح أن إسرائيل تمضي في سياسة الاغتيالات والتصعيد المنهجي متجاوزة الخطوط الحمراء ومجازفة بدفع لبنان لمواجهة مفتوحة، في وقت يسود فيه الترقب الحذر داخليا، وتتكثف المساعي الدبلوماسية لوقف الخروقات الإسرائيلية المستمرة.

الأمر الواقع

يقول المحلل السياسي إبراهيم حيدر إن ما يجري يعكس مرحلة جديدة تنذر باحتمالات خطيرة ستترك تداعياتها على اتفاق وقف إطلاق النار، سواء في لبنان أو غزة، حيث استأنف الاحتلال حربه كاشفا عن خطته لتهجير سكان القطاع وتدمير ما تبقى من مظاهر الحياة فيه.

ويضيف حيدر للجزيرة نت أن الاعتداءات الإسرائيلية يوم 28 مارس/آذار التي طالت الضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق شمال خط الليطاني، ثم اغتيال القيادي في حزب الله حسن بدير بالأول من أبريل/نيسان بقلب الضاحية، تلتها عملية صيدا، مما يؤكد أن إسرائيل تجاوزت خطوط وقف إطلاق النار، خاصة أنها قصفت الضاحية للمرة الأولى منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مما شكّل تحولا نوعيا في مسار التصعيد.

وتسعى إسرائيل -وفق حيدر- لفرض أمر واقع جديد عبر تعديل اتفاق وقف إطلاق النار من خلال وضع شروط جديدة تستند إلى تفسيراتها الخاصة، مستفيدة من ضمانات أميركية غير معلنة، تتيح لها حرية التحرك لضرب أهداف تزعم أنها تهدد أمنها.

إسرائيل تريد تثبت وجودها ومخططاتها في لبنان عبر سياسة الاغتيالات (صور الجيش الإسرائيلي)

كما أن الضربات الإسرائيلية المتواصلة وما رافقها من خروقات تعكس وجود خطة تحظى بتغطية من الإدارة الأميركية، هدفها زيادة الضغط على لبنان ونزع سلاح حزب الله عبر تثبيت احتلال النقاط الخمس في الجنوب، وإبقاء المنطقة الحدودية غير قابلة للحياة، ومنع أي إعادة إعمار قبل فرض شروطها التي تتضمن التوصل لاتفاق شامل يتيح لإسرائيل مواصلة تحكمها وإطلاق يدها بلبنان والمنطقة.

إعلان

ويتابع حيدر أن هذه "الاندفاعة" الإسرائيلية لا تستهدف حزب الله وحماس فحسب، بل مرشحة لمزيد من التصعيد، ولها امتدادات إقليمية واضحة، خصوصا في سوريا، إذ تعمل إسرائيل على احتلال مواقع إستراتيجية بالجنوب السوري قرب أبواب دمشق، وربطها بجبل الشيخ وصولا للحدود اللبنانية.

ويرى أن تصريحات نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط التي اعتبرت فيها أن الحكومة اللبنانية "مسؤولة عن نزع سلاح حزب الله" تعكس المسار الذي تسعى إليه أميركا اليوم، ويتمثل في الدفع نحو مفاوضات مباشرة بين لبنان وإسرائيل، تسبقها عملية نزع شامل لسلاح الحزب الذي تعتبره واشنطن تهديدا لاستقرار لبنان والمنطقة.

 

رسائل الاغتيال

من جانبه، يعتقد الباحث والسياسي الفلسطيني محمد أبو ليلى أن "هذه الاغتيالات تعكس مأزقا إستراتيجيا يعيشه الكيان الصهيوني، الذي بات يخشى حتى ظلال المقاومين خارج حدود فلسطين، وتمثل تجاوزا خطيرا لكل الخطوط الحمراء، وتعكس استعداد الاحتلال -بدعم غربي واضح- لخرق سيادة الدول من أجل تنفيذ أجنداته الأمنية".

ويؤكد أبو ليلى للجزيرة نت أنه "بدلا من أن تُضعف هذه السياسات المقاومة، فإنها تزيدها شرعية وقوة وحضورا وثباتا وتماسكا".

ويبعث الاحتلال -وفق أبو ليلى- رسائل بأكثر من اتجاه عبر هذه الاغتيالات، أولها، للمقاومة: بأنه قادر على الوصول إلى أي شخص، بأي وقت ومكان، ويحاول فرض معادلة أمنية جديدة بتعامله مع حركات المقاومة بالمنطقة.

ورسالة أخرى للجبهة الشمالية في لبنان: بأنه مستعد لتوسيع دائرة المواجهة والذهاب إلى أقصى درجات التصعيد، خاصة بعد استهدافه أحد قادة حزب الله بقلب الضاحية الجنوبية قبل أيام، واستمراره بسياسة الاغتيال بحق كل من يرتبط بخيار المقاومة.

ويشدد أبو ليلى على أن المقاومة الفلسطينية لا تضعف باستشهاد قادتها، بل تزداد صلابة وتماسكا، ويرى أن "العدو يظن أن اغتيال الأفراد قد يوقف المشروع المقاوم، لكن التجربة تثبت العكس؛ فكل شهيد يخلّف طاقة جديدة، ودماء القادة لا تذهب سدى، بل تروي طريق التحرير وتعمّق الإصرار على العودة إلى فلسطين".

إعلان

مقالات مشابهة

  • الرئيس اللبناني: “حزب الله” مكون وطني وسحب سلاحه يتم عبر الحوار
  • سلام: الاصلاحات المالية انطلقت ويجب بسط سيادة الدولة
  • وزير الخارجية الإسرائيلي يزور الإمارات
  • عبد الله بن زايد يستقبل وزير الخارجية الإسرائيلي
  • عبدالله بن زايد يبحث مع وزير خارجية إسرائيل الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة
  • والدة مدير الإعلام بأمارة المنطقة الشرقية في ذمّة الله
  • تحليق مكثف للمسيرات الإسرائيلية في أجواء الجنوب اللبناني
  • السوداني يهب بما لا يملك ..يتبرع بالنفط العراقي إلى لبنان لعيون حزب الله اللبناني
  • محادثات صعبة بين أورتاغوس والرؤساء.. الموقف اللبناني: سنبني على الشيء مقتضاه
  • هل تحقق إسرائيل ما تريد عبر سياسة الاغتيالات في لبنان؟