لجريدة عمان:
2024-11-22@08:01:46 GMT

مجلس التعاون الخليجي... تساؤلات مشروعة

تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT

مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي انطلق في مايو ١٩٨١ لدواع أمنية وجيوسياسية بسبب اشتعال الحرب العراقية الإيرانية التي تواصلت منذ عام ١٩٨٠ وحتى عام ١٩٨٨ كان يشكل منظومة خليجية تتعدى الضرورات الأمنية إلى تحقيق أحلام شعوب المنطقة. كانت هناك آمال عريضة وتطلعات شعبية لإيحاد كتلة اقتصادية لدول المنطقة الست على غرار التكتلات الإقليمية في جنوب شرق آسيا «الآسيان» أو حتى الاتحاد الأوروبي وقد اجتهد الآباء المؤسسون في صياغة ميثاق مجلس التعاون لدول الخليج العربية من خلال التدرج من مرحلة التعاون إلى مرحلة التكامل الاقتصادي.

ورغم الآمال الكبيرة لشعوب المنطقة مع انعقاد القمم الخليجية خاصة خلال العقد الأول، ومع الزخم الإعلامي والعاطفي وانطلاق الأغاني والأناشيد الوطنية التي تتغنى بالمصير الواحد والمنطلقات المشتركة كالجغرافيا والتاريخ المشترك وتماثل الأنظمة السياسية والعادات والتقاليد، إلا أن الإنجاز الحقيقي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية كان أقل بكثير من طموح الشعوب بل تحول الطموح في بعض مراحل المجلس إلى إحباط كبير.

نتفهم موقف مجلس التعاون لدول الخليج العربية الحاسم عام ١٩٩٠ خلال الاجتياح العراقي لدولة الكويت، وكان الموقف لا ينطلق من شعور أمني واستراتيجي فقط ولكن الغرب والولايات المتحدة الأمريكية تحركوا خوفا على مصالحهم الحيوية في منطقة الخليج العربي خاصة فيما يخص الطاقة والتي تعد الشريان الأهم للاقتصاد الغربي والعالمي.

وتواصل مسار تراجع مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتتبنى عدد من دول المنطقة مشروعات إستراتيجية تتعدى خطط وأهداف مجلس التعاون الخليجي وهذا شيء يخص السيادة الوطنية لكل دولة، والتساؤل هنا هل أنجز مجلس التعاون لدول الخليج العربية الحد الأدنى من طموحات الشعوب على صعيد السوق الخليجية المشتركة، وعلى صعيد المشروعات الاستراتيجية الكبرى والاستثمار المشترك ووجود البنك المركزي الموحد والعملة الخليجية المشتركة كما هو الحال في أوروبا حيث اليورو الموحد؟. لقد حضرنا كصحفيين عددا من القمم الخليجية وفي عدد من عواصم الدول الأعضاء، ويمكن القول بأن الحالة الوطنية كانت مرتفعة للجميع لإنجاز قرارات حيوية تخدم الدول الست وشعوبها. ومع انقضاء عقد التسعينات من القرن الماضي دخل مجلس التعاون لدول الخليج العربية أجواء الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وإذا كان من الضروري التعليق على فعالية المنظمتين الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي فإن الحرب العدوانية التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وعموم فلسطين منذ الثامن من أكتوبر وحتى الآن تعطي نموذجا لعجز واضح وترهل أداء المنظمتين علاوة على عجز واضح لإيجاد حلول سياسية في ليبيا والسودان والصومال وعدد من القضايا العربية والإسلامية. ونأمل ألا يتحول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى منظمة تقليدية يقتصر دورها على اجتماعات روتينية وقرارات تنضم إلى قرارات سابقة يكون مصيرها الأرشيف. ويمكن القول بأن أرشيف الجامعة العربية يعج بآلاف القرارات منذ انطلاق الجامعة العربية عام ١٩٤٥ كأقدم منظمة إقليمية في العالم وكذلك الأمر ينطبق على منظمة التعاون الإسلامي التي أصبحت منظمة غير فعالة بالشكل الذي ينسجم مع التحديات الكبرى التي تهدد العالم الإسلامي خاصة قضية القدس ومسجدها المبارك الذي يتعرض لانتهاكات متواصلة من القوات الإسرائيلية والمستوطنين.

إن مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعرض لهزة كبيرة كادت أن تعصف به خلال الأزمة الخليجية التي كشفت إشكالات كبيرة وعجز المجلس للأسف عن إيجاد حل على مدى خمس سنوات. كما أن المجلس لم يعد له رؤية سياسية موحدة على صعيد بعض القضايا الجوهرية، خاصة قضية العدوان الإسرائيلي الغاشم ضد الشعب الفلسطيني، وهذه مفارقة كبيرة، كما أن مسألة تطبيع بعض أعضاء دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلق مناخا سياسيا مرتبكا على صعيد الأمن القومي الخليجي ودخول الصهاينة إلى المنطقة، وهذا يعد في نظري من المخاطر الكبيرة على أمن واستقرار المنطقة خلال العقود القادمة. تشير بعض الدراسات الغربية بأن هدف الصهيونية العالمية وقاعدتها في الشرق الأوسط الكيان الإسرائيلي هو الوصول إلى منطقة الخليج والسيطرة على المقدرات من خلال القوة الناعمة وقضايا الاستثمار ومن خلال حركة تطبيع نشطة وتحويل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى مشروع للازدهار الاقتصادي وتصفية القضية الفلسطينية من خلال صفقة القرن والخطط التي تعد جاهزة للانطلاق على ضوء نتائج الحرب في غزة وعلى ضوء نتائج الانتخابات الأمريكية يوم السابع من نوفمبر القادم خاصة إذا فاز ترامب بتلك الانتخابات.

عودة إلى مجلس التعاون لدول الخليج العربية حيث إن هناك تراجعا على كل المستويات، وأصبحت المسارات الفردية والمشروعات الاستراتيجية التي تتخطى أهداف المجلس وطموحات شعوبه هي التي تنطلق من خلال علاقات خارجية.

إن تحقيق الأهداف الاستراتيجية لقيام مجلس التعاون على صعيد انطلاق تجمع اقتصادي قوي كما هو الحال مع الآسيان أو الاتحاد الأوروبي لم يتحقق ويبدو بعيد المنال ولعبت المشروعات الاستراتيجية الخاصة دورا محوريا لتحقيق أهداف وطنية بعيدا عن المشروع الخليجي المشترك لتبقى القمم الخليجية متواصلة وهي لا تتعدى زمنيا ساعتين. كما تتواصل الاجتماعات الوزارية ومع ذلك فإن جزءا كبيرا من طموحات شعوب المنطقة لم تعد تحظي بالمزاج الشعبي الخليجي، وفي تصوري أن أي استبيان موضوعي يطرح على شعوب منطقة الخليج العربية الأعضاء في دول المجلس حول طموحهم ونظرتهم لمجلس التعاون لتحقيق تلك الطموحات فإن نسبة التفاؤل سوف تكون متدنية.

قد يقول البعض إن هناك مشروعات مشتركة والقطار الخليجي وغيرها من الاتفاقات الاقتصادية هذا صحيح وهو الحد الأدنى لكن نحن نتحدث عن كيان خليجي له ميثاق وضعه الآباء المؤسسون عام ١٩٨١ وسط آمال الشعوب لانطلاق كيان خليجي يحقق الأهداف الاستراتيجية ويكون له دور كبير على صعيد المحافظة على مقدرات دول مجلس التعاون الخليجي والأمن والاستقرار وعلى ضرورة وجود جيش خليجي موحد الذي كان للسلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ دور في محاور ورؤية تشكيل ذلك الجيش، والذي أثبتت الوقائع والأحداث التي شهدتها المنطقة بأن الجيش الخليجي كان ضرورة إستراتيجية ووطنية للأمن الجماعي لدول مجلس التعاون الخليجي.

نأمل لمجلس التعاون لدول الخليج العربية أن يقف بشكل موضوعي حول مستقبله ودوره وحتى النظر إلى ميثاق المجلس وتكون هناك شفافية في الطرح هل مستوى العمل الخليجي المشترك الحالي يتناسب والطموحات بل والتحديات المتعددة التي تحيط بأمن المنطقة واستقرارها والمتغيرات التي تفرزها التقنيات الحديثة وتطلعات الأجيال الجديدة. نأمل أن تناقش هذه التساؤلات والتي تناقش حتى على صعيد الاتحاد الأوروبي والذي وصل إلى مرحلة متقدمة من التكامل الاقتصادي والاجتماعي.

عوض بن سعيد باقوير صحفي وكاتب سياسي وعضو مجلس الدولة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مجلس التعاون لدول الخلیج العربیة مجلس التعاون الخلیجی الجامعة العربیة على صعید من خلال

إقرأ أيضاً:

وكيل وزارة الداخلية يترأس اجتماعا أمنيا للاطلاع على استعدادات مؤتمر القمة للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي الـ45

ترأس وكيل وزارة الداخلية الشيخ سالم نواف الأحمد الصباح اليوم الثلاثاء اجتماعا أمنيا في إطار الاستعدادات لمؤتمر القمة للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ال(45) المزمع عقده في الأول من ديسمبر المقبل.

وقالت الإدارة العامة للعلاقات والإعلام الأمني بوزارة (الداخلية) في بيان إن الشيخ سالم النواف اطلع خلال الاجتماع على الاستعدادات النهائية لاستقبال أصحاب الجلالة والسمو ملوك ورؤساء دول الخليج العربية وناقش المهام والواجبات المنوطة بكل وحدة من الوحدات العاملة ودور كل منها في الحماية والتأمين والسيطرة.

وأضافت أن الشيخ سالم النواف وجه بضرورة الاستعداد واليقظة التامة لكل الأجهزة المشاركة في عمليات التأمين والتواصل بين جميع القطاعات المعنية لإظهار مؤتمر قمة مجلس التعاون الخليجي بالشكل الحضاري الذي يعبر عن مكانة الكويت وقدرتها على تنظيم مثل هذه المؤتمرات.

وبينت أنه أعطى بعض التعليمات والتوجيهات استكمالا لما استمع إليه من شرح وعرض لتقارير وخطط تفصيلية مؤكدا ثقته بقدرة الجهات المشاركة في التأمين على أداء المهام المكلفين بها بأكمل وجه.

وأشارت إلى أن الشيخ سالم النواف نقل خلال الاجتماع تحيات رئيس مجلس الوزراء بالإنابة ووزير الدفاع ووزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف الصباح وتقديره لجهودهم المبذولة للاستعداد لمؤتمر القمة الخليجية.

وحضر الاجتماع الوكلاء المساعدين في الوزارة وقادة القيادات وأمار الوحدات في الحرس الوطني والجيش الكويتي.

المصدر كونا الوسوماجتماع أمني مجلس التعاون وزارة الداخلية

مقالات مشابهة

  • “البديوي”: نشيد بالجهود التي تبذلها وزارات الدفاع بدول المجلس لتبادل الخبرات والتجارب
  • اتفاقية تعاون بين هيئة تنمية المجتمع بدبي ومكتب اليونيسف لدول الخليج العربية
  • سيف بن زايد يبحث سبل الارتقاء بمسيرة التعاون الأمني الخليجي
  • جدة.. تفاصيل اجتماع المشغل التربوي للمدارس الخضراء بدول الخليج
  • رئيس مجلس الوزراء بالإنابة: الاجتماع الـ41 لوزراء الداخلية الخليجي يأتي في ظل تطورات إقليمية ودولية غير مسبوقة
  • وزراء الداخلية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية يعقدون اجتماعهم الحادي والأربعين في الدوحة
  • نائب وزير الخارجية يترأس اجتماعا تحضيريا للدورة 45 لمجلس التعاون الخليجي
  • سيف بن زايد يصل إلى الدوحة للمشاركة في اجتماع وزراء داخلية التعاون
  • اليوسف يتوجه إلى قطر للمشاركة في الاجتماع الـ41 لوزراء داخلية مجلس التعاون الخليجي
  • وكيل وزارة الداخلية يترأس اجتماعا أمنيا للاطلاع على استعدادات مؤتمر القمة للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي الـ45