لجريدة عمان:
2025-02-02@06:12:07 GMT

لماذا يكره المتأسلمون الفراعنة؟!

تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT

كلمة «الفراعنة» كلمة تُستخدَم عادةً في الأحاديث والمقالات المتداولة بشكل تعميمي غير دقيق، بل يجافي الحقيقة من حيث دلالته التي اقترنت به في أذهان العوام: فمن حيث المعنى نجد أن الكلمة مستمدة من كلمة Pharo بالإنجليزية، وهي كلمة مشتقة من كلمة «بر-عو» التي كانت تعني في عالم القدماء «الباب العالي» أو «الباب الكبير»؛ وبالتالي فإنها تشير إلى الشخص الحاكم الذي يجلس على كرسي الحكم في البيت أو القصر ذي الباب العالي؛ ومن ثم فإن كلمة «الفراعنة» يصح استخدامها للإشارة إلى الملوك الحكام في مصر القديمة.

وعلى هذا، فإن الكلمة لا تشير إلى شعب مصر القديم الذي يجب أن نطلق عليه اسم «المصريين القدماء» لا «الفراعنة»؛ وبالتالي لا ينبغي إطلاقها بشكل تعميمي بحيث تشمل المصريين القدماء. وحتى حينما ننظر إلى الكلمة من حيث دلالتها على الملوك الذين يحكمون البلاد والعباد، نجد أن الكلمة يُساء استخدامها؛ فقد اقترنت في أذهان العوام، وخاصة في أذهان المتأسلمين في زماننا هذا، بسمات سلبية تتمثل في الظلم والاستبداد والطغيان، وهذا خطأ جوهري عمل على ترسيخه في الأذهان الجماعات الدينية، وهذا ما سوف نحاول إيضاحه فيما يلي:

يتردد دائمًا على ألسنة الأفراد المنتمين إلى الجماعات الإسلامية ذم من يسمونهم الفراعنة حينما يريدون نقد السلطة الحاكمة المستبدة في كل زمان، فيشبهونها بحكم الفراعنة أو الملوك في عصر القدماء، باعتبار أن هذا الحكم هو مثال بارز على القهر والاستبداد. يتردد ذلك على ألسنة الأفراد العاديين مثلما يتردد على ألسنة الإعلاميين والسياسيين المنتمين لهذه الجماعات، فتراهم يرددون عبارات محفوظة عن ظلم الفرعون الحاكم واستبداده، بعضها مستمد من آيات القرآن الحكيم من قبيل: «فاستخف قومه، فأطاعوه»، وقول الفرعون لقومه «لا أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد». والمشكلة هنا أن هؤلاء يريدون تعميم هذا على كل فرعون أو حاكم في عصر القدماء، ناسين أو متناسين أن ذم القرآن ينصرف إلى فرعون بعينه وهو فرعون موسى الذي يعرف الجميع قصته مع موسى، وظلمه واستبداده الذي انتهى بأن جعله الله عبرة بإغراقه مع جنوده في البحر حينما كان يلاحق موسى وقومه للقضاء عليهم. ظُلم هذا الفرعون وقسوته واستبداده لا يسري إذن على كل فرعون، وإغفال ذلك هو أمر ينم عن جهالة؛ لأنه يتجاهل عظمة الحضارة المصرية القديمة التي يعترف بها كل العلماء من مختلف الملل والنحل في نوع من الإعجاب بقيم وأخلاقيات ونُظم هذه الحضارة التي أبدعت آثارًا شاهدة على منجزاتها الحضارية، ليس فقط في مجال العلوم كالفلك والرياضيات والطب، وإنما أيضًا في مجال الفن، فضلًا عن مجال الأخلاق والقيم الروحية. ويكفي أن نذكر في هذا الصدد ما جاء من أقوال مدونة على لسان الفلاح الفصيح الذي كان ينتقد فرعون عصره نقدًا لاذعًا في مواجهته، ومدى احترام هذه الحضارة لقيمة العدالة حتى إنها خصصت لها آلهة هي «ماعت»، ومدى احترامها لقيمة إنماء الحياة، بل إيمانها العميق بالخلود والحساب والعقاب بعد مفارقة الحياة الدنيا إلى الحياة الأخروية. كل هذا يتجاهله المتأسلمون الجدد، رغم أنه أمر قد احتفى به كبار المفكرين في الغرب، بل احتفى به مفكرينا في كتاباتهم، وكأنهم لم يسمعوا عن موسوعة سليم حسن عن هذه الحضارة، ولم يقرأوا كتابات الدكتور وسيم السيسي التي عملت على تبسيط قيمة ما أنجزه هؤلاء القدماء للكافة، بل لم يسمعوا عن الكتاب الشهير لجيمس هنري برستيد عن هذه الحضارة بعنوان «فجر الضمير»، والذي برهن فيه على أن ضمير الإنسانية قد تشكل في مصر منذ خمسة آلاف عام قبل الميلاد. ومن ثم، فلا حجة لهؤلاء فيما يذهبون إليه، وفي تعبيرهم الدائم عن كراهيتهم للفراعنة.

وعلى هذا، فإننا نرى أن موقف المتأسلمين المعادين للحضارة المصرية القديمة واختزالها في صورة «فرعون موسى»، هو موقف لا يمكن أن يكون صادرًا عن جهالة وحسب، وإنما أيضًا عن غرضية مدفوعة بالتوجهات والتصورات الأيديولوجية للجماعات التي ينتمون إليها، وهي توجهات تصيبهم بحالة من العماء التي تجعلهم ينصرفون عن الحقيقة الجلية، ويريدون للناس أن ينصرفوا عنها في الوقت ذلك.

مكمن الخطورة في موقف الجماعات الدينية المتأسلمة هو أنها تروِّج في كل مكان لصورة سلبية مغلوطة عن الفراعنة والمصريين القدماء، وهي صورة يتأثر بها البسطاء من الناس، وتشوش أفكارهم: فالحقيقة أن من لا يؤمن بالوطن لا يؤمن بالهوية ولا بالتاريخ الذي يصنعه البشر. كما أن الحضارة لا يمكن تصور قيامها بمنأى عن منظومة من القيم الروحية والأخلاقية، كما أكد على ذلك فلاسفة التاريخ العظام من أمثال اشبنجلر وتوينبي، مثلما أكدوا في الوقت ذاته على أن افتقار الحضارة الغربية المعاصرة لتلك المنظومة هو ما يشكل تهديدًا وجوديًّا لها وينذر بأفولها.

د. سعيد توفيق أستاذ علم الجمال والفلسفة المعاصرة بجامعة القاهرة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: هذه الحضارة

إقرأ أيضاً:

مراكب الشمس تكشف أسرار الفراعنة.. المتحف المصري الكبير يعرض أبرز اكتشافات القرن العشرين

كتب- محمد أبو بكر:

تواصل وزارة السياحة والآثار، بالتعاون مع الجهات المختصة، استكمال التجهيزات النهائية لـ المتحف المصري الكبير، تمهيدًا للافتتاح الرسمي المرتقب.

وتشمل استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير، تنفيذ عرض تجريبي لمنطقة مراكب الشمس، في إطار الجهود المستمرة لتقديم تجربة ثقافية وأثرية متكاملة للزوار.

ضمن خطط التحضير، شهد المتحف المصري الكبير افتتاحًا تجريبيًا لـ 12 قاعة عرض، فيما لا تزال القاعات الرئيسية، وعلى رأسها قاعة الملك توت عنخ آمون، بانتظار الافتتاح الرسمي خلال الاحتفالية الرئاسية المقررة.

مراكب الشمس: أحد أهم الاكتشافات الأثرية

تعد مراكب الشمس، التي اكتشفها عالم الآثار المصري كمال الملاخ عام 1954، من أبرز الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين، ووجدت هذه المراكب في الجهة الجنوبية للهرم الأكبر، مخبأة داخل حفر مستطيلة يتجاوز طولها 30 مترًا، وكانت تحتوي على قطع مركب خشبي مصنوع من خشب الأرز المستورد من جبل لبنان.

إعادة البناء والترميم

تم العثور على المراكب مفككة إلى 651 قطعة أثرية، موزعة بعناية داخل 13 طبقة، وتم ترميمها وإعادة تجميعها على مدار 25 عامًا، على يد الخبير المصري أحمد يوسف مصطفى، وبلغ طول المركب بعد ترميمه 43.4 مترًا، وعرضه 5.9 مترًا، ليصبح واحدًا من أضخم المراكب الأثرية المكتشفة على الإطلاق.

نقل مراكب الشمس إلى المتحف المصري الكبير

في أغسطس 2021، جرت عملية نقل مراكب الشمس من موقعها بمنطقة الأهرامات إلى المتحف المصري الكبير، باستخدام عربة ذكية مستقدمة من بلجيكا، وتمت العملية بنجاح دون الحاجة إلى تفكيك المركب، حفاظًا على سلامته الأثرية.

استخدام مراكب الشمس في في الطقوس الجنائزية بالعقيدة المصرية القديمة

تعود مراكب الشمس إلى ما يزيد عن 5000 عام، وكانت تستخدم في الطقوس الجنائزية للملوك، إذ اعتقد المصريون القدماء أنها وسيلة لرحلة الملك في الحياة الأخرى.

عدد المراكب وأهميتها

تم اكتشاف سبع حفر تحتوي على مراكب شمسية، خمس منها تتبع هرم الملك خوفو، واثنتان أخريان بالقرب من أهرام الملكات.

رمزيتها الدينية

في المعتقدات المصرية القديمة، كانت مراكب الشمس ترمز إلى رحلة الإله رع عبر السماء، حيث يجوب بها النهار، ثم يعبر البحر السماوي ليلًا، في دورة تعكس مفاهيم الحياة والموت والبعث.

اقرأ أيضًا:

مفتي الجمهورية لـ "مصراوي": الأمن نعمة عظيمة.. وهذه رسالتي للشعب بشأن الشائعات

توقعات طقس الساعات المقبلة.. الأرصاد: برودة والحرارة تنخفض لأقل من 10 درجات

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

وزارة السياحة والآثار المتحف المصري الكبير افتتاح المتحف المصري الكبير مراكب الشمس الملك توت عنخ آمون الأهرامات

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الخبر التالى: معرض القاهرة للكتاب يقترب من المليون الثالث.. ويسجل 497.255 زائرًا باليوم السابع الأخبار المتعلقة افتتاح عالمي مرتقب لـ"مشروع القرن".. أحدث 20 صورة أرضية وجوية للمتحف المصري أخبار صور.. "الأعلى للآثار" يبدأ مشروع ترميم معبد الرامسيوم بالأقصر أخبار رمضان 2025.. مواعيد العمل الرسمية للمتحف القومي للحضارة المصرية أخبار رئيس هيئة المتحف الكبير يكشف موعد الافتتاح الرسمي وتفاصيل الحفل أخبار

إعلان

إعلان

أخبار

مراكب الشمس تكشف أسرار الفراعنة.. المتحف المصري الكبير يعرض أبرز اكتشافات القرن العشرين

أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات

© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى

إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك ليس اغتيالا.. كيف استشهد محمد الضيف و6 من قادة الحركة؟.. حماس تكشف رسمياً.. نتيجة الترم الأول لصفوف النقل بالقاهرة 2025 -رابط الاستعلام 22

القاهرة - مصر

22 13 الرطوبة: 45% الرياح: شمال غرب المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • وزير السياحة: تاريخ مصر والعراق ساهم في تطور الحضارة الإنسانية
  • نائب وزير التربية يفتتح مبادرة طبية مجتمعية بجامعة الحضارة
  • من الفراعنة إلى نجيب محفوظ.. «ميلانا فوكوفيتش» تروي حكاية عشقها لمصر بمعرض الكتاب
  • من الفراعنة إلى نجيب محفوظ.. ميلانا فوكوفيتش تروي حكاية عشقها لمصر بمعرض الكتاب
  • متحف الحضارة يستضيف مؤتمر «سياحة الطعام في مصر» الثلاثاء المقبل
  • مراكب الشمس تكشف أسرار الفراعنة.. المتحف المصري الكبير يعرض أبرز اكتشافات القرن العشرين
  • سفيرنا في كرواتيا يودع منتخب اليد ويؤكده فخره بما قدمه الفراعنة في المونديال
  • سفير مصر في كرواتيا يودع منتخب اليد: فخور بما قدمه الفراعنة في المونديال
  • معرض الكتاب تُفند أكاذيب "الأفرو سنتريك" حول مصر فى ندوة
  • وزير السياحة والآثار يترأس اجتماع مجلس إدارة هيئة متحف الحضارة