تواصل الثورة التقنية والاتصالات تحديها لكثير من مفاهيمنا التقليدية ومنظومات القيم والأخلاق والأعراف المرتبطة بمفاهيم الحرية التي نشأت عليها مختلف الأجيال البشرية قبل انبثاق هذه المنصات والتطبيقات والتي فرضت نفسها واقعا جديدا لا عودة عنه. وليس من قبيل المبالغة أن القادم سيكون أكثر تعقيدا وغموضا في التعامل معه بأدواتنا الإنسانية الحالية لاسيما مع دخول حقبة الذكاء الاصطناعي لتشكل هي الأخرى انعطافة بشرية هائلة نحو تسليم التفاصيل الإنسانية إلى الآلة.

ورغم ذلك يلاحقنا السؤال، إلى أين تأخذنا هذه التحولات الغرائبية في المسير البشري نحو المستقبل وماذا تفعل بنا هذه التطبيقات وكيف تشكل (وتضيع) وقتنا ووعينا وعلاقاتنا مع الذات والآخر سلبا وإيجابا. لقد كتب الكثير حول هذا الوضع ولم يكن مفاجئا أن يوجه الروائي البرازيلي الشهير امبرتو ايكو نقدا قاسيا لهذه الحالة (1932 – 2016) معتبرا أن «أدوات مثل تويتر وفيسبوك تمنح حق الكلام لفيالقٍ من الحمقى، ممّن كانوا يتكلمون في البارات فقط بعد تناول كأس من النبيذ، دون أن يتسبّبوا بأي ضرر للمجتمع، وكان يتم إسكاتهم فوراً، أما الآن فلهم الحق بالكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل. إنه غزو البُلهاء».

على ذات الخط ، يرى الفيلسوف والأكاديمي الكندي «الان دونو» في كتابه «نظام التفاهة» (The Banality System) وفقا لترجمة الدكتورة مشاعل عبد العزيز الهاجري أن الأمر «قد تطور حتى صار يكتسح جميع المجالات، وصارت التفاهة نظاما يحتفى به، واستطاع التافهون أن يبنوا عالما جديدا يقتل الإبداع والتميز، ويشرع التفاهة والتخلف».

وفي العبور نحو فضاءات الحرية والتعبير عن الرأي في تلك المنصات يدوي السؤال حول الحدود التي يمكن أن ننطلق منها أو نقف عندها. الشاهد في راهن الوضع العام أن هناك جانبا مشرقا وواسعا بإمكانية الاستفادة الهائلة من محتوى هذه المنصات والتطبيقات رغم الجدل المستمر حول محتواها. بيد أن تلك المنصات أصبحت سلاحا كذلك لدى البعض ومعول هدم لآخرين ومنطلقا خطيرا لبث الكراهية والعنف والتحريض والتشهير وضرب استقرار الأوطان.

والمتابع للقضايا العالمية لربما يلاحظ الاستغلال البشع لهذه الوسائل في إرهاب الآخرين من جانب كافة الأطياف الأيديولوجية وراياتها البغيضة سواء من التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط أو حركات اليمين المتطرف وخطاباتهم العنصرية ضد الآخر المختلف في الغرب أو ما يحدث من تطرف سياسي عنصري ضد الأقليات في بعض الدول الآسيوية وغيرها، وتشترك جميعها في أن خطاباتها التي تنضح حقدا وكراهية واستخفافا بالقيم والحياة الإنسانية وكرامتها، نجدها تستغل ذات المنصات في توسعة جبهات أنشطتها ومد نفوذها وإيصال خطاباتها العنيفة وبكل السبل للمغرر بهم.

وحينما يصل الانحدار الفكري والعقائدي لهذا الدرك من الخطورة بحجة حرية التعبير والرأي، فلا يمكن أن نتوقع من الدولة المسؤولة أن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا المد من الفكر العنيف الذي يضرب استقرار الأوطان ويهدم مكونات السلم الأهلي ويعبث بقدسية الأمن والأمان والذي من دونهما لا يمكن أن تستقيم دولة أو أن يكون لها وجود حقيقي على مؤشرات التنمية والعمران والتمدن والحضارة، ولا غرو أن نجد نحو تسع دول عربية قد تصدرت مؤشر الدول الفاشلة لعام 2024 (https://fragilestatesindex.org/) من بين 179 دولة، بعد أن نجحت خطابات الكراهية والفرقة والمذهبية والتناحر والعنف في مختلف منابرها الإعلامية التقليدية والإلكترونية في تفتيت وضرب استقرارها ونسف سنوات البناء والتنمية وتضحيات الشعوب التي استغرقت عقودا من الزمن جراء شيوع ثقافة المحاصصة الطائفية والمناطقية والإقصائية والوقوع فريسة سهلة لمخططات التفتيت وسماسرة الحروب ووكلاء الخراب.

وفي الغرب نفسه بكل مؤسساته الديموقراطية والبرلمانية وما يتشدق به صباح مساء حول الحريات، نلاحظ أن دولة بعراقة المملكة المتحدة لم تتردد في اتخاذ إجراءات استثنائية مباشرة لاحتواء تحركات وخطابات اليمين المتطرف في بريطانيا لإثارة الشارع البريطاني ضد المسلمين بعد مقتل طفلتين، والترويج بأن القاتل كان مسلما، بل والشروع الفوري في عقد محاكمات مباشرة (لا تتجاوز أربعة وعشرين ساعة) وصدور أحكام قاسية ضد من تسول له نفسه الخروج عن القانون بحجج حرية التعبير والرأي حينما يؤدي هذا المسلك إلى إزهاق الأرواح وإتلاف الممتلكات وتخريبها. وطالبت بعض الأصوات مثل الكاتب البريطاني جوناثان فريدلاند في صحيفة الجارديان بتاريخ 9 أغسطس 2024 بأن تسعى الحكومة البريطانية لمقاضاة «إيلون ماسك» نفسه الذي يراه الكاتب طرفا في التحريض على ضرب الاستقرار في البلاد حيث أخذ يروج أن «الحرب الأهلية قادمة إلى بريطانيا لا محالة» في منصة أكس.

تعكس مثل هذه المنصات ومالكيها والكثير من الجهات المغرضة والأفراد المغرر بهم، وجود إمكانيات كبيرة لضرب استقرار المجتمعات ومن أماكن بعيدة وهو أمر يفرض تحديات أمنية لا يمكن تجاهلها وبالتالي تقتضي المسؤولية أن تكون الأوطان محصنة قدر المستطاع من هذا المد المعقد، والعمل على تنظيم قطاع وسائل التواصل الاجتماعي خاصة ما يتعلق بالخطابات الداعية إلى الفتنة وضرب الاستقرار، وتعزيز الاستفادة الإيجابية منه وإثراء المحتوى المحلي بما يعكس حضارية هذا البلد وثراءه وتراثه وإبداعات شبابه وتقديم قدوات جديرة بالظهور والتقدير والدعم.

يحيى العوفي كاتب ومترجم عماني

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

نجاة عبد الرحمن تكتب: ترامب وهدم الجيش الأمريكي

في خطوة مفاجئة، أقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال تشارلز كيو براون، يوم الجمعة الماضي، و أعلن ترشيح اللفتنانت جنرال المتقاعد دان كاين خلفًا له.

 تأتي هذه الإقالة ضمن سلسلة تغييرات في القيادة العسكرية الأمريكية، حيث شملت أيضًا إقالة رؤساء القوات البحرية والجوية، و أشار وزير الدفاع، بيت هيجسيث، إلى أن هذه التعديلات تهدف إلى إعادة تشكيل القيادة العسكرية بما يتماشى مع سياسات الإدارة الحالية، خاصة فيما يتعلق بمبادرات التنوع والشمول داخل الجيش.

أثارت هذه الخطوات تساؤلات حول تأثيرها على معنويات الجيش واستقلالية القيادة العسكرية، و هذه الخطوة تبدو جزءًا من سياسة ترامب لإعادة هيكلة الجيش الأمريكي وفق توجهاته، و من الواضح أنه يريد تعزيز سيطرته على المؤسسة العسكرية، خاصة مع انتقاده المتكرر لسياسات التنوع والشمول داخل الجيش.


إقالة رئيس هيئة الأركان المشتركة، خاصة في هذا التوقيت، قد تؤثر على استقرار القيادة العسكرية وتثير تساؤلات حول مدى استقلالية الجيش عن السياسة. كما أنها قد تؤثر على العلاقات ب الحلفاء، خصوصًا أن براون كان شخصية مؤثرة في تطوير استراتيجيات الدفاع، و إذا استمر ترامب في هذا النهج، فقد نشهد مزيدًا من التغييرات الجذرية داخل الجيش، مما قد يثير جدلاً واسعًا في الداخل الأمريكي حتى على المستوى الدُّوَليّ.

تحليلي للموقف يعتمد على عدة عوامل:

* لماذا أقال ترامب رئيس هيئة الأركان؟

ترامب معروف برغبته في إحكام السيطرة على المؤسسات الكبرى، والجيش ليس استثناءً. من خلال إقالة الجنرال تشارلز كيو براون واستبداله بشخصية قريبة من رؤيته، يحاول ترامب تشكيل قيادة عسكرية تتماشى مع أجندته، خاصة فيما يتعلق بإعادة هيكلة الجيش وإلغاء بعض سياسات التنوع والشمول التي انتشرت في عهد الإدارات السابقة.

* تأثير هذه الإقالة على الجيش

هذه الخطوة قد تخلق حالة من عدم الاستقرار داخل القيادة العسكرية، حيث إن تغيير القادة في فترة قصيرة يمكن أن يضعف انسجام المؤسسة العسكرية. و الجيش الأمريكي يعتمد على تسلسل قيادي واضح، وأي اضطراب في هذا التسلسل قد يؤثر على الفعالية العملياتية.

* الأبعاد السياسية والدولية

ترامب يميل إلى اتخاذ قرارات حادة دون خوف من الانتقادات، لكنه قد يواجه معارضة داخل البنتاجون حتى من حلفاء أمريكا الذين يعتمدون على استقرار القيادة العسكرية الأمريكية. ثم أن أي تغيير في السياسة الدفاعية قد يؤثر على استراتيجيات التحالفات، مثل الناتو، ويثير تساؤلات حول مستقبل الالتزامات الأمريكية تجاه الأزمات العالمية.


من وجهة نظر ترامب: هذه الخطوة ضرورية لضمان أن الجيش ينفذ سياساته دون مقاومة داخلية.

من وجهة نظر المؤسسة العسكرية: قد تُعتبر هذه الإقالة تدخلاً سياسيًا مفرطًا في الجيش، مما قد يضر باستقلاليته.


إقالة رئيس هيئة الأركان خطوة قوية تعكس نهج ترامب في إعادة تشكيل الدولة العميقة وفق رؤيته. لكن السؤال الأهم: هل يتوقف عند هذه الخطوة، أم أننا سنشهد مزيدًا من التغييرات التي قد تعيد تشكيل الجيش الأمريكي بالكامل؟ هذا ما سنراه في الأيام القادمة.

وهل ستشمل تلك التغيرات المؤسسات الأمنية أيضا؟ إذا واصل ترامب هذا النهج، فقد نشهد صدامًا بينه وبين البنتاجون، وربما نجد مقاومة داخلية من بعض القيادات العسكرية.


أتوقع أن يكون رد فعل الجيش مزيجًا من الامتعاض الحذر والامتثال الرسمي، القيادات العسكرية لا تحب التغييرات المفاجئة، خاصة عندما تكون مدفوعة بأسباب سياسية، و إقالة رئيس هيئة الأركان دون مبرر واضح قد تخلق توترًا داخل الجيش، خاصة بين القادة الذين يرون أن الاستقرار القيادي أمر حيوي.

و لكن لن يكون هناك تمرد علني، بل تذمر داخلي ومحاولات لاحتواء الضرر، و القادة الذين لا يتفقون مع توجه ترامب قد يختارون الاستقالة بهدوء بدلًا من المواجهة.


و من المحتمل أن نشهد تغييرات في الاستراتيجية الدفاعية، مثل التركيز على القضايا التي تهم ترامب، مثل الحد من التدخلات الخارجية وإعادة ترتيب أولويات الجيش و بعض الحلفاء قد يشعرون بالقلق، خاصة إذا تغيرت سياسة الدفاع الأمريكية تجاه الناتو أو مناطق النزاع مثل أوكرانيا.


السيناريو الأسوأ:

إذا استمر ترامب في إقالة المزيد من القادة العسكريين، فقد يؤدي ذلك إلى أزمة ثقة داخل الجيش، وربما محاولات غير مباشرة لمعارضة قراراته عبر البيروقراطية العسكرية.

السؤال الأهم الآن: هل يتوقف ترامب عند هذا الحد، أم أن هذا مجرد بداية لعملية تطهير أوسع داخل الجيش؟


أعتقد أن هذه الخطوة هي بداية لعملية تطهير أوسع داخل الجيش، وليست مجرد تغيير فردي. ترامب معروف بعدم ثقته بالمؤسسات التقليدية، ولا سيما الجيش، الذي كان بينه وبينه توتر منذ رئاسته الأولى. إقالة رئيس هيئة الأركان ليست مجرد قرار إداري، بل دليل على أنه يريد قيادة عسكرية أكثر ولاءً له وأقل مقاومة لسياساته، و إذا لم يواجه مقاومة كبيرة، قد يواصل ترامب استبدال المزيد من القادة العسكريين بكوادر أكثر توافقًا مع رؤيته، و قد يؤثر ذلك على سياسات الدفاع الأمريكية، خاصة في ملفات مثل أوكرانيا والصين والشرق الأوسط.


رد فعل الجيش

الجيش سيلتزم رسميًا، لكن داخل الكواليس، قد نشهد استقالات صامتة كما ذكرت أو محاولات لعرقلة سياساته من داخل البيروقراطية العسكرية، و بعض القادة المتقاعدين قد يخرجون للإعلام وينتقدون هذه القرارات، مما قد يؤدي إلى جدل داخلي كبير.


تأثير على السياسة الخارجية:

الحلفاء سيشعرون بعدم الاستقرار، خاصة إذا أدت هذه التغييرات إلى تراجع التزامات أمريكا تجاه الناتو أو دعم أوكرانيا، و الدول المنافسة، مثل الصين وروسيا، قد ترى في تلك فرصة لاختبار مدى قوة القيادة العسكرية الأمريكية الجديدة.

ما يفعله ترامب ليس مجرد تغيير إداري، بل إعادة تشكيل الجيش ليكون أكثر ولاءً له. السؤال الآن: هل يتمكن الجيش من الحفاظ على استقلاليته، أم أننا سنرى مؤسسة عسكرية أكثر خضوعًا للقرارات السياسية؟ هذا ما ستكشفه الأسابيع القادمة.

و إقالة رئيس هيئة الأركان وتغيير قيادات الجيش الأمريكي قد يكون لها تأثير غير مباشر على القضية الفلسطينية، لكن كل شيء يعتمد على كيفية إعادة تشكيل السياسة الدفاعية والخارجية في عهد ترامب. دعنا عزيزي القاريء ننظر إلى السيناريوهات المحتملة:

* موقف ترامب من القضية الفلسطينية

ترامب كان دائمًا منحازًا لإسرائيل، وأثبت ذلك بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان.

إذا استمر في هذا النهج، فإن أي تغييرات في الجيش قد تعني مزيدًا من الدعم غير المشروط لإسرائيل، سواء سياسيًا أو عسكريًا.


* تأثير الإقالة على الدعم العسكري لإسرائيل

إقالة رئيس هيئة الأركان قد تؤدي إلى تعيين قادة عسكريين أكثر توافقًا مع رؤية ترامب، ما قد يعني زيادة المساعدات العسكرية لإسرائيل وتعزيز التعاون الدفاعي معها، و إذا استمر التصعيد في غزة أو الضفة الغربية، قد يكون هناك دعم أمريكي أكبر للعمليات الإسرائيلية، سواء عبر تسليح الجيش الإسرائيلي أو تقديم غطاء سياسي دُوَليّ.


* تأثير ذلك على الفلسطينيين

يمكن أن يزداد الضغط على الفلسطينيين، خاصة إذا شجعت واشنطن إسرائيل على توسيع المستوطنات أو فرض حلول أحادية الجانب، و حركات المقاومة قد تواجه مزيدًا من الضغوط، سواء عبر تضييق الخناق عليها دوليًا أو عبر دعم إسرائيل في أي مواجهة عسكرية قادمة، و أي مفاوضات سياسية مستقبلية ستكون أكثر تعقيدًا، لأن الإدارة الأمريكية قد ترفض أي تنازلات لمصلحة الفلسطينيين.


* الموقف العربي والدولي

بعض الدول العربية، التي كانت تحاول تحقيق توازن بين علاقتها بواشنطن ودعمها للقضية الفلسطينية، قد تجد نفسها في موقف صعب، و يمكن أن نشهد انقسامات أكبر داخل العالم العربي، حيث تستمر بعض الدول في التطبيع مع إسرائيل، بينما تقف دول أخرى في صف الفلسطينيين.

القُوَى الدولية، مثل الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا، قد تحاول ملء الفراغ ودعم القضية الفلسطينية لموازنة التأثير الأمريكي.

إذا استمر ترامب في تطهير الجيش وتعيين قادة موالين له، فقد يعني ذلك دعمًا أمريكيًا أكبر لإسرائيل، مما يزيد من الضغوط على الفلسطينيين ويجعل حل القضية أكثر تعقيدًا. السؤال الأهم الآن: هل يمكن للفلسطينيين والعرب إيجاد استراتيجية جديدة لمواجهة هذا السيناريو، أم أن الوضع سيزداد سوءًا؟
أرى أن القضية الفلسطينية قد تتجه نحو مرحلة أصعب في ظل هذه التغييرات، لأن ترامب إذا أعاد تشكيل القيادة العسكرية والسياسية الأمريكية وفق رؤيته، فمن المحتمل أن نشهد دعمًا غير مشروط لإسرائيل، لأن ترامب لا يرى القضية الفلسطينية كأولوية، بل ينظر إليها من زاوية مصلحة إسرائيل، و قد يواصل أو يزيد الدعم العسكري والتكنولوجي لإسرائيل، مما يعطيها مساحة أكبر للتصعيد العسكري دون خشية من أي قيود أمريكية.

و إضعاف أي محاولات للمفاوضات أو التسوية خلال فترته الأولى، أسقط ترامب حل الدولتين عمليًا، وإذا عاد بقوة الآن، فقد ينهي أي فرصة لاستعادته، و إسرائيل قد تستغل هذا الوضع لفرض إجراءات أحادية مثل توسيع المستوطنات أو تصعيد الهجمات في غزة والضفة، و السلطة الفلسطينية ستكون في موقف أضعف، لأنها ستواجه ضغطًا أمريكيًا ودوليًا متزايدًا.

و سيكون هناك مزيد من العزلة الدولية للفلسطينيين، الدول الأوروبية قد تعارض سياسات ترامب، لكنها لن تكون قادرة على موازنة نفوذه، و الصين وروسيا قد تدعمان الفلسطينيين سياسيًا، لكن دون تأثير حقيقي على الأرض، و بعض الدول العربية، خاصة التي طّبعت مع إسرائيل، قد تجد نفسها مجبرة على اتباع الخط الأمريكي بالكامل.

المعادلة ليست محسومة تمامًا، فهناك عوامل قد تمنع إسرائيل من استغلال الموقف بالكامل، إذا تصاعدت المقاومة الفلسطينية، التي قد تفرض معادلة ردع جديدة رغم الدعم الأمريكي لإسرائيل، بجانب رفض بعض الدول العربية الانصياع الكامل لترامب، خاصة إذا تصاعد الغضب الشعبي ضد التطبيع، بجانب تغيرات في الداخل الأمريكي، حيث يواجه ترامب معارضة قوية من الديمقراطيين حتى بعض الجمهوريين بشأن تعامله مع القضايا الدولية.


الخلاصة

الوضع الفلسطيني في خطر إذا استمر ترامب في فرض رؤيته دون مقاومة، لكن يبقى السؤال: هل تستطيع المقاومة الفلسطينية والتحركات الشعبية والدبلوماسية الدولية خلق توازن يمنع إسرائيل من استغلال هذا التغيير بالكامل؟ هذا ما سيحدده الواقع في الأشهر القادمة.

مقالات مشابهة

  • ماكرون في الفضاء الرقمي.. كيف يعيد تشكيل صورته عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟
  • توقيف شخص متورط في النصب والاحتيال باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بالرباط
  • الصائغ يتحدث عن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على اللاعبين
  • بإطلالة رسمية ورسالة للبنانيين.. السيدة الأولى تفتتح حساباتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي (صورة)
  • المحكمة العليا في كندا تنسحب من منصة التواصل الاجتماعي «إكس»
  • دياب لـ سانا: قرار الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات يمثل خطوة إيجابية نحو إعادة بناء الاقتصاد الوطني وتعزيز الاستقرار في سوريا لكون قطاع الطاقة أحد الأعمدة الأساسية التي يمكن أن تسهم في إعادة إعمار سوريا
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: ترامب وهدم الجيش الأمريكي
  • شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تشعل ثورة من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي بتصويرها مقطع مع حبيبها وهما يتبادلان العناق والأحضان واللحظات الرومانسية
  • صراع بين رهف القحطاني ومصممة أزياء.. تهديدات بالشرطة وتبادل اتهامات
  • سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي