الجزيرة:
2025-05-01@05:39:56 GMT

هذا هو السنوار.. لمن لا يعرفه

تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT

هذا هو السنوار.. لمن لا يعرفه

يطرح كثيرون سؤال: مَن هو السنوار، القائد الجديد لحركة حماس؟ بعض السائلين من داعمي الحركة ومؤيدي مشروع المقاومة، وسؤالهم مبعثُه الحرص والرغبة في الاطمئنان على أن اختيارات الحركة تسير في الاتجاه الصحيح الذي يطمئنهم على مستقبل فلسطين وقضيتها، باعتبار أن حركة حماس اليوم واختياراتها لم تعد شأنًا تنظيميًا داخليًا فحسب، بل باتت شأنًا وطنيًا بامتياز، حيث يتجاوز ذلك ليصبح شأنًا عربيًا وإسلاميًا، يجد صداه في عواصم الدول الكبرى حول العالم.

هذا التقدير ليس في معرض الاستعراض الإنشائي لشخص ينتمي لهذا التنظيم منذ شبابه المبكّر، ويفخر بذلك، وينتمي للصف القيادي في الحركة وقريب من مراكز صنع القرار فيها، لكنه مبنيّ على حقائق على الأرض صنعتها الحركة بالدم والنار على مدار عقود منذ نشأتها، واستطلاعات رأي أجرتها مؤسسات عديدة حول العالم، بعضها صديق والآخر معادٍ.

من ناحية أخرى، يأتي تساؤل البعض عن القائد أبي إبراهيم من خصوم وأعداء الحركة؛ بهدف التعرف على التوجهات المستقبلية لحماس، ومحاولة التنبؤ بها. يتساءلون عما إذا كانت الضربات الكبيرة التي وُجِّهت للحركة على مختلف الأصعدة قد نجحت في دفعها لتغيير عقيدتها السياسية، أو توجهاتها الأيديولوجية، خاصة فيما يتعلق بالصراع مع الاحتلال.

ورغم تلك المحاولات، تظل الرؤية التي وضعها القادة الكبار للحركة ثابتة، والمتمثلة في هدف إستراتيجي واضح: تحرير فلسطين كل فلسطين من البحر إلى النهر،، والمقاومةُ المسلحة هي الأداة المركزية لتحقيق ذلك، وعدم الاعتراف بشرعية الكيان على أي شبر من الأرض الفلسطينية.

من يسأل عن الأخ أبي إبراهيم من المحبين والأعداء؛ يهدفون للتعرف أكثر على الشخص الأول ضمن المجموعة القيادية التي فجرت هذه المعركة الملحمية والمواجهة التاريخية في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، لكن في كل الأحوال، فإن الكل معذور في سؤاله باعتبار أن يحيى السنوار غُيِّب خلف قضبان السجون أكثر من عقدين من الزمن، وهي الفترة التي شهدت انطلاقة الحركة وتأسيس مشروعها السياسي الجهادي.

اعتقل السنوار عام 1989 بعد أقل من عامين على انطلاقة حركة حماس، وقضى حوالي 22 عامًا في سجون الاحتلال، ورغم هذا الغياب القسري الطويل فإنه كان، وإخوانه في السجون، جزءًا أصيلًا من صناعة الحدث وتطوير العمل في الحركة في كل محطاتها المفصلية، حيث ترأس الهيئة القيادية التنظيمية في السجون لفترات عديدة، وهي هيئة أساسية في اتخاذ كل القرارات والمحطات المركزية لعمل الحركة في المجالات المختلفة التنظيمية والسياسية والجهادية.

كما أن تساؤل الكثيرين له ما يبرره، نظرًا لأن الأخ أبا إبراهيم من القيادات التنظيمية التي لا تحرص على الظهور الإعلامي، ويميل إلى تحمل مسؤولية الملفات العملية الميدانية، لا سيما الظروف الأمنية المعقدة التي أحاطت به من اليوم الأول لخروجه من السجن.

بالتأكيد، العديد من قيادة الحركة يعرفون السنوار من قرب، سواء من خلال مشاركتهم له في فترة السجن الطويلة، أو في السنوات الأولى التي تلت خروجه من السجن. ولكن ما لمسته شخصيًا من معرفتي به خلال الأعوام الماضية، يؤكد أن هذا القائد استثنائي في كافة الجوانب، سواء على المستوى التنظيمي أو الوطني أو الإسلامي. سيُسجَّل اسمه في التاريخ كواحد من القادة العظام لهذه الأمة، القادة الذين جاؤوا على قَدرٍ ليغيروا مسارات الواقع لصالح انطلاقة جديدة للأمة في فترات كبوتها.

وبناءً على معرفتي بهذا القائد الكبير، يمكنني أن أؤكد ما يلي:

نحن أمام قائد يملك رؤية واضحة وإستراتيجيّة راسخة للمشروع الوطني الفلسطيني، يعرف جيدًا تحديات هذه الرؤية، والأثمان المطلوبة لتنفيذ هذه الإستراتيجية. قائد يملك حرصًا غير مسبوق على المشهد الوطني الجامع، وأن الوحدة الوطنية هي واجب شرعي، وفريضة وطنية، وليست خيارًا قابلًا للأخذ والرد. وفي هذا السياق، يُظهر احترامًا عميقًا وتقديرًا صادقًا لكل من قدم تضحيات على المستوى الوطني، سواء كانوا أفرادًا أم مؤسسات، مع تأكيده على أهمية إشراك كافة المكونات الوطنية بغض النظر عن وزنها الكَمي أو النوعي. الأخ أبو إبراهيم يقدر أهمية المقاومة الشاملة في ظل المعركة المفتوحة مع عدو شرس يمتلك امتدادات كبيرة وراسخة حول العالم، وكثيرًا ما دعا لاجتماعات عاجلة لمتابعة حراكات دولية أو مواقف إعلامية دولية، وطلب وضع الخطط للتفاعل مع هذه الحراكات والمواقف. ومع ذلك، يظلّ أبو إبراهيم مؤمنًا إيمانًا راسخًا بأن المقاومة المسلحة يجب أن تكون العمود الفقري لأي مشروع وطني فلسطيني، باعتبار أن إدارة العمل السياسي والعلاقات الدولية هي في جوهرها إدارة القوة؛ ولذلك بذل جهودًا كبيرة واستثمر مقدرات هائلة في بناء القوة. أبو إبراهيم يمتلك معرفة دقيقة وشاملة بالعدو الصهيوني، إلى مستوى يندر أن يملكه قائد آخر في الحركة. يعرف الأشخاص والأحزاب والمؤسسات، وكيف تفكر، ومواقعها وأهميتها في صناعة القرار، يعرف الكيان بشكل يتحدى حتى الخبراء والمختصين في هذا المجال، رغم احترامه لهم وتقديمهم في مساحات صنع القرار. يمتلك السنوار قدرات استشرافية كبيرة وذهنية حادة في قراءة المشهد بمستوياته ومساحاته المختلفة. وهذا الأمر خبرناه في محطات مختلفة، بل إنه في بعض هذه المحطات قدم رأي إخوانه رغم اختلافه معهم على تقدير الموقف، وتبين لاحقًا صحة موقفه وتقديره، وهذا الأمر تجاوز أحيانًا الموضوعات التنظيمية أو الفلسطينية، إلى قضايا إقليمية ودولية. على المستوى الشخصي فإن الأخ أبا إبراهيم يتمتع بثقافة واسعة وصلابة نفسية عالية، فهو قريب من إخوانه يحترم الرأي والرأي الآخر، كريم ونبيل في سلوكه، عميق التدين حريص على أوراده اليومية ولا يقدم عليها أي عمل مهما كان، يدعم كل من يرعى كتاب الله ويوفر له كل سبل النجاح، حتى لو على حساب أنشطة أخرى، باعتبار أن كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- يجب أن يكونا جوهر وأساس بنائنا الفردي النفسي والمجتمعي.

ختامًا، قد يكون الكثيرون، بناءً على انطباعات سابقة، قد تفاجؤوا من اختيار الحركة للسنوار رئيسًا لها خلفًا للقائد الكبير الشهيد إسماعيل هنية، وبدؤوا يخمنون أسباب هذا الاختيار وتأثير ذلك على توجهات الحركة عمومًا، ومعركة طوفان الأقصى على وجه الخصوص، لا سيما أنه وإخوانه في القيادة هم من فجر هذه المعركة الملحمية التاريخية، والمحطة الفاصلة في مسيرة الصراع مع الاحتلال وحلفائه.

وهنا لابد من طمأنة الجميع أولًا أن حركة حماس هي حركة المؤسسات، وأن كل قائد يقود هذه الحركة يضع بصمته القيادية الخاصة، ولكن التوجهات والإستراتيجيات والقرارات هي قرارات شورية جماعية في حالة مؤسساتية رصينة، واختيار الأخ أبي إبراهيم كان بإجماع الهيئة القيادية المجتمعة لاختيار خلف للشهيد القائد أبي العبد هنية، في رسالة اصطفاف جامع خلف المعركة وقيادتها وقرارها، وأن حركة حماس مجتمعة ترى في هذه الجولة خطوة كبيرة على طريق التحرير والعودة، رغم الأثمان الكبيرة والغالية.

كما يجدر بالذكر أنّ الأخ أبا إبراهيم كان طوال أيام المعركة حاضرًا على طاولة قرار الحركة، وبقوة؛ باعتبار وزن الميدان في اعتبارات القرار، وكان دومًا، وكعادته، يتميز بالقدرة المميزة على الاستشراف والقراءة الدقيقة، يمزج بشكل استثنائي بين صلابة القائد في مثل هذه المعارك الكبرى، والمرونة اللازمة لمراعاة الظروف الخاصة والشعبية التي شكّلت سدًا منيعًا لإفشال مخططات التهجير الصهيونية؛ ولذلك كان رأيه وإخوانه في الميدان السبب الأبرز في تسهيل وتيسير كثير من المحطات التي تعثرت فيها المفاوضات مع العدو.

وفي النهاية، نقول إن القائد الجديد لحركة حماس هو استمرار لنفس السلسلة الذهبية التي أسست هذا المشروع وقادته لعقود، وإن كان سيحتفظ ببصمته الخاصة وإضافته النوعية على هذا الطريق نحو الحرية والعودة، ولا سيما في هذه المحطة المفصلية من تاريخ الحركة والقضية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حرکة حماس

إقرأ أيضاً:

«مصر للمعلوماتية» تصمم أول لعبة إلكترونية لمساعدة الأطفال المصابين بفرط الحركة

فرط الحركة وتشتت الانتباه.. أعلنت جامعة مصر للمعلوماتية عن ابتكار أول لعبة إلكترونية مصرية تهدف إلى دعم الأطفال المصابين بفرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، وهي خطوة مهمة في تقديم الحلول الرقمية لمساعدة هذه الفئة. ووفقًا لتقديرات منظمة الصحة العالمية، يعاني حوالي 5 أطفال من كل 100 طفل حول العالم من هذا الاضطراب الذي يتسبب في تحديات نفسية واجتماعية متعددة مثل الاستبعاد الاجتماعي، التمييز، وصعوبات تعليمية.

وأكد الدكتور أشرف ذكي، عميد كلية الفنون الرقمية والتصميم بجامعة مصر للمعلوماتية، أن الألعاب الإلكترونية أصبحت جزءًا أساسيًا من تقدم التكنولوجيا، ويعتمد عليها في تشكيل الثقافة وتعزيز التفاعل الاجتماعي، مضيفًا أن الجامعة تشجع الطلاب على تطوير مشاريع تخرج تعالج قضايا مجتمعية حقيقية، سواء كانت تتعلق بالصحة النفسية أو بجودة الحياة.

من ضمن المشاريع التي حصلت على دعم أكاديمي من الجامعة، لعبة الطالبة سلمى ياسر، التي صممت لعبة تفاعلية تهدف إلى مساعدة المصابين بفرط الحركة. اللعبة تقدم تجربة محاكاة لاضطراب ADHD، مما يسمح للاعبين بالدخول في عالم مليء بالمشتتات والضغوط التي يواجهها المصابون بهذا الاضطراب، وتساعدهم على فهم طبيعة التحديات اليومية وكيفية التكيف معها.

وأشار الدكتور أشرف مهدي، مدير برنامج تصميم الألعاب بالجامعة، إلى أن البرنامج يوفر الدعم الأكاديمي والفني للطلاب في جميع مراحل تطوير الألعاب، من صياغة القصة والتصميم إلى إنشاء الشخصيات والمستويات، حيث يهدف البرنامج إلى إتاحة الفرصة للطلاب للتنافس عالميًا في صناعة الألعاب الإلكترونية، مما يسهم في تسويق الألعاب المصرية على نطاق أوسع.

جامعة مصر للمعلوماتية

وفي تصريحها، أوضحت الطالبة سلمى ياسر أن لعبتها «الفوضى الواعية» تستند إلى بحثها حول اضطراب ADHD، حيث تتيح اللعبة للاعبين خوض تجربة تفاعلية تمثل عالمًا ذهنيًا مليئًا بالمشتتات، حيث يتنقل اللاعبون بين التحديات والأفكار العشوائية، مما يساعدهم على التعرف على كيفية إدارة أعراض هذا الاضطراب.

تم تصميم اللعبة عبر أربع مستويات تمثل تباينًا بين الفوضى الداخلية التي يعاني منها المصابون بـ ADHD، وبين لحظات التركيز والإبداع. تم استخدام ألوان داكنة في بعض المستويات لتجسيد الارتباك والصراع النفسي، في حين تم اعتماد ألوان زاهية لتمثيل لحظات التركيز والتحفيز.

بجانب ذلك، تسعى الجامعة إلى تسجيل الألعاب التي يصممها الطلاب رسميًا لضمان حقوق الملكية الفكرية، مع الترويج لتلك الألعاب بين شركات تطوير الألعاب الإلكترونية لتمويلها وتسويقها تجاريًا في مصر والمنطقة العربية.

من خلال هذا المشروع، تقدم جامعة مصر للمعلوماتية خطوة رائدة في مجال تصميم الألعاب الإلكترونية التي تساهم في تعزيز الوعي الصحي والنفسي، مما يفتح أمام الطلاب فرصًا للتفوق في سوق الألعاب العالمية.

اقرأ أيضاًأمهات مصر: تعميم لعبة الشطرنج بالمدارس خطوة جيدة ويقلل من إدمان الألعاب الإلكترونية

آخرها لعبة الموت.. أخطر الألعاب الإلكترونية على حياة الأطفال والمراهقين (فيديو)

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: " نصف مصر " الذى لا يعرفه المصريون !!{2}
  • «مصر للمعلوماتية» تصمم أول لعبة إلكترونية لمساعدة الأطفال المصابين بفرط الحركة
  • ننتظر تسجيلات السنوار بعد عبد الناصر
  • استراتيجية الحركة الإسلامية .. لتصفية الثورة واغتيال الدولة تحت غطاء الحرب (1-3)!!
  • أحمد علي عبدالله صالح يُعزي في وفاة عبدالله الملصي
  • الفريق مهندس محمد كمال ابوشوك وعبير الأمكنة
  • في عيد ميلادها الـ78.. نجوى إبراهيم أيقونة الإعلام التي صنعت طفولة أجيال (تقرير)
  • تقرير إسرائيلي: السنوار خدعنا وأوهمنا دخوله في هدنة طويلة
  • علامات قد تكون مؤشرا لإصابتك باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه
  • حرب السَّفاهة والسُّفَهاء