ماذا يحدث على الحدود مع سبتة؟ العمليات الأمنية الجارية بهدف صد موجات الهجرة الجماعية إلى هذا الثغر المحتل تعرضت لأضرار كبيرة، إثر بث صور وأشرطة فيديو توثق معاملة قاسية من السلطات في مواجهة أولئك الذين حاولوا العبور.

إلا أن ما هو مثير للقلق في هذه الأزمة، هو التفسيرات التي أعطيت لتلك الصور حول الطريقة المتبعة للسيطرة على حشود المهاجرين، وتأثيرها على التنسيق الذي كان جاريا على الأرض بين قوى الأمن.

صور الأزمة

لكن بداية، لا بد من طرح الأسئلة البسيطة: من التقط تلك الصور؟ وكيف قرر بثها في هذا الوقت بالضبط في غمرة أحداث 15 سبتمبر؟ تشير أدلة إضافية إلى أن تلك الصور التقطت بالفعل في حوادث هجرة سابقة، قد تعود إلى المحاولات التي وقعت في نهاية غشت الفائت.

في تلك الأمكنة، حيث التُقطت الصور، لا يُسمح سوى لعدد محدود من الأفراد بالدخول. عدا القوات المساعدة وأعوان السلطة، فإن الإجراءات تمنع دخول أي شخص آخر. الصور التقطت وفق ما هو مرجح من لدن شخص مألوف في هذا المكان: عون سلطة، أو عنصر بالقوات المساعدة، ولربما استخدمت الصور في سياق عمليات تبادل وتوثيق المعلومات المتعلقة بهذه الهجرة، كما يجري به العمل بين المسؤولين والمرؤوسين بالسلطة المحلية هناك.

تبين الصور مجموعات من هؤلاء المهاجرين، وقد جُمعوا في مكان وسط معبر باب سبتة، وأجلسوا القُرفصاء، وهم شبه عراة، على شاكلة الطريقة التي تدار بها أعمال التمرد في السجون. ليس ذلك فحسب، بل إن الصور تكشف ما يبدو علامات ضرب مبرح تعرض إليها هؤلاء خلال العملية الأمنية. في الصور، مركبات للقوات المساعدة التي تشارك في الحشد الذي شكلته السلطات المغربية في سعيها إلى صد موجات الهجرة الجماعية.

أكدت عمالة المضيق الفنيدق صحة أغلب الصور والأشرطة التي بُثت هذا اليوم، مشددة على أن الأمر يتعلق بأحداث وقعت خلال «أيام خلت»، حيث أوقفت السلطات حشدا من المهاجرين غير النظاميين عندما التقطهم خفر السواحل من البحر. لكنها لم تشر إلى مصدر العلامات بأجساد هؤلاء.

كيف تسربت هذه الصور إذن؟ ستعكف وحدة من الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على تحديد ذلك وفق ما ذكر بلاغ صادر عن النيابة العامة بتطوان. لكن، في غضون ذلك، تثار أسئلة إضافية هذا اليوم، حول ما إن كان نشر هذه الصور قد أضعف التعبئة الأمنية غير المسبوقة التي خُصصت لمنع وصول المهاجرين غير النظاميين إلى الحدود، لكنها فشلت جزئيا في تحقيق ذلك.

إخلاء جزئي للقوات!

تمثل حزمة الصور هذه أزمة للسلطات التي خططت لعملية أمنية نظيفة، وسريعة في هذه الحدود، لكنها سرعان ما عجزت عن إيقاف الحشود التي هبت إلى الفنيدق ليلة 15 سبتمبر، ووصلت إلى السياج الحدودي.

عانت خطط السلطات في 15 سبتمر من بعض النقائص، فإعاقة عبور الآلاف إلى سبتة بفضل التعبئة الأمنية غير الاعتيادية، لا يخفي وجود ثغرات تسللت منها حشود متفرقة من المئات من المرشحين للهجرة، إلى الفنيدق ثم وصولا إلى الحدود، وأفضت في نهاية المطاف إلى الاضطرابات التي حدثت. ستتم مراجعة النتائج وتحليلها في ضوء كل ما وقع. مع ذلك، هناك أشياء تحدث تثير مزيدا من الأسئلة حول الأزمة برمتها.

في معبر باب سبتة، الذي يعتبر مكانا ذا حساسية أمنية شديدة، فإن قوى الأمن تعمل بشكل منفصل، وفق المناطق المحددة لكل قوة. من ثمة، كان مثيرا تتبع حركة الدرك الملكي بالمعبر خلال هذه الأزمة، وهي من اللحظات النادرة التي نشط فيها عناصر هذا الجهاز في هذا المكان.

في غمرة الأزمة، حيث تواصل مجموعات صغيرة، ومعزولة، التدفق على الحدود في محاولة للوصول إلى سبتة، تقرر إخلاء الحواجز الأكثر أهمية في العمليات الأمنية الجارية. على سبيل المثال، أخلت قوات الدرك التقاطع المروري الوحيد على الطريق الرئيسية الرابطة بين الفنيدق وطنجة، والذي يُوجه حركة السير إلى الفنيدق أو بيليونيش، وهما الهدفان الرئيسيان للمهاجرين. في هذا التقاطع، كان يستقر حاجز كبير لا يتزحزح للدرك، مدعوما بقوة صغيرة. وكانت مهمته المساعدة على فرز المرشحين للهجرة القادمين في وسائل النقل العام. بالنسبة إلى هؤلاء، فإن إخلاء هذا التقاطع يشكل هدية ثمينة.

إخلاء نقاط المراقبة والحراسة من تقاطع بيلوينش الفنيدق

كذلك، وبمدخل الفنيدق على الطريق نفسها، قررت السلطات إخلاء حاجز أمني كبير كان لديه الدور نفسه كما لمثيله لدى الدرك. كان هذا الحاجز ضحية لهجوم من المهاجرين الأحد الفائت، لكن لم يجر إخلاؤه سوى هذا الثلاثاء.

تثير عمليات الإخلاء هذه في الظروف الحالية، أسئلة حول طبيعة التنسيق الأمني الموجه للسيطرة على هذه الأزمة. فمن شأن هذه الإخلاءات -إن لم تكن متصلة بإجراءات حماية- أن تحدث ثغرة إضافية في الجدار الأمني الذي كانت السلطات تنوي تشكيله في مواجهة محاولة الهجرة الجماعية.

إخلاء حاجز أمني مدخل الفنيدق

تجددت هذه الليلة، المواجهات، لكن بشكل محدود، بين القوات العمومية والعشرات من المرشحين للهجرة غير النظامية، على مقربة من معبر باب سبتة.

وهذه هي الليلة الثالثة من هذه الأحداث التي بدأت بدعوات في وسائل التواصل الاجتماعي تحث على بدء هجرة جماعية بالقوة إلى سبتة، ولقد شارك في تنفيذها أفراد يتحدرون من المغرب كما من دول جنوب الصحراء.

وأخفقت مجموعات أقل تعدادا من السابق، ممن لا زالت تمتلك التصميم، على تخطي العقبات التي شكلتها التعبئة الأمنية، في الوصول إلى السياج الحدودي بعد تدخل قوات الأمن. ردا على ذلك، وكما حدث في اليومين السابقين، ألقى الشبان بوابل من الحجارة على هذه القوات، قبل أن تتحول المناوشات إلى مطاردات في الجانب الشمالي من بلدة الفنيدق.

وبشكل عام، عاد الهدوء إلى منطقة الحدود مع سبتة بشكل متقطع بعد ثلاثة أيام من الاضطرابات جراء محاولة الآلاف من المهاجرين غير النظاميين غالبيتهم يافعون، تنفيذ هجرة جماعية بالقوة.

وبحسب السلطات المحلية، فقد جرى توقيف 4455 مرشح للهجرة، منهم 3795 مغربي راشد و141 قاصر و519 مهاجر أجنبي. في الفترة الممتدة بين 11 و16 شتنبر.

وفق المصدر ذاته، فقد حدثت ست محاولات للهجوم الجماعي قصد الهجرة غير النظامية جرى إفشالها من طرف القوات العمومية والأمنية، ودون أن يتسلل أي واحد للثغر المحتل.

كذلك، جرى توقيف 70 مشتبها فيه بالتحريض على هذه الهجرة، منهم أشخاص يتحدرون من دول جنوب الصحراء والجزائر، وبين هؤلاء سيدة ظهرت تقدم تصريحات لوسائل الإعلام المحلية قرب معبر باب سبتة.

ليس ذلك فقط، بل هناك موعد جديد: 30 سبتمبر. مرة أخرى يتم الدعوة للمشاركة الجماعية فيما يسمونه «الهجوم» على الثغر المحتل.

 

 

كلمات دلالية المغرب حدود سبتة لاجئون هجرة

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: المغرب حدود سبتة لاجئون هجرة معبر باب سبتة فی هذا

إقرأ أيضاً:

دور المرأة في ثورة 1919.. كيف كسرت المصريات الحواجز

لم تكن ثورة 1919 مجرد انتفاضة شعبية ضد الاحتلال البريطاني، بل كانت أيضًا نقطة تحول كبرى في دور المرأة المصرية داخل المجال العام.

 للمرة الأولى، خرجت النساء إلى الشوارع يهتفن ضد الاستعمار، يشاركن في التظاهرات، ويقدن الحراك الوطني جنبًا إلى جنب مع الرجال، كانت تلك اللحظة بمثابة إعلان صريح أن المرأة ليست مجرد عنصر داعم، بل شريك أساسي في معركة التحرر الوطني.

أول مظاهرة نسائية كبرى

في 16 مارس 1919، شهدت مصر أول مظاهرة نسائية كبرى، قادتها سيدات من مختلف الطبقات الاجتماعية، مثل صفية زغلول وهدى شعراوي، اللتين لعبتا دورًا بارزًا في تحريك الوعي الوطني، ارتدت النساء الملابس السوداء حدادًا على الشهداء، وسرن في شوارع القاهرة يهتفن ضد الاحتلال، متحديات بذلك الأعراف المجتمعية التي كانت تحصر دور المرأة في الحياة الخاصة.

لم تقتصر مشاركة النساء على التظاهر فقط، بل امتدت إلى أشكال أخرى من المقاومة، كن يشاركن في نقل الرسائل بين قيادات الثورة مستغلات عدم تفتيش الجنود البريطانيين لهن، كما ساهمن في دعم أسر المعتقلين والمصابين من الثوار، سواء ماليًا أو معنويًا.

 الصحافة النسائية أيضًا لعبت دورًا مهمًا، حيث كتبت العديد من السيدات مقالات تحريضية تدعو للاستقلال وتنتقد القمع البريطاني.

ورغم شجاعة النساء في تلك الفترة، لم يكن الطريق سهلًا. تعرضت بعضهن للاعتقال والضرب أثناء المظاهرات، وحاول الاحتلال قمع تحركاتهن بكل الطرق، حتى داخل المجتمع المصري نفسه، أثارت مشاركة المرأة في الثورة جدلًا واسعًا بين من رأى فيها خروجًا عن التقاليد، ومن أيّدها باعتبارها جزءًا من النضال الوطني، لكن مع استمرار الحراك، فرضت الثورة واقعًا جديدًا جعل فكرة بقاء المرأة في الظل أمرًا غير مقبول.

كان لثورة 1919 أثر عميق امتد لعقود لاحقة، حيث مهدت الطريق لنشاط نسوي أكثر تنظيمًا. في عام 1923، أسست هدى شعراوي “الاتحاد النسائي المصري”، ليكون أول كيان يعبر عن مطالب النساء بشكل رسمي، وشهدت السنوات التالية خطوات مهمة نحو حصول المرأة على حقوقها في التعليم والعمل والمشاركة السياسية

مقالات مشابهة

  • الجمارك التجارية مع سبتة ومليلية "مفتوحة".. لكنها متوقفة عن العمل!
  • انتهت العملية الأمنية.. هل موسكو لها علاقة بـ أحداث الساحل السوري؟
  • انتهت عدتها أمس.. شمس البارودي: حسن يوسف مكانش زوجي ده كان أبويا
  • المسؤول الأمني في الساحل السوري: العمليات التي نفذها فلول النظام المخلوع جاءت بدعم إيراني
  • تعليق جستنية على حديث يايسلة المثير للجدل مع الحكم
  • دور المرأة في ثورة 1919.. كيف كسرت المصريات الحواجز
  • بعد بيانات الوظائف المثيرة للقلق.. متى يبدأ الفدرالي الأميركي في خفض معدلات الفائدة؟
  • هذا ما فعله الجيش عند الحواجز
  • فرنسا .. طرح مشروع قانون مثير للجدل لإلغاء الواجبات الزوجية
  • ضربتني بالقلم | ميار الببلاوي تكشف تفاصيل مشاجرتها المثيرة مع فنانة مشهورة