وكالة الصحافة المستقلة:
2025-04-11@02:37:17 GMT

مسرحية ملحمة كوردستان… عمل فني متميز

تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT

سبتمبر 17, 2024آخر تحديث: سبتمبر 17, 2024

عبدالله جعفر كوفلي

احث اكاديمي

في البداية لست مختصاً بالكتابة عن فن المسرح ولا أستطيع تقيم أي عمل مسرحي بقدر ما اعتبر نفسي من المتابعين والمهتمين، وأتمنى ان يقبل الفنانين المسرحيين هذا التدخل واعتذر منهم ان وقعت في خطأ غير مقصود.

بقدر خوصنا في أعماق تاريخ الامم تبيّن بان الأعمال الفنية بكل أشكالها وأنواعها هي التي تحدد مدى تقدم تلك الأمم ومساهمتها في بناء الحضارات الإنسانية، وإن ما بقي لنا من تاريخ الأمم وآثارها ما هي إلا جزء من أعمالهم الفنية من نحتّ واختراع وتصميم وصناعة وتركيب وإنتاج، هذه الأعمال هي مدخل للدراسات والبحوث العلمية والتحقيقات للحضارات البشرية السابقة من قبل الباحثين والمؤرخين والمختصين.

انطلاقاً من هذه الرؤية، فإن جميع الشعوب تهتم بالفن والثقافة وتعدّها رسالة إنسانية تخاطب من خلالها الشعوب الأخرى وتعبر عن ذاتها وثقافتها وتراثها ودورها الحضاري.

الشعب الكوردستاني هو إحدى شعوب العالم الذي عاش منذ آلاف السنين على أرض، وساهم بشكل كبير في بناء الإنسانية بقدر ما سمح له الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لأن أرضه كان على مر التاريخ ساحة للصراع بين القوى العالمية الكبرى، ولكنّ كلما سنحت له الفرصة أبدع وارتقى إلى مستوى عالي يحسد له الآخرين.

لأيام وأشهر طويلة ونسمع هنا وهناك اخبار بأن نخبة من الفنانين من محافظتنا دهوك الجميلة بتاريخها وتضاريسها ومناخها وطيبة أهلها وسعة صدرها منشغلون بعمل فني مسرحي كبير باسم ( ملحمة كوردستان) فاشتقنا للحضور والمشاهدة، قبل ايام وبالتحديد في ١١/٩/٢٠٢٤ وبمناسبة الذكرى(٦٣) لثورة أيلول العظيمة وبحضور السيد الرئيس ( مسعود البارزاني) بدأ العرض وبعد انتهائه ألقى سيادته كلمةً قيمة عبّر فيها عن سعادته بهذا الإنجاز التاريخيّ الكبير، مما زاد من حبّنا واشتياقنا للحضور ومشاهدة هذه المسرحية التي تعدّ فعلاً عملاً وطنياً وثقافياً مميزاً، وأن الحضور الجماهيري الكبير في قاعة المؤتمرات دليل على أهمية المسرح وحب شعب كوردستان وخاصةً اهلنا في محافظة دهوك له وعطشهم للأعمال الفنية وإيمانهم بأن ما يمكن نقله من رسالة إلى العالم الخارجي بهذه الطريقة يفوق الخيال وإشارة واضحة بإيمان الجمهور بقدرات أبناء مدينتهم ودعم لهم لتقديم المزيد والمزيد، ودائماً هذا ما ينتظر منهم بل وأكثر.

تشرفنا بالحضور في قاعة المؤتمرات يوم الاثنين الموافق ١٦/٩/٢٠٢٤ في الساعة الخامسة عصراً بعد أن امتلأت بالجمهور، لتبدأ العرض المسرحي بموسيقى حماسية وضوء جميل وبكلمة افتتاحية من قبل الشاعر المعروف( برهان زيباري) التي ذهبت بنا الى تاريخ عيد النوروز قبل ٢٧٢٤ سنة وكيف تصدى كاوة الحداد للظلم والإضطهاد مروراً بفترة حكم صلاح الدين الأيوبي وخاني ومولانا خالد النقشبندي ونشوء الفكر القومي والثورات والانتفاضات الكوردية وما تعرض له الشعب الكوردي من قتل وتهجير وتدمير وتقسيم أراضيهم على أيدي القوميات المجاورة بمباركة القوى الكبرى وجمهورية كوردستان في مهاباد وتسليم العلم الكوردستاني للبارزاني الخالد ومسيرته الى الاتحاد السوفييتي السابق وعودته إلى العراق بعد ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨ وتغير الحكم الملكي بالجمهوري، ونكوصهم للعهود بمنح الحقوق والحريات للشعب الكوردستاني والبدء بثورة أيلول في ١١/ايلول/ ١٩٦١ التي انتهت باتفاقية ١١من آذار ١٩٧٠ وبعدها اتفاقية الجزائر المشؤومة والبدء بثورة كولان التقدمية وبعدها الانتفاضة الشعبية وما تلتها من احداث ومواقف إلى ان انتهت باتخاذ قرار الاستفتاء الشعبي في إقليم كوردستان وإجراءه في ٢٥/٩/٢٠١٧ وهجوم الجيش العراقي على الإقليم وتسجيل ملاحم بردى وسحيلا على أيدي قوات البيشمركة الأبطال.

أحداث المسرحية كانت متسلسلة ومترابطة ومتداخلة حيث أبدع كاتبها في سرد الأحداث وأبدى الممثلين دورهم بشكل مميز حيث بدى عليهم المهارة الفنية والجرأة والشجاعة والقدرة على تحمل المسؤولية وعدم اليأس رغم التنقل بين الأدوار المختلفة بحيث كانوا يذهبون بالجمهور الى ذلك الواقع والمشهد وملابسهم كانت ملائمة جداً، أما الموسيقى فقد كانت قادرة على السيطرة على قلوب الجمهور وجعلهم منسجمين ومتفاعلين مع المشاهد واحداً تلو الآخر بالتصفيق الحار، أما المخرج الشاب ومن ساعده كانوا مبدعين جداً في عرض المشاهد واستطاعوا التأثير على الحضور بالحزن والسرور.

مسرحية ( ملحمة كوردستان) استطاعت وبجدارة تحديد اسباب ضعف الشعب الكوردستاني التي تكمن في الانقسام والتجزئة رغم نداءات العلماء والمفكرين والمثقفين وأكدت أنّ القوة في الوحدة، وكانت الإصرار على البقاء والعزيمة سمات واهداف أساسية لها، مشاهد كثيرة كانت مؤثرة جداً بحيث أبكت الجمهور ونزّلت الدموع من العيون وخاصةً عندما كان يتعرض الشعب إلى القتل والاهانة والتمثيل وليس لهم مدافع او مناصر بل كانت تستحل دمائهم وأموالهم.

باختصار كانت مسرحية رائعة ومتميزة ورسالة صريحة وصادقة إلى الجيل الجديد بأن تاريخنا عريق ومليئ بالإنجازات ولكن الآخرين هم من كتبوها كيفما تقتضيه مصالحهم وساهمت بشكل كبير وإيجابي على تنمية الحس القومي لدى الحاضرين وتمكنت من تحقيق تغيير حقيقي فيهم بشكل أصبحوا يفتخرون بتاريخهم وثقافتهم، اضافة الى ان منجزات اليوم هي حصيلة سنوات من النضال والتضحية وانهار من الدماء والدموع وليست منّة أو صدقة من أحد.

من ناحية أخرى كانت المسرحية رسالة واضحة بأننا نملك قدرات فنية هائلة وخير ما نحتاجه هو مجرد تفكير سليم وتخطيط دقيق وإدارة جيدة وسيأتي الثمار رغم كل الظروف والتحديات، وأن الحضور الجماهيري الكبير الذي كانت نسبة العوائل الحاضرة عالية دليل على مدى عطشنا للحرية ووعينا لأهمية معرفة التاريخ الحقيقي لشعبنا واشارة الى أننا شعب نريد الخير للجميع ومسالم ولكننا لا نستسلم لارادة الآخرين مهما كانت الثمن.

أبارك جميع القائمين بهذا العمل الفني الجميل وأشد على أيديهم وأدعوا لهم بالتوفيق والنجاح واقول لهم لقد كفيتم ووفيتم وما دام لمدينتا من أمثالكم فالأعمال القادمة ستكون أفضل وأبهر باذن الله تعالى.

وصدق من قال ( أعطني قطعة خبز وخشبة مسرح أعطيك شعباً مثقفاً)

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

إقرأ أيضاً:

ملحمة يمنية تهز الطغيان الأمريكي

يحيى الربيعي

في هذه المنطقة المائجة بالتقلبات، حيث تسعى قوى الاستكبار لإعادة صياغة الخرائط وفقًا لأهوائها، يبرز اليمن شامخًا كحصن منيع في وجه المشروع الأمريكي الصهيوني. فبينما تتسارع خطوات التطبيع المخزي، وتتجاهل أنظمة عربية صرخات فلسطين المدوية، يقف اليمن صلبًا، رأس حربة في محور مقاومة يهز أركان الهيمنة.
وتحت لواء “معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس” يعلن السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي عن مهمة إسناد تاريخية، وتحدٍ مدوٍ في زمن قل فيه الناصر. لم يلتفت اليمن إلى التساؤلات المشككة: كيف لبلد مثقل بالجراح يواجه عدوانًا شرسًا وحصارًا خانقًا أن يخوض معركة بهذا الحجم رغم التكلفة الباهظة والجهود المنفردة؟ وأين هو ذلك “التحالف العربي الإسلامي المشترك” في هذا المخاض العسير؟
لكن إرادة الله تأبى إلا أن تنصر الحق، “ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين”، فسقط المخطط الصهيوأمريكي في أول اختبار له. لقد ظنوا أن قصف البنية التحتية للجيش اليمني سيحقق اختراقًا استراتيجيًا حاسمًا، لكنهم وجدوا أنفسهم يعودون إلى الدوامة الفاشلة التي تمنى سلفهم “بايدن” الخلاص منها. أمريكا، منذ أن تورطت في العدوان بالوكالة عبر التحالف السعودي، ثم كررت حماقتها بتحالف أسمته “حارس الازدهار”، فشلت فشلاً ذريعًا في تحييد صنعاء عن نصرة غزة. خيبة أمل مريرة أصابت المشروع الأمريكي الصهيوني، وعرقلت مسيرته نحو شرق أوسط خالٍ من المقاومة.
خلال معركة “طوفان الأقصى” البطولية، برهنت جبهة الإسناد اليمنية قدرتها الفائقة على تحقيق تغييرات استراتيجية عميقة. لقد فرضت حصارًا بحريًا تاريخيًا قلب موازين القوى، وسددت ضربات موجعة للاقتصاد الصهيوني، لتثبت أنها ليست مجرد مساند ضعيف، بل محور حاسم في تثبيت انتصار المقاومة.
على المستوى البحري، تجلى الأثر واضحًا في تراجع اقتصادي قاس. تمكنت القوات المسلحة اليمنية الباسلة من إغلاق ميناء أم الرشراش (إيلات) بالكامل، ما أدى إلى تراجع هائل في الواردات وخسائر تقدر بمليارات الدولارات. وتأثرت موانئ أخرى بارتفاع جنوني في تكاليف النقل، ورفض العديد من السفن الإبحار إليها خوفًا من صواريخ اليمن.
أما الهجمات الصاروخية والجوية على عمق الكيان الصهيوني فقد ولدت ضغوطًا أمنية وعسكرية زعزعت الأمن الداخلي للكيان الصهيوني، وأدت إلى تزايد الشكوك في قدرة الكيان المؤقت على حماية المستوطنين، ما أشعل فتيل الاحتجاجات المتصاعدة. كما تكبد الكيان خسائر فادحة في بنيته التحتية العسكرية والاقتصادية، وتراجعت بورصة “تل أبيب” وقيمة “الشيكل”.
وعلى مستوى التأثيرات العالمية، أجبرت الضغوط اليمنية شركات الشحن العملاقة على التخلي عن التعامل مع موانئ فلسطين المحتلة، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف التأمين وتأثيرات مباشرة على حركة التجارة العالمية، مُحدثًا اضطرابًا في سلاسل الإمداد.
في الجولة الأولى من العدوان على غزة، لم تقتصر التأثيرات على الاقتصاد والأمن الصهيوني فحسب، بل امتدت لتشمل الجوانب الاستراتيجية والسياسية، لتصنع معادلة جديدة للصراع. إرغام العدو على القبول بوقف إطلاق النار في غزة كان نتيجة مباشرة لهذه الضغوط اليمنية، ما عزز مكانة المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة بأكمله.

كسر المعادلة الترامبية المتعجرفة

واليوم، يعود المجرم ترامب لشن جولة جديدة من العدوان على اليمن، مستهدفا ذات المواقع التي قُصفت سابقا، لكنه لا يحصد سوى فشل مدوٍ. غاراته العمياء لم تمسَّ البنية العسكرية اليمنية القوية، وإنما حصدت أرواح الأبرياء ودمرت المنشآت الحيوية. في المقابل، لا تزال صواريخ اليمن الباليستية تدك عمق الكيان، تستهدف منشآته الحيوية وتهدد أمنه المزعوم. قوات اليمن البحرية والصاروخية والمسيرة تخوض معارك شرسة مع الأساطيل الأمريكية المتغطرسة، محولة مياه البحر الأحمر إلى ساحة جحيم تحرق وعود ترامب الزائفة. فبدلاً من أن يحرق ترامب اليمن، بات الوجود الأمريكي في المياه اليمنية وقودًا لنيران متصاعدة تحرق وعوده الكاذبة.
9 اشتباكات مع حاملة الطائرات ترومان، وإسقاط 5 طائرات بدون طيار، واستهداف مطار “بن غوريون” 7مرات، و5 اهداف عسكرية داخل الكيان.
في مشهد يوحي بأن رياح التغيير قد بدأت تهب بقوة في المنطقة العربية، تقف القوات المسلحة اليمنية بثبات وصمود أسطوري لتكتب فصلًا جديدًا في مسار المواجهة مع الولايات المتحدة. القصة تبدأ مع الحملة الأمريكية المكلفة التي استنزفت من ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) ما يقارب مليار دولار خلال الأسابيع الثلاثة الأولى فقط، وسط توقعات بأن تتصاعد التكلفة الإجمالية إلى ما هو أبعد من المليارات. فرغم كل هذا الإنفاق الهائل، يظل العنوان الرئيسي للحملة “نجاح محدود” إن لم يكن “فشل ذريع”.
“ترومان”، حاملة الطائرات العملاقة التي كانت رمزًا للقوة الأمريكية المطلقة، أصبحت في موقف لا تحسد عليه، رغم ترسانتها المتطورة، بل باتت الحاجة ملحة لتعزيزها بغيرها، في اعتراف ضمني بفشل “استعراض القوة” الترامبي الأجوف، الذي يواجه رفضًا متزايدًا في الكونجرس لتمويل “معارك خاسرة”. وقبل أن تباغتها الهجمات اليمنية الدقيقة، اضطرت “ترومان” للهروب بعيدا إلى أقصى شمال البحر الأحمر على بعد مئات الأميال، لتثبت هذه المواجهة أن التكنولوجيا الأمريكية المتطورة لم تعد عصية على صواريخ اليمن ومسيراته المتطورة، في مشهد يكشف حدود الهيمنة الأمريكية أمام تكتيكات الردع اليمنية الذكية.
لم يعد البحر الأحمر بحيرة مباحة للهيمنة الأمريكية، ولا ساحة صراع مفتوحة تستعرض فيها واشنطن عضلاتها، فقد برز اليمن لاعباً دولياً مؤثراً يغير قواعد اللعبة، وأصبح الرهان الأمريكي على كسره مغامرة محكومة بالفشل. فمهما حشدت واشنطن من أساطيل وجيوش، لم تستطع تعديل ميزان الردع، بل وجدت نفسها أمام واقع متآكل القوة، وسفنها الحربية تواجه تهديدات وهجمات متصاعدة.
يكمن الخطأ الاستراتيجي الأمريكي الفادح في تجاهل التحولات العميقة التي تجتاح النظام الدولي. فبينما نجحت واشنطن سابقًا في تفكيك تحالفات خصومها، تواجه اليوم تحالفًا متماسكًا بين قوى صاعدة تسعى جاهدة لإنهاء حقبة الهيمنة الغربية. هذا التكتل يحد بشكل كبير من قدرة أمريكا على إعادة إنتاج نموذجها القديم في المنطقة ويضعف أدواتها التقليدية. وحتى رهانها على تحجيم روسيا باء بالفشل الذريع، حيث تعمقت الشراكات الاقتصادية بين موسكو وبكين، ووجدت أوروبا نفسها في أزمة طاقة واقتصاد…. إلخ.

أبعاد الهيمنة المتزعزعة والمعادلة الجديدة في البحر الأحمر الملتهب

راهنت الإدارة الأمريكية، بقيادة دونالد ترامب، على “القوة الساحقة” لردع اليمنيين وتأمين الملاحة في البحر الأحمر الحيوي. ولكن على الرغم من الضربات الجوية المكثفة التي استهدفت بشكل أساسي المنشآت المدنية الحيوية كمصافي النفط والمطارات ومحطات المياه والمصانع والمعامل ومحالج القطن والمزارع والمباني والأحياء السكنية، فإن المواقع العسكرية اليمنية ظلت عصية على الاكتشاف بواسطة الأقمار الاصطناعية وأحدث طائرات الاستطلاع وأجهزة التنصت والمعلومات الاستخباراتية المتطورة. بل والأكثر من ذلك، عززت هذه الضربات من قدرات اليمن على ابتكار أحدث التقنيات لتنويع الهجوم ومراوغة دفاعات الخصوم وفرض معادلة الردع وقواعد الاشتباك المباشر.
في قلب هذه المعادلة الصعبة، يبرز إنجاز غير مسبوق للقوات المسلحة اليمنية، وهو إسقاط 18 طائرة MQ-9 ريبر الأمريكية المتطورة. لم يسبق لأي دولة في العالم أن تمكنت من تحقيق هذا الرقم القياسي، وهو ما يضع الولايات المتحدة في موقف استراتيجي حرج للغاية. فالطائرة MQ-9، التي تُعد إحدى جواهر التكنولوجيا العسكرية الأمريكية، تمثل ذراعًا أساسيًا في عمليات الاستطلاع وتنفيذ المهام المعقدة. ولكن اليمن، بالاعتماد على الله واستخدام الهندسة العكسية، قد يفتح الباب لاستنساخ هذه التكنولوجيا وتحويلها إلى أدوات تعزز قدراته الدفاعية بشكل كبير.
مع تصاعد التكاليف الباهظة لهذه العمليات، تجد البحرية الأمريكية نفسها في وضع مأزوم. حاملة الطائرات “يو إس إس ترومان”، التي كانت رمزًا للقوة الأمريكية التي لا تُقهر، أصبحت هدفًا غير بعيد عن متناول الهجمات اليمنية، إلى حد التمكن من شلّ ما يقدر بنحو 70% من قدراتها العملياتية، ومؤخرا استقدمت واشنطن طائرات B-2 لقصف المحافظات اليمنية بعد تعذر إقلاع الطائرات من على حاملة الطائرات “ترومان”.
يبرز الفشل الأمريكي الذريع في اليمن كاختبار جديد لمدى قوة الهيمنة الأمريكية المتآكلة. الرسالة القوية التي يبعثها اليمن للعالم هي أن التكنولوجيا وحدها ليست كافية لضمان التفوق العسكري، وأن الإرادة الصلبة والصمود الأسطوري وحسن إدارة وتوجيه الإمكانيات البسيطة هي عوامل استراتيجية فاقت في تأثيرها مختلف استراتيجيات التطور العلمي، بل وأمكنها قلب الموازين، وتحويل تهديدات العدو بتحويل اليمن إلى جحيم، إلى أن يصبح اليمن نفسه محرقة استنزاف لأعتى قوة غازية عرفها التاريخ.
لم تنجح العمليات العسكرية الأمريكية المكثفة في إنهاء الحصار اليمني على السفن الصهيونية في البحر الأحمر، حيث اضطرت ما يقرب من 70% من السفن التجارية إلى تغيير مسارها المكلف. في المقابل، يحافظ اليمن على تصاعد وتيرة عملياته الهجومية النوعية، مهددًا بتوسيع أهدافه لتشمل إعلان اليمن امتلاكها تقنيات عسكرية واعدة سيتم الكشف عنها في الوقت المناسب.

تغييرات جذرية في توازن القوى الإقليمي والدولي

يساهم الصمود الأسطوري والتفوق العسكري الذي حققته اليمن في إحداث تغييرات جذرية في توازن القوى في المنطقة. لم تستطع الإدارة الأمريكية استعادة هيبتها المفقودة كما كان متوقعًا بعد هذه الحملة الفاشلة، بل إن الفشل المتتالي يعكس تحولًا مهمًا في المعادلات الإقليمية والدولية. لقد أصبح اليمن جزءًا لا يتجزأ من معادلة جديدة في المنطقة، تتجاوز مفاهيم الهيمنة القديمة التي كانت تستند بشكل أساسي على القوة القهرية الغاشمة.
تشكل هذه الظروف الاستثنائية فرصة تاريخية لإعادة رسم الخرائط السياسية والاستراتيجية في المنطقة. وبذلك، نحن أمام لحظة فارقة على صعيد العلاقات الدولية، حيث تسعى قوى صاعدة إلى تعزيز دورها ومكانتها، في حين تسعى الولايات المتحدة جاهدة للحفاظ على نفوذها المتآكل، ولكن دون جدوى.
إن صمود اليمن الأسطوري ومواجهته البطولية للقوى الكبرى، وبالأخص الولايات المتحدة، يمثل نموذجًا ملهمًا لكيفية تمكُّن الدول الصغيرة أو المناضلة من تحقيق توازناتها عبر المقاومة الشعبية والصمود الأسطوري والإيمان العميق بالحق. فبينما نعيش في عالم يتغير باستمرار، تظل القوة الحقيقية والرؤية الثاقبة وتحفيز الشعوب المقهورة عوامل حاسمة في تشكيل مستقبل المنطقة والعالم. كما أظهر اليمن للعالم أجمع أن إرادة الشعوب الحرة قادرة على إحداث التغيير الجذري، حتى في وجه أقوى التحديات وأعتى القوى الغاشمة.
في النهاية، قد يكون التحليل الأكثر شمولية للعوامل المحددة في هذا السياق هو ضرورة الاعتراف بالتغيرات العميقة التي تحدث في النظام الدولي، وضرورة استجابة القوى الكبرى لهذا الواقع الجديد. إن احتدام الصراع في البحر الأحمر يعكس تحولات جذرية في طريقة إدراك القوى الكبرى لمصالحها الحيوية، وفقدانها التدريجي لهيمنتها التقليدية التي استمرت لعقود طويلة.

مقالات مشابهة

  • الخارجية: تعاون متميز مع المجر في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات
  • مسرحية إيرانية عنوانها إخفاء الميليشيات
  • اجتماع حاسم بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني لتوزيع المناصب الحكومية
  • وزير الدفاع الأمريكي: إيران هي التي تقرر إن كانت القاذفات B-2 رسالة موجهة لها
  • عمرو وهبي: إدارة الزمالك كانت تتعامل مع طلبات زيزو للتجديد بشكل غير حاسم|فيديو
  • ملحمة يمنية تهز الطغيان الأمريكي
  • وداعة- مسرحية الثوري.. من صفقة الشقة السرية إلى وشاية إسرائيل!
  • ملحمة شعبية في العريش لرفض مخطط تهجير الفلسطينيين.. نواب: غزة أرض عربية وندعم صمود الشعب الشقيق
  • خالد عيش: حشود المصريين في رفح لرفض التهجير ملحمة شعبية
  • إضراب شامل يعم القدس ومختلف مدن الضفة المحتلة تنديداً بحرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني