اليونيسف: أكثر من ثلاثة ملايين طفل معرضون لخطر الإصابة بالكوليرا وأمراض مميتة أخرى في السودان
تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT
اليونيسف: أكثر من ثلاثة ملايين طفل معرضون لخطر الإصابة بالكوليرا وأمراض مميتة أخرى في السودان.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
إقرأ أيضاً:
لقد بلغ السبل الزبى
د. إبراهيم بن سالم السيابي
لقد بلغ السبل الزبى فهذه المرة لم يعد الأمر مجرد مقترحات وتصريحات مثيرة للجدل، لكنها خطوات مؤلمة وصريحة، قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مرأى ومسمع العالم أجمع، والذي يظن بأنه يمكنه أن يعود بالعالم إلى الوراء إلى أيام الاستعمار البغيض للدول وغياب القانون الدولي.
فمع عودته للحكم مرة أخرى، أبدى ترامب رغبته في ضم جزيرة جرينلاند التابعة للدنمارك الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي، وكذلك رغبته في ضم دولة كندا لتصبح الولاية الواحدة والخمسين للولايات المتحدة وإعلانه كذلك رغبته في السيطرة على قناة بنما، ليصبح هذا الممر المائي تحت سيطرة الولايات المتحدة، وها هو يعود ويقوم بالمشاورات ويصدر ما يشبه الأوامر ويبحث عن طريقة لنقل الفلسطينيين من الأراضي الفلسطينية المحتلة من سكان غزة، وكذلك سكان الضفة الغربية، إلى الدول المجاورة مثل الأردن ومصر؛ بل اقترح نقلهم وإقامة دولة فلسطينية على أراضي المملكة العربية السعودية. ويرى هذا الرئيس المغرور بتصرفاته العنجهية أن الاقتراح يعد حلاً عمليًا للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وضمان أمن إسرائيل، وهذا هو ديدن كل الرؤساء من قبله، والذين سيأتون من بعده، لخدمة الكيان الصهيوني. لكن الجديد هذه المرة أنه قال إن الولايات المتحدة ستمتلك قطاع غزة وتحوله -كما يحلم- إلى منتجعات سياحية وأندية قمار وليالي صخب، لتشبه مدينة لاس فيجاس في الولايات المتحدة، بينما تضم إسرائيل الضفة الغربية إلى الأبد.
هذه النوايا القبيحة بلا شك تتنافى مع القانون الدولي بمصادرة الأراضي بالقوة وتهجير سكان هذه الأرض الأصليين، كما أن الذي يحز في النفس أن هذه النوايا المقرونة بخطط التنفيذ أتت ودماء أهل غزة لم تجف بعد، وتضحياتهم للتمسك بأرضهم كانت مضرب المثل لكل العالم، بعد حرب إبادة شنتها إسرائيل طوال 15 شهرًا نُفِّذت فيها شتى أنواع جرائم الحرب من قتل للمدنيين وتدمير القطاع.
وبالعودة إلى القضية الفلسطينية التي خاض فيها الشعب الفلسطيني نضالًا طويلًا وقدم التضحيات الجسيمة من أجل الحفاظ على الهوية والوجود على الأرض التي ارتبطت بها الأجيال الفلسطينية منذ آلاف السنين، يعتبر الفلسطينيون أرضهم، وخاصة الضفة الغربية وقطاع غزة، جزءًا لا يتجزأ من هويتهم الوطنية والتاريخية. ومنذ نكبة 1948، حينما تم تهجيرهم من ديارهم، فإنهم يجددون دومًا تمسكهم بالأرض ويرفضون كل محاولات تهجيرهم مرة أخرى، لقد ضحوا بكل غالٍ ونفيس من أجل الدفاع عن أرضهم، في معارك مستمرة ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي يسعى إلى إبعادهم عنها، هذا النضال الفلسطيني الذي بدأ منذ أكثر من 76 عامًا في مواجهة الاحتلال والتهجير، والذي ظل مستمرا إلى يومنا هذا ولن يتوقف، مع الإصرار على إنهاء الاحتلال وإقامة دولتهم المستقلة.
لقد رفض الفلسطينيون على مر العقود أي حلول تهدف إلى تهجيرهم أو توطينهم في أماكن أخرى، هذا الرفض القوي يأتي من إيمانهم الراسخ بأن أرضهم هي هويتهم، وأن مغادرتها يعني فقدان كل ما يربطهم بماضيهم وحاضرهم وبالتالي أي اقتراح تهجير اعتداءً صارخًا على حقوقهم الإنسانية والوطنية.
وبالعودة إلى نية هذا الرئيس حول نقل الفلسطينيين إلى دول أخرى، فإن هذه النية لا يمكن أن تلقى أي قبول ليس من الفلسطينيين فحسب؛ بل من قادة وشعوب العالم العربي بأكمله الذي يدرك ماذا تعني أرض فلسطين لكل عربي وما لها من مكانة مقدسة في قلب كل عربي ومسلم؛ حيث إن تهجير الفلسطينيين إلى دول أخرى، محاولة لتصفية القضية الفلسطينية وإغلاق الأفق أمام الحلول العادلة، وأن حلم الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على أرضهم هو حلم عادل وشرعي، وهو حلم لا يمكن لأي قوة في العالم أن تقضي عليه.
ورفض الفلسطينيين لمغادرة أرضهم ليس مجرد موقف سياسي، بل هو تعبير عن تمسكهم بحقوقهم التاريخية وإصرارهم على إعادة بناء وطنهم وتحريره من الاحتلال، فالفلسطينيون ليسوا مجرد لاجئين يبحثون عن مكان للعيش؛ بل هم شعب عريق له حقه الكامل في تقرير مصيره وإقامة دولته الحرة والمستقلة.
إن الأفعال والنوايا والتصاريح التي تتحدث عن تهجير الفلسطينيين لا يمكن أن تمر دون رد فعل قوي، ليس فقط من الفلسطينيين، بل من المجتمع الدولي والعربي أيضًا، ويجب على الدول العربية -قادة وشعوبًا- أن تتوحد في مواجهة هذه المحاولات الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية وإغلاق الأفق أمام حل عادل. ودعم الفلسطينيين في نضالهم المشروع والحفاظ على حقوقهم الأساسية، هو واجب ديني وأخلاقي وسياسي، ومن المهم أن تتكاتف الجهود العربية للضغط على القوى التي تسعى إلى فرض حلول جائرة تتناقض مع إرادة الشعب الفلسطيني، وتعزيز مواقف الدول التي تدعم حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة.
كذلك، يقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية الدفاع عن حقوق الإنسان ورفض محاولات التصفية، كما يتوجب على العالم أن يقف في وجه أي محاولات لفرض حل غير عادل على الفلسطينيين، وأن يعمل على تفعيل القرارات الدولية التي تدعم حقوقهم، خاصة تلك التي تنص على حق العودة وتقرير المصير.
ختامًا.. إن الوحدة العربية والدولية في هذا السياق تعد السبيل الوحيد للتصدي لهذه الأفعال والنوايا والتصريحات الخطيرة، ولإعادة التأكيد على أن القضية الفلسطينية هي قضية حقوق إنسان، وليست مجرد صراع سياسي.