تقرير يسلط الضوء على النفوذ المغربي بغرب إفريقيا..أبعاد استراتيجية تتجاوز الحدود التقليدية
تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT
أخبارنا المغربية - بدر هيكل
لا يُعدّ الانتماء المغربي لإفريقيا محض انتماءٍ جغرافي.. إنّ العلاقة بين المغرب ومجاله الإفريقيّ هي تعبيرٌ في الأساس عن انتماءٍ حضاريٍّ عريق، وعلاقاتٍ ثقافيةٍ تاريخيةٍ ممتدة، ودورٍ رياديٍّ في القارة، خصوصاً في منطقة غرب إفريقيا.
ويشكل اندماج المغرب في إفريقيا، رافعة للتنمية المستدامة التي تعود بالنفع على المغرب وعلى شركائه الأفارقة، وهو سياسة انتهجها المغرب في العشرين سنة الأخيرة، سياسة إرادية في التعاون مع باقي البلدان الإفريقية قوامُها المسؤولية المشتركة والتضامن.
وعلى الرغم من هذه الجهود المحمودة والنتائج الإيجابية التي تحققت في أفق الاندماج الإفريقي لبلادنا، فإن المضي في تحقيق أهداف هذا الطموح، يقول "المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي" في تقرير له، يقتضي الانتقال إلى عتبة أعلى تُمكِّن من استثمار الفرص الحقيقية التي يتيحها الاندماج الإقليمي في مجال التنمية الاقتصادية، في تفاعل مع تطلعات الفاعلين وشعوب القارة الإفريقية.
ويرى في هذا الإطار، الدكتور عبد الجبار الرشيدي، الباحث والاكاديمي المغربي، أن جلالة الملك محمد السادس، "أطلق رؤية استراتيجية واعدة للتعاون مع الدول الإفريقية، ترتكز على خمسة أبعاد: البعد المرتبط بتحقيق الأمن والسلم الاستقرار ومحاربة الإرهاب، والبعد المتعلق بسياسة الهجرة واللجوء، والبعد المتعلق بالتعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي، والبعد الروحي والديني، بالإضافة إلى البعد الإنساني والتضامني".
الحضور الديني للمغرب
لعل أبرز ما يقوي النفوذ المغربي في غرب افريقيا، الحضور القوي للبعد الروحي، ففي رصده أبرز العوامل التي ساهمت في التموقع المغربي في غرب إفريقيا أشار التقرير الذي نشرته مجلة International Politics And Society الصادرة عن أحد المراكز الالمانية، إلى النفوذ الديني المغربي المتزايد في هذا المجال الجغرافي الإفريقي، من خلال تدريب الأئمة الأفارقة ونشر الإسلام المعتدل.
وهو ما أكده، أمس الأحد، علماء وأكاديميون، في إطار فعاليات الموسم الديني السنوي لزاوية أسا، اثناء ندوة فكرية تحت عنوان العلاقات الروحية بين المملكة المغربية والغرب الإفريقي - الزاوية التيجانية نموذجا".
حيث أبرز أكاديميون وباحثون مغاربة وأفارقة، العلاقة الروحية الوطيدة والمتجذرة عبر التاريخ بين المغرب ودول غرب إفريقيا. وأشار متدخلون من المغرب والسينغال وبوركينا فاسو وموريتانيا، خلال الندوة الفكرية إلى أن العلاقات الدينية بين المغرب وإفريقيا ضاربة في التاريخ من خلال مساهمة علماء المملكة المغربية في انتشار الإسلام بغرب إفريقيا، مبرزين الدور الذي اضطلعت به الزاوية التيجانية في ترسيخ العلاقات الروحية والدينية بين المغرب ودول غرب إفريقيا.
وفي هذا الإطار صرح الدكتور أحمد الدرداري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة عبد المالك السعدي "أن المغرب يعمل على ترسيخ العقيدة المعتدلة التي تقوم على الوسطية و مبادئها، وبهذا فالمغرب ينبذ كل مظاهر وتجليات التطرف، بما يضمن نشر العقيدة في مظهرها السمح دون الاصطدام مع الآخر. و لهذا فكل العلماء بالمغرب يؤكدون على الانضباط للمذهب المالكي و للعقيدة الأشعرية، و يحفظون ما يسمى التميز الديني المغرب لكي نحافظ على العلاقة مع باقي الشعوب لأن الدين الذي لا يصل الآخر لا يمكن أن يكون دينا مقبولا".
المغرب شريك أمني لافريقيا
سجلت مجلة International Politics And) (Society الصادرة عن مؤسسة “فريديريش إيبرت”، ضمن تقرير لها، أن المغرب يعد فضاء آمنا للاستقرار في المنطقة العربية، كما يؤكد المصدر نفسه على أن المغرب أصبح حاليا "الشريك الأمني الأكثر أهمية في منطقة الساحل التي تعاني من العديد من الأزمات”.
فعلى مستوى استتباب الأمن والسلم في القارة الإفريقية، يرصد مراقبون انخراط المغرب منذ ستينيات القرن الماضي في جهود الأمم المتحدة لإقرار الأمن والسلام في القارة.
وعلى صعيد آخر، يرى الدكتور عبد الجبار الرشيدي، في مقال له، ان استراتيجية المغرب المتعلقة بمحاربة الإرهاب تحظى "بتقدير كبير من المنتظم الدولي، مما جعل منه شريكا أساسيا وموثوقا به على المستوى الدولي، نظرا للنجاعة والفعالية التي تشتغل بها مختلف الاجهزة الأمنية المكلفة بمحاربة الإرهاب".
هذا، وأكد الأستاذ بكلية الحقوق بالرباط، والمعهد العالي للإعلام والاتصال، "خالد الشرقاوي السموني"، في مقال نشرته وكالة الأنباء الرواندية، أنه "يتعين على الفاعلين المعنيين، ومن بينهم المغرب، تطوير رؤية استراتيجية للأمن، ووضع تدابير مؤسساتية وتنظيمية ومالية من أجل تحقيق الأهداف، من خلال الانكباب على التحديات الرئيسية التي يجب مواجهتها من بين المخاطر، والتهديدات المتعددة، التي تعرفها المنطقة".
واعتبر "الشرقاوي" أن "المغرب تمكن من تطوير نموذج حقيقي رائد للتعاون جنوب جنوب، يقوم على روابط متعددة الأبعاد مع البلدان الأفريقية في مختلف المجالات، ولا سيما في المجال الأمني".
المغرب المستثمر الأول في غرب افريقيا
فيما يتعلق بالمجال الاقتصادي، أكدت مجلة “International Politics And Society” أن “المغرب يعول على ميناء الداخلة الأطلسي كنواة اقتصادية إقليمية جديدة يمكن أن تشكل بوابة للعالم على غرب إفريقيا، وهذا من شأنه أن يعزز مطالبات البلد بالسيادة على الصحراء”. ويأتي ذلك في الوقت الذي يعتبر باحثون المغرب أول مستثمر في غرب إفريقيا.
وفي سياق متصل، يشير الدكتور "الرشيدي" إلى أن هذا "مكن.. من فتح أسواق جديدة أمام الصادرات المغربية، ودعم تنافسية الاقتصاد الوطني، وتحسين مناخ الأعمال، والرفع من تدفقات الرأس مال الأجنبي ومن تحسين جاذبية بلادنا للاستثمارات الخارجية، وتعزيز اندماج المغرب في محيطه الاقتصادي القاري والعالمي".
وبحسب بيانات اقتصادية، فإن المغرب هو أول مستثمر بمنطقة غرب إفريقيا، في الوقت الحالي، كما أن المملكة هي ثاني مستثمر في القارة، بشكل عام، بعد جنوب إفريقيا.
حيث جاء في تقرير صادر عن مديرية الدراسات والتوقعات المالية المغربية، فإن حجم استثمارات المغرب في افريقيا، انتقل من 907 مليون درهم إلى 5.4 مليار درهم، وتتمركز هذه الاستثمارات بشكل أساسي، في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، وتمثل 47 في المائة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة المغربية.
وسجل التقرير، أن "تجارة المغرب مع شركائه الأفارقة سجلت تقدما مشجعا خلال العقدين الماضيين، يعكس الجهود التي تبذلها المملكة في تنويع علاقاتها التجارية".
هذا، ويبقى التوجه الدبلوماسي المغربي تجاه إفريقيا تمليه اعتبارات متعددة آنية، فالمغرب (حسب تقدير موقف نشرته مجلة قراءات افريقية) "يعتبر غرب إفريقيا.. خلفية لتحركاته الاستراتيجية، ومثالاً يُحتذى به كنموذج للتعاون "جنوب-جنوب"، خصوصاً أنّ المغرب أصبح منذ وصول الملك محمد السادس ينأى بنفسه عن مشكلات العالم العربي وأزماته.. ويبدو من خلال تتبع السياسة الإفريقية للمملكة المغربية أنّ الأبعاد الاقتصادية والدينية والثقافية والسياسية أصبحت أكثر وضوحاً وقوةّ فيها، بالرغم من التغيرات التي شهدتها البيئة الدولية والداخلية للمغرب.
وهو ما أكده الدكتور الدرداري بقوله "إن اتفاقيات التعاون والشراكات المغربية الافريقية كثيرة، تجعل من المغرب الدولة الأهم بالنسبة للقارة بحوالي 1500 اتفاقية بين المغرب والدول الافريقية، في المجال المالي والتجاري والاقتصادي والخدماتي و الأمني، والمجال الانساني ومشاريع التنمية الاجتماعية".
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: غرب إفریقیا بین المغرب فی القارة المغرب فی من خلال فی غرب
إقرأ أيضاً:
غازي زعيتر: يجب التنبه للمخاطر التي تتعرض لها سوريا من قبل الاحتلال الإسرائيلي
دعا النائب غازي زعيتر إلى "حماية المواطنين اللبنانيين الموجودين في سوريا من جهة، وحماية اللبنانيين الذين يتعرّضون للقصف والاعتداءات في القرى المحاذية للحدود اللبنانية السورية".
وقال خلال لقاء إعلامي في دارته في مدينة بعلبك، خلال استقباله وفود المعزين بإبن شقيقته الذي قتل بعد اختطافه من منزله في سوريا من قبل جماعات مسلحة: "الشهيد المغدور خضر كرم زعيتر كبقية الشهداء الذين سقطوا أيضا في هذه المواجهة، وقد قتل على يد مجموعات مسلحة ارهابية، اختطفوه من بيته، والشهيد خضر لم يتعاط مع أحد، ولم يتدخل بأي أمر، هو يسكن في بيته الذي هو لأهله وأجداده منذ عشرات العقود. وعندما كان مختطفا كانت الوعود بإطلاق سراحه خلال أيام، أثناء الاتصالات التي تمت مع الجهات التي تعتبر نفسها المسؤولة هناك".
وأضاف: "اللقاء مع الإعلاميين، هو لتوضيح بعض النقاط الأساسية بالنسبة للمنطقة، وما يجري فيها، وأولها ان اللبنانيين الذين يعيشون داخل الأراضي والقرى السورية التي تتجاوز الـ20 قرية هم يسكنون هناك بالحد الادنى منذ أكثر من 130 سنة، وهذه العائلات التي تعيش في تلك المنطقة الحدودية الشمالية الشرقية، امتدادا من أكروم إلى القصير، هم عائلة واحدة، عشائر وعائلات ومن مختلف الطوائف، مسلمين سنة وشيعة ومسيحيين، ولم يكن هناك أية مشاكل بينهم. الان تحت عنوان ان هناك تهريب ترتكب الجرائم فضبط التهريب يكون على الحدود، ومن جهتنا نحن سلمنا منذ زمن للجيش اللبناني والقوى العسكرية اللبنانية الرسمية بأن تقوم بواجباتها بالنسبة الى الحدود، ورفعنا الغطاء في حركة أمل وحزب الله عن أي مخل بالأمن أو بموضوع التهريب، ولكن اليوم تحت هذا العنوان يرتكبون المجازر في قرانا داخل سوريا بحرق البيوت والأماكن الدينية والقتل، وما زال هناك 3 أشخاص مختطفين ولا نعرف مصيرهم".
ورأى أن "ما يحصل هو تهجير قسري وإجرام متماد، تحت ذريعة ضبط الحدود. فلتضبط السلطة الجديدة في سوريا الحدود من جهتها، ونحن هنا بدورنا سلمنا الجيش اللبناني مسؤولية ضبط الحدود والدفاع عن المنطقة، بتوجيهات من دولة الرئيس نبيه بري وفخامة الرئيس جوزاف عون، لان ضبط الحدود اللبنانية السورية والحفاظ على الأمن، وحماية الأهالي والعائلات في الأراضي اللبنانية مسؤولية الجيش، وكما تعلمون تعرضت بعض القرى والمناطق اللبنانية للقصف من قبل هذه المجموعات التي تقول بأنها من هيئة تحرير الشام".
وأمل أن "تعود سوريا واحدة موحدة لكل ناسها وأهلها، كما نحلم بلبنان وطنا حرا سيدا مستقلا عربيا".
وأعلن زعيتر "لقد فوضني أهلنا في القرى الحدودية برفع همومنا وهواجسنا وما يجري في المنطقة إلى الرئيس نبيه بري، ليرفع هذا الموضوع لفخامة الرئيس من أجل الحفاظ على اهلنا والدفاع عن القرى والمناطق اللبنانية التي تتعرض للقصف، وللبحث مع السلطات السورية الموجودة هناك".
وتابع: "بالأمس استمعنا إلى كلام فخامته مع وزير خارجية البرتغال، وأخذ موقفا وطنيا وقوميا مشرفا برفضه تهجير الفلسطينيين من فلسطين، وتمنياتنا ان يرفع أيضآ الصوت بعد نيل الحكومة الثقه للتواصل مع السلطة الجديدة في سوريا من اجل بحث هذه المواضيع كلها".
واكد أن "تبرير جرائم المجموعات المسلحة بحجة ضبط الحدود وسقوط الشهداء، فهناك من ابناء عمنا واهلنا آل جعفر ثلاثة شهداء وجرحى ما زالوا في المستشفيات، واوضاع بعضهم خطيرة. ما يجري ليس بسبب ضبط حركات التهريب كما تزعم هذه المجموعات".
وأردف: "كما نحافظ على أرضنا واستقلالنا وسيادة أرضنا في مواجهة العدو الاسرائيلي، ايضا الاراضي اللبنانيه التي تملكها عائلات لبنانية في سوريا منذ عقود نريد المحافظة عليها بأي شكل من الأشكال، وهذه مسؤولية السلطة الجديدة في سوريا، ومسؤولية الدوله اللبنانية بأن تحمي وتحافظ على هؤلاء المواطنين اللبنانيين الذين كانوا يسكنون في سوريا في قراهم وأرضهم التاريخية. وهؤلاء اللبنانيين لم يكونوا طارئين في القرى السورية، بل هم أبناء تلك الارض، ونحن لن نتخلى عن هذه الأرض، لكن نترك الأمر لدولتنا اللبنانية لفخامة الرئيس عون ولدولة الرئيس بري، وللحكومة الجديدة التي نتمنى بعد نيلها الثقة بأن تقوم بالتواصل مع السلطات الجديدة في سوريا من اجل حماية اللبنانيين الموجودين في سوريا من جهة، وحماية المواطنين اللبنانيين الذين يتعرضون للقصف والاعتداءات في القرى المحاذية للحدود اللبنانية السورية من جهه أخرى".
وأكد "نحن سنستمر كأبناء تلك القرى بعلاقاتنا مع أهلنا وعشائرنا العربية داخل سوريا، كما كنا في الماضي تاريخيا، ومسألة الفتنة بين المسلمين وأبناء الدين الواحد مرفوضة من قبلنا كليا، هذه الفتنه يحاول البعض من جنسيات مختلفة من خارج سوريا إثارتها، ولكن لطالما كان أبناء العشائر والعائلات اللبنانية والسورية يعيشون بأخوة وتفاهم مع بعضهم البعض".
وحيا "العشائر العربية والعائلات السورية التي لها مواقف جيدة في رفض الفتنة"، وقال: "أنا شخصيا ولدت في تلك الأرض، وأجدادي وآبائي سكنوا هناك، لذا أعرف هذه العلاقة المتينة الاخوية التي تربط بين العشائر والعائلات السورية وبيننا، ولا نرضى أن تتزعزع تلك العلاقة أو تتبدل أو تتغير مهما كانت الظروف قاسية".
واعتبر أن "ما يجري من قبل المجموعات المسلحة في القرى الحدودية هدفه أبعد من موضوع تهجير العائلات القاطنة في تلك القرى، هناك أهداف ترسم من جهات دولية ومن العدو الاسرائيلي، والبعض للأسف يساهم بتحقيق أهداف العدو".
وتابع: "السيد الشرع في كلمة له قال بانه سيحافظ على العلاقات التاريخية بين اللبنانيين والسوريين، هذا الكلام يجب ان يقرن بأفعال، لأنه حتى الآن لا وضوح في مركزية القرار عند السلطة الجديدة في سوريا".
وختم زعيتر: "نحن نتمنى لسوريا كما نتمنى لبلدنا الاستقرار والازدهار وتحرير الأرض، سيما وان العدو الإسرائيلي وصل إلى القنيطرة، ويتواجد بين درعا والقنيطرة. يجب التنبه إلى المخاطر التي تتعرض لها سوريا من قبل الاحتلال الإسرائيلي الذي يسعى إلى التوسع، ولكن لطالما هناك شعوب عربية وإسلامية مستعدة للتضحية والنضال من أجل العزة والكرامة لن تتوسع اسرائيل، وستبقى فلسطين لأهلها مع إقامة دولتها المستقلة وعاصمتها القدس".