بوابة الوفد:
2024-09-19@07:16:39 GMT

الخيميائى وطاقة الشر (٣)

تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT

أعداء غرباء عنا داخل مجتمعنا، أعداء من دمنا ولحمنا ورحمنا، هؤلاء وهؤلاء يضعونا فى حروب نحن فى غنى عنها، يجبرونا أن ننزل ميادين حروب صنعوها لنا لنبحث عن اسلحة دفاعية تحمينا شرورهم وغدرهم، نفقد فى هذه الحروب الكثير من وقتنا، طاقتنا، اعصابنا، واقسى الحروب كما أشرت سابقا حروب اقرب الناس لنا، قد يكون لهم أسبابهم الخفية وقد تكون بدوافع من أمراض نفسية لا نعلم اسرارها، وكل هذه الحروب تنتهى آجلا أم عاجلا بخسائر للمنتصر والمغلوب معا، ولكن هناك حرب لا تنتهى أبدا إلا بموت الإنسان شخصيا، وهى الحرب الأشد ضراوة لانها نابعة من نفسه وملازمة له كظله، إنها حرب الخوف.


والخوف شعور فطرى لدى الإنسان، لكن له معدله الطبيعى، وإذا زاد عن هذا المعدل تحول إلى مرض يلازم الإنسان، يربك حياته، يشوش رؤيته وتقييمه للأشياء، يجعله يعادى من حوله بلا مبرر، يتخبط فى الحياة شاهرا كل أسلحته المتاحة و المفترضة ليحارب كل من حوله، لاعتقاده أن الجميع أعداءه يريدون له الشر والأذية.
و يتكون هذا الخوف لدى الإنسان منذ طفولته بسبب ظروف تربيته وبيئته، أو أنه داخل اسرته كان يتعرض للتخويف من أشياء مرئية أو مجهولة، أو كان يتعرض لإيذاء بدنى ما ليلتزم الطاعة والهدوء، فينشأ هذا الشخص خائف من الناس ومن لا شىء، فى المدرسة يخاف من الرسوب والفشل، فيلجأ للغش لينجح، يؤذى المتفوقين من زملائه لشعوره بالخوف من تفوقهم عليه، ويتمدد هذا الخوف فى باقى مسار حياته، فى العمل سيخاف أن يسرق زملائه مكانه فيعاديهم ويكيد لهم ويلتزم كل طرق النفاق والتحايل ليتقدم عنهم ولو على حساب من هم أحق منه بخبرتهم وقدراتهم، خوفه سيجعله يرى أن أمنه فى إرهاب الآخرين، سعادته فى أحزان الآخرين، ثراءه فى فقر الآخرين، حتى فى زواجه، سيعتبر زوجته عدوة له وسيحول علاقته بها إلى حرب وعداء متواصل ليس به ود أو تفاهم، وسيرى دوما أن الهجوم عليها أفضل وسيلة لحماية نفسه حتى لو كانت الزوجة لطيفة مسالمة ليس لها فى تلك الحروب التى يصنعها. خوفه من الفقر سيجعله يسرق، يرتشى ويفعل كل الموبقات معتقدا أنه يؤمن حياته من الفقر، خوفه من المرض سيجعله يتناول أدوية لا تخصه معتقدا أنه يحمى نفسه، ليجد نفسه فى النهاية مريضا بالفعل بسبب تناوله أدوية ليست له.
لذا يشدد كل علماء النفس على أن طفولة الإنسان هى التى تصنع له مستقبله، حتى لو أدرك الإنسان بنفسه تلك المؤثرات السلبية التى تعرض لها فى صغره وحاول أن ينقذ نفسه من آثارها فى المستقبل، إلا أنه لا ينجو تماما من تلك الآثار مهما حاول، فالطفولة كالعجين يشكلها الآباء والمجتمع المحيط به، تجف العجينة على ما تشكلت عليه مع الأيام، وأى محاولة للتعديل والتبديل فيها يحطم ويهدم من نفسية الطفل ويؤثر على بناءه السيكولوجى مهما كانت تلك المحاولات تلتزم الدقة والحذر فى العلاج والتعديل، يعترف مؤلف كتاب «الخيمائى» وهو البرازيلى الاصل «باولو كويلو» أن طفولته كانت صعبة جدا حيث نشأ فى أسرة كاثوليكية ملتزمة، محظوراتها أكثر من المسموح به فى عهده، فتمرد تمردا مبكرا على التقاليد المغلقة، لدرجة دفعت بوالديه لوضعه فى مصحة عقلية فى مطلع مرحلة الشباب، وحين أبدى لهم تخليه عن التمرد تم إخراجه وإلزامه بدخول كلية الحقوق، لأن والده أراد ذلك وكأنه يحقق أحلامه فى ولده ليضمن عدم عودته للتمرد، فدراسة القانون التزام وسير على خط محدد لا خروج عنه، خاصة وأن باولو أعرب عن رغبته فى دخول عالم الكتابة التى رأى فيها متنفسا له ليسكب ويرسم على الورق أحلاما صادرها مجتمعه الصغير، وقوبل هذا بالرفض الهائل من والديه، فقرر باولو كسر كل قوالب الالتزام وخوفه من والديه ومما رآه قوالب تقاليد مقيتة، فبدأ بدافع الخوف على نفسه فى تدمير كل أحلام والديه فيه وقد تولدت بداخلة طاقة شر بفعل هذا الخوف، فترك كلية الحقوق، وانطلق فى رحلة طويلة إلى أمريكا الجنوبية، وأمريكا الشمالية، وأوروبا، حيث انضم إلى جماعة الهيبيز، وعاش حياة التشرد والحرية وتعاطى المخدرات، ثم عاد إلى منزل عائلته بعد بضعة سنوات وكأنه يريد أن يشهدهم على كل التمرد والتحدى الذى فعله ليتخلص من تأثيرهم عليه ومخاوفه منهم، وبدأ أمامهم فى تأليف أغانى الروك والبوب بالتعاون مع كاتب برتزيلى معروف، وتخبطه فى حياة التمرد على خوفه جعله يناهض نظام الحكم حتى تم سجنه عام 1974م بتهمة ممارسة أنشطة مناهضة للحكومة البرازيلية. وللحديث بقية.
[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: فكرية أحمد أمريكا الجنوبية

إقرأ أيضاً:

لاكروا: تحالف دول الساحل يبحث عن نفسه بعد عام على إنشائه

يزعم تقرير نشرته "لاكروا" الفرنسية أن "تحالف دول الساحل" الثلاث، الذي تم تصميمه لوقف تصاعد الجماعات المسلحة التي قتلت ما لا يقل عن 2050 مدنيا، على الرغم من التعزيزات الروسية للتحالف، قد فشل في وقف هذه الجماعات.

ومع ذلك يقول التقرير إن هذا التحالف، الذي تم إنشاؤه في 16 سبتمبر/أيلول 2023 بين دول النيجر ومالي وبوركينا فاسو، يعمل على تعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول الثلاث.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كتاب إسرائيليون: تفجيرات البيجر مكسب تكتيكي أم خطر إستراتيجي؟list 2 of 2انفجارات البيجر تجر تايوان إلى السياسة في الشرق الأوسطend of list

وقالت الكاتبة فانسيان جولي، في التقرير إن قادة الانقلابات في الدول الثلاث أطلقت في مثل هذا اليوم قبل عام، تحالف دول الساحل، من خلال التوقيع على ميثاق ليبتاكو-غورما (منطقة عابرة للحدود تمتد بين الدول الثلاث)، والذي ينص على أن أي اعتداء على سيادة وسلامة أراضي إحدى الدول الأعضاء سوف يعتبر عدوانا على الدول الأخرى.

نتائج مختلطة

وبيّنت جولي أن نتائج المساعدة العسكرية المتبادلة بعد مرور عام كانت مختلطة؛ حيث يقول آلان أنتيل، مدير "مركز أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى" التابع لـ"المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)" إنه وفي ظل وجود 3 جيوش تواجه صعوبات كبيرة على أراضيها، فإن هذا التحالف هو بالضرورة تحالف ضعف.

وبحسب منظمة "أكليد" غير الحكومية، أفلتت 60% من أراضي بوركينا فاسو و50% من أراضي مالي من سيطرة الجيش النظامي، مقارنة بـ40% في عام 2021.

وكل أسبوع تقريبا تجري هجمات مسلحة؛ فبين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران الماضيين فقط، قتلت جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" و"تنظيم الدولة الإسلامية" في الصحراء الكبرى 11200 شخص، بينهم 2050 مدنيا على الأقل.

شراكة مميزة مع موسكو

وذكرت الكاتبة أنه على الرغم من بعض العناصر المتباينة، فإن التعاون الأمني في مواجهة "الإرهاب" يظل شكليا. وكان مرتزقة فاغنر، الذين أعيدت تسميتهم الآن بـ"الفيلق الأفريقي"، هم الذين قدموا دعمهم.

وإذا كانت باماكو (مالي) رائدة في علاقتها مع روسيا، فقد حذا حلفاؤها حذوها. ومن جانبها، توجهت واغادوغو (بوركينا فاسو) نحو موسكو في ديسمبر/كانون الأول 2023 لإعادة تنظيم جيشها.

وبشكل غير متوقع، زادت تركيا أيضا شحناتها من المعدات إلى الدول الثلاث، ولا سيما طائرات بيرقدار المسيّرة القتالية.

تكامل أعمق

ولفتت الكاتبة إلى أنه على ما يبدو أن التكامل الأعمق، الذي ترغب فيه مالي وبوركينا فاسو والنيجر، له أيضا عنصر دبلوماسي واقتصادي، وهو ما تم تسجيله من خلال التوقيع على اتحاد دول الساحل في 6 يوليو/تموز الماضي في نيامي.

واختتمت الكاتبة تقريرها بالإشارة إلى أن الكولونيل المالي أسيمي غويتا أكد هذا الأسبوع أن إنشاء بنك استثماري وصندوق استقرار، جاري تنفيذه، كما وعد بإنشاء قناة معلومات مشتركة.

في حين يفرض الانقلابيون الثلاثة رقابة واسعة النطاق على حرية الصحافة. على ضوء ذلك، يقول آلان أنتيل متأسفا: "نحن نتجاهل أكثر فأكثر ما يحدث في منطقة الساحل، بسبب عدم قدرتنا على النزول على الأرض".

مقالات مشابهة

  • لاكروا: تحالف دول الساحل يبحث عن نفسه بعد عام على إنشائه
  • سياسيون: مبادرة بداية تسعى لبناء مجتمع قوي ومتماسك
  • «بداية جديدة» تحتضن المصريين نحو التنمية الذاتية والتمكين
  • ابن أبالسه!!
  • قافلة طبية بأوقاف الإسكندرية للكشف المبكر عن الأمراض
  • عقود جديدة وطاقة كبيرة. تفاصيل إنتاجية الحقول الغازية في العراق
  • مستقبل الحوسبة الكمومية في ظل الخوف من الشتاء الكمومي
  • «المتحدة» إعلام يُعزّز حقوق الإنسان.. سياسيون وخبراء يشيدون بطرح تعديلات قانون الإجراءات الجنائية للمناقشة: دعم للشفافية وتوعية للمواطنين
  • أم تفقد حياتها أمام أطفالها الثلاثة.. الشر يكتب كلمة النهاية