انقطع البث.. الأزمة الاقتصادية تصل إلى تلفزيون لبنان الرسمي
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
استفاق اللبنانيون، الجمعة، على خبر وقف بث شاشتهم الوطنية، فاستبدلت الموسيقى الكلاسيكية التي لم تفارقها منذ أسبوع نتيجة إضراب موظفي تلفزيون لبنان، بصورة رمزية ملونة.
"الخميس، طلب وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال، زياد المكاري، شفهيا، من مسؤولين في تلفزيون لبنان وقف البث"، بحسب ما تؤكده رئيسة نقابة مستخدمي التلفزيون في لبنان، ميرنا الشدياق، نافية في حديث لموقع "الحرة" ما تداولته وسائل إعلام محلية بأنه اتخذ قرار إقفال التلفزيون، "فهو لا يملك صلاحية اتخاذ مثل هكذا قرار"، وكذلك أوضح المكاري في تصريح اعلامي، أن "تلفزيون لبنان لم يُقفل ولا نية لديّ بذلك وكلّ ما نشر كذب ونحن نحاول معالجة المشاكل".
ويعاني موظفو التلفزيون وعددهم 190 شخصا، من أزمة إدارية، حالت دون رفع رواتبهم وحصولهم على الحوافز والمساعدات أسوة ببقية موظفي القطاع العام، ما يعني أنّ رواتبهم لا تزال على سعر الصرف 1500 ليرة، الأمر الذي دفعهم إلى رفع الصوت من دون أن يلقوا آذانا صاغية، حتى نفذوا وعيدهم الأسبوع الماضي وبدأوا اضرابا مفتوحا عن العمل.
وحالت التدخلات السياسية منذ عام 2014 دون تعين مدير عام أصيل للتلفزيون، خلفاً لرئيس مجلس الإدارة السابق، إبراهيم الخوري، وبدلا من ذلك سلّمت الإدارة إلى حارس قضائي بشكل متتالي إلى أن استلم مكاري في يناير الماضي إدارة التلفزيون من المديرة الموقتة، فيفيان لبّس، وذلك بناء على قرار قضائي أعفى الأخيرة من مهامها، وفي مايو الماضي أعلن مكاري أن "حجم الديون في التلفزيون وصل إلى مليونين و343 ألف دولار و354 ألف فرنك سويسري و17540 يورو".
يحصل تلفزيون لبنان بحسب مكاري على مساهمة شهرية من الوزارة بما يقارب المليار و500 مليون ليرة، هذا المبلغ كان يعادل قبل الأزمة مليون دولار شهرياً، واليوم أصبح يعادل 15 ألف دولار.
بين التأكيد والنفيقبل يومين أعلنت مديرية الخزينة في وزارة المالية أنها حولت إلى مصرف لبنان، مبلغا وقدره ستة مليارات وثلاثماية وستة وتسعين مليوناً وخمسماية واثنين وثلاثين الف ليرة لبنانية 6.396.532.000 ل.ل. كدفعة من مساهمة لدفع التعويض المؤقت للعاملين في تلفزيون لبنان عن الاشهر مايو، ويونيو ويوليو و2023، لكن كما تقول الشدياق "لم يتم تحويل الأموال إلى الآن، وهي تغطي فقط من حضر إلى العمل مدة 14 يوماً في الشهر، بحسب المرسوم الصادر عن مجلس الوزراء".
يذكر أن مجلس الوزراء اللبناني أقر في أبريل الماضي، زيادة 4 أضعاف لرواتب القطاع العام، إضافة إلى الراتبين اللذين أقرا سابقا، على أن يكون الحضور 14 يوما في الشهر، وأوضح المجلس أنه تمت الموافقة على تعديل بدل النقل المؤقت للقطاع العام بحيث يصبح 450 ألف ليرة لبنانية يوميا على ألا يتعدى الحضور 18 يوما شهريا.
كما تم تحديد الحد الأدنى لأجور المستخدمين بـ 9 ملايين للأجر الشهري، والحد الأدنى الرسمي للأجر اليومي 400 ألف ليرة لبنانية، وزيادة غلاء المعيشة لتصبح 4 ملايين و500 ألف ليرة.
مطالب موظفي تلفزيون لبنان "محقة" كما تشدد الشدياق، شارحة أن "رواتبنا تتراوح بين المليون وستة ملايين ليرة، أي بين حوالي العشرة دولارات إلى ستين دولار، فمنذ بدء الأزمة الاقتصادية في لبنان لم نتقاض أي زيادة على رواتبنا ومستحقاتنا متراكمة منذ سنوات".
لكن المكاري أكد أن "مطالب الموظفين في التلفزيون تم تحقيقها والأمر محلول وقد أخذوا حقوقهم"، مشيراً إلى "أنني لا أعلم ما سبب إضراب الموظفين"، معتبراً أنّ قرار الشدياق تتحمل هي مسؤوليته، موضحاً أنّه يوجد عدد من الموظفين الذين سيستمرون في العمل وسنتعاون معهم".
وفي الثاني من الشهر الجاري، أعلنت النقابة التي تترأسها الشدياق، الإضراب العام المفتوح بدء من صباح اليوم التالي "حتى نيل المستحقات كاملة"، موضحة في بيان أنه "بعد الاجتماع الذي عقد في وزارة الإعلام والذي تم بموجبه تعليق قرار التوقف عن العمل بعد وعود بنيل مستحقاتنا، تفاجأنا بأن هناك خطأ في المعاملة، مما سيؤخر نيلنا المستحقات".
وأشار البيان الى أنها "الحجة نفسها التي نسمعها مرارا منذ أشهر ونحن لا نزال ننتظر هذه الوعود التي لم يعد يصدقها الموظف، لا بل أكثر لم يتقاض حتى هذه الساعة الراتب الشهري الذي لا يكفي ليوم واحد من الشهر مما يثير الشكوك حول هذا التأخير".
تؤكد الشدياق أن "إضرابنا للضغط على كل المعنيين في الدولة وليس فقط على وزير الإعلام، فلماذا هذا الرد منه على مطالبنا، لا أفهم الأسباب الكامنة خلف قرار وقف البث، وفيما إن كان بهذه الطريقة تدار الأمور، فنحن لم نقطع يوماً الحوار معه".
وضع كارثيتصف موظفة في التلفزيون وضع عدد من زملائها بـ"الكارثي"، قائلة لموقع "الحرة، " إذا كنت وبعض الموظفين تمكنا من الحصول على فرصة في مؤسسات إعلامية أخرى، لتأمين مدخول يمكننا من الصمود في ظل الوضع الاقتصادي المنهار، فإنه يصعب على كبار السن العثور على هكذا فرصة، وبعد أن كانوا يأملون بعيشة كريمة عند تقاعدهم، تآكلت قيمة رواتبهم وتعويضهم، وأصبحوا دون خط الفقر وهم لا يزالون على رأس مهامهم".
الوضع أصعب مما يتصوره البعض، كما يقول موظف آخر في التلفزيون لموقع "الحرة" " فأي عقل ممكن أن يتصور أن راتب رب عائلة يتراوح عشرة أو ستين دولار، في وقت فاتورة مولد خمسة أمبير تتجاوز الـ 100 دولار، وحتى عندما كنا نداوم مرة في الأسبوع لم يكن يكفي هذا المبلغ بدلات نقل، ولو لم تكن زوجتي تعمل لا أعلم ماذا كان حل بأطفالي".
وعلّقت الموظفة في التلفزيون، أريج خطّار، على ما حصل، من خلال منشور عبر صفحتها على "فايسبوك" قائلة "استيقظنا على خبر مؤسف، إطفاء شاشة تلفزيون لبنان، هذه الشاشة التي جمعت الجميع بألوانهم تحت رايتها... لم يستطع أحد حمايتها، هذا مؤشر على أن التلفزيون يشهد أسوأ أيامه …" وتساءلت "هل يكافئ المعنيون والرؤساء هذه الشاشة وأولادها بالتمهيد لإقفالها؟! بلد ينازع بكل مؤسساته".
استيقظنا على خبر مؤسف اطفاء شاشة تلفزيون لبنان هذه الشاشة التي جمعت الجميع بالوانهم تحت رايتها …لم يستطع احد حمايتها...
Posted by Arij Khattar on Thursday, August 10, 2023بعدما وصلت أحوال الموظفين المعيشية إلى درك غير مسبوق وبعد استنفاد كل الوسائل من حوار وانتظار من دون أن يلقوا سوى الوعود، اختاروا "المواجهة المحقّة كي يحافظوا" كما أشار بيان للنقابة في يونيو الماضي "على شركتنا ومصالحنا ولقمة عيشنا وعائلاتنا"، حيث نفذوا حينها اعتصاماً أمام مقر التلفزيون بدعوة من النقابة رافعين لافتات كُتب عليها "اشتغل وما تقبض يا حبّوب، كُتب علينا العمل ببلاش".
وللتداول بما آلت إليه أوضاع الموظفين، عقد مجلس نقابة مستخدمي التلفزيون في لبنان، اجتماعاً طارئاً في 26 يوليو الماضي، ليؤكد بعدها في بيان أن "الموظف لم يعد قادر على تأمين أدنى متطلبات الحياة اليومية، لذلك، ندعو جميع الزملاء الى الحضور الى الشركة بحسب جدول العمل الأسبوعي كخطوة أولى والتوقف عن العمل، ولتعمل الماكينات التشغيلية وحدها.... على أن يتم تحديد الخطوات التصعيدية الاخرى وصولاً إلى الاضراب العام".
وقبل أيام، أبلغ المكاري وفداً من "الاتحاد العمالي العام" زاره في مكتبه في الوزارة، برئاسة بشارة الاسمر، أن مستحقات موظفي التلفزيون اصبحت جاهزة في مصلحة الصرفيات في وزارة المالية، وهي بطريقها إلى التنفيذ بعد تحويلها لتصبح قابلة للصرف، ودعا الأسمر إلى "تعاط ايجابي بين نقابة موظفي تلفزيون لبنان ووزارة الاعلام، لأن الوزير بصدد معالجة جذرية لهذا الواقع المذري في التلفزيون من حيث تأمين المداخيل اللازمة لتأمين نوع من التوازن واستقلالية مالية لتلفزيون لبنان".
ورأى الأسمر أن "المعالجة الايجابية تبدأ بالحوار مع الوزير باتجاه إنهاء الاضراب المضر بالجميع، خصوصاً أن تلفزيون لبنان هو التلفزيون الوطني الذي يوصل صوت الشعب اللبناني الصارخ بعيداً من الفئوية والمذهبية".
قرار "المواجهة"وبعد إيقاف البث، أكدت نقابة مستخدمي التلفزيون في لبنان، في بيان، أنها المؤتمنة على حقوق الموظفين ومصلحتهم، وهي "ترفض رفضاً قاطعاً أي مس ببث التلفزيون وتحمل المسؤولية كاملة لمن يتخذ هكذا قرار مجحف بحق الشاشة الوطنية"، مشددة على أنه بعدما كانت تتجه كبادرة حسن نية إلى تعليق الإضراب على رغم تحصيل جزء يسير من المستحقات فوجئت "بالتصعيد المستغرب من قبل الوزير المكاري الذي طالب بوقف البث كلياً وعدم صرف الأموال إلا بحالة وقف الإضراب أولاً".
وتوجهت النقابة إلى الوزير بالقول "نحن لسنا هواة إضراب والمشكلة معك ليست شخصية إنما تكمن في عدم الحصول على حقوقنا منذ أكثر من عامين، أما تصويرها على أنها صراع بين المديرين فهذا أمر مجاف للحقيقة" مضيفة "إن النقابة التي تشدد على أن محركها الوحيد هو حماية حقوق الموظفين، تؤكد على الاستمرار بقرار الإضراب وتثمن الوحدة واللحمة التي أظهرها الموظفون من أجل صون حقوقهم وحماية شاشتهم".
"في معركتهم لتحصيل حقوقهم، يدعم تجمع نقابة الصحافة البديلة موظفي التلفزيون" بحسب ما تؤكد منسقة التجمّع، إلسي مفرّج، قائلة في حديث لموقع "الحرة "نحن نقف إلى جانب الموظفين ونساندهم في وجه أي نوع من الضغوط التي يمكن أن تمارس عليهم، وهو ما لمسناه كذلك من جميع الإعلاميين بعد انتشار خبر وقف بث التلفزيون" مؤكدة تكثيف التواصل مع النقابة المعنية والوسائل الاعلامية المهتمة بهذه القضية، "كون التضامن والعمل النقابي هما سبيل تحصيل الحقوق".
يذكر أن تلفزيون لبنان هو أول تلفزيون في الشرق الأوسط، أنشأ عام 1959 باسم "شركة التلفزيون اللبنانية"، كانت أسهمه مملوكة بالكامل من القطاع الخاص، وفي العام 1961 نشأت شركة ثانية من قبل القطاع الخاص باسم "شركة تلفزيون لبنان والمشرق"، وفي عام 1976 تم دمج الشركتين في مؤسسة واحدة تحت اسم شركة "تلفزيون لبنان"، توزعت اسهمها مناصفة بين الدولة والقطاع الخاص، وبين العام 1988 والعام 1996 جرى تداول اسهم القطاع الخاص بين أكثر من مستثمر كان آخرهم الرئيس الراحل رفيق الحريري، الذي اشترى حصة القطاع الخاص بالكامل، لتصبح اسهم التلفزيون مملوكة للدولة اللبنانية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی تلفزیون لبنان فی التلفزیون القطاع الخاص تلفزیون فی فی لبنان على أن
إقرأ أيضاً:
ميقاتي: لعدم اضاعة الفرص المتاحة لتطبيق الإصلاحات التي عملت حكومتنا على دراستها
دعا الرئيس نجيب ميقاتي جميع الاطراف "الى عدم اضاعة الفرص المتاحة لتطبيق الإصلاحات المالية والاقتصادية التي عملت حكومتنا على دراستها ووضعتها كمشاريع قوانين تنتظر اقرارها من قبل مجلس النواب".
واكد"أن أملنا كبير بعهد الرئيس جوزاف عون وندعو جميع الاطراف الى دعمه والتعاون معه ومع الحكومة الجديدة لتحقيق ما عبّر عنه في خطاب القسم".
موقف الرئيس ميقاتي جاء في خلال مشاركته في ندوة بعنوان "الشرق الأوسط والطريق إلى الاستقرار" خلال "مؤتمر ميونيخ للأمن"في المانيا ،حيث ناقش مع نخبة من القادة السياسيين مستقبل منطقة الشرق الاوسط.
ضمّت الندوة رئيس وزراء ألبانيا إيدي راما، رئيس حزب الديمقراطي المسيحي الألماني الأسبق أرمين لاشيت، ومديرة "مركز بروكلين الاميركي للدراسات السياسية الخارجية" سوزان مالوني.
وقال الرئيس ميقاتي: إن السبيل الوحيد لاستقرار منطقة الشرق الأوسط هو التوصل إلى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية على قاعدة حل الدولتين”.
وقال: "إن السلام في المنطقة يرتكز على احترام حقوق الفلسطينيين وإنهاء الصراع المستمر منذ عقود ". وشدد على"دعم لبنان الثابت للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره"، مطالبا"المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات فورية لوقف العنف وضمان حماية المدنيين والعمل على التوصل إلى حل عادل ودائم يحترم حقوق الشعب الفلسطيني وتطلعاته، ويضمن حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وفقًا للقانون الدولي".
وقال:إن لبنان يستضيف آلاف الإخوة الفلسطينيين منذ بداية محنة تهجيرهم، قبل 75 عامًا، ودفع أثمانًا باهظة دفاعًا عن القضية الفلسطينية، ويتشاطر مع الإخوة الفلسطينيين الإمكانات القليلة المتاحة لديه، والعمل على حل هذا الصراع هو مفتاح الحل لكل أزمات المنطقة.أما استمرار الصراع، من دون حل، فمن شأنه أن يُدخل المنطقة في أزمات متتالية لا يمكن توقع نتائجها وانعكاساتها".
الملف اللبناني
في الشأن اللبناني، قال الرئيس ميقاتي: أملنا كبير بعهد الرئيس جوزاف عون، وندعو جميع الاطراف الى دعمه والتعاون معه ومع الحكومة الجديدة لتحقيق ما عبّر عنه في خطاب القسم. كما ندعو جميع الاطراف الى عدم اضاعة الفرص المتاحة لتطبيق الإصلاحات المالية والاقتصادية التي عملت حكومتنا على دراستها ووضعتها كمشاريع قوانين تنتظر اقرارها من قبل مجلس النواب”.
وشدد على أن "الاستقرار السياسي في لبنان لن يكتمل إلا بانسحاب إسرائيل الكامل من كل الأراضي اللبنانية، وبسط الدولة اللبنانية سيادتها على أراضيها كافة".
وشدد في الختام على أن “لبنان بحاجة إلى استقرار داخلي وخارجي لكي يحقق تطلعات شعبه في بناء دولة قوية ومزدهرة".
حديث تلفزيوني
وفي حديث الى محطة "دويتشه فيله" الالمانية سئل عن موضوع الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان فقال:"من الضروري ان يتم الانسحاب الكامل من كل الجنوب ضمن مهلة الثامن عشر من شباط، وان يتم الزام العدو الاسرائيلي بوقف اطلاق النار وخروقاته المتكررة للسيادة اللبنانية والتوقف عن الهدم الممنهج للقرى والبلدات الجنوبية".
واشار الى" ان الاتصالات الديبلوماسيةلا تزال مستمرة لتأمين الانسحاب الاسرائيلي التام وتنفيذ القرار 1701 كاملا.وعندما تم التوصل الى وقف اطلاق النار حصل ذلك بضمانة اميركية وفرنسية، وينبغي ان يضغط الوسيطان على اسرائيل للانسحاب بشكل كامل".