مكانة الصلاة في الإسلام وحكم تاركها
تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية؛ إن الصلاة ركن من أركان الإسلام، ومنـزلتها من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، وقد عني الإسلام في كتابه وسنته بأمرها، وشدد كل التشديد في طلبها؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]، وقد حذر أعظم التحذير من تركها، فالصلاة عمود الدين، أي: كمثل العمود للخيمة، ولا تبقى الخيمة قائمة بدون عمود، فكذلك لا يستقيم الإسلام بدون صلاة، جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ».
وأضافت دار الإفتاء أن وقد بلغ من عناية الإسلام بها أن أمر المسلمين بالمحافظة عليها في الحضر والسفر، والأمن والخوف، والسلم والحرب، حتى عند اشتداد الخوف حين يكون المسلمون في المعركة أمام العدو؛ قال تعالى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لله قَانِتِينَ ۞ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 238-239]، أي: فصلوا حال الخوف والحرب، مشاة أو راكبين كيف استطعتم، بغير ركوع ولا سجود، بل بالإشارة والإيماء، وبدون اشتراط استقبال القبلة؛ للضرورة هنا؛ قال تعالى: ﴿وَللهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 115].
حكم ترك الصلاةوتابعت دار الإفتاء: وما نراه من منكر عظيم يقع لكثير من الناس، يتمثل في تركهم للصلاة التي هي بهذه المكانة، فلا يعدو أن يكون لأحد أمرين: إما جحودًا لها، وإما تكاسلًا عنها، فتارك الصلاة إن كان منكرًا لوجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين خارج من ملة الإسلام؛ لأنها من المجمع عليه المعلوم من الدين بالضرورة، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام ولم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة عليه.
قال الإمام النووي في "المجموع" (3/ 14، ط. دار الفكر): [إذا ترك الصلاة جاحدًا لوجوبها، أو جحد وجوبها ولم يترك فعلها في الصورة فهو كافر مرتد بإجماع المسلمين ... ويترتب عليه جميع أحكام المرتدين، وسواء كان هذا الجاحد رجلًا أو امرأة، هذا إذا كان قد نشأ بين المسلمين، فأما من كان قريب العهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة من المسلمين بحيث يجوز أن يخفى عليه وجوبها، فلا يكفر بمجرد الجحد، بل نعرفه وجوبها، فإن جحد بعد ذلك كان مرتدًّا]ـ.
وبينت دار الإفتاء: وأما إن ترك الصلاة تكاسلًا مع اعتقاده وجوبها -كما هو حال كثير من الناس- فإنه لا يكفر، بل يفسق ويستتاب من قِبل القضاء، وإلى هذا ذهب مالك والشافعي -راجع: "منح الجليل شرح مختصر خليل" (1/ 195، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (1/ 612، ط. دار الكتب العلمية)- وجماهير السلف والخلف، ودليلهم عموم قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ﴾ [النساء: 48]، فالآية تثبت أن الذنب الوحيد الذي قطع الله عز وجل بعدم غفرانه هو الشرك بالله، أما ما دون ذلك فقد يغفره الله، وترك الصلاة تكاسلًا دون جحود ذنب دون الشرك بالله.
ومن الأدلة على عدم تكفير تارك الصلاة تكاسلًا أيضًا، ما أخرجه أبو داود والنسائي ومالك في "الموطأ" عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه بقوله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «خَمْسُ صَلَواتِ كتَبهنَّ اللهُ على العِباد، فمن جاءَ بهن لم يُضَيعْ منهُن شيئًا استخفافًا بحقهنَّ كان له عندَ الله عَهدٌ أن يُدْخِلَه الجَنَّة، ومَنْ لم يأتِ بهِن، فلَيسَ له عندَ الله عهد: إن شاءَ عَذبه، وإن شَاءَ أدْخَلَه الجَنة».
فتاركها كسلًا هنا أمره مفوض إلى الله، إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة، وهذا دليل على عدم كفره، ولهذا لم يزل المسلمون يرثون تارك الصلاة ويورثونه، ولو كان كافرًا لا يغفر له لم يرث ولم يورث.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الصلاة حكم ترك الصلاة ترك الصلاة دار الإفتاء الإفتاء دار الإفتاء الله ع
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: القدس رمزًا ا للهوية الإسلامية ولوجود المسلمين في العالم
أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق، في خطبة جمعة سابقة له بتاريخ 26 أغسطس 2005، أن المسجد الأقصى والقدس الشريف ليسا مجرد أماكن مقدسة للمسلمين، بل يمثلان رمزًا للهوية الإسلامية ولوجود المسلمين في العالم.
معجزة الإسراء والمعراججاءت هذه الخطبة متزامنة مع ذكرى حادثة الإسراء والمعراج التي وقعت في شهر رجب، حيث أسرى الله بنبيه محمد ﷺ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، في معجزة جسدت وحدة الأمة الإسلامية وارتباطها العميق بالمقدسات.
الإسراء والمعراج: معجزة الإيمان
تناول الدكتور علي جمعة حادثة الإسراء والمعراج التي وقعت في عام الحزن، حينما فقد النبي ﷺ السيدة خديجة رضي الله عنها وعمه أبو طالب، وعانى من رفض قريش له ولدعوته. وأوضح أن الإسراء كان انتقالًا حقيقيًا للنبي ﷺ بجسده وروحه من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم إلى السماء، في رحلة لم يشهدها أحد، لتبقى معجزة إيمانية تدعو المسلمين إلى التفكر والتدبر.
شدد جمعة على أن القدس ليست مجرد مدينة جغرافية محدودة بمساحة صغيرة لا تتجاوز الميل المربع، بل هي رمز لحضارة المسلمين، وتاريخهم، ومستقبلهم. وأوضح أن أهمية القدس تتجاوز الصراعات السياسية، فهي تمثل نداءً إلهيًا للبشرية باتقاء الله والعمل على تحقيق العدل والسلام.
وفي معرض حديثه عن السلام، أكد الدكتور علي جمعة أن الإسلام يدعو إلى السلام العادل القائم على الحق والإنصاف، وليس سلامًا مبنيًا على العدوان أو التفريط في الحقوق. وأضاف أن القدس تمثل رمزًا للمسلمين في دعوتهم المستمرة إلى التعايش السلمي وتحقيق العدل بين الشعوب.
اختتم الدكتور علي جمعة خطبته بالتأكيد على أن القدس ستظل رمزًا للمسلمين عبر الأجيال، وأن الدفاع عنها واجب ديني وحضاري، لا يقتصر على تحريرها من الاحتلال، بل يشمل الحفاظ عليها كرمز للوحدة الإسلامية والقيم الإنسانية التي يدعو إليها الإسلام.
وأوضح أن المسجد الأقصى سيظل نداءً دائمًا للمسلمين لتجديد العهد مع الله والعمل على نصرة الحق والعدل في كل مكان.