إيدز المؤسسات.. الأسباب وإمكانية التعافي
تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT
في عالم سريع التغير، تواجه المؤسسات بشتى صورها وأنشطتها -ربحية كانت أم غير ربحية- تحديات متزايدة للنمو والازدهار فضلا عن البقاء، أحد أخطر هذه التحديات هو ما يُعرف بـ"إيدز المؤسسات"، وهو حالة من التدهور الشامل في أداء وصحة المؤسسة، تستدعى هذه الحالة سؤالا مهما ملحا هو "هل يمكن للمؤسسات التعافي من هذه الحالة الخطيرة؟".
أولا ما المقصود بإيدز المؤسسات؟ إنها حالة مؤسسة تتسم بضعف شديد في الأداء التنظيمي، وانخفاض في الإنتاجية، وتدهور في جودة الخدمات أو المنتجات التي تقدمها، مع ارتفاع في معدل دوران المنتسبين والأعضاء والعاملين، وانهيار في الروح المعنوية، وإخفاق في تحقيق الأهداف فضلا عن الرؤية والرسالة.
وتتمثل المؤشرات التفصيلية للحالة على مستوى القيادة في قرارات متأخرة أو غير فعالة، وغياب الرؤية الاستراتيجية، وانعدام الشفافية. أما على مستوى المنتسبين فتتمثل في زيادة التغيب عن العمل وضعف المشاركة في النشاط، انخفاض الإبداع والابتكار، ومقاومة التغيير.
أما على مستوى العمليات فتتمثل في بطء في الاستجابة لمتطلبات السوق واحتياجات العملاء، وتكرار الأخطاء وزيادة الهدر في الموارد بتنوعها، فضلا عن ضعف إدارة الموارد. أما على مستوى الأداء المالي للمؤسسات الربحية فتتمثل المؤشرات في تراجع الإيرادات، وزيادة التكاليف التشغيلية وبالتالي انخفاض هوامش الربح، بل قد تكون النتائج تحقيق خسارة مفضية للانتهاء.
ما هي أسباب إيدز المؤسسات؟
قد تنشأ أسباب مرض نقص المناعة (إيدز) للمؤسسات مع ولادتها أو قبل نشأتها، وقد تنشأ الأسباب بعد ولادتها وفي حياتها الطبيعية.
أما عن أهم أسباب مرض نقص المناعة (الإيدز) للمؤسسات قبل ولادتها فتتمثل في البدء والنشأة دون دراسة لجدوى هذه المؤسسة سواء كانت ربحية أو غير ربحية، جدوى اقتصادية أو اجتماعية أو بيئية، أو نشأت وفق دراسة ضعيفة ليست قائمة على أسس أو منهجية علمية أو مهنية، أو قام بالدراسة هواة لا يعرفون مقاصد ولا أهمية ولا منهجية إعداد الدراسة، وفي هذه الحالة تبذر أول بذرة في فيروس نقص المناعة.
وسبب ثان يتمثل في العشوائية وأقصد بها الاختيار دون الاستناد إلى معايير، سواء معايير لاختيار نوع النشاط أو مستوى الخدمات والسلع المستهدف تقديمها، أو معايير لاختيار وقت إطلاق المؤسسة، أو معايير اختيار المكان والمنطقة الجغرافية المناسبة، أو معايير اختيار الموارد البشرية القائمة بتنفيذ النشاط وتقديم الخدمات أو السلع، أو معايير لاختيار قيادة المؤسسة بمستوياتها التنظيمية المختلفة.
وثالث أسباب مرض نقص المناعة (الإيدز) للمؤسسات هو انعدام التخطيط الصحيح، حيث تنشأ المؤسسة تقليدا لمؤسسة أخرى ناجحة، أو مناكفة في مؤسسة أخرى قائمة، ولا يتم تحديد أهداف ولا رؤية ولا كيف ستعمل ولا كيف ستنفذ أنشطتها ولا كيف ستواجه مخاطر وتحديات، وإنما تسير وفق ما يريد العمدة وأحيانا وفق ما يهوى شيخ الخفر، ولا تأتي سيرة المتخصصين على الخاطر في هذا الجانب.
أما عن أسباب الإيدز بعد مولد المؤسسة وفي حياتها العادية فأهمها، سوء الإدارة أو القيادة، حيث تتناسب درجة سوء الإدارة مع كونها سببا لمرض الإيدز، لأن القائد المتميز يصنع من "الفسيخ شربات" والعكس، فالمدير ضعيف الشخصية قليل الكفاءة ستنتج عنه كل أمراض الدنيا للمؤسسة، بدءا من اتخاذ قرارات قد تكون مدمرة، مرورا بصناعة مناخ عمل سلبي أو سيئ، وضعف أو سوء استثمار الموارد البشرية فضلا عن الموارد المالية، انتهاء بضعف الإنتاج كمّا وكيفا وتمكن المرض من المؤسسة ينتهي بها إلى حتفها.
ثاني الأسباب، المشاكل المالية المتمثلة في عدم القدرة على تأمين التمويل اللازم للاستمرار في العمل فضلا عن النمو، وضعف كفاءة إدارة التدفقات النقدية بشكل صحيح، وهذ يؤدي إلى عدم القدرة على الوفاء بالالتزامات المالية، ومن ثم زيادة الديون وعدم القدرة على سدادها وينتهي بأن يعرض المؤسسة لمخاطر الإفلاس.
ثالث الأسباب، عدم قراءة المنافس قراءة صحيحة وعدم متابعة وتحليل المنافسين، وهو ما يؤدي إلى فقدان الحصة السوقية وعدم القدرة على التكيف مع التغيرات في السوق.
ورابع الأسباب التقليدية، ضعف الابتكار والإبداع، عدم مواكبة التطورات التكنولوجية يمكن أن يجعل المؤسسة غير قادرة على المنافسة بفعالية، وقلة الابتكار وعدم الاستثمار في البحث والتطوير يؤدي إلى منتجات أو خدمات يهجرها العملاء وتمسي بضاعة راكدة لا يأبه بها أحد.
وخامس الأسباب، ضعف كفاءة الموارد البشرية، وعدم القدرة على جذب أو الاحتفاظ بالكفاءات والخبرات المتميزة، وتمكن بيئة عمل غير داعمة مما يؤدي إلى انخفاض الروح المعنوية وزيادة معدل دوران المنتسبين والأعضاء والموظفين.
وسادس الأسباب، ضعف كفاءة أو عدم وجود استراتيجية للتعامل مع المخاطر، إما بعدم وجود خطة لإدارة المخاطر، وغياب استراتيجية إدارة المخاطر، أو بضعف كفاءة التعامل مع المخاطر، وهذا يجعل المؤسسة عرضة للأزمات التي قد تؤدي إلى فقدان المناعة ثم موتها، أيضا الإفراط في التفاؤل والتقليل من أهمية المخاطر المحتملة أو الافتراضات المفرطة بالتفاؤل حول المستقبل يؤدي نفس النتائج.
سابع الأسباب، سوء العلاقات مع الشركاء، وتدهور العلاقات مع الموردين وشركاء العمل أو المهمة، مما يؤدي إلى تأخر أو نقص في الموارد الأساسية، إضافة إلى التوترات أو النزاعات مع المستثمرين يمكن أن تؤدي إلى انسحابهم أو تقليل دعمهم المالي.
ثامن الأسباب، الفشل في التكيف مع التغيير، بدءا من مقاومة التغيير، والتردد أو البطء في التكيف مع التغيرات في السوق أو التكنولوجيا وأمزجة العملاء والظروف الخارجية والقوى القاهرة وتميز المنافسين، وغيرها من التغيرات المتسارعة في عالمنا المعاصر.
لعل هذه أهم أسباب مرض نقص المناعة المسمى إيدز، والتي إن وجدت في مؤسسة ما وجد معها كل أسباب الفناء.
متى يمكن أن نقول أن المؤسسة لا يجب أن تستمر (فقدان الأمل في الشفاء)؟
إذا توفرت عدة مؤشرات في المؤسسة لا ينبغي أن تستمر في أداء نشاطها، أهمها:
- وضوح الفشل الاستراتيجي وعدم تحقيق الأهداف الاستراتيجية على المدى الطويل، ومؤشر ذلك عدم التوافق بين الاستراتيجية والأداء، وتكرار الفشل في تحقيق الخطط الاستراتيجية.
- فقدان القدرة التنافسية، عدم القدرة على التنافس في السوق مع المنافسين الأكثر كفاءة، ومؤشره تراجع الحصة السوقية بشكل مستمر وفقدان العملاء لصالح المنافسين، إلى تراجع الإيرادات وتفاقم الأزمة المالية في المؤسسات الربحية وانفضاض المستفيدين في المؤسسات غير الربحية.
- التدهور المستمر في معنويات الأعضاء والمنتسبين والعاملين بشكل كبير ومستمر، ومؤشره ارتفاع معدلات الدوران الوظيفي، انخفاض الإنتاجية بصورها المختلفة، وتزايد الشكاوى والمشاكل الداخلية، وتدهور الأداء العام للمؤسسة.
- الافتقار إلى الابتكار والتكيف، وعدم القدرة على الابتكار أو التكيف مع التغيرات في جوانب الحياة، ومؤشر ذلك الفشل في تطوير منتجات أو خدمات جديدة، وعدم مواكبة التغيرات التكنولوجية، مما يؤدي إلى فقدان التنافسية والتراجع في السوق.
- فقدان الثقة من المساهمين وأصحاب المصلحة، يبدأ بانخفاض الثقة في قدرة المؤسسة على تحقيق النجاح المستدام والمستمر، ومؤشره سحب الاستثمارات، وانخفاض قيمة الأسهم، وانسحاب الداعمين وانتقادات مستمرة من أصحاب المصلحة.
- مخاطر قانونية وتنظيمية، من مواجهة قضايا قانونية أو تنظيمية مستمرة تهدد بقاء المؤسسة، ومؤشر ذلك غرامات قانونية كبيرة، وحظر نشاطات معينة، وتزايد الدعاوى القضائية.
- العجز المالي المستمر، عندما تعاني المؤسسة من عجز مالي دائم ومستمر لا يمكن تعويضه، ومؤشره عدم القدرة على تنفيذ النشاط وتكاليف الإنتاج فضلا سداد الديون وتأخر مستحقات المنتسبين أو العاملين.
هل يمكن لمؤسسة مريضة بالإيدز أن تتعافى؟؟ احتمال وليس تأكيد، وهذا ما سنراه في المقال القادم بعون الله.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات المؤسسات أداء الاستراتيجية مؤسسات استراتيجية الادارة أداء مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك صحافة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وعدم القدرة على عدم القدرة على ما یؤدی إلى التکیف مع على مستوى فی السوق فضلا عن
إقرأ أيضاً:
لهذه الأسباب نتنياهو خائف
تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، شهد جمودًا في الأسابيع الأخيرة رغم استدامة الاتصالات السياسية، بسبب تهرّب نتنياهو وعدم التزامه، لا سيّما رفضه الدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق، مع محاولاته المتكررة تمديد المرحلة الأولى والاستمرار في إطلاق سراح الأسرى، كشرط لعودة تدفّق المساعدات والأدوية إلى القطاع.
خطورة فكرة التمديد التي يعمل عليها نتنياهو، أنها لا تلزمه، باستكمال استحقاقات الاتفاق الأصلي، لا سيّما التعهّد بوقف العدوان والانسحاب التام من قطاع غزة لبدء الإعمار، وتخلق أيضًا مسارًا جديدًا عنوانه؛ المساعدات مقابل الأسرى على مراحل، حتى يتم سحب ورقة القوة والضامن الواقعي لدى الطرف الفلسطيني.
نتنياهو ومحاولة الهروبيُفضّل نتنياهو عدم الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار الذي وقّع عليه مكرهًا بضغط من المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، لعدة أسباب أهمها:
أولًا: التزامه بوقف الحرب على غزة والانسحاب التام، حسب الاتفاق، قد يؤدّي لانهيار ائتلافه الحكومي، ومن ثم الذهاب لانتخابات برلمانية، ترجّح كافة استطلاعات الرأي أنه لن يفوز فيها، بمعنى تحوّله إلى أقلّية في الكنيست، وخروجه من رئاسة الحكومة، وهذا يشكّل له نهاية لحياته السياسية البائسة.
ثانيًا: سيتعرض نتنياهو للجنة تحقيق رسمية، ربما تحمّله مسؤولية تاريخية عن الفشل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول (طوفان الأقصى)، وعن فشله في تحقيق أهداف الحرب المتوحّشة على غزة، والتي كان لها تداعيات إستراتيجية على إسرائيل داخليًا وخارجيًا.
إعلانثالثًا: الاتفاق يُعدّه اليمين المتطرف هزيمة تاريخية لإسرائيل، التي فشلت في حربها على غزة، وفقدت صورتها كقوّة رادعة مُهابة في الشرق الأوسط، بفقدان جيشها سمة الجيش الذي لا يُقهر، في وقت تنظر فيه محكمة العدل الدولية بارتكاب إسرائيل إبادة جماعية، ورئيس وزرائها نتنياهو مطلوب بمذكرة اعتقال صادرة عن الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
تلك الأسباب لليمين الإسرائيلي المتطرف، ليست متطابقة بالضرورة مع وجهة نظر الإدارة الأميركية، التي تسعى لتحقيق:
وقف الحرب على قطاع غزة، لأن استمرارها قد يُلقي بظلال سلبية على زيارة الرئيس ترامب إلى السعودية بعد شهر أو شهرٍ ونصفٍ تقريبًا، في وقت يسعى فيه لعقد شراكات اقتصادية، وإحلال "السلام" من خلال التطبيع مع إسرائيل. إطلاق سراح الأسرى ولا سيّما حَمَلة الجنسية الأميركية، كاستحقاق يريد الرئيس ترامب توظيفه كإنجاز تاريخي لإدارته في شهورها الأولى.هذا يفسّر سبب قيام المبعوث الأميركي لشؤون الأسرى آدم بولر بالتواصل مع حركة حماس مباشرة، ورده على قلق إسرائيل واتصال وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، بقوله؛ "إننا لسنا عملاء لإسرائيل، وأميركا لديها مصالح محدّدة تجعلها تتواصل مع حركة حماس".
هذا التباين في المواقف بين واشنطن ونتنياهو، لم يصل بعد إلى النقطة الحرجة التي تدفع فيها الإدارة الأميركية نتنياهو للمضي قدمًا في استحقاقات وقف إطلاق النار، لا سيّما المرحلة الثانية من الاتفاق، حيث يقوم نتنياهو باستنفار أصدقاء إسرائيل في واشنطن للضغط على إدارة ترامب لوقف تواصلها المباشر مع حركة حماس، والانحياز إلى شروطه، لأنه يخشى من توصّل الإدارة الأميركية لاتفاق مع حماس، واضطراره للموافقة عليه مكرهًا، لأنه لن يستطيع قول لا للرئيس ترامب.
علاوة على أن التواصل الأميركي المباشر مع حماس، يحرمه من حصرية المعلومات التي ترد واشنطن من طرف إسرائيل فقط، والمعنية بشيطنة حماس والفلسطينيين بوصفهم إرهابيين وحيوانات بشرية.
إعلان حماس والواقع الصعبتواجه حركة حماس واقعًا إنسانيًا صعبًا ومعقّدًا في قطاع غزة، وهي تحاول جاهدة إحداث اختراق ما في جدار الحصار المضروب على غزة، بتوفير متطلبات الحياة الكريمة للشعب الفلسطيني مع المحافظة على الحقوق الوطنية.
ويلاحظ أن إستراتيجية حماس التفاوضية تتكئ على عدة محدّدات أهمها:
أولًا: المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع، والمعمّد بدماء الشعب الفلسطيني، حيث حقّق الاتفاق لقطاع غزة، استحقاقات مهمّة؛ كعودة النازحين، وإمكانية وقف إطلاق نار مستدام، وانسحاب كامل لجيش الاحتلال، وإعادة الإعمار وإدخال المساعدات. ثانيًا: أي مناورات تفاوضية أو مقترحات من الوسطاء، تتعامل معها الحركة بإيجابية، شرط أن تكون جزءًا من الاتفاق أو تُفضي لاستحقاقات الاتفاق الأساس، القاضية بانسحاب جيش الاحتلال ووقف العدوان والإعمار، بمعنى أن الحركة يهمّها الجوهر وليس الشكل.وفي هذا السياق يجري تداول بعض الأفكار أو المقترحات، مثل؛ إطلاق سراح عدد محدود من الأسرى، وقد يكون منهم حَمَلة الجنسية الأميركية، قُبيل الشروع في المرحلة الثانية وتفعيلها بالضرورة أو إطلاق سراح جميع الأسرى دفعة واحدة مع الالتزام بكامل استحقاقات الاتفاق الموقّع.
لكن نتنياهو يتهرّب ويحاول تجاوز نهاية الشهر الجاري مارس/ آذار، دون اتفاق يُلزمه بوقف الحرب، حفاظًا على ائتلافه الحكومي المتطرف، ولتمرير قانون الموازنة نهاية الشهر الجاري، لأن عدم المصادقة على الموازنة، قد يؤدي إلى سقوط الحكومة دستوريًا، ومن ثم الذهاب إلى انتخابات مبكّرة، ما يشكّل تحديًا لنتنياهو، ولشريكه وزير المالية سموتريتش الذي قد يفشل في العودة إلى الكنيست (البرلمان) مجدّدًا.
هل تحسمها واشنطن؟أصبح واضحًا للجميع أن حسابات نتنياهو، هي حسابات شخصية تتعلق بمستقبله السياسي وبمستقبل ائتلافه الحكومي المتطرف، وهي حسابات لا ترقى إلى مستوى الإجماع ولا تحظى بتأييد أغلبية الرأي العام الإسرائيلي الذي يُطالب بإطلاق سراح الأسرى دفعة واحدة، ووقف الحرب، حتى لو بقيت حماس جزءًا من المشهد السياسي في غزة.
إعلانمجريات التفاوض، تشير إلى أن الوسيط القطري والمصري معنيان بتنفيذ الاتفاق الموقّع، ولكن الإدارة الأميركية، مع أنها ضغطت على نتنياهو لتوقيع الاتفاق، إلا أنها تنحاز لإسرائيل وتحاول مساعدة نتنياهو في مناوراته السياسية التفاوضية، علّها تستطيع عبر التلويح بـ "الجحيم" لغزة، وسكوتها عن جريمة وقف المساعدات والبروتوكول الإنساني كاستحقاق من استحقاقات المرحلة الأولى، أن تنزع من حركة حماس تنازلات تتناسب مع اشتراطات نتنياهو التعجيزية.
المعركة التفاوضية مستمرّة، وهي تحمل في بطنها فرضيات متعدّدة، إلا أنها بعيدة عن استئناف الحرب والعدوان المفتوح على قطاع غزة لرفض الرأي العام الإسرائيلي الحرب التي تتعارض أيضًا مع رؤية الرئيس ترامب المعلنة إلى اللحظة.
وبسبب استبعاد فرضية الحرب، فإن الاحتلال الإسرائيلي لجأ لاستخدام منع دخول المساعدات والإغاثة كأداة حربية ضد المدنيين في غزة، لتحقيق أهداف سياسية، ما يعد عقابًا جماعيًا وجريمة ضد الإنسانية.
وإذا كان الفلسطيني يتعرّض لأزمة وكارثة إنسانية قاهرة، فإن نتنياهو ليس في أحسن حالاته لفرض شروطه، لا سيّما بعد فشله في المقاربة العسكرية، وتراجع ثقة الجمهور الإسرائيلي به، والصراع الدائر بينه وبين قيادات الأجهزة الأمنية، الذي كان آخره الاشتباك الإعلامي بينه وبين رئيس الشاباك رونين بار، والذي إحدى خلفياته ملف الأسرى المتهم نتنياهو بتعطيله لحسابات شخصية.
تعتقد الأجهزة الأمنية بأن الفرصة متاحة الآن لإطلاق سراح الأسرى، بعد أن ضيّع نتنياهو العديد من الفرص سابقًا، فيما يرى نتنياهو أن استمرار التصعيد ورفع شعار الحرب أولوية له تهرّبًا من المحاسبة الداخلية على فشله في أهداف الحرب، ما يجعل ملف الأسرى حلقة صراع إسرائيلية داخلية أيضًا.
يبقى العامل الحاسم في المشهد التفاوضي هو العامل الأميركي الأقدر على كسر الحلقة المفرغة التي صنعها بنيامين نتنياهو، فهل تفعلها إدارة الرئيس ترامب أم أن نتنياهو سينجح في جرّ الإدارة الأميركية الجديدة إلى متاهاته السياسية تهربًا من الاتفاق واستحقاقاته؟
إعلانالآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline