منح العلاج الجيني رؤية أفضل 100 مرة للأشخاص المصابين بحالة وراثية نادرة تسبب لهم فقدان جزء كبير من بصرهم في وقت مبكر من الطفولة. بل إن بعض المرضى شهدوا تحسنا في بصرهم بمقدار 10 آلاف ضعف بعد تلقيهم الجرعة الأعلى من علاج الطفرة الجينية المسببة لهذا المرض.

شارك باحثون من كلية طب بيرلمان بجامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأميركية في قيادة التجربة التي أجريت على البشر والتي نُشرت نتائجها في مجلة "اللانسيت" في 7 سبتمبر/أيلول الحالي.

وقال مؤلف الدراسة، الدكتور آرثر سيديشايان، الأستاذ الباحث في طب العيون والمدير المشارك في مركز أمراض الشبكية الوراثية: "إن هذا التحسن بمقدار 10 آلاف ضعف يشبه قدرة المريض على رؤية محيطه في ليلة مقمرة في الهواء الطلق، بدلا من احتياجه إلى إضاءة داخلية ساطعة كتلك التي كان يحتاجها قبل العلاج". وأضاف: "أحد المرضى قال إنه وللمرة الأولى تمكن من التنقل في منتصف الليل في الهواء الطلق باستخدام ضوء نار المخيم فقط".

شارك 15 شخصا في التجربة، بينهم ثلاثة مرضى من الأطفال. كان لدى كل مريض طفرة في الجين (جي يو سي واي2 دي "GUCY2D") الأمر الذي أدى إلى حالة تسمى "العمى الخلقي لليبر" ولبير هو العالم الذي وصف هذه الحالة لأول مرة. تؤدي هذه الحالة -والتي تؤثر على أقل من 100 ألف شخص حول العالم- إلى فقدان كبير في البصر منذ الطفولة المبكرة.

العمى الخلقي لليبر

وفقا لموقع الجمعية الأمريكية لأخصائي شبكية العين فإن العمى الخلقي لليبر يشير إلى مجموعة من الأمراض التي تسبب فقدانا شديدا في الرؤية في مرحلة الطفولة المبكرة. يحدث فقدان الرؤية نتيجة لخلل في وظيفة الشبكية، وهي الطبقة الموجودة في الجزء الخلفي من العين التي تلتقط الصور، تماما مثل الفيلم في الكاميرا. في حالة العمى الخلقي لليبر لا تعمل الخلايا المستشعرة للضوء في الشبكية بشكل صحيح، مما يؤدي إلى عدم القدرة على التقاط الصور.

يتم توريث العمى الخلقي لليبر من خلال الجينات. هناك على الأقل 19 طفرة جينية مختلفة يمكن أن تُنقل وتسبب العمى الخلقي لليبر. الجينات المتأثرة هي التي تُعطي تعليمات للجسم لصنع البروتينات الضرورية للرؤية.

الدراسة ونتائجها

كان جميع المشاركين يعانون من فقدان شديد في الرؤية، حيث كانت أفضل قياساتهم للرؤية مساوية أو أسوأ من 20/80، مما يعني أنه إذا كان بإمكان شخص طبيعي البصر رؤية جسم بوضوح على بعد 80 قدما (24 متر تقريبا)، فإن هؤلاء المرضى كان عليهم الاقتراب حتى 20 قدما (6 متر تقريبا) لرؤيته. وكانت النظارات توفر فائدة محدودة لهؤلاء المرضى لأنها تصحح تشوهات في القدرة البصرية للعين، ولكنها غير قادرة على معالجة الأسباب الطبية لفقدان البصر مثل الأمراض الجينية للشبكية مثل "العمى الخلقي لليبر".

اختبرت التجربة مستويات مختلفة من جرعات العلاج الجيني، المسمى (إيه تي إس إن-101 "ATSN-101")، والذي تم تطويره من كائن حي مجهري وتم حقنه جراحيا تحت الشبكية. في الجزء الأول من الدراسة، تلقت مجموعات من ثلاثة بالغين جرعات مختلفة: منخفضة، متوسطة، وعالية. تم تقييم سلامة المرضى بين كل مستوى من الجرعات قبل زيادتها للمجموعة التالية. أما المرحلة الثانية من الدراسة، فقد تضمنت فقط إعطاء الجرعات العالية لكل من مجموعة البالغين ومجموعة الأطفال، مرة أخرى بعد مراجعات السلامة للمجموعات السابقة.

تم ملاحظة التحسن سريعا، غالبا خلال الشهر الأول من تطبيق العلاج الذي استمر لمدة لا تقل عن 12 شهرا. من بين المرضى التسعة الذين تلقوا الجرعة القصوى، اثنان حققوا تحسنا بمقدار 10,000 ضعف في الرؤية.

وقال سيديشايان -وفقا لموقع ساينس دايلي-: "على الرغم من أننا تنبأنا سابقا بإمكانية تحسين كبير في الرؤية لدى مرضى "العمى الخلقي لليبر"، لم نكن نعلم مدى استجابة المستقبلات الضوئية لدى المرضى للعلاج بعد عقود من العمى". وأضاف: "إنه لأمر مُرضٍ للغاية رؤية تجربة أجريت في عدة أماكن ناجحة وتظهر أن العلاج الجيني يمكن أن يكون فعالا بشكل كبير".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات العلاج الجینی فی الرؤیة

إقرأ أيضاً:

دواء جديد لإبطاء تطور العمى الوراثي

البلاد ــ وكالات

متلازمة آشر، مرض وراثي يصيب شبكية العين، ويفقد فيه الشخص الرؤية تدريجيًا، ولعلاج هذه المتلازمة، ابتكر علماء روس في مختبر علم الفيروسات الجزيئي بجامعة سيتشينوف الطبية دواء جينيًا جديدًا.
وبناءً على اختبار هذا الدواء على الفئران المخبرية المعدلة وراثيًا، وجد العلماء نتائج أولية مشجعة، حيث قال قائد الفريق ألكسندر مالاغولوفكين مدير المختبر:” حددنا اثنين من الأمراض الوراثية لشبكية العين لدراستها بصورة مفصلة؛ المرض الأول، النوع الثاني من متلازمة آشر، والمرض الثاني شتارغاردت، ويصنف كلا المرضين على أنهما أمراض نادرة، لكنها تؤدي إلى الإعاقة لدى المرضى في سن الشباب”.
كما ابتكر الباحثون تقنية لإنتاج النواقل الفيروسية وتنقيتها وتركيزها، ونجحوا في إنشاء بنية وراثية فريدة وتعبئتها في نواقل فيروسية. وسبق أن اختبر الابتكار في ظروف مخبرية على مزرعة خلايا للظهارة الصبغية لشبكية العين البشرية، وأكدت نتيجتها قدرة النواقل الفيروسية على توصيل نسخ جينية إلى الخلايا. وتم اختبار التقنية الجديدة لتوصيل المواد الوراثية إلى خلايا الشبكية على الحيوانات المعدلة وراثيًا في المختبر، وأظهرت نتائج الاختبار على الفئران المخبرية أن العلاج الجيني تمكن من إبطاء تطور التغيرات التنكسية في شبكية العين، التي تسببها متلازمة آشر.

مقالات مشابهة

  • مستشفى «أورمان الأقصر» يستضيف مؤتمرًا عالميًا لعرض أحدث تقنيات علاج السرطان
  • «سرقة أدوية الأورام»عرض مستمر
  • العلاج فى مستشفيات الحكومة.. رحلة عذاب
  • تحذير عاجل من انتشار 4 فيروسات خلال فصل الشتاء.. فيديو
  • بعد الحرب المسيرية فقدوا خيرة رجالهم حماقة من اجل مملكة آل دقلو
  • بين الخوف والنزوح والموت.. قصص مأساوية لأصحاب الأمراض المزمنة في السودان
  • مسؤول بوزارة الصحة: مكافحة العدوى ساهمت في زيادة جودة خدمات الرعاية وارتفاع معدلات العلاج للمرضى
  • وفد حقوق الإنسان بوزارة الداخلية يدعم الأطفال مرضى السرطان في شفاء الأورمان بالأقصر
  • دواء جديد لإبطاء تطور العمى الوراثي
  • وحدة علاج الصدفية الأمراض المناعية تستقبل مئات المرضى بالمجمع الطبى بالإسماعيلية