رغم عدم استبعاد إيكواس التدخل العسكري في النيجر إلا أنها لا تزال تأمل في التوصل إلى حل سياسي للأزمة في النيجر

عكس التوقعات، قررت إيكواس (المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا) نشر "القوة الاحتياطية" التابعة لها لاستعادة النظام الدستوري في النيجر، ضمن جملة من القرارات قرأها في نهاية قمة عقدت حول هذه الأزمة في عاصمة نيجيريا أبوجا رئيس مفوضية المنظمة الإقليمية عمر توراي.

غير أنه لم يدل بمزيد من التفاصيل، ما يضفي على هذا القرار نوعا من الغموض، خصوصا وأن الرئيس النيجيري بولا تينوبو، أكد أنه يأمل "في التوصل إلى حل سلمي (..) لا يوجد خيار مستبعد، بما في ذلك استخدام القوة كملاذ أخير. إذا لم نفعل ذلك، فلن يفعله أحد من أجلنا". من جهته، ذكر رئيس ساحل العاج الحسن واتارا أن "إيكواستدخلت في الماضي في ليبيريا وسيراليون وغامبيا وغينيا بيساو" عندما كان نظامها الدستوري مهددا". ولم تحدد "إيكواس" أي جدول زمني أو عدد القوات التي ستشكل، مع تشديدها على أنها لا تزال تأمل في التوصل إلى حل سلمي للأزمة.

وأضاف أن المجتمع الدولي يبقي على "جميع الخيارات" مطروحة، لكن الأولوية لاستعادة النظام الدستوري هي للطرق السلمية. ودعا تينوبو في وقت سابق في خطاب ختام القمة مجددا من أجل حل سلمي للصراع الذي يخوضه المجلس العسكري. وفي ذات الوقت أشار إلى أنه لم يتم استثناء أي خيار، بما في ذلك استخدام القوة. لكن هذا سيكون "ملاذا أخيرا". ومنذ 26 تموز/ يوليو، يحتجز الحرس الرئاسي رئيس النيجر محمد بازوم، الذي انتخب في 2021، في قصره.

ووفق مراقبين، فإن هذه القوة العسكرية ستوضع على الأرجح في حالة تأهب حتى تتمكن من التدخل بسرعة في حال طُلب منها ذلك. صحيفة "دير ستاندرد" النمساوية كتبت (الثامن من أغسطس / آب 2023) "إن رؤساء إيكواس الباقين المنتخبين ديمقراطياً يرسمون الآن خطاً في رمال الساحل. لأنه إذا استمر الوضع على هذا النحو، فسيأتي دورهم قريبًا أيضًا. وبما أن دعوات الحل السلمي لم تكن ذات فائدة لحد الآن، فقد قاموا بإخراج المدفعية الثقيلة وهددوا بالتدخل العسكري".

منظمة إيكواس ومستنقع الساحل

تزامنا مع انقلاب النيجر، سُلطت الأضواء بشكل غير مسبوق على مجموعة إيكواس التي تعتبر النيجر عضوا فيها، خصوصا منذ أن لوحت نيجيريا بالحل العسكري في حال لم يتراجع الانقلابيون. ورغم رفض المجلس العسكري كل المبادرات الدبلوماسية والمهلة التي حددتها إيواكس، غير أن التدخل العسكري في أحد أكثر البلدان فقرا في العالم، يبدو أكثر تعقيدا خصوصا أمام الرفض الشعبي في المنطقة وتحفظ إن لم نقل رفض عدد من دول الجوار خصوص الدول الانقلابية الأخرى (مالي، بوركينا فاسو وغينيا)، بل وحذرت هذه الدول من أن تدخلا عسكريا في البلد الجار سيعتبر بمثابة إعلان حرب عليها.

موقع "بريسه بورتال" الألماني (الثامن من أغسطس) استبعد أن يكون التدخل العسكري لإيكواس الحل الأمثل للأزمة في النيجر وكتب بهذا الصدد "من غير المرجح أن يساهم التدخل العسكري في المزيد من الاستقرار. إن رئيسا يُعاد تنصيبه من قبل إيكواس، رئيس لا يحظى على ما يبدو بدعم كبير من الجيش ولا شعب النيجر، هذه القوى تتكاتف الآن ضد أي تدخل خارجي محتمل، وبالتالي فإن الخيار العسكري لن يكون سيناريو ذو جدوى".

الغرب أخطأ في عدم تقدير أهمية إفريقيا

تتوالى الانقلابات العسكرية في غرب إفريقيا ومنطقة الساحل، غير أن انقلاب النيجريعتبر أوج تحول أعمق بدأ منذ سنوات، وجاء لينخرط في عملية أشمل تتعلق بإعادة توزيع الأوراق الجيوسياسية في منطقة غير مستقرة. ويبدو أننا نشهد اليوم أفول المرحلة التاريخية التي أسست لها نهاية الحرب العالمية الثانية وقادت دول المنطقة لتحرر غير مكتمل من الاستعمار الفرنسي، فيما ظهرت مؤشرات مخاض مرحلة جديدة، لم تتضح بعد كل معالمها. وتملك القارة الإفريقية اليوم قاعدة ديموغرافية يمثل فيها الشباب دون 25 عاما 60 بالمائة من مجموع السكان، ما يدعو للاعتقاد بأن ما يحدث اليوم هو أيضا تعبير عما يشبه القطيعة بين الأجيال في وقت تتفاقم فيه عوامل التفاوت الطبقي في المجتمعات الإفريقية وإحساس الشباب باليأس وغياب أي أفق للارتقاء، في وقت تحولت فيه أوروبا إلى قلعة حصينة ضد الهجرة القادمة من دول الجنوب. هذا التحول الديموغرافي يشكل مصدر خوف وقلق لأوروبا والغرب عموما، حيث اختزلت منطقة الساحل في التصور الغربي، في بؤرة لتصدير الإرهاب والهجرة غير النظامية، وبالتالي كخطر يجب درؤه وليس في الدرجة الأولى كشريك يمكن التعاون معه بندية. سياسة الهجرة المتشددة حولت هذه المنطقة أيضا إلى سجن مزدوج يغيب فيه أي أمل بالنسبة لملايين الشباب.

 

وبهذا الصدد كتبت صحيفة "فاينانشيال تايمز" اللندنية (الثاني من أغسطس) "إذا ما نجح الانقلاب في النيجر، فقد يتعين على فرنسا الاستعداد للتخلي عن قاعدتها العسكرية هناك، كما فعلت في مالي وبوركينا فاسو. سيتعين على الولايات المتحدة أيضًا أن تقرر ما إذا كانت ستتعاون مع حكومة عسكرية أو تترك البلاد لمصيرها. بالنسبة للغرب، المصالح الرئيسية هنا على المحك. إن انهيار منطقة الساحل بالقرب من أوروبا هو سيناريو مخيف، سواء من حيث الأمن أو التدفقات المحتملة للمهاجرين الفارين من منطقة ينعدم فيها القانون. النيجر هي أيضا مورد لليورانيوم للصناعة النووية الفرنسية. (...) لقد تجاهلت كل من أوروبا والولايات المتحدة لفترة طويلة أهمية إفريقيا الاستراتيجية بسبب نظرة عفا عليها الزمن للقارة باعتبارها مشكلة إنسانية بحتة. في الآونة الأخيرة، أدرك الغرب أنه يتراجع بشكل متزايد أمام الصين وروسيا نتيجة لسوء فهم أهمية إفريقيا. فقط من خلال التعامل مع القارة السمراء بجدية أكبر ومساعدتها على الازدهار، يمكنهم استعادة المساحات المفقودة".

ظلال الاستعمار ومعضلة النفوذ الفرنسي

سيكون من السذاجة تحميل المستعمر الفرنسي السابق كل مسؤولية ما يقع اليوم في منطقة الساحل، غير أن سياسة باريس الأمنية والعسكرية المحضة، تتحمل جزء من هذه المسؤولية، حيث تعتبر إفريقيا منطقة مخاطر وفي أحسن الأحوال مصدرا للمواد الأولية لا أقل ولا أكثر. هذا الاختيار أدى إلى تعزيز أنظمة ديكتاتورية وظهور نخب مستحوذة مرتبطة بالخارج أكثر مما هي مهتمة بمصالح مواطنيها. إن التلويح اليوم بالخطر الروسي أو الصيني لا يمكن أن يغني الملاحظ عن هذه الحقائق المريرة التي يكمن فيها سبب الداء الحقيقي. وبهذا الصدد كتبت صحيفة "لاراثون" الإسبانية (الثامن من أغسطس / آب 2023) "يُزعم أن روسيا ومرتزقة فاغنر هم المسؤولون عن التمرد في منطقة الساحل التي تعاني من الإهمال والبؤس (..) في الواقع، ليست روسيا، بل الصين، هي التي تسيطر على النيجر اقتصاديًا وتقوم ببناء خط أنابيب بطول 2000 كيلومتر بين النيجر وبنين لتأمين السيطرة على النفط. بمساعدة الصين، تحرر النيجر نفسها من اعتمادها على فرنسا. لكن اللوم الحقيقي لتوغل الصينيين والروس في النيجر وإفريقيا وأمريكا اللاتينية يقع على عاتق العالم الغربي الثري، الذي لم يكن قادرًا أو غير راغب في الاستثمار في التنمية الضرورية للجنوب الفقير".

وفي السياق نفسه، كتبت صحيفة "غينيرال آنتسايغر" الألمانية (العاشر من أغسطس) "وضع انقلاب النيجر مجددا الماضي الاستعماري تحت المجهر، فبعكس الكثير من البلدان لم تعتذر فرنسا لحد الآن عن جرائمها الاستعمارية" واستشهدت الصحيفة بالمؤرخة الفرنسية كامي لوفيفر التي تعمل في موقع "ميديا بارت" حيث أوضحت أنه يبدو أن "الكثيرين في فرنسا لا يدركون تماما ماذا يعني الاستعمار والبطش الذي رافقه (..) إن سكان النيجر ومنطقة الساحل عاونوا بشكل شديد من الاستعمار". واستطردت الصحيفة الألمانية موضحة أن آثار الاستعمار الفرنسي لا تزال ملموسة إلى يومنا هذا، فعلى سبيل المثال لا الحصر هناك "فرنك السي.إف.أ" وهي عملة يتم صكها في باريس ويضمنها البنك المركزي الفرنسي وهي متداولة في أكثر من 12 بلدا إفريقيا. كما أن الحكومة الفرنسية هي التي تتحكم في قيمتها. واستطردت الصحيفة قائلة إن فرنسا تواصل "نهب" ثروات إفريقيا كما هو حال مناجم اليورانيوم في النيجر.

برلين تدعو لـ"حل غير عنيف" في النيجر

أبدت الحكومة الألمانية دعمها للجهود الرامية للتوصل إلى حل غير عنيف للصراع في النيجر. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية (العاشر من أغسطس) "بالطبع نحن نرحب بأن تواصل إيكواس جهودها لاستنفاد كل الخيارات الدبلوماسية وبأن تحاول بهذه الطريقة التوصل إلى حل. ونعلم أيضا أن التهديد بتدخل عسكري لا يزال مطروحا بالطبع". وتعتزم وزيرة التنمية الألمانية سفنيا شولتسه التوجه إلى المنطقة الأسبوع المقبل لإجراء محادثات مع مجموعة "إيكواس". ويتضمن برنامج الوزيرة المنتمية إلى حزب المستشار أولاف شولتس زيارة موريتانياونيجيريا. وتعتزم شولتسه الاطلاع على سير مشاريع تنموية هناك.

وفي السياق نفسه قالت الوزيرة في تصريحات لإذاعة "دويتشلاند فونك" الألمانية (11 أغسطس) "حتى الآن لم يُقتَل أحد في هذا الانقلاب... نحن نعرف من الانقلاباتالأخرى أن الأمر يكون مختلفا عن ذلك. ولهذا السبب ما زلت أرى إمكانية لوجود حلول سلمية إذا تم ممارسة ضغط كبير حقا"، مشيرة إلى أن اتحاد دول غرب أفريقيا (إيكواس) يدفع في هذا الاتجاه بالفعل على الصعيد الإقليمي ويمارس "ضغطا هائلا"، مؤكدة ضرورة دعم هذا دوليا. وذهبت واشنطن في نفس الاتجاه، حيث دعا وزير الخارجية أنتوني بلينكن (العاشر من أغسطس) إلى حل سلمى للأزمة في النيجر، وقال بلينكن إن "الولايات المتحدة تقدّر تصميم إيكواس على استكشاف كافة الخيارات من أجل حل سلمي للأزمة".

وألمانيا معنية مباشرة بمجريات الأحداث في النيجر كما أوضحت ذلك صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" (الثامن من أغسطس) "بعد الخروج من مالي، تجد ألمانيا نفسها مرة أخرى تحت رحمة حكومة عسكرية في منطقة كان من المفترض أن تقدم فيها المساعدة. قد يكون من الضروري الآن استخدام طرق أخرى إلى حد كبير لإعادة أكثر من 800 جندي ألماني كانوا جزءًا من قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة مينوسما".

عبثية العقوبات على أحد أفقر بلدان العالم

إن مجرد التفكير في الحل لعسكري أو العقوبات الاقتصادية ضد أحد أفقر بلدان العالم مؤشر على مشكل بالغ في القدرة على فهم المشاكل العميقة في المنطقة. وبهذا الصدد حذرت هيلينه موتشلر، المديرة التنفيذية لمنظمة "أكتسيون غيغن هونغر" (العمل ضد الجوع) من أن "سوء التغذية لدى الأطفال في النيجر يتزايد بشكل مأساوي". وأضافت أن أكثر من أربعة ملايين شخص في هذا البلد يعتمدون على المساعدات الإنسانية، أغلبهم من النساء والأطفال، وقالت "تزداد أيضا أهمية أن يتسنى لفرقنا في النيجر استئناف إجراءات المساعدة بالكامل". ومن جانبه، حذر جيمسون غادزيراي، رئيس فرع جمعية "فيلت هونغر هيلفه" الألمانية المعنية أيضا بمكافحة الجوع، من مواجهة أزمة في الأغذية بالنيجر، وقال لشبكة التحرير الإعلامية في ألمانيا في تصريحات نشرت في العاشر من الشهر الجاري، إن سعر الأرز زاد بنسبة 50 بالمائة تقريبا نتيجة الصراع الدائر في البلاد.

وبهذا الصدد، كتب موقع الإذاعة الألمانية "دويتشلاند فونك محذرا (الأول من أغسطس) "ظهرت عواقب إغلاق الحدود مع النيجر بشكل فوري، فأسعار الغذاء والنفط ترتفع بشكل كبير. حتى الأوراق النقدية باتت نادرة حيث أصبحت المعاملات المالية مقيدة". هذه العقوبات قد تزيد من توتير الأوضاع في المنطقة، حيث تشهد بوركينا فاسو ومالي والنيجر أعمال عنف جهادية في عدّة أجزاء من أراضيها، منذ حوالى عقد من الزمن. بالإضافة إلى ذلك فإن معظم منطقة وسط الساحل "معرّضة بشدّة لتغيّر المناخ، إذ ترتفع درجات الحرارة بمعدّل 1,5 مرّة أسرع من بقيّة مناطق العالم، ومن المتوقّع زيادة تتراوح بين درجتين و4,3 درجات مئوية بحلول العام 2080"، وفقا لتقرير نشرته في يونيو/ حزيران الماضي لجنة الإنقاذ الدولية (IRC) وهي منظمة غير حكومية أمريكية.

حسن زنيند

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: النيجر ايكواس فرنسا الانقلابات العسكرية منطقة الساحل ألمانيا نيجيريا الانقلاب العسكري في النيجر أخبار النيجر النيجر ايكواس فرنسا الانقلابات العسكرية منطقة الساحل ألمانيا نيجيريا الانقلاب العسكري في النيجر أخبار النيجر التدخل العسکری منطقة الساحل العسکری فی العاشر من فی النیجر فی منطقة حل سلمی غیر أن

إقرأ أيضاً:

عالم “الجربندية” السياسية

عالم "الجربندية" السياسية
مندوحة التدخل الاممي - لفصل القوات أم اعادة إنتاج الفوضى؟

كتب الدكتور عزيز سليمان أستاذ السياسة والسياسات

من عجائب التفسيرات السياسية التي طفت على السطح في الأزمة السودانية، حديث البعض عن ضرورة تدخل أممي لفصل قوات (الجنجويد) مليشيا الدعم السريع المتصارعة على البلاد عن الجيش السوداني، وكأن الواقع المعاش يقتصر على صراع متكافئ بين جهتين شرعيتين. في الحقيقة، الجيش السوداني هو المؤسسة الوحيدة المنوط بها حماية الوطن والمواطن وان قصَّرت، بينما تمثل (الجنجويد) مليشيا الدعم السريع نموذجاً سافراً للخروج عن القانون والوحشية السافرة، أُسست على الفوضى وأصبحت أداة تخريبية تهدد وحدة السودان واستقراره.

واقع النزوح ومفهوم الأمان
تحدث غريزة الإنسان عندما يبحث عن الأمان في خضم الصراعات. المواطن السوداني لم يُخدع بجدليات أو دعايات سياسية؛ بل اختار البقاء تحت حماية الجيش في المناطق التي يسيطر عليها، بينما أجبرته غارات (الجنجويد) مليشيا الدعم السريع الوحشية على الهروب من قراهم ومدنهم. المناطق التي اجتاحها الجنجويد أُفرغت من سكانها، وتحولت إلى ساحات للنهب والتدمير، بينما لجأ المواطنون إلى معاقل الجيش حيث شعروا بأن حقوقهم الأساسية في الحياة والأمان ما زالت محفوظة.
في هذه الصورة القاتمة، يأتي طرح "فصل القوات" كفكرة تتناقض مع الواقع. كيف يمكن فصل جيش وطني عن مليشيا خارجة عن القانون؟ هل يعقل أن يُطلب من الدولة التي يهاجمها العدو أن تتخلى عن أحد أبرز أدوات دفاعها الشرعية بحجة "التدخل الإنساني"؟ ومندوحة علاقة المؤسسة العسكرية بسناء حمد او علي كرتي؟

فخ التدخل الأممي وأهدافه المستترة
التاريخ الحديث يفضح غايات التدخلات الأممية في أزمات مشابهة. يُقدم التدخل دائماً تحت عباءة "حماية المدنيين"، لكنه ينطوي غالباً على مصالح سياسية واقتصادية تخدم أطرافاً غير محلية. في الحالة السودانية، فإن فصل القوات سيؤدي إلى تحقيق مكاسب استراتيجية (للجنجويد) الدعم السريع

إضفاء شرعية ضمنية
وضع المليشيا في نفس الكفة مع الجيش يساوي بين الجاني والضحية، ويعطيها مساحة للمناورة السياسية.

تعزيز الاستعداد العسكري
وقف العمليات القتالية سيوفر للجنجويد فرصة لإعادة التموضع والتخطيط لمزيد من الهجمات.

تقويض الدولة السودانية
التدخل الأممي سيضعف سيطرة الجيش على الأرض، مما يفتح الباب أمام فوضى أكبر، ويضعف السيادة الوطنية ويفتح بوابة "تقرير المصير" والتقسيم المرئي..

لقد كشفت الأحداث الأخيرة، مثل الهجوم بالطائرات المسيرة على عطبرة المزدحمة بالنازحين، الوجه الحقيقي (للجنجويد) الدعم السريع عدوٌ للمواطن والوطن. فكيف يمكن أن يُبرر أي تدخل أممي من شأنه منح هذه المليشيا فرصة إضافية لإثارة الفوضى والتنكيل بالمواطن المراد حمايته؟

المخرج الحقيقي للأزمة
بدلاً من الوقوع في فخ التدخل الأممي، يجب على السودانيين والمجتمع الدولي اعتماد خطة محكمة تستند إلى حقائق الأرض ومصلحة السودان، تشمل:
تصنيف مليشيا الدعم السريع منظمة إرهابية
المجتمع الدولي مطالب بإعلان هذه المليشيا عدواً للإنسانية نظراً لما ترتكبه من جرائم بحق المدنيين
تعزيز دور الحكومة المؤقتة بتعيين رئيس وزراء مدني لتشكيل حكومة حرب وتولي الجيش تطهير البلاد من المليشيا:
يجب أن تكون حكومة السودان المؤقتة، بالتعاون مع الجيش، الطرف الوحيد المخوَّل بالتعامل مع الأزمة مع ان الدعم الدولي ينبغي أن يتوجه لتقوية هذه الحكومة، لا الالتفاف عليها.
تطبيق استراتيجية الشعب المسلح:
بدلاً من النزوح، يجب تمكين السودانيين من الدفاع عن أنفسهم عبر تسليح المدنيين في المناطق التي تتعرض لهجمات المليشيات، بما يحمي أرواحهم وممتلكاتهم دونما التعدي او الهجوم على قوات للمليشيا حيث الهجوم وحسم التمرد المليشي هو من صميم عمل المؤسسة العسكرية.
إقامة ممرات إغاثة داخلية تحت إشراف الدولة:
تقديم المساعدات الإنسانية لا يجب أن يكون بوابة لتدخلات سياسية؛ يمكن إنشاؤها وإدارتها تحت إشراف مباشر من الحكومة السودانية وبالتنسيق مع منظمات دولية ملتزمة مع كامل الشفافية
استراتيجية حسم عسكرية مدعومة دولياً:
الحل الأمثل لفصل القوات يكمن في دعم الجيش لإنهاء التهديد الذي تمثله المليشيا، وليس في تحييده أو إضعافه عبر سياسات التدخل المضللة وتدخلات ديبلوماسية “الجربندية".
العدالة وسد أبواب الفوضى
يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية تاريخية تجاه السودان؛ ليس عبر فرض الحلول من الخارج، بل عبر دعم الشعب السوداني لتحقيق تطلعاته في السلام والاستقرار عبر السماع لمن يمثلون الكتلة الحرجة وليس واضعي اليد عليها وحدهم. يجب أن تكون الأولوية لإنهاء الجرائم ومعاقبة مرتكبيها، لا في تعزيز توازنات مختلة على حساب الضحايا
ختاما: فصل القوات في سياق السودان الحالي ليس حلاً؛ بل هو دعوة مستترة لإعادة إنتاج الفوضى وتثبيت أركان التمرد ونفق في اخره ضوء تقسيم للوطن العزيز.
إذا أراد العالم حقاً أن يساعد السودان، فعليه دعم الشرعية الوطنية والجيش السوداني، والعمل على إنهاء خطر المليشيات بصفته الشرط الأول لتحقيق السلام والتنمية واعمال مبدا مسؤولية الحماية
R2P
تحت اشراف الحكومة المشار اليها انفا.

 

quincysjones@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • الاتحاد الأوروبي يستدعي سفيره لدى النيجر
  • عالم “الجربندية” السياسية
  • غارات جديدة على الضاحية الجنوبية... هذه المناطق التي استهدفها العدوّ (فيديو)
  • هل تنجح دول الخليج في تحقيق التوازن في علاقاتها الاقتصادية بين الصين والغرب؟
  • "سار" توقع عقد لصيانة القطارات بقيمة 300 مليون ريال سعودي
  • حوار مع صديقي ال ChatGPTالحلقة (47)
  • أخطر نقطة في مشروع القرار البريطاني الفاشل هي (..)
  • إعلام بيلاروسي: المعارضة والغرب يعدون خططا للاستيلاء على مناطق في جنوب غرب البلاد
  • “الجيش” الذي أذهل أمريكا والغرب..!
  • مفاوضات "كوب 29" تواجه معضلة التمويل: سباق مع الزمن لإنقاذ الكوكب