مكي المغربي: إلى بيريليو!
تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT
صديق قال لي لديه موعد مع توم بيريليو المبعوث الأمريكي للسودان، بماذا أرغب من رسالة له؟
قلت له أمريكا يجب أن تفهم أنه عمليا وبراغماتيا وليس بأي تفكير آيدولوجي من أي جهة، صار التنازل لها (مرفوض)، ليس بسبب الشجاعة وعزة النفس ولا المشاعر الوطنية، ولكن لأن الخسارة في التجاوب مع أمريكا أكبر من المواجهة، أساسا لم تعد هنالك مقارنة.
الموجة الدولية حاليا هي البحث عن أحلاف أخرى خارج النفوذ الأمريكي، الطيف في الجانب الآخر الآن لا يوجد بينه رابط آيدولوجي، يشمل دولا من غرب أفريقيا والنخب التي رضعت من الكونياك الفرنسي وارتضت العلمانية الغربية طوال عمرها، إلى إيران حيث الآيات، إلى أفغانستان حيث الملالي إلى كوريا الشمالية حيث لا يوجد إلا مسجد واحد في السفارة السعودية، إلى جنوب أفريقيا التي استقلت في التسعينات من استعمار عنصري دعمته أمريكا وبريطانيا واسرائيل.
هذا الصف فيه (بل غالبه) حاولوا التفاهم مع أمريكا وانهارت العلاقة بعد محاولات متكررة وخسائر فادحة. إذا الموضوع لا علاقة له بوسوسة ‘كيزان’ ولا رواسب بعثيين، ولا عناد عسكريين، هذه “هلوسة سياسية” .. المشكلة عالمية وليست في السودان ولا في الجيش ولا الرئيس البرهان، المشكلة في الأجندة الأمريكية في السياسة الخارجية لأنها مثقلة بالعقد والتناقضات، المشكلة أن مجتمع السياسة الخارجية الأمريكي (وزارة خارجية و وكالات ومستفيدين ومرتشين) هو مجتمع غريب، مثل من يعيش في أحلام البوربون، مع جنون النيرون، ويرغب في ذات الوقت تدريس الناس الطب النفسي.
أمريكا تعاند الرأي العام الداخلي عندها والرأي العام في أي بلد تستهدفه لتتسائل بعدها لماذا يكروهننا؟ ويخرج منهم الإرهاب ضدنا؟! ثم تأتي الإجابة المملة “لأننا ندعو للحرية ونحرسها في العالم” – إلا في الجامعات الأمريكية طبعا!
أي حرية هذه نهايتها التستر على الجنجويد وتدفق السلاح لقتل السودانيين واغتصاب القاصرات أمام آبائهم؟! أي حرية هذه تجعل السلاح الأمريكي في يد من يبيد المساليت، ويقتل النوبة بالتجويع، ويهدد بقطع نخيل الشمال وسبي نسائهم.
ومع هذا السرد والتشخيص، هل تصدقون، أنا أتعاطف مع توم بيريليو، ويجب ألا أظلمه كشخص، ليس متكبر ولا متغطرس، لكنه ليس مبعوث أمريكا، هو في الحقيقة منسق أو وسيط بين التناقضات الأمريكية، حيث لا توجد أجندة أمريكية محددة المعالم، هي خليط غير متجانس من أربع مكونات: (طمع وكلاء أمريكا في احتلال السودان – مخاوف واشنطون من الخصوم الدوليين – محاولة فاشلة للالتفاف على الرأي العام الأمريكي المناهض للجنجويد بصناعة مزيفة لأعداء آخرين – تقاليد بيروقراطية وتدخل مؤسسات أخرى في عمل المبعوث).
بريليو مطلوب منه الجلوس على كرسي من ثلاثة أرجل لالقاء محاضرة عن التوازن.
ليس بيريليو وحده، أنا اتابع السياسة الأمريكية يوميا، ولم أعد محللا سياسيا لها، بل ناقدا فنيا يشاهد فصولا لمسرحية كومديا سوداء فيها ممثلين أصلا يكرهون بعضهم.
حقيقة، الدولة التي استطاعت سياستها الخارجية أن تطفو فوق رغوة الاكاذيب الأمريكية هي مصر، ربما لأنهم أصلا بالقدر الجغرافي والتاريخي تعلموا كثيرا، وربما لأنهم أهل الدراما وسادتها، ومش ممكن أمريكا (تبيع المية في حارة السقايين).
دول أخرى -كان الشعب السوداني يحبها- بكل أسف ورطتها أمريكا في كراهية السودانيين وصاروا هم والجنجويد سواء.
مكي المغربي
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
رئيس تحرير السياسة الدولية: مصر لا تفصل بين الأزمات السياسية وتحقيق الاستقرار
أكد أحمد ناجي قمحة، رئيس تحرير مجلة السياسية الدولية، على أن المكون الاقتصادي لم يغب عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو يخطط لاستراتيجية تفاعل الدولة المصرية، مع مُحيطها الإقليمي والدولي.
المكون الاقتصادي حاضر بقوة.
وقال «قمحة» خلال لقاء بقناة «إكسترا نيوز»، إن كل الزيارات الخارجية وكل اللقاءات الداخلية التي عقدت في الدولة المصرية، منذ تولي الرئيس السيسي سِدة الحكم عام 2014 وحتى الآن، كان المكون الاقتصادي حاضرًا فيها وبقوة.
وأضاف رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية، أن كل اللقاءات الخارجية تم اصطحاب فيها وزراء الحقيبة الاقتصادية، وفي الداخل كان الوزراء يستدعون للقاءات مع الزعماء أو من يناظروهم في اللقاءات التي جمعتهم في القاهرة.
رؤية مصر.
وأشار إلى أن الدولة المصرية لديها رؤية أن التعاون والتكامل وحل مشاكل الجنوب؛ مكون رئيسي لخلق فرص الاستقرار في المستقبل، وأن مصر لا تفصل ما بين الأزمات السياسية وتحقيق الاستقرار.