لماذا يصوت مسلمو أميركا لمرشحة يهودية بدلا من ترامب وهاريس؟
تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT
واشنطن- رغم تضاؤل حظوظ مرشحة حزب الخضر جيل ستاين في سباق الرئاسة، فإن الكثير من ناخبي أميركا المسلمين سيصوّتون لها في انتخابات 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وفي الوقت الذي يتقاسم فيه المرشحان، الجمهوري دونالد ترامب، والديمقراطية كامالا هاريس، التقدم في استطلاعات الرأي بنسب تقترب من 48% لكل منهما، يجعل ذلك من سباق 2024 أكثر سخونة مع تأكد انتصار أحدهما بفارق ضئيل للغاية.
وهنا تبرز أهمية كل صوت، وأهمية أصوات الكتل الانتخابية، ومن بينها المسلمة التي يمكن لها أن تلعب دورا حاسما في عدد من الولايات المتأرجحة التي تقرر هوية ساكن البيت الأبيض الجديد.
أهمية الصوت المسلمالإسلام هو ثالث أكبر دين في الولايات المتحدة بعد المسيحية واليهودية. ويمنع الدستور الأميركي السؤال عن الهوية الدينية في التعداد العام الذي يجري كل 10 سنوات، وذلك بسبب علمانية الدولة، وفصل الدين عن الدولة.
وتشير تقديرات محايدة إلى أن هناك نحو 4.1 ملايين أميركي مسلم، يشكلون حوالي 1.2% من إجمالي السكان، من بينهم ما يزيد على مليوني ناخب.
ويُعد المسلمون الأميركيون أحد أكثر المجموعات الدينية تنوعا في الولايات المتحدة مع عدم وجود أغلبية عرقية بارزة بينهم، وهم على النحو التالي:
%25 من الأفارقة السود. %24 من البيض (أتراك وإيرانيون وجمهوريات وسط آسيا وألبانيا). %18 آسيويون. %18 عرب. %7 أعراق مختلطة. %5 من أصول لاتينية. %3 آخرون.ومع وجود عدد كبير من الناخبين المسلمين في ولايات متأرجحة رئيسية، فإن لديهم القدرة على التأثير في نتائج السباق الرئاسي.
وأشار تقرير صادر عن مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) لبعض الاختلافات الملحوظة داخل كتلة الناخبين المسلمين الأميركيين.
فمثلا، في حين تتمتع هاريس بتقدم كبير على مرشحة حزب الخضر ستاين، بين الناخبين المسلمين السود (55% مقابل 11%)، فإن ستاين أفضل حالا مع المسلمين البيض والعرب والأتراك (33% مقابل 26%). ولا يوجد تباين كبير بين المسلمين الآسيويين، حيث يدعم 28% منهم هاريس و26% يؤيدون ستاين.
وتأسس "الخضر" عام 2001 كحزب مستقل مرتكزا على 4 أسس وهي: منهج السلام واللاعنف، والاهتمام الكامل بالبيئة، والديمقراطية الشعبية، والعدالة الاجتماعية.
مرشحة الخضرواختار الحزب الدكتورة جيل ستاين كمرشحة رئاسية، واختارت هي الأكاديمي المسلم بوتش وير، نائبا لها على بطاقة الحزب. تقول ستاين "أنا أترشح للرئاسة مع الخضر لتقديم خيار للشعب خارج نظام الحزبين الفاشل. سنضع أجندة عمل مناخية مؤيدة للعمال ومناهضة للحرب في هذه الانتخابات".
ترشحت ستاين سابقا للرئاسة في انتخابات عامي 2012 و2016 وحصلت على حوالي 1% من الأصوات على المستوى الوطني. بينما كان إجمالي حصيلتها في عام 2016 متواضعا، ويمكن القول إن الأصوات التي حصلت عليها في ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن حينها ساعدت ترامب أن يصبح رئيسا.
يدعو برنامج ستاين لعام 2024 إلى "وقف فوري لإطلاق النار في إسرائيل وفلسطين" وإنهاء فوري لجميع المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، وإلى إجراء تحقيق مستقل في "شرعية المليارات للمساعدات العسكرية المباشرة". وبرأيها، فإن المقاضاة من قِبَل المحكمة الجنائية الدولية قد يكون لها ما يبررها.
تقول ستاين "نحن ممتنون للدعم القوي من الناخبين المسلمين الذين يشاركوننا التصميم على إنهاء الإبادة الجماعية في غزة، والظلم الذي يواجهه أصدقاؤنا المسلمون".
وأظهر تقرير "كير" أن ستاين تتقدم على هاريس بين الناخبين المسلمين في العديد من الولايات المتأرجحة الرئيسية. وكشف استطلاع، أُجري أواخر الشهر الماضي، أن الناخبين المسلمين منقسمون على المستوى الوطني بينهم.
وتشير النتائج إلى أن 29.4% من المسلمين الأميركيين يؤيدون هاريس، و29.1% يدعمون ستاين، و11.2% يؤيدون ترامب، و4.2% يؤيدون المفكر كورنيل ويست، وأقل من 1% يدعمون تشيس أوليفر من حزب الأحرار.
ترددوعلى الرغم من هذا التنوع، فإن 16% من الناخبين المسلمين لم يحسموا أمرهم بعد، مما يعكس ترددهم الانتخابي بشأن القضايا الحرجة. بالإضافة إلى ذلك، يقول 8.3% إنهم لن يصوتوا على الأرجح في الانتخابات المقبلة.
وفي ولاية ميشيغان، قال 40% من الناخبين المسلمين إنهم ينون التصويت لصالح ستاين، مقارنة بـ12% فقط قالوا إنهم يخططون للتصويت لهاريس.
ووفقا لموقع "وورلد بوبيلويشن ريفيو" (World Population Review)، يبلغ عدد سكان ميشيغان المسلمين أكثر من 241 ألفا (2.4% من سكانها)، مما يعني أن تقدم ستاين الكبير هناك -إذا استمر- يمكن أن يكون له تأثير حاسم على من يفوز في نهاية المطاف بتلك الولاية.
ويُظهر موقع "فايف ثيرتي إيت" (FiveThirtyEight) حاليا أن هاريس تتقدم على ترامب في ميشيغان بنسبة 1.9% فقط. وكان بايدن قد فاز بالولاية عام 2020 بفارق 2.7% فقط.
وتلقت ستاين دعما كبيرا من الناخبين المسلمين في ولاية ويسكونسن، حيث قال 44% إنهم يخططون للتصويت لها مقارنة بـ39% قالوا إنهم سيدعمون هاريس.
ويبلغ عدد السكان المسلمين بهذه الولاية 69 ألف نسمة (1.2% من سكانها) وفاز بايدن بها بفارق 0.63% فقط. وتتقدم هاريس حاليا بنسبة 2.8%.
وفي أريزونا، حصلت ستاين على دعم 35% من الناخبين المسلمين، مقارنة بـ29% لهاريس، ويبلغ عدد سكانها المسلمين 110 آلاف نسمة (1.5% من إجمالي سكان الولاية)، وفاز بايدن بأريزونا في انتخابات 2020 بفارق 0.3% فقط، ويتقدم ترامب في استطلاعاتها بنسبة 0.5% فقط.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات من الناخبین المسلمین
إقرأ أيضاً:
رئيس "أميركا أولا" يقلب "النظام العالمي" ويثير قلق الحلفاء
شن الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال أول 100 يوم من ولايته الثانية حربا جمركية عالمية غير مسبوقة، خفض خلالها المساعدات الخارجية الأميركية، واستخف بحلف شمال الأطلسي، وتبنى الرواية الروسية بشأن الحرب في أوكرانيا، كما تحدث عن ضم غرينلاند واستعادة قناة بنما وجعل كندا الولاية الأميركية رقم 51.
وقاد ترامب خلال أول 100 يوم في ولايته الثانية حملة غير متوقعة أدت إلى قلب أجزاء من النظام العالمي الذي ساهمت واشنطن في بنائه عقب الحرب العالمية الثانية.
وقال إليوت أبرامز، المبعوث الأميركي السابق لإيران وفنزويلا خلال إدارة ترامب الأولى: "ترامب الآن أكثر تطرفا بكثير مما كان عليه قبل ثماني سنوات. لقد فوجئت".
وأثارت سياسة ترامب القومية قلق الحكومات الأجنبية، ودفع بعضها إلى التفكير بتغييرات دائمة يصعب التراجع عنها حتى لو فاز رئيس أميركي تقليدي عام 2028.
وتصاعدت هذه التحولات وسط ما يعتبره منتقدو ترامب مؤشرات على تراجع الديمقراطية الأميركية، بما في ذلك الهجمات اللفظية على القضاة، والضغط على الجامعات، وترحيل المهاجرين إلى سجون سيئة السمعة.
وحول ذلك، قال المفاوض الأميركي السابق، دينيس روس، إن "ما نشهده هو اضطراب هائل في الشؤون العالمية. لا أحد يعلم في هذه المرحلة كيف يكوّن رأيا حيال ما يحدث أو ما سيأتي لاحقا".
وفي تحقيق أجرته "رويترز" مع أكثر من 12 مسؤولا حكوميا حاليا وسابقا ودبلوماسيين ومحللين مستقلين، حذر كثيرون من أن بعض الأضرار قد تكون دائمة، حتى لو خفف ترامب من سياساته.
ومع ذلك، لا يتوقع هؤلاء المسؤولين والدبلوماسيين والمحللين حدوث تحول جذري، بل يرون أن دولا كثيرة ستتخذ خطوات وقائية.
قلق الحلفاء وتقارب مع الصين
بدأت تداعيات سياسات ترامب بالظهور، إذ يعزز بعض الحلفاء الأوروبيين صناعاتهم الدفاعية لتقليل الاعتماد على السلاح الأميركي، بينما تحتدم النقاشات في كوريا الجنوبية حول تطوير ترسانة نووية، وتتزايد التكهنات بتقارب اقتصادي مع الصين.
البيت الأبيض من جانبه رفض الانتقادات، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، برايان هيوز: "يتخذ الرئيس ترامب إجراءات سريعة لمعالجة التحديات، من خلال دفع أوكرانيا وروسيا لمفاوضات سلام، ومكافحة تدفق الفنتانيل، ومحاسبة الصين، ودفع إيران للعودة إلى طاولة المفاوضات".
وأشار هيوز إلى أن ترامب "يجعل الحوثيين يدفعون ثمن إرهابهم، ويؤمن الحدود الجنوبية المفتوحة منذ أربع سنوات".
وبحسب استطلاع رويترز- إبسوس في 21 أبريل، فإن أكثر من نصف الأميركيين، بمن فيهم خُمس الجمهوريين، يرون أن ترامب "متحالف بشدة" مع روسيا، وسط شكوك شعبية تجاه برنامجه التوسعي.
مخاطر تهدد النظام العالمي
واتهم ترامب الشركاء التجاريين بـ"نهب" الولايات المتحدة، وفرض رسوما جمركية أضعفت الدولار وأثارت مخاوف من ركود اقتصادي عالمي. ورغم أن ترامب يصف الرسوم بأنها "دواء"، إلا أن أهدافه لا تزال غير واضحة.
كذلك فإن سياساته تجاه الحرب في أوكرانيا مثيرة للقلق، إذ دخل في جدال حاد مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وأثار المخاوف من تقارب مع موسكو على حساب كييف.
وأثارت سياسات ترامب قلق المستشار الألماني فريدريش ميرتس، الذي حذر من شعار "أميركا وحدها" قائلا: "هذا يمثل فترة ما قبل وقوع الكارثة بالنسبة لأوروبا".
وفي المقابل، رأى محللون أن خطاب ترامب قد يستخدمه خصوم واشنطن كمبرر لأفعال عدوانية، مثل غزو الصين المحتمل لتايوان.
مواقف مثيرة للجدل
تبنى ترامب مواقف استفزازية، منها المطالبة بضم غرينلاند، ومقترح ضم كندا كولاية أميركية، وهدد بالاستيلاء على قناة بنما، واقترح تحويل غزة إلى منتجع سياحي.
وترى بعض التحليلات أن ترامب يسعى لإحياء نظام عالمي شبيه بالحرب الباردة، لكنه لم يقدم تفاصيل حول خططه للاستحواذ على الأراضي.
وقالت رئيسة وزراء الدنمارك مته فريدريكسن: "عندما تطالبون بالاستيلاء على جزء من أراضينا، فما الذي يمكننا أن نصدقه عن هذا البلد الذي نعجب به منذ سنوات؟".
تعامل الحلفاء مع ولاية ترامب الثانية
بدأت الحكومات الأجنبية في إعادة صياغة سياساتها، إذ أعد الاتحاد الأوروبي قائمة رسوم جمركية مضادة، بينما تدرس ألمانيا وفرنسا الاستثمار أكثر في دفاعاتهما الذاتية.
كندا بدورها تسعى لتعزيز علاقاتها مع أوروبا، وسط انتخابات وطنية يغلب عليها الغضب من سياسات ترامب.
وفي كوريا الجنوبية، رغم الانزعاج من تهديدات سحب القوات الأميركية، تسعى سول إلى الحفاظ على التحالف الاستراتيجي مع واشنطن.
اليابان أيضا فوجئت بقرارات ترامب التجارية، وتسعى "بجهد كبير للرد"، بحسب مسؤول حكومي مقرب من رئيس الوزراء شيجيرو إيشيبا.
ويطرح سؤال رئيسي: هل ستعزز بعض الحكومات علاقاتها الاقتصادية مع الصين كتحوط ضد تقلبات السياسة الأميركية؟.
ففي أوائل أبريل، التقى رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بالرئيس الصيني شي جين بينغ في بكين، وقالت الصين في الآونة الأخيرة إنها تبادلت وجهات النظر مع الاتحاد الأوروبي بشأن تعزيز التعاون الاقتصادي.
وطرحت بكين نفسها حلا للدول التي تشعر بالتهديد من نهج ترامب التجاري، وتحاول أيضا ملء الفراغ الذي خلفته قراراته بتخفيض حجم المساعدات الإنسانية.
ووفق آرون ديفيد ميلر، الدبلوماسي الأميركي المخضرم السابق في إدارات جمهورية وديمقراطية، فإن الأوان لم يفت بعد بالنسبة لترامب لتغيير مساره في السياسة الخارجية، خاصة إذا بدأ يشعر بالضغط من رفاقه الجمهوريين الذين يشعرون بالقلق إزاء المخاطر الاقتصادية بينما يسعون للاحتفاظ بالسيطرة على الكونغرس في انتخابات التجديد النصفي العام المقبل.
وإذا استمر ترامب على مساره، فربما يحاول الرئيس المقبل إعادة ترسيخ دور واشنطن كضامن للنظام العالمي، ولكن العقبات قد تكون هائلة، وهو ما عبّر عنه ميلر بالقول إن "ما يحدث لم يتجاوز بعد نقطة اللاعودة. لكن حجم الضرر الذي يلحق الآن بعلاقاتنا مع أصدقائنا، ومدى استفادة الخصوم منه، أمر لا يمكن حصره على الأرجح".