حالة من الترقب في انتظار اللقاء المتوقع بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره السوري بشار الأسد، بعد أكثر من عقد على القطيعة، حيث عاشت تركيا ولأكثر من عقد قطيعة مع جارتها التي ترتبط ارتباطا وثيقا بها.

وبحسب تقرير لصحيفة "التايمز" أعدته حنا لوسيندا سميث من مدينة إسطنبول فإن أعداد اللاجئين السوريين في تركيا هي السبب وراء محاولات إصلاح العلاقات التركية-السورية.



ففي آذار/ مارس 2011، قطع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العلاقات مع نظام بشار الأسد، حيث بدأت أعداد اللاجئين السوريين الهاربين من الحرب بالتدفق على الحدود التركية. وفي تحرك أدى لعزلته بالمنطقة وضع أردوغان ثقله وراء المعارضة للأسد.

وبحسب الأرقام الرسمية، فإن في تركيا اليوم، 3.1 مليون لاجئ سوري، مع أن الرقم قد يكون أعلى بكثير. ويريد أغلب الأتراك عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم.


وقد أصبحت هذه القضية تشكل صداعا سياسيا محليا لأردوغان. ففي هذا الصيف اندلعت أعمال شغب مناهضة للسوريين بمدن في مختلف أنحاء تركيا، وأشارت الصحيفة إلى أن ثورات الربيع العربي التي دعمها أردوغان، فشلت إلى حد كبير. فقد أصبحت ليبيا دولة مقسمة إلى حكومتين وتعيش تونس في حالة من الفوضى المتزايدة، وقد أطاحت الانقلابات بحكومة الإخوان المسلمين في مصر، والتي جلبت إلى السلطة، الجنرال عبد الفتاح السيسي، وهو رجل استبدادي معاد للإسلاميين.

وفي الوقت نفسه، نجت ممالك الخليج من هذه الثورات ولم يلحق بها أي أذى، في حين انهارت سوريا واليمن وتعيشان صراعات بالوكالة.

وفي ضوء هذا الواقع الجيوسياسي والأزمة الاقتصادية التي تعيشها تركيا، فقد شرع أردوغان في إعادة بناء العلاقات مع نفس الزعماء الذين أمضى عقدا من الزمان في معاداتهم ودعم الذين حاولوا إسقاطهم.


وقام أردوغان بضبط العلاقة مع السعودية والإمارات العربية المتحدة وبوعود استثمارات ضخمة وعقود تجارية محتملة.

وفي هذا الشهر استقبل في العاصمة أنقرة رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي وأعلن عن اتفاقيات تجارية وأمنية.

وبخلاف محاولات الضبط مع الدول الأخرى، فالمصالحة مع الأسد، الذي كان قريبا منه لدرجة أنهما قضيا إجازة عائلية معا في بودرم، تبدو معقدة.

ليس لأن أنقرة لا تزال تستقبل المعارضة السياسية السورية ومكاتبها في إسطنبول فحسب، بل لأن أجزاء كبيرة من سوريا التي تسيطر عليها المعارضة والتي تقع على الحدود التركية تخضع لسيطرة قوات مدعومة من تركيا، إلى جانب نشاط الجيش التركي هناك.

ونقلت الصحيفة عن أويتان أورهان المختص بشؤون المشرق في مركز أبحاث الشرق الأوسط في إسطنبول قوله: "المشاكل عميقة وبعيدة المدى، وهناك غياب كبير بالثقة وطبيعة كل المشاكل قائمة على الأمن"، مضيفا أنه "من جانب الأسد فلا يوجد حرص على التوصل إلى مصالحة لأنهم يعتقدون أنه مع مرور الوقت سيصبح موقفهم قويا"، و"يعتقدون أن الوقت في صالحهم لكنهم ضعاف، لاعتمادهم على إيران وروسيا ويحتاجون أيضا إلى حل سياسي، ولا توجد فرصة لذلك دون انسحاب تركي".


وتقول الصحيفة إن القنوات الإخبارية التركية تروج منذ أشهر لاحتمال لقاء بين الزعيمين، إلا أن الجانب السوري التزم بالهدوء.

ومع ذلك فإن هناك عدة عوامل تجمع الطرفين وتدفع للمصالحة. منها عودة الأسد للحظيرة العربية، ففي أيار/ مايو 2023 سمح لسوريا بالعودة إلى الجامعة العربية واستعادة مقعدها الشاغر منذ 12 عاما. وشاركت تركيا ولأول مرة في اجتماع وزراء الخارجية العرب الأسبوع الماضي. وتدفع دول الخليج الساعية لمواجهة إيران باتجاه حل الخلافات وإصلاح العلاقات بين البلدين.

وتطمح روسيا في تقوية سيطرتها على سوريا وهي بحاجة لمصالحة وانسحاب تركي من الأراضي السورية لكي تحقق هذا الطموح.

وفي الوقت نفسه، تحضر الولايات المتحدة لسحب قواتها من شمال- شرق سوريا، حيث تقدم الدعم للمقاتلين الأكراد ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وينظر أردوغان والأسد إلى الأكراد كتهديد لأمن ووحدة الأراضي التركية والسورية.

لكن الأسد ليس آمنا كما يحب أن يصور نفسه، فربما تحدى معارضيه الداخليين، لكنه أصبح زعيما تابعا يعتمد على رعاته في طهران وموسكو، ويحكم بلدا متشرذما يشهد بين الفترة والأخرى موجات من الاحتجاجات ضده بالمناطق الخاضعة لسيطرته، وخاصة في السويداء، معقل الأقلية الدرزية الموالية سابقا له، ودرعا، مهد الثورة.

وتقف المنطقة على أعتاب حرب شاملة بسبب الحرب في غزة التي قد تتوسع إلى لبنان وقد تطال سوريا، وربما وجهت إسرائيل غارات مباشرة إلى حلفاء الإيرانيين في دمشق.


وتقول الصحيفة إن أي مصالحة تعتمد على عدد من القضايا الرئيسية والتي قد يقود حلهما لخلق مشاكل أخرى.

وسيؤدي إصرار الأسد على الانسحاب التركي الكامل من شمال سوريا، إلى خلق فراغ أمني في منطقة تنشط فيها مجموعات متطرفة متعددة، بما في ذلك خلايا تنظيم الدولة الإسلامية. ومن غير المرجح أن تكون عودة قوات الأسد سهلة وبدون قتال وسفك للدماء. وهذا يعني موجة جديدة من اللاجئين نحو تركيا.

ومن جهة أخرى فإنه سيؤدي الغضب من خيانة تركيا الظاهرة لتعريض الأراضي التركية للخطر وشن هجمات إرهابية ضدها.

أما من جانب أردوغان، فإن المطلب الأساسي للمصالحة، سيكون تسهيل عودة اللاجئين السوريين، ولكن من غير الواضح كيف يمكن للأسد أن يقدم أي نوع من الضمانات لسلامتهم عندما تعرض مئات الآلاف من معارضي النظام السوري للتعذيب والقتل في السجون.


ومنذ بداية الحرب ولد أكثر من 700,000 طفل لآباء سوريين في تركيا، عدد كبير منهم لا يحملون جنسية. ولا يمكن حل مشكلتهم من خلال صورة مشتركة بين الأسد وأردوغان في أنقرة أو دمشق.

 ويقول أورهان: "لن يحدث الانسحاب التركي دون ضمانات أمنية، وهذا يتطلب حلا سياسيا، وهو ما يشكل في حد ذاته عقبة كبيرة"، مضيفا أنه "يمكننا أن نتوقع أن تستغرق العملية وقتا طويلا، مع تقلبات على طول الطريق. وقد تستغرق سنوات، وحتى لو التقى أردوغان والأسد وتصافحا، فهذا لا يعني أنهما حققا التطبيع".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية أردوغان تركيا بشار الأسد سوريا سوريا تركيا أردوغان بشار الأسد سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللاجئین السوریین فی ترکیا

إقرأ أيضاً:

عبدي: المقاتلون الأكراد غير السوريين سيغادرون سوريا عند إبرام هدنة مع تركيا



أعلن قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي أن المقاتلين الأكراد غير السوريين سيغادرون سوريا عند إبرام هدنة مع تركيا.

وقال عبدي: "إن المقاتلين الأكراد الذين قدموا إلى سوريا من مختلف أنحاء الشرق الأوسط لدعم القوات الكردية السورية سيغادرون إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في المواجهة مع تركيا بشمال سوريا، حسب ما ذكرت وكالة "رويترز".

ويمثل انسحاب المقاتلين الأكراد غير السوريين أحد المطالب الرئيسية لتركيا، التي تعتبر الجماعات الكردية في سوريا تهديدا لأمنها القومي وتدعم حملة عسكرية جديدة ضدهم في الشمال، حسب الوكالة.

وأعلن عبدي في وقت سابق، الاستعداد لتقديم مقترح إنشاء منطقة منزوعة السلاح في كوباني (عين العرب)، مع إعادة توزيع القوات الأمنية تحت إشراف وتواجد أمريكي.

وكتب مظلوم عبدي على منصة "إكس" أمس الثلاثاء: "تأكيدا على التزامنا الثابت بتحقيق وقف شامل لإطلاق النار في كافة أنحاء سوريا، نعلن عن استعدادنا لتقديم مقترح إنشاء منطقة منزوعة السلاح في مدينة كوباني (عين العرب)، مع إعادة توزيع القوات الأمنية تحت إشراف وتواجد أمريكي".

واتهمت القيادة العامة لـ "قسد"، في البيان الجانب التركي باستغلال التطورات من خلال "مهاجمة مناطق شمال شرق سوريا، وإرسال مرتزقتها إلى منبج"، مشيرة إلى أن تركيا "شاركت بشكل سري في الهجوم" على منبج.

وأفاد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر في مؤتمر صحفي أمس الثلاثاء بتمديد وقف إطلاق النار بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية في شمال سوريا حتى نهاية الأسبوع

مقالات مشابهة

  • السفارة التركية بدمشق تعلق على زيارة أردوغان المرتقبة إلى سوريا
  • القائم بالأعمال المؤقت في السفارة التركية بدمشق يعلق على زيارة أردوغان المرتقبة إلى سوريا
  • سوريا.. بين الأطماع التركية والطموحات الكردية
  • «المشروعات القومية تدفع عجلة التنمية».. سياسيون: الدولة تحملت أعباء كثيرة للوصول للجمهورية الجديدة
  • وزير الداخلية التركي يكشف عن عدد السوريين العائدين إلى بلادهم منذ سقوط الأسد
  • الإصلاح والنهضة: جهود الدولة في المشروعات القومية تدفع عجلة التنمية
  • “الأناضول”: عودة السوريين من تركيا تتسارع بعد سقوط نظام بشار الأسد
  • بعد سقوط الأسد .. عودة السوريين من تركيا تتسارع
  • سفير أنقرة بالقاهرة : وزير الخارجية التركي يزور سوريا قريبا
  • عبدي: المقاتلون الأكراد غير السوريين سيغادرون سوريا عند إبرام هدنة مع تركيا