سرايا - نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريراً لمراسلها نيل زيبلر من تل أبيب، أشار فيه إلى الطريقة التي حوّلَ فيها مدير الأمن الوطني الإسرائيلي إيتمار بن غفير الشرطة إلى سلاح.

وأشار زيبلر لحادث الهجوم على بن غفير عندما ذهب إلى الشاطئ في تل أبيب، واستُقبل بالسخرية والاستهزاء من المستحمين على الشاطئ وتعرّضه للضرب بحفنة رمال من شابة رمتها باتجاهه.

وقد اعتقلت الشرطة التي كانت ترافقه الفتاة واحتجزتها ليلة واحدة، ووجهت لها اتهاماً بـ “الاعتداء على موظف عام”، وهي تهمة تحمل معها سجناً لمدة ثلاثة أعوام.

لكن الحادث يظهر كيف غيّر الوزير القومي المتطرف الشرطة، منذ توليه منصب إدارتها، قبل 20 شهراً، عندما انضم حزبه إلى نتنياهو في الائتلاف الحالي.

إسرائيليون: إعادة تشكيل الشرطة من قبل رجل يخبر الفلسطينيين بفخر أن اليهود “أسيادهم” قد تكون له عواقب بعيدة المدى على سلوك الشرطة وسيادة القانون

ويقول مسؤولون سابقون في الشرطة، ومحلّلون قانونيون وناشطون معارضون للحكومة إن القوة المكونة من 30,000 عنصر تم تسييسها لخدمة أجندة متطرف قومي في مناخ من التوتر ناجم عن الحرب في غزة. ويحذّرون من أن إعادة تشكيل القوة من قبل رجل يخبر الفلسطينيين بفخر أن اليهود هم “أسيادهم” قد تكون له عواقب بعيدة المدى على سلوك الشرطة وسيادة القانون، وحتى الديمقراطية الإسرائيلية.

وقال ديفيد تزور، رئيس الشرطة السابق: “هذا ما نطلق عليه الفيل في دكان الأطباق الصينية. واختاروا مجرماً مداناً وعيّنوه في أقدس أقداس نظام فرض القانون، هذا أمر لا يصدق”.

ومنذ تولي بن غفير قيادة هذه القوة، اتهمت بالتساهل في التعامل مع عنف المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، واتباعها تكتيكات عدوانية ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة، والفشل في وقف الهجمات اليمينية المتطرفة على قوافل المساعدات إلى غزة المحاصرة. وفي نفس الوقت حاول بن غفير، ومن طرف واحد، تغيير الوضع الراهن في المسجد الأقصى.

وحتى العام الماضي، نظر للرجل، البالغ من العمر 48، وبسجلّه في التحريض وإثارة الشعب، وإدانته السابقة بنشاطات مناهضة للعرب، على أن من الاستحالة ترشيحه لمنصب يتعلق بفرض القانون.

وكأحد أتباع الحاخام المتطرف مائير كاهانا، برز للعلن عندما كسر قطعة تزين سيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي يتسحاق شامير عام 1995. وقال: “مثلما استطعنا الوصول إلى هذا الرمز فإننا قادرون على الوصول إلى رابين”، وبعد أسابيع أطلق متطرفٌ يهودي معارض للعملية السلمية مع الفلسطينيين النار عليه.

وظل بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة كريات أربع، جنوبي الضفة الغربية، يحتفظ بصورة باروخ غولدشتاين، الذي قتل عشرات من المصلين الفلسطينيين في الحرم الإبراهيمي. وفي السنوات الأخيرة، درس القانون من أجل الدفاع عن المستوطنين اليهود المتهمين بالهجوم على الفلسطينيين. واهتم الإعلام به، ما رفع من شهرته، ونجح في الانتخابات البرلمانية، عام 2021، كزعيم لحزب القوة اليهودية.

وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد تحدث، قبل عام من الانتخابات، بأنه لن يعين بن غفير في حكومته، لكن أطول رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل احتاج لبن غفير من أجل تشكيل الحكومة. وكان الثمن أن يكون وزيراً في الوزارة التي منحت اسماً كبيراً: “الأمن القومي”، مع أنها كانت تعرف باسم وزارة “الأمن الداخلي”.

وقال بن غفير، الذي خاض حملته الانتخابية على أساس برنامج “القانون والنظام”، إن هدفه هو “تعزيز الحكم والسيادة”، وزيادة ميزانيات الشرطة.

ورغم هذا الزعم، فإن معدلات الجريمة زادت تحت إدارته للوزارة، وذلك حسب بيانات لحركة حرية المعلومات. وبخاصة الجريمة في البلدات والقرى العربية داخل إسرائيل، حيث وصلت إلى 116 جريمة قتل عام 2022 و244 في عام 2023، وذلك بحسب البيانات التي اطلعت عليها “فايننشال تايمز”، فيما قتل حوالي 170 عربياً هذا العام. وتقول الشرطة إن “معالجة العنف في المجتمع الإسرائيلي- العربي لا يزال أولوية”، وقد خصصت لها “مصادر كبيرة”. إلا أن ثقة الرأي العام بقوى الشرطة تدهورت، وكذا تراجعت معنويات عناصرها، واستقال عدد من الضباط من ذوي الرتب المتوسطة والعليا، أو هددوا بذلك، حسب مقابلات وتقارير إعلامية واتصالات داخلية اطلعت عليها صحيفة “فايننشال” تايمز.

كما استقال ستة نواب لمفوضي شرطة، في الشهرين الماضيين وحدهما. وقال قائد شرطة بارز سابق عن غفير بأنه “يمثل كل ما هو غير ديمقراطي؛ تنمّر، عنف، عنصرية. وطالما استمر بالسماح له بالمضي بخططه، وتعمق فشله، فلن يكون هناك قوة “ديمقراطية” للشرطة”. مضيفاً: “تستهدف الشرطة العناصر المعادية للحكومة والأقليات، وأنت تبدأ بالعرب، ولن ينتهي الأمر عند هذا الحد”.

ويصف المعادون للحكومة الشرطة بأنها “ميليشيا بن غفير”. وطالب الوزير نفسه بالعمل كـ “مفوض أعلى للشرطة” بصلاحيات فوق القائد الأعلى، سعياً منه للمشاركة ليس فقط في السياسة العامة ولكن في تفاصيل العمليات واستخدام القوة، بحسب ما قاله العديد من كبار ضباط الشرطة السابقين. وأضاف هؤلاء بأن هذا لا يخرق فقط الأعراف الديمقراطية، ولكن القانون الإسرائيلي الذي ينص على ابتعاد مفوض الشرطة عن التدخل في السياسة والتزام الحيادية. وحاولت المحكمة العليا تأكيد صلاحيات المفوض بعدما اشتكى ناشطون من السلطات الواسعة لبن غفير. إلا أن هذا مارس التأثير من خلف الأبواب.

وقال تزور إن “جوهر قوة الوزير يكمن في بناء القوة، وبعبارات أخرى، التعيينات، وهنا تكمن سلطته”. وقد استخدم بن غفير هذه السلطة بشكل واسع، حيث أجرى مقابلات شخصية حتى مع القادة من ذوي الرتب المتوسطة من أجل ترقيتهم، واتصل مباشرة برؤساء المناطق، حسبما قال العديد من الأشخاص المطلعين على عمليات الشرطة. وقال قائد شرطة سابق: “هناك فوضى داخل الشرطة، ويقوم بزرع الخوف في قلوب الضباط، وبناء على أجندته” و”يقوم بتشكيل الشخصيات الذين يقودون الشرطة، بشكل يظهر للآخرين أنه يجب أن يكون ولاؤهم”.

وأضافت الصحيفة أن مكتب وزير الأمن الوطني لم يرد على طلبات التعليق المتكررة منها.

وفي العام الماضي، عيّن بن غفير داني ليفي مفوضاً عاماً للشرطة، وهو اختيار صادم، لأن ليفي عين مفوض منطقة قبل أقل من عام. وكان مسؤولاً عن تفريق التظاهرات في بلدة نتنياهو قيسارية. وقال له بن غفير في حفل ترسيمه: “أنت الشخص المناسب في المكان المناسب”، مضيفاً: “جاء داني بأجندة يهودية وصهيونية، وسيقود الشرطة بناء على السياسة التي أحددها له”. لكن تزور يرى أن تعيين بن غفير لليفي لا يسحب عنه المصداقية “كون الشخص الذي عيّنه مجرماً لا ينزع المصداقية على التعيين، لكن على [داني ليفي] عبء الإثبات”.

وفي تموز/يوليو، أصدر كوبي شابتاي، المفوض المنتهية ولايته، تحذيراً شديد اللهجة: “إن المعركة ضد تسييس الشرطة وانحرافها عن المسار المهني تجري على قدم وساق”.

وفي أول أسبوع من تولي ليفي عمله كمفوض، في بداية أيلول/سبتمبر، اعتقلت الشرطة 125 متظاهراً، مقارنة مع 85 معتقلاً شهرياً، وطوال 20 شهراً من التظاهرات، حسب جبهة دعم المعتقلين.

واعتقل متظاهر اسمه نداف غات في تل أبيب، هذا الشهر، حيث كان يقف على قارعة الطريق، وبقي محتجزاً طوال الليل، ولكنه لاحظ غياب المهنية. وفي الوقت نفسه، قام نشطاء اليمين المتطرف، الذين يرتبطون بشكل وثيق مع بن غفير وحركة الاستيطان في الضفة الغربية، خلال النصف الأول من هذا العام، بمنع قوافل المساعدات التي تحاول الوصول إلى غزة التي مزقتها الحرب، ولم تتدخل الشرطة إلا نادراً، ولم تعتقل أحداً.

ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن هناك شكوكاً داخل الجيش بأن أفراد الشرطة أبلغوا المجموعات المتطرفة هذه بحركة القوافل.

وحتى الإدارة الأمريكية طالبت علناً السلطات الإسرائيلية ببذل المزيد من الجهود لوقف الهجمات. وهناك أمثلة أخرى على هذا النهج المتساهل من اليمين القومي المتطرف، ففي تموز/يوليو، اقتحمت عصابات منهم قاعدتين عسكريتين إسرائيليتين، احتجاجاً على اعتقال عدد من جنود الاحتياط بزعم تعذيب المعتقلين الفلسطينيين.

ومع استجابة الشرطة الباهتة، اضطر الجيش الإسرائيلي إلى نشر قوات المشاة لحماية إحدى القاعدتين. ولم يتم اعتقال أي من القوميين المتطرفين.

وقال عدد من الضباط السابقين إن أوضح الأمثلة عن لامبالاة الشرطة وأكثرها سوءاً سجّل في القدس والضفة الغربية، حيث ارتفعت هجمات المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين بشكل حاد، بحسب بيانات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية.

وحذر مدير شين بيت، رونين بار، في رسالة أرسلها، الشهر الماضي، للحكومة، وليس لبن غفير، من أن زيادة العنف “نتاج ضعف يد الشرطة، وربما الشعور بالدعم لحد ما”. ونفت الشرطة، في ردود على أسئلة محددة من الصحيفة، بأنها تعمل بناء على خطوط محايدة بعيداً عن السياسة.

ويرى يواف سيغالوفيتش، الضابط البارز السابق في الشرطة، ونائب وزير الأمن الداخلي السابق عن حزب “ييش عتيد” أن الرأي العام لديه اعتقاد بأن الشرطة أصبحت مسيّسة تحت إدارة بن غفير.

ويرى مسؤولون إسرائيليون سابقون وحاليون أن اقتحامات بن غفير للحرم القدسي تعتبر من أخطر تدخلاته.

وزَعَمَ، الشهر الماضي، أنه غيّرَ الوضع القائم في الحرم من طرف واحد، وهو زَعْمٌ سارع نتنياهو لنفيه. وكتب بار، في رسالته، بأن استفزازات كهذه قد تقود إلى سفك الدماء، وقد تغيّر وجه إسرائيل وللأبد، وبدون رجعة.


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: بن غفیر

إقرأ أيضاً:

خالد مشعل لـنيويورك تايمز: لا تنازل عن شروط المقاومة للوصول إلى صفقة تبادل

أوضح رئيس حركة المقاومة الإسلامية حماس، في إقليم الخارج، خالد مشعل، في حوار مع صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، شروط المقاومة من أجل الوصول إلى صفقة تبادل أسرى، ووقف الحرب، مؤكدا على تمسك المقاومة بشروطها.

تقول إسرائيل إنها قتلت الآلاف من عناصر حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس"، وأنها دمرت الهيكل للقيادي لكل كتائبها ‏تقريباً، وضربت شبكة أنفاقها. لقد كانت حملة القصف التي شنت على غزة مدمرة لدرجة أنه ‏لم يعد بالإمكان التعرف على المعالم الحضرية فيها. ‏

ومع ذلك يقول الجيش الإسرائيلي إن القضاء على حماس غير ممكن – حتى وإن دعا رئيس ‏الوزراء بنيامين نتنياهو إلى "انتصار تام" على الحركة. ‏



ويقول مشعل، إن الحركة تكسب الحرب وأنها ‏سوف تلعب دوراً حاسماً في مستقبل غزة. ‏

وقال مشعل في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز في الدوحة، قطر، حيث يقيم: "باتت ‏حماس صاحبة اليد العليا. فقد بقيت صامدة، وأدخلت الجيش الإسرائيلي في حالة من ‏الاستنزاف." ‏

تفسير ذلك من وجهة نظر حماس بسيط للغاية، فالفوز يعني ببساطة البقاء على قيد الحياة، ‏على الأقل حتى الآن، ولقد تمكنت الحركة من تحقيق ذلك، حتى وإن كانت قد أوهنت بشدة. ‏

توفر تصريحات مشعل، ضمن مقابلة أجريت معه على مدى ‏ساعتين داخل غرفة المعيشة في منزله بالدوحة، إطلالة نادرة على طريقة تفكير المسؤولين ‏في حماس. فهو واحد من أكبر شخصيات المكتب السياسي لحركة حماس، ويعتبر أحد أهم ‏مهندسي استراتيجية الحركة. ‏

كان مشعل قد استهدف من قبل إسرائيل بمحاولة اغتيال فاشلة في عام 1997 في ‏الأردن. وقد ترأس المكتب السياسي للحركة لما يزيد عن عقدين من الزمن. ‏

في وقت مبكر من شهر أيلول/ سبتمبر وجه المدعون الفيدراليون في الولايات المتحدة له ‏ولعدد آخر من زعماء حماس رسمياً تهماً بلعب دور مركزي في تخطيط وتنفيذ هجمات ‏السابع من تشرين الأول/ أكتوبر على إسرائيل. ‏

أوضح مشعل في المقابلة أن المسؤولين في حماس لن يبرموا صفقة ‏وقف إطلاق نار مع إسرائيل مقابل أي ثمن، وأنهم لن يتخلوا عن مطالبهم الرئيسية والمتمثلة بإنهاء ‏الحرب وانسحاب إسرائيل. ‏

خلص محللون مستقلون إلى تقييمات مشابهة حول أولويات حماس. يقول غيث العمري، ‏الخبير بالشؤون الفلسطينية: "يشعرون بأن الزمن لصالحهم، ويعتقدون أنه لا يوجد بديل ‏عنهم" .

وهي ثقة بالنفس تخضع دوماً للاختبار في أرض المعركة داخل غزة. فرغم أن حماس تبقى ‏قوة متنفذة داخل القطاع، إلا أنها واجهت انتقاداً من غزيين يلومون الحركة بسبب تعريضها ‏إياهم للضرر. كما أن تعريف حماس للنجاح قد لا يبقى صحيحاً فيما لو استمرت الحرب ‏لأعوام ونجحت إسرائيل في القضاء على جل ما تبقى لها من قوة عسكرية، حسبما يقول ‏محللون فلسطينيون. ‏

في بداية الحرب، عبر الرئيس بايدن عن موقف مشابه لموقف نتنياهو – ومفاده أن حماس ‏تحتاج لأن يُقضى عليها. ولكن السيد بايدن لم يعد يتحدث عن استئصال الحركة، ناهيك عن ‏أن كلاً من الولايات المتحدة وإسرائيل شاركتا في مفاوضات غير مباشرة مع حماس. ‏



يقول مشعل إنه خرج من ذلك بنتيجة مفادها أن الولايات المتحدة تقر بأن حماس لن ‏تغادر إلى أي مكان. ‏

وفي إشارة إلى الموقف الذي كانت تتبناه كل من إسرائيل والولايات المتحدة في بداية الأمر، ‏قال مشعل: "لم تكن الرؤية الإسرائيلية الأمريكية تتحدث عن اليوم التالي للحرب، وإنما عن ‏اليوم التالي لحماس." ‏

ثم قال: "أما الآن، فإن الولايات المتحدة تنتظر رد حماس." ‏

وأضاف دون أن يذكر أن الحركة صنفت منظمة إرهابية في الولايات المتحدة وإسرائيل: ‏‏"فهم بذلك يعترفون، عملياً، بحماس." ‏

كما أن بعض مسؤولي الأمن السابقين في إسرائيل يقولون إنهم يعتقدون بأنه من غير المتوقع ‏أن تُهزم حماس في هذه الحرب. ‏

يقول الجنرال غادي شامني، القائد السابق لفيلق غزة في الجيش الإسرائيلي: "إن حماس ‏تكسب هذه الحرب. يكسب جنودنا كل مواجهة تكتيكية مع حماس، ولكننا نخسر الحرب، ‏ونخسرها بشكل فادح." ‏

مازال الآلاف من مقاتلي حماس ومن المسؤولين في حكومتها يفرضون سيطرتهم على أجزاء ‏كبيرة من غزة. وفي المدن التي سيطرت عليها القوات الإسرائيلية لفترة وجيزة، تركت ‏مغادرتهم في نهاية المطاف فراغاً سرعان ما شغلته حماس وغيرها من فصائل المقاومة المسلحة. ‏

يقول الجنرال شامني إنه على الرغم من أنه لا مجال لإنكار أن إسرائيل دمرت قدرات حماس ‏العسكرية، إلا أن حماس كانت تعود وتبسط سيطرتها على البلدات "خلال 15 دقيقة" من ‏الانسحابات الإسرائيلية. ‏

ويضيف: "لا يوجد هناك من يمكنه تحدي حماس بعد مغادرة القوات الإسرائيلية." ‏

ويقول الجنرال شامني إن الإخفاق الأكبر يتمثل في عدم سعي السيد نتنياهو إلى التقدم ببديل ‏واقعي لكيان يحكم غزة بعد الانسحابات الإسرائيلية. ‏

وكان العميد البحري دانيال هاغاري، المتحدث العسكري الإسرائيلي، قد رفض في أواخر ‏شهر حزيران/ يونيو ما اقترحه نتنياهو من أن حماس يمكن أن تمسح من الوجود. ‏

وقال متحدثاً للقناة 13 الإسرائيلية: "يخطئ من يظن أننا سوف نجعل حماس تختفي. فكرة أنه ‏من الممكن تدمير حماس، أن تجعل حماس تختفي من الوجود – إنها بمثابة ذر الرماد في ‏عيون الجمهور." ‏

وفي الشهر الماضي، وصف وزير الحرب يوآف غالانت شعار السيد نتنياهو "انتصار تام" ‏بأنه "كلام فارغ". وقال بعض المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين إن المعركة مع حماس سوف ‏يورثونها لأبنائهم.‏

قال الجيش الإسرائيلي إنه قتل ما يزيد عن 17 ألف مسلح في غزة. وقال مسؤول في ‏الاستخبارات العسكرية هذا الصيف إن إسرائيل نجحت في تقويض قدرة حماس على إطلاق ‏الصواريخ بعيدة المدى باتجاه إسرائيل، رغم أنهم مازالوا يحتفظون بذخيرة أقل تعقيداً. ‏

وقال المسؤول إن مهمة الاستيلاء على الأنفاق وهدمها كانت مشروعاً هندسياً بالغ التعقيد، ‏وقد يستغرق إنجازه أعواماً. ‏



خلص بعض أعضاء القيادة العسكرية إلى أن وقف إطلاق النار مع حماس هو السبيل ‏الأفضل نحو الأمام، حتى وإن كان سيبقي الحركة في السلطة في الوقت الحالي. ‏

على الرغم من خسائر حماس الهائلة، بما في ذلك كبار القادة الذين قتلتهم إسرائيل، أعرب ‏مشعل عن ثقته بأن الحركة سوف تلعب دوراً مهيمناً في غزة بعد الحرب، واستخف ‏بالمقترحات الأمريكية والإسرائيلية لإدارة المنطقة بدون حماس. ‏

وقال: "كل أوهامهم حول شغل ملء الفراغ باتت وراء ظهرنا." ‏

وكانت الولايات المتحدة قد اقترحت جلب السلطة الفلسطينية بعد تنشيطها إلى غزة، بينما ‏اقترح وزير الدفاع الإسرائيلي أن تقوم قوات عربية بحفظ الأمن في المنطقة. أما السيد ‏نتنياهو فاقترح أن يعمل "مع أصحاب الشأن المحليين ممن لديهم خبرات إدارية." ‏

وقال مشعل مصراً على أن الفلسطينيين وحدهم هم من يقررون الترتيبات الخاصة بالمنطقة: ‏‏"إن الفرضية التي تقول إن حماس لن تكون موجودة في غزة أو أنها لن تؤثر في الوضع ‏داخل القطاع فرضية خاطئة." ‏

كما لوحظت ثقة حماس حول الاحتفاظ بدور مهيمن في غزة ما بعد الحرب في بعض ‏اللقاءات الخاصة مع سياسيين فلسطينيين. ‏

‏ فعندما التقى السياسي الفلسطيني سمير المشهراوي مع قادة حماس في الدوحة في نوفمبر ‏‏2023، بدت حماس على استعداد تام للاشتراك في السلطة بشكل موسع داخل غزة، بما في ‏ذلك ما يتعلق بقضية الأمن بالغة الحساسية، وذلك طبقاً لما صرح به فلسطينيان على اطلاع ‏بما جرى في اللقاء. جدير بالذكر أن السيد المشهراوي هو أحد المقربين من محمد دحلان، ‏المبعد الفلسطيني المتنفذ الذي يعمل لصالح رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة. ‏

ثم عندما التقى المشهراوي بالمسؤولين في حماس بعد ذلك بأكثر من ستة شهور، اشتركوا معاً ‏في توجيه رسالة أكثر صلابة، مفادها أن المجموعة على استعداد للعمل معاً بكل ما يتعلق ‏بالقضايا المدنية، ولكن الجناح العسكري لحماس وقواتها الاستخباراتية الداخلية يُمنع الاقتراب ‏منها، كما قال الفلسطينيان. ‏

مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى للحرب، أورد أكرم عطا الله، وهو صحفي يكتب عموداً ‏في صحيفة الأيام التي تتخذ من رام الله مقراً لها، قائمة بإنجازات حماس، ومنها أنها حالت ‏دون تمكين إسرائيل من تحقيق نصر حاسم، وأنها أجبرت إسرائيل على إرسال مبعوثين لها ‏للتفاوض معها، وأنها احتفظت بعدد كبير من المقاتلين. ‏

كما قال إن قبضة حماس يمكن مع الزمن أن تفك، وأضاف: "إذا انتهت الحرب الآن، فإن ‏ذلك سيكون نصراً لحماس. ولكن إذا انتهت بعد عامين، فيمكن أن تتغير النتيجة، ولا نعرف ‏إلى أين ستؤول الأمور." ‏

أياً كان ذلك الذي سيحدث لحماس، فإن المدنيين هم الذين دفعوا الثمن الأكبر في غزة. فقد قتل ‏عشرات الألوف، ومعظم السكان الذين يصل تعدادهم إلى ما يقرب من مليونين تم تشريدهم ‏وأصبحوا بلا مأوى. ‏

لقد سخط كثير من الفلسطينيين داخل غزة على حماس لقيامها بهجوم السابع من أكتوبر الذي ‏تسبب في مقتل 1200 شخص، واتهموا الحركة بإعطاء إسرائيل ذريعة لشن حملة قصف ‏هائلة أحالت المدن إلى ركام.  ‏

أما مشعل فقد رفض الانتقاد الموجه إلى حماس بسبب قرارها ذاك، وقال إن منتقدي ‏حماس من الفلسطينيين يمثلون أقلية. ‏

وقال: "كفلسطيني، إن مسؤوليتي هي القتال والمقاومة حتى التحرير." ‏

ولكنه أقر بأن الهجوم تسبب في دمار هائل، إلا أنه اعتبر ذلك "ثمناً" لابد أن يدفعه ‏الفلسطينيون من أجل الحرية. ‏

وعندما سئل كيف ساعد الهجوم الذي قادته حماس في تحسين الوضع إذا ما أخذنا بالاعتبار ‏الدمار الذي لحق بغزة، أصر على أن الأمر لا يتعلق بتحقيق نصر عسكري على إسرائيل ‏بقدر ما يتعلق بإثبات أن سياساتها غير مجدية. ‏

وقال: "قبل السابع من أكتوبر، كانت غزة تموت موتاً بطيئاً. لقد كنا في سجن ضخم، وأردنا ‏أن نتخلص من ذلك الوضع." ‏

وسائل إعلام عربية تحرف المقابلة

وبعد نشر الصحيفة للمقابلة، تناقلت وسائل إعلام عربية تصريحات مجتزأة لمشعل لتشويه موقف الحركة من المفاوضات التي تسعى لوقف الحرب على غزة.
وقال بيان لحركة حماس: "نستهجن في حركة المقاومة الإسلامية، قيام إحدى وسائل الإعلام العربية باجتزاء مقاطع من المقابلة التي أجرتها صحيفة نيويورك تايمز مع رئيس الحركة في إقليم الخارج الأخ المجاهد خالد مشعل، وتحويرها بقصد تشويه موقف الحركة".

وأكد البيان على موقف الحركة الواضح من المفاوضات، و"المتجاوِب مع كافة المبادرات بما يحقق مصالح شعبنا، وحرصها على الوصول إلى وقفٍ دائم للعدوان وانسحابٍ كاملٍ من القطاع، وحرية عودة النازحين إلى أماكن سكناهم، وإعمار ما دمره الاحتلال، وصولاً إلى صفقة حقيقية لتبادل الأسرى".

وجاء فيه "إن من يتحمّل مسؤولية تعطيل مسار المفاوضات هو نتنياهو وحكومته الفاشية، الذي يصرّ على وضع شروط جديدة معطّلة للاتفاق، وهو ما بات معروفاً للجميع بمن فيهم الوسطاء".

ودعا البيان وسائل الإعلام التي اجتزأت وحرّفت الموقف، إلى توخّي الحقيقة، واحترام مبادئ المهنيّة الإعلامية، والانحياز لمواثيق الشرف الإعلامي، والابتعاد عن سياسة الترويج لرواية الاحتلال الكاذبة.

مقالات مشابهة

  • وزير خارجية الأردن يعتبر أن إلغاء إتفاق السلام بين بلاده وإسرائيل لا يخدم الفلسطينيين
  • خالد مشعل لـنيويورك تايمز: لا تنازل عن شروط المقاومة للوصول إلى صفقة تبادل
  • نيويورك تايمز تكشف كيف انفجرت أجهزة نداء حزب الله في لبنان
  • مقال بنيويورك تايمز: القضية التي أصبح فيها أقصى اليمين الإسرائيلي تيارا سائدا
  • FT: هكذا حوّل بن غفير قوات الاحتلال إلى سلاح يخدم أجندته
  • صحف عالمية: شرطة إسرائيل تخوف مواطنيها وبن غفير يسيسها
  • رغم التحذيرات من انفجار الوضع.. بن غفير يطلب السماح لليهود بالصلاة في الأقصى
  • وزير الدفاع الأمريكي يحذر نظيره الإسرائيلي حال نشوب حربًا على لبنان
  • وزير الدفاع الأمريكي يحذر نظيره الإسرائيلي: الحرب على لبنان ستكون لها عواقب مدمرة على إسرائيل