هل يدفع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا عجلة المصالحة بين أردوغان والأسد؟
تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT
حالة من الترقب في انتظار اللقاء المتوقع بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره السوري بشار الأسد، بعد أكثر من عقد على القطيعة، حيث عاشت تركيا ولأكثر من عقد قطيعة مع جارتها التي ترتبط ارتباطا وثيقا بها.
وبحسب تقرير لصحيفة "التايمز" أعدته حنا لوسيندا سميث من مدينة اسطنبول فإن أعداد اللاجئين السوريين في تركيا هي السبب وراء محاولات إصلاح العلاقات التركية- السورية.
ففي آذار/ مارس 2011، قطع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العلاقات مع نظام بشار الأسد، حيث بدأت أعداد اللاجئين السوريين الهاربين من الحرب بالتدفق على الحدود التركية. وفي تحرك أدى لعزلته بالمنطقة وضع أردوغان ثقله وراء المعارضة للأسد.
وبحسب الأرقام الرسمية، ففي تركيا اليوم، 3.1 مليون لاجئ سوري، مع أن الرقم قد يكون أعلى بكثير. ويريد أغلب الأتراك عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم.
وقد أصبحت هذه القضية تشكل صداعا سياسيا محليا لأردوغان. ففي هذا الصيف اندلعت أعمال شغب مناهضة للسوريين بمدن في مختلف أنحاء تركيا، وأشارت الصحيفة إلى أن ثورات الربيع العربي التي دعمها أردوغان، فشلت إلى حد كبير. فقد أصبحت ليبيا دولة مقسمة إلى حكومتين وتعيش تونس في حالة من الفوضى المتزايدة، كما وأطاحت الانقلابات بحكومة الإخوان المسلمين في مصر، والتي جلبت إلى السلطة، الجنرال عبد الفتاح السيسي، وهو رجل استبدادي معاد للإسلاميين.
وفي الوقت نفسه، نجت ممالك الخليج من هذه الثورات ولم يلحق بها أي أذى، في حين انهارت سوريا واليمن وتعيشان صراعات بالوكالة.
وفي ضوء هذا الواقع الجيوسياسي والأزمة الاقتصادية التي تعيشها تركيا، شرع أردوغان في إعادة بناء العلاقات مع نفس الزعماء الذين أمضى عقدا من الزمان في معاداتهم ودعم الذين حاولوا إسقاطهم.
وقام بضبط العلاقة مع السعودية والإمارات العربية المتحدة وبوعود استثمارات ضخمة وعقود تجارية محتملة.
وفي هذا الشهر استقبل في العاصمة أنقرة رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي وأعلن عن اتفاقيات تجارية وأمنية.
وبخلاف محاولات الضبط مع الدول الأخرى، فالمصالحة مع الأسد، الذي كان قريبا منه لدرجة أنهما قضيا إجازة عائلية معا في بودرم، تبدو معقدة.
ليس لأن أنقرة لا تزال تستقبل المعارضة السياسية السورية ومكاتبها في إسطنبول فحسب، بل ولأن أجزاء كبيرة من سوريا التي تسيطر عليها المعارضة والتي تقع على الحدود التركية تخضع لسيطرة قوات مدعومة من تركيا، إلى جانب نشاط الجيش التركي هناك.
ونقلت الصحيفة عن أويتان أورهان المختص بشؤون المشرق في مركز أبحاث الشرق الأوسط في اسطنبول قوله: "المشاكل عميقة وبعيدة المدى، وهناك غياب كبير بالثقة وطبيعة كل المشاكل قائمة على الأمن"، مضيفا أنه "من جانب الأسد فلا يوجد حرص على التوصل إلى مصالحة لأنهم يعتقدون أنه مع مرور الوقت سيصبح موقفهم قويا"، و"يعتقدون أن الوقت في صالحهم لكنهم ضعاف، لاعتمادهم على إيران وروسيا ويحتاجون أيضا إلى حل سياسي، ولا توجد فرصة لذلك دون انسحاب تركي".
وتقول الصحيفة إن القنوات الإخبارية التركية تروج منذ أشهر لاحتمال لقاء بين الزعيمين، إلا أن الجانب السوري التزم بالهدوء.
ومع ذلك هناك عدة عوامل تجمع الطرفين وتدفع للمصالحة. منها عودة الأسد للحظيرة العربية، ففي أيار/ مايو 2023 سمح لسوريا بالعودة إلى الجامعة العربية واستعادة مقعدها الشاغر منذ 12 عاما. وشاركت تركيا ولأول مرة في اجتماع وزراء الخارجية العرب الأسبوع الماضي. وتدفع دول الخليج الساعية لمواجهة إيران باتجاه حل الخلافات وإصلاح العلاقات بين البلدين.
وتطمح روسيا بتقوية سيطرتها على سوريا وهي بحاجة لمصالحة وانسحاب تركي من الأراضي السورية لكل تحقق هذا الطموح.
وفي الوقت نفسه، تحضر الولايات المتحدة لسحب قواتها من شمال- شرق سوريا، حيث تقدم الدعم للمقاتلين الأكراد ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وينظر أردوغان والأسد إلى الأكراد كتهديد لأمن ووحدة الأراضي التركية والسورية.
لكن الأسد ليس آمنا كما يحب أن يصور نفسه، فربما تحدى معارضيه الداخليين، لكنه أصبح زعيما تابعا يعتمد على رعاته في طهران وموسكو، ويحكم بلدا متشرذما يشهد بين الفترة والأخرى موجات من الاحتجاجات ضده بالمناطق الخاضعة لسيطرته، وخاصة في السويداء، معقل الأقلية الدرزية الموالية سابقا له، ودرعا، مهد الثورة.
وتقف المنطقة على أعتاب حرب شاملة بسبب الحرب في غزة التي قد تتوسع إلى لبنان وقد تطال سوريا، وربما وجهت إسرائيل غارات مباشرة إلى حلفاء الإيرانيين في دمشق.
وتقول الصحيفة إن أي مصالحة تعتمد على عدد من القضايا الرئيسية والتي قد يقود حلهما لخلق مشاكل أخرى.
وسيؤدي إصرار الأسد على الانسحاب التركي الكامل من شمال سوريا، إلى خلق فراغ أمني في منطقة تنشط فيها مجموعات متطرفة متعددة، بما في ذلك خلايا تنظيم الدولة الإسلامية. ومن غير المرجح أن تكون عودة قوات الأسد سهلة وبدون قتال وسفك للدماء. وهذا يعني موجة جديدة من اللاجئين نحو تركيا.
ومن جهة أخرى سيؤدي الغضب من خيانة تركيا الظاهرة لتعريض الأراضي التركية للخطر وشن هجمات إرهابية ضدها.
ومن جانب أردوغان، فالمطلب الأساسي للمصالحة، سيكون تسهيل عودة اللاجئين السوريين، ولكن من غير الواضح كيف يمكن للأسد أن يقدم أي نوع من الضمانات لسلامتهم عندما تعرض مئات الآلاف من معارضي النظام السوري للتعذيب والقتل في السجون.
ومنذ بداية الحرب ولد أكثر من 700.000 طفلا لأباء سوريين في تركيا، عدد كبير منهم لا يحملون جنسية. ولا يمكن حل مشكلتهم من خلال صورة مشتركة بين الأسد وأردوغان في أنقرة أو دمشق.
ويقول أورهان: "لن يحدث الانسحاب التركي دون ضمانات أمنية، وهذا يتطلب حلا سياسيا، وهو ما يشكل في حد ذاته عقبة كبيرة"، مضيفا: "يمكننا أن نتوقع أن تستغرق العملية وقتا طويلا، مع تقلبات على طول الطريق. وقد تستغرق سنوات، وحتى لو التقى أردوغان والأسد وتصافحا، فهذا لا يعني أنهما حققا التطبيع".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية أردوغان تركيا بشار الأسد سوريا سوريا تركيا أردوغان بشار الأسد سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللاجئین السوریین فی ترکیا
إقرأ أيضاً:
تحذيرات إسرائيلية من مواجهة محتملة بين الاحتلال وتركيا.. ما علاقة سوريا؟
حذرت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية من احتمال نشوب مواجهة عسكرية مباشرة بين الاحتلال الإسرائيلي وتركيا، في ظل التغيرات الجيوسياسية الأخيرة في المنطقة، خاصة بعد صعود نظام جديد في سوريا يحظى بدعم أنقرة.
وشددت الصحيفة على أن التطورات الأخيرة، ولا سيما في سوريا،"تذكرنا بحقيقة هامة: تركيا هي أكبر من تركيا"، مستشهدة بتصريح للرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال خطاب في الأكاديمية التركية للعلوم في كانون الأول /ديسمبر 2024.
وأشارت الصحيفة إلى توصيات لجنة "نيجل" التي رُفعت إلى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الشهر الماضي، والتي أكدت أن "إسرائيل قد تجد نفسها أمام تهديد جديد ينشأ في سوريا، من نواحٍ معينة سيكون ليس أقل خطورة من السابق".
وأضاف التقرير أن "المشكلة ستتفاقم إذا ما أصبحت القوة السورية عمليا فرعا تركيا، كجزء من تحقق حلم تركيا في استعادة المجد العثماني"، محذرا من أن "وجود رسل تركيا أو قوات تركية في سوريا قد يعمق خطر مواجهة تركية-إسرائيلية مباشرة".
وأوضحت الصحيفة العبرية أن النهج الإسرائيلي تجاه تركيا ظل حتى الآن بعيدا عن العلن، حيث تسعى "تل أبيب" إلى تجنب إثارة غضب أنقرة، في حين أن تركيا تتصرف بشكل مختلف.
ولفتت إلى لقاء جمع الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع بنظيره التركي في أنقرة قبل أسابيع، حيث جرت مناقشات حول "اتفاق دفاع مشترك" بين البلدين، يشمل إقامة قواعد جوية تركية في سوريا وتدريب الجيش السوري.
كما أشارت إلى تصاعد الخطاب التركي ضد الاحتلال الإسرائيلي خلال الفترة الماضية، مستشهدة بتصريحات أردوغان في تموز /يوليو الماضي، حيث هدد بأن "تركيا يمكنها اجتياح إسرائيل، كما فعلت في ناغورنو كاراباخ وليبيا"، مشبها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي نتنياهو بهتلر.
ولفتت الصحيفة إلى أن بعض الخبراء الإسرائيليين يرون أن حرب 7 أكتوبر وما يبدو كضعف المحور الشيعي بقيادة إيران قد يدفع إسرائيل نحو مواجهة مباشرة مع تركيا.
ونقلت عن الخبير في الشؤون التركية في مركز "دايان" بجامعة "تل أبيب"، حي إيتان كوهن ينروجيك، قوله إنه "في اللحظة التي تكون فيها للأتراك قدرة على الوصول إلينا سيرا على الأقدام، تكون هذه ذات مغزى”.
وأضاف أن تركيا تمتلك بالفعل "قدرة وصول غير محدودة إلى شمال سوريا"، محذرا من أن "إسرائيل يجب أن تفعل كل ما في وسعها كي لا تجعل تركيا عدوا نشطا، لأن تركيا ليست إيران، فهي دولة أقوى بكثير، بجيش أكثر تطورا وموقع استراتيجي أكثر أهمية".
كما نقلت الصحيفة العبرية عن الباحثة الإسرائيلية من معهد "مسغاف"، نوعا لزيمي، قولها إن "إسرائيل وتركيا تمكنتا في الماضي من الحفاظ على علاقات مستقرة رغم التوترات".
وأضافت أنه "حتى بعد أسطول مرمرة في 2010، عرفت الدولتان كيف ترممان العلاقات بينهما". لكنها شددت على أن "الحرب الحالية دفعت أردوغان إلى تشديد موقفه تجاه إسرائيل، ما يمكن أن يشير إلى استعداده للسير أبعد في تحقيق أيديولوجيته الإمبريالية التي تتماشى أيضاً مع الرأي العام الداخلي في تركيا".
واختتم الناي مقاله بالإشارة إلى أن ما حدث في سوريا قد يكون قد فتح شهية أردوغان لتحقيق ما وصفه بـ"الحلم العثماني الجديد"، متسائلا إلى أي مدى سيذهب الرئيس التركي في طموحاته الإقليمية.