يمانيون:
2024-11-23@23:26:14 GMT

قدرة الفلسفة على صناعة الانتصار

تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT

قدرة الفلسفة على صناعة الانتصار

عبدالرحمن مراد

تملك صنعاء اليوم – من خلال التلويح بالخيار العسكري ومن خلال حركة الاستعداد والقوة بالإضافة إلى الرصيد التراكمي للصورة الذهنية في المتخيل العام العالمي والرأي العام العالمي – القوة اللازمة والكافية لتحقيق المطالب المشروعة في الحرية والاستقلال ورفع الحصار والتعويضات وصرف المرتبات، فالكرة أصبحت في مرماها، وهي تملك من الدهاء السياسي ما يجعلها تصل إلى التحرير الكامل للوطن من المستعمر بدون تكاليف إضافية ولا تضحيات جديدة لكن بالاستناد إلى تراكمات السنوات الماضية التي خاض شعبنا فيها معركة وجوده ببسالة وتحد وتوظيف الظرف الدولي بما يحقق لها الانتصار السياسي.


ومن المستحيل اليوم أن تعود دول العدوان إلى الخيار العسكري وفق كل المعطيات الدولية ومؤشرات الواقع وهذا أمر أصبح معلنا كسياسة أمريكية فهم يسعون إلى خفض التوتر في المنطقة العربية وعدم السماح للروس والصين من سد الفراغات فيها ولذلك يحاولون تحسين صورتهم في واقع ذاق مرارة بشاعتهم .
لذلك نرى التأكيد على مبدأ التعايش، من خلال صيغة جامعة، فالتفرد أصبح مستحيلا وهو محكوم بالنهايات التراجيدية وبدوائر الصراع، ومن المستحسن أن نقف عند القضايا الكبرى بقدر من المسؤولية وقد تختصرها العناوين العريضة التالية :
– التفرد مستحيلا ومن حق الكل أن يعبر عن وجوده .
– الشراكة الوطنية ضرورة وطنية لا بد من تعريفها وتجديد أهدافها .
– المصالحة الوطنية – ولو حصل فيها غمط – ضرورة مرحلية حتى نجتاز عتبة التآمر وترتيب البيت من داخله .
– مراجعة الذات والبناء المؤسسي القادر على التفاعل مع المستويات الحضارية الجديدة، والقادر على صناعة مشروع سياسي مؤثر في النظام العالمي لا متأثر به .
– تنمية الذات والاشتغال على تفجير طاقاتها، وتنمية حركة النقد وصناعة الرموز الثقافية الواعية القادرة على صناعة الأبعاد الاستراتيجية.
– تنمية البعد الثقافي والاستفادة من توظيف كل الفنون لخدمة المشروع السياسي والاقتصادي كما دأبت بعض الدول كتركيا مثلا .
***
تلك التوجهات يجب أن تكون نصب أعيننا بعد أن وضعت الحرب أوزارها ومالت إلى زمن اللاسلم واللا حرب، فالاشتغال اليوم أضحى مقتصرا على التدافع الثقافي والاجتماعي بعد أن بلغ المستعمر غايته من السيطرة على مصادر الطاقة والتحكم بخط الملاحة الدولي والسيطرة على منافذ الغذاء .
لذلك يصبح الاستغراق في الحرب دون طائل، فهو لن يجعلنا نصل إلى نتيجة لصالحنا ولكن بالحساب المنطقي لصالح العدو, فهو يهدف إلى تبديد القوة البشرية المناهضة له، ولذلك يمكن البناء على حركة الصمود الأسطورية وتوظيفها في السيطرة على مقاليد المستقبل والتحكم بمساراته وهي تحفظ لنا قوتنا البشرية من الفناء الذي يريده المستعمر .
ولابد أن ندرك أن المستعمر وصل إلى غاياته وأهدافه فقد جعلنا شيعا وأحزابا وفرض سيطرته وهيمنته على كل مقدراتنا، ولعلنا نلاحظ اشتغاله في زمن الهدنة – زمن اللاحرب واللا سلم – فهو يريد إفراغ فكرة الصمود وفكرة الانتصار من مضامينها، وقد عمد إلى المؤشرات ذات الطبيعة الإيجابية ليفرغها من محتواها .
نحن أمام مرحلة فارقة تتطلب يقظة متناهية، فالحرب انتقلت إلى جبهات أخرى ومن المعيب أن نهزم فيها فالمرحلة تعتمد على الوعي وعلى الصناعة وعلينا أن نصنع غدنا بما يليق بنا .
والعالم اليوم يتحرك في مستويات حضارية مفرغة من المضمون الأخلاقي، وحتى نعي المستوى الحضاري الجديد الذي وصل اليه البشر لابد أن نسلم بالحقيقة الجوهرية الثابتة التي ترى أن الفكرة الدينية فكرة ثابتة لا يمكنها التغير في بعديها العقائدي والأخلاقي بقطعية النصوص، ولكن المشروع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي قابل للتحول والتبدل ويمكن ابتكاره وإبداعه من تفاصيل الزمن الحضاري ولذلك فقضيتنا لا تنحصر في موضوع الدعوة وفرض ثقافتنا وعقائدنا على الآخر فقد حصرها النص الديني بالبلاغ والبلاغ قابل للتحقق من خلال المشروع الاجتماعي والسياسي وشواهد التاريخ دالة على ذلك .
ومن هنا نؤكد على فكرة تشذيب التراث من كل شوائبه التي فرضتها الضرورات التاريخية والسياسية فهو البداية المثلى لصناعة مشروعنا السياسي الذي يتفاعل مع العالم من حولنا ليكون مؤثرا فيه لا متأثرا به .
فالآخر يخاف من المشروع السياسي المتجدد ولذلك سعى إلى اغتيال رموز النقد والتنوير واستمال العلماء المفكرين اليه ومن رفض نالته يد الغدر ولو جال البصر في الزمن المتأخر منذ عقد الثمانينات لرأينا هذه السياسة بشكل جلي وواضح، لكنه لا يخاف الفكرة الدينية بل تعامل معها بقدر من التفكيك والتشويه، وشواهد ذلك كثيرة بدءا من أفغانستان ولا نقول انتهاء بداعش فالقائمة ليست محددة بزمن.
فالفلسفة اليوم ضرورة وجودية، فهي تسهم دوما في رسم المعالم الحضارية ومستوياتها وقد كان لها دور فاعل في كل المراحل التاريخية إلى اليوم، فالترابط بين أنواع المعرفة والعلوم وبين الفلسفة ترابط وثيق، ففي كل مستوى حضاري يقوم الفلاسفة بإعادة تعريف المفاهيم وتفسير الحقائق القديمة وتجديد تصورات الأسئلة لتوسيع مساحات البحث عن إجاباتها، ففي كل العصور تداخل الفكر الفلسفي مع كل أشكال المعرفة العلمية والإنسانية وحتى السياسية والدينية، فالفكرة أصبحت ضرورة حضارية اليوم حتى نعيد ترتيب نسق العالم قبل أن ينحرف عن مقاصد الله، كما تدل مؤشرات الانحراف في الفطرة البشرية في المجتمع الأوروبي اليوم .

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: من خلال

إقرأ أيضاً:

عاجل - نائب رئيس الوزراء لبعثة البنك الدولي: القيادة تضع التنمية البشرية على رأس الأولويات

استقبل الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، وفد البنك الدولي لفتح آفاق تعاون مشترك جديدة تستهدف ملف التنمية البشرية، فى إطار اهتمام الدولة المصرية ببناء وتنمية الإنسان المصري.

واستهل نائب رئيس مجلس الوزراء، الاجتماع بالترحيب بأعضاء البنك الدولي، مشيدًا بالتعاون المثمر بين الوزارة والبنك الدولي، لدعم المشروعات والخدمات في كافة المجالات لا سيما الصحية، متطلعًا إلى استمرار أواصر التعاون المثمر بين الجانبين.

وقال الدكتور حسام عبدالغفار المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، إن الوزير ناقش موقف التعاون الحالي والمستقبلي بين الجانبين، وأيضا تطرق الاجتماع إلى استعراض نتائج المبادرة الرئاسية للتنمية البشرية "بداية جديدة لبناء الإنسان"، والنتائج الملموسة منذ انطلاقها، والتي تعد نواة للمشروع القومي للتنمية البشرية، مستعرضًا أهداف المبادرة، والبرامج والفئات العمرية المستهدفة.

وأضاف أن الدكتور خالد عبدالغفار، أوصي خلال اللقاء مع وفد البنك الدولي بتحديد إطار زمني وهيكل تنظيمي وتقديم تقرير ربع سنوي لتقييم ما تم إنجازه من خلال التعاون المشترك، منوهًا إلي ضرورة عقد لقاءات ثنائية مع بعض الوزارات المعنية بشأن التنمية البشرية ووفد البنك الدولي، مؤكدًا على ضرورة التعريف بالجهود التي بذلتها الدولة المصرية في مبادرات الصحة العامة، والتطعيمات، والاستفادة من منظومة البيانات والمعلومات المتاحة، والتركيز على الفئات الأكثر احتياجا ً وذات الأولوية لتحسين جودة حياة المواطنين، في إطار ملف التنمية البشرية.

وأشار إلي ضرورة إتاحة وعرض جهود الدولة المصرية فى بناء الإنسان، بالاضافة إلى تقييم الوضع الحالي للتنمية البشرية في مصر ومعرفة المعوقات والعمل علي حلها، وسد الاحتياجات المطلوبة من خلال برامج تنموية في كافة المجالات.

 

مقالات مشابهة

  • حاصباني من مؤتمر مالطا: لمنع استعمال لبنان منصة للحروب
  • الحكومة العراقية لـبغداد اليوم: علينا التكيف مع الوضع السياسي الجديد بالولايات المتحدة
  • "دور مصر الفعال في تطوير الفلسفة" محاضرة بـ ثاني أيام مؤتمر الفجيرة الدولي
  • حظك اليوم برج الثور الجمعة 22 نوفمبر 2024: تخلص من الكسل
  • جائزة «قمة المليار متابع» تتلقى طلبات ترشح من 10 آلاف صانع محتوى خلال 10 أيام
  • "قمة المليار" تتلقى 10 آلاف طلب ترشح خلال 10 أيام
  • مؤسسة النفط تنظم ورشة عمل حول مؤشرات الأداء في صناعة الغاز
  • ورشة عمل حول مؤشرات الأداء الرئيسية للطاقة في صناعة النفط والغاز
  • «اليونسكو» تحيي اليوم العالمي للفلسفة
  • عاجل - نائب رئيس الوزراء لبعثة البنك الدولي: القيادة تضع التنمية البشرية على رأس الأولويات