المـؤتمر الوطني والحسـابات الخاطئة والخاسـرة

الواثـق البريـر

 

ليس عبثاً أو تجنياً ترفض القوى المدنية الديمقراطية إشراك المؤتمر الوطني في العملية السياسية التي تهدف إلى إنهاء الحرب والانتقال إلى حكم مدني ديمقراطي، وإنما التزاماً واضحاً بمقاصد ثورة ديسمبر المجيدة. تلك الثورة التي أنهت ثلاثة عقود من الإستبداد والديكتاتورية والقمع والقهر؛ وادراكاً لحجم الدمار والخراب الذي خلفته تجربة المؤتمر الوطني حكماً ومعارضة وأجندته الشريرة المستمرة.

 

تساءلت بعض الأصوات عن جـدوى إستبعاد المؤتمر الوطني من العملية السياسية، بحجة أن المؤتمر الوطني باعتباره جزءاً من المشكلة؛ قد يكون أيضاً جزءاً من الحل. هذا الطرح يتجاهل مسيرة المؤتمر الوطني، ودوره في إنقلاب 25 أكتوبر، وفي إشعال حرب 15 أبريل، ورفضه المتكرر للحلول السلمية، كما يغفل طبيعة الحزب القائمة على أيدولوجية تغلب الانتماء الأعمى على الحقائق والواقع، مما جعله يتخذ قرارات مؤذية للشعب السوداني ومقسمة للبلاد.

 

هناك عدة دوافع وراء استبعاد المؤتمر الوطني من أي عملية سياسية لإنهاء الحرب:

1. المؤتمر الوطني لم يتعلم من أخطائه وجرائمه السابقة، ويصر على ارتكابها ويتمادى فيها وأصبحت عقيدة يتكئ عليها، فهو لا يدرك خطأه وجرمه ولم يتلقن الدرس بعد، ولم يعترف بالذنب والعمل على تصحيحه، بل لا يعي ما فعله أساساً بهذا الشعب.

2. المؤتمر الوطني يرفض التطور ويتعامل مع التغيرات المحلية والإقليمية والدولية بذات المنهج القديم ويكرر اساليبه التي تتعارض مع الشعارات الإسلامية التي يرفعها، حيث تميزت حقبته بالفساد، الحروب، البطش، القمع، وانتهاك حقوق الإنسان، لا سيما حرية التعبير والصحافة التي شهدت خلال فترة حكمه تقييداً غير مسبوق وفرض رقابة صارمة.

3. المؤتمر الوطني ارتكب جرائم لا تغفر خلال فترة حكمه؛ جرائم القتل والسحل والإخفاء القسري والتعذيب والاعتقالات التعسفية، ومازالت قياداته مطلوبة لدى المحكمة الجنائية الدولية. وبعد اندلاع الحرب الحالية تواصلت ممارساته القمعية؛ هذه الجرائم لم تكن حالات معزولة، بل جزء من عقيدة إجرامية قمعية ضد معارضيه لخدمة شهوة السلطة.

4. المؤتمر الوطني يسعى بكل قوة إلى إقصاء القوى السياسية الديمقراطية لصالح حكم الحزب الواحد الشمولي، وإلى تقويض المجتمع المدني، وتسييس الإدارة الأهلية والمجموعات الدينية، وقمع أصوات النساء، وتكوين المليشيات، ودعم التطرف والإرهاب.

5. المؤتمر الوطني أفسد النظام القضائي، مما جعل المؤسسات القضائية عاجزة عن محاكمة المجرمين، بل أفلت كثيرون من العقاب بفقه التحلل والهروب إلى دول أخرى، مما جعل العدالة غائبة، وطيلة سنواته لم يقدم مجرم للعدالة بل وضعهم في قمة هرم مؤسسات الدولة.

6. المؤتمر الوطني خرب الاقتصاد ونهب موارد البلاد، وأدى الفساد وسوء الإدارة إلى انهيار مؤسسات الدولة الإقتصادية والتنموية، واستنزف الموارد في الحروب المستمرة حتى الآن، وشرّد الملايين لمعسكرات النزوح واللجوء، وفصل جزء عزيز من أرض السودان نتيجة سياسات التهميش التمييزية، ومازال يصدر خطاب الكراهية والعنصرية وفتق النسيج الاجتماعي.

7. المؤتمر الوطني اتبع سياسة التمكين التي أدت إلى طرد الآلاف من وظائفهم وتهميشهم، في مقابل بناء نظام مبني على المحسوبية والفساد، مما أدى إلى تقويض مبادئ الحكم الرشيد وتدهور الخدمات العامة سيما التعليم والصحة، واتبع سياسة خارجية أفضت إلى عزل البلاد وإضعاف دورها الإقليمي والدولي، وسيطر أنصاره على مفاصل الدولة، مما حولها إلى دولة أمنية قمعية لا تخضع للمساءلة.

8. المؤتمر الوطني لا يؤمن بالمشاركة والتعددية والتداول السلمي للسلطة والتحول الديمقراطي، وينتهج سياسة فرق تسد للتحكم في مصير البلاد.

9. المؤتمر الوطني اخترق المؤسسة العسكرية وعمل على تجريفها من الكفاءات الوطنية وخلق مليشيات موازية، وبّدد طاقاتها في حروب لا نهاية لها.

10. المؤتمر الوطني ارتكب جرائم ضـد الإنسانية وإبادة جماعية في دارفور وفي جبال النوبة/ جنوب كردفان وثقتها الأمم المتحدة، وأصدر مجلس الامن العشرات من قرارات الإدانة، وهي جرائم لا تسقط بالتقادم.

في هذا السياق، تأتي تصريحات قياداته مثل الإستعداد للجلوس مع قوات الدعم السريع ورفض الحوار مع القوى السياسية، مع تهديد وجود السودان واستقراره في حالة اقصائهم، وبيان القطاع السياسي للمؤتمر الوطني أمس الذي تبنى استمرار الحرب والدعوة لتكوين حكومة انتقالية، مما يؤكد عدم تغيير الحزب لمواقفه أو تقييم ومراجعة تجربته، واصراره على حساباته الخاطئة ورهانه الخاسر على الحرب.

 

إبعاد المؤتمر الوطني من العملية السياسية هو رفض لممارساته القمعية والفاسدة، وتأكيد على ضرورة بناء نظام جديد قائم على العدالة والمساواة والديمقراطية والحرية والكرامة الإنسانية، فالشعب السوداني الذي ضـحى وصبـر يستحق نظام يحترم حقوق الإنسان ويحقق السلام والتنمية المستدامة.

 

مستقبل المؤتمر الوطني مرهون بالتخلي عن أجندته الحربية والشمولية، والاعتراف بأخطائه وجرائمه، والإستعداد للمحاسبة وتقديم المجرمين للعدالة، وإجراء مراجعات فكرية وسياسية جوهرية نقداً لتجربته والاعتذار عنها، وتغيير نهجه الإقصائي الرافض للآخر، ووقف التحشيد، والتراجع عن استمرار الحرب وبث خطاب الكراهية، والإلتزام بالنهج السلمي، ورفع يده عن المؤسسة العسكرية، ودعم الأجندة الوطنية. حينها يبقى الباب مفتوحاً أمامه للمشاركة في البناء الوطني.

 

▪︎▪︎▪︎

الوسومالمؤتمر الوطني المحلول الواثق البرير حسابات

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: المؤتمر الوطني المحلول الواثق البرير حسابات

إقرأ أيضاً:

سمو أمير البلاد يرعى ويحضر حفل الإعلان عن مركز الكويت الوطني لأبحاث الفضاء

تحت رعاية وحضور حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه أقيم صباح اليوم حفل الإعلان عن مركز الكويت الوطني لأبحاث الفضاء وذلك بقصر بيان.

وشهد الحفل سمو ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد الصباح حفظه الله وسمو الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء وكبار المسؤولين بالدولة.

ووصل سموه رعاه الله إلى مكان الحفل حيث استقبل بكل حفاوة وترحيب من قبل مدير عام مؤسسة الكويت للتقدم العلمي الدكتورة أمينة رجب فرحان والسادة أعضاء مجلس ادارة المؤسسة.

هذا وقد اطلع سموه حفظه الله على معرض صور من القمر الصناعي الكويتي واستمع إلى شرح تفصيلي من قبل مدير المشروع الوطني للقمر الاصطناعي الدكتورة هالة الجسار.

هذا وألقى حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه كلمة بهذه المناسبة (هذا نصها):

“بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الحكيم (وقل رب زدني علما)

والصلاة والسلام على معلم البشرية سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

السادة/ أعضاء مجلس إدارة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي..

السيدة/ مدير عام مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.. الحضور الكرام:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

يسعدنا أن نلتقي بكم اليوم بمناسبة إطلاق (مركز الكويت الوطني لأبحاث الفضاء) وتكريم كوكبة من المبدعين والمشرفين عليهم مؤكدين اعتزازنا بالباحثين والمبدعين والمتميزين من أبناء وطننا العزيز الذين نذروا أنفسهم لخدمة العلم ورفع شأن كويتنا الغالية.

وفي هذا المقام نؤكد أن رعاية البحث العلمي أساس من أسس التقدم واهتمامات دولة الكويت في عصر يتسارع فيه التطور عصر الذكاء الاصطناعي والطاقة البديلة وعلوم الفضاء وأصبحت رعاية البحث العلمي جنبا إلى جنب مع تعزيز الهوية الوطنية وترسيخها من أسس رؤيتنا مستذكرين بالاعتزاز رؤية الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح (طيب الله ثراه) بإرساء ثقافة علمية وتكنولوجية وابتكارية مزدهرة من أجل كويت مستدامة.

الحضور الكرام

ونحن نسعى لخلق بيئة علمية ترتكز على أحدث وسائل البحث العلمي وتساهم في تطوير قدرات أبناء الوطن في كافة المجالات العلمية لاسيما علوم الفضاء فإننا نسجل إشادتنا بالعطاء المستمر لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي وحرص إدارتها وكافة منتسبيها على رفع كفاءة المتميزين والمبدعين في ظل متطلبات عصرنا المتسارعة وتطلعاتنا المستقبلية.

ونوجه المعنيين في هذه المؤسسة العلمية العريقة إلى الاستمرار في استقطاب الكفاءات الوطنية المتميزة في التخصصات المتنوعة وبذل الجهود الدؤوبة الهادفة إلى وضع دولة الكويت في مصاف الدول الرائدة في المجالات العلمية والتكنولوجية لاسيما قطاع الفضاء وبناء قدرات وطنية قادرة على تصميم وإدارة وتشغيل المشاريع الفضائية الكويتية وخصوصا بعد نجاح إطلاق القمر الاصطناعي الكويتي الأول (كويت سات 1) إلى الفضاء في مطلع العام 2023 وترسيخ مكانة لدولة الكويت على خارطة الإنجازات العلمية والتقنية إقليميا ودوليا.

ونقول لهذه الكوكبة المتميزة من أبناء وطننا العزيز: سيروا على بركة الله في دروب العلم بعزيمة قوية وخطى وثابة تتحقق بكم طموحاتنا الكبيرة وآمالنا العريضة بأن تكون دولة الكويت في طليعة الدول المتقدمة في البحث العلمي وخدمة الإنسانية..

داعين الله أن يوفق الجميع لخدمة وطننا العزيز واستدامة تميزه ورفعته.

و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.

ثم ألقت مدير عام مؤسسة الكويت للتقدم العلمي كلمة هذا نصها:

“الحمد لله ولي النعم بارِئ النسم والصلاة والسلام على حبيبه ونبيه..

حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه

سمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح حفظه الله

سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد العبدالله الأحمد الصباح حفظه الله

أصحاب المعالي والسعادة

أعضاء مجلس إدارة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي الموقرين

زملائي وأبنائي من جامعة الكويت ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

“ففي البدء كانت الكلمة”

“رب همة أحيت أمة” فها نحن في مشهد إنشاء (مركز الكويت الوطني لأبحاث الفضاء) وفي هذا المشهد أستحضر تلك المقولة الأثيرة مستشرفة همة طلبة ائتلفت من ثلاث فرقٍ مع مشرفين بررة من أبناء الكويت الزاهرة ممن تطوعوا – (ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم) – لبناء قمر اصطناعي ففي البدء كانت الكلمة وفي البدء كانت الفكرة فغدا الحلم حقيقة وأضحت الفكرة واقعا فصار القمر وطار في الفضاء محلِّقا فانتقل من الصورة إلى الصيرورة ومن السيرة إلى السيرورة وغدا أعجوبة يرسل إلينا من الآيات البينات معرفة ومن الصورِ أجلاها وأجملها عن كويت العطاء.

هذا المركز المزمع إنشاؤه يرمي إلى أصل عريض وبغية هي منية الا وهي تعزيز الهوية الوطنية عن طريقِ بناء القدرت وخوض غمار الأبحاث فالهوية الوطنية غاية تنشد وهدف يقصد وتجل من تجليات المقولة التي افتتحت بها كلمتي هذه: (رب همة أحيت أمة).

هذه الهمة انطلقت من أبحاث الأرض في علوم ومعارف ثم أدارت مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وجهها شطر السماء والفضاء لتصل أبحاث الأرض بأبحاث السماء ولترسم اسم الكويت عاليا في فضاء المجد والتاريخ ولنرى الكويت من عالم علوي بعيون كويتية وأيد أبية وهمم علية أطلقت قمرها الاصطناعيَّ من قبل وها هي الآن تنشئ مركزها وما زال لديها الكثير لتقوله وتفعله.

(وفي الذكرى حنين ووفاء)

وإذا ما رجعنا البصر أولا واسترجعنا شيئا من الذاكرة ثانيا فإننا سنجد أن هذه المؤسسة إنما هي هدية من هدايا طيب الذكر الشيخ جابر الأحمد الصباح أنزل الله على قبرِه الرحمة والغفران ومنقبة من مناقبه ومحمدة له باقية ما أقبل صبح وأدبر ليل لاهجة بذكرِه وشكره من قبل وبذكر من يسير على دربه حبا ووفاء وانتماء – سمو الأمير “مشعل” الخيرِ والعطاء رئيس مجلس إدارة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي القائلِ عن طيب الذكر -وما أصدق ما قال-: (الكويت هي البقاء والوجود) حفظك الله لنا وللكويت أبا وسندا ومعلما مرشدا اللهمَّ آمين.

ثم الشكر كله لمن كان لهم سهم وفضل في تأسيس هذه المؤسسة والارتقاء بها من بعد وبهذه الثلة الكويتية البحثية من البقية الصالحة التي أبت أن تقنع إلا بالتمام تمام المجد والعلياء وتمام التحليقِ في علوم الفضاء لتنجلي الرؤية ويستوي المسلك لنقول معا: نعم لتعزيز الهوية الوطنية ببناء القدرات واستثمارِ الطاقات وتطوير مناهجِ البحث والأدوات فبحث في الأرض عن الأرض موجود وبحث إلى الفضاء في الفضاء مقصود وللإبداع قصة لا تنتهي ولمسيرة المؤسسة اشراقات ننظر إليها باعتزاز وننتظر وليدها الجديد في كثير من التشوف والتشوق وقد ارتضينا لهذا الوليد اسم (مركز الكويت الوطني لأبحاث الفضاء).

والله الموفق والهادي الى سواء السبيل..

والحمد لله في بدء وفي ختم”.

وتم إهداء سموه رعاه الله هدية تذكارية بهذه المناسبة.

المصدر كونا الوسومسمو أمير البلاد مركز الكويت الوطني لأبحاث الفضاء

مقالات مشابهة

  • قحت تتخذ في خطابها من المؤتمر الوطني ذريعة لخلق عدو وهمي
  • توم بيرييلو: القوى التي لا تريد ذهاب الجيش للمفاوضات تتبع لحزب المؤتمر الوطني
  • كيف كانت الأكاديميا شريك مباشر في جرائم الحرب في غزة؟
  • سمو أمير البلاد يرعى ويحضر حفل الإعلان عن مركز الكويت الوطني لأبحاث الفضاء
  • نائب سابق:الكتل السياسية تتحمل مسؤولية القوانين التي صدرت في زمن المندلاوي
  • الأمم المتحدة: إسرائيل أصدرت 55 أمر إخلاء لسكان غزة منذ بداية الحرب
  • فكرة إقالة نتنياهو لغالانت خلال الحرب .. بين الهدف المعلن والحسابات السرية
  • ماذا يريد المؤتمر الوطني، الإخوان والكيزان من الشعب السوداني؟
  • تقرير تقصي الحقائق عن جرائم الحرب في السودان