القيادة المصرية والتحديات الجيوسياسية
تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT
بقلم: د.أحمد محمد خليل
دكتور جامعى وكاتب مصرى
تعتبر الجيوسياسية أو الجيوبوليتيك مصطلحًا تقليديًا ينطبق فى المقام الأول على تأثير الجغرافيا على السياسة، فهـو علم دراسة تأثير الأرض (برها وبحرها ومرتفعاتها وجوفها وثرواتها وموقعها) على السياسة فى مقابل مسعى السياسة للاستفادة من هذه المميزات وفق منظور مستقبلي، وظهر مصطلح الجيوسياسية لأول مرة على يد العالم السويدى (كجلين)، وينقسم هذا المفهوم إلى قسمين هما (جيو) وتعنى الأرض باليونانية، و(السياسة)، ومن هنا أنتقل فورًا فى مقالى إلى تحركات القيادة المصرية التى أعتبرها نجاحات جيوسياسية، ففى مجال الطاقة استضافت القاهرة أول مقر لتنظيم دولى إقليمى جديد للغاز فى شرق المتوسط لتحويل البلاد إلى مركز إقليمى حقيقى للطاقة والاستفادة من موقع مصر الجغرافى وقناة السويس، وينبغى التأكيد أن الرؤية المصرية فى كل أزمات المنطقة العربية وقضاياها ومنها قضية فلسطين وحرب غزة الأخيرة، قد انحازت لما يحقق مصالح الشعوب العربية الشقيقة، ويضمن استقرار وأمن الدول، وأيضًا شهد عام 2019 تدشين آلية التعاون الثلاثى بين (مصر والعراق والأردن) من القاهرة، حيث انعقاد القمة الأولى لزعماء الدول الثلاث، والقمة الثانية على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك، والثالثة بالأردن، والرابعة فى بغداد، وتمت مناقشة مشروعات التعاون المشتركة فى مجالات (الأمن الغذائى – المناطق اللوجيستية – الطاقة والربط الكهربائى – والغاز والبتروكيماويات وغيرها)، كما أن المثلث (مصر واليونان وقبرص) بات بمثابة عنصر جديد فى السياسة الخارجية المصرية على مختلف الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية، ولم تكن رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى عام 2019 مجرد حدث دولى عادي، ولكنه كان تعبيرًا عن استعادة مصر لدورها الريادى التاريخى فى القارة، كما أطلقت مصر الدورتَيْن الأولى والثانية من «منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامَيْن» فى ديسمبر عامى 2019 و2020، برعاية وحضور السيد رئيس الجمهورية فى مدينة أسوان، وبحضور متميز من عدد من القادة الأفارقة والشركاء الدوليين، أيضًا عملية إرسال مصر معدات عسكرية وجنود إلى الصومال فى ضوء بروتوكول تعاون دفاعى بين البلدين والعمل ضمن خطة إعادة تنظيم استراتيجى واسع النطاق بمنطقة القرن الأفريقي، بالإضافة إلى إتفاق مصر وأريتريا على أهمية تكثيف الجهود ومواصلة التشاور لتحقيق الاستقرار فى السودان ودعم مؤسسات الدولة الوطنية فيه، فضلا عن الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته على كامل أراضيه، جاء ذلك خلال زيارة وزير الخارجية ورئيس جهاز المخابرات العامة المصريين للعاصمة الإريترية أسمرة فى سبتمبر الحالى 2024، لذلك وببساطة فإن الجيوسياسية هى دراسة تأثير السلوك السياسى فى تغيير الأبعاد الجغرافية للدولة، ومدى تأثيره على السلوك الدولي، وأؤكد فى الختام وجوب الأخذ فى الاعتبار أن السياسة الخارجية لدولة ما تبدأ من الداخل، بمعنى أنه لكى تمارس الدولة سياسة خارجية فعالة ومؤثرة، يتعيّن عليها أولًا أن تصلح بيتها من الداخل، من خلال الحفاظ على حيوية مصادر القوة الداخلية بما فى ذلك بنية تحتية قوية وكفاية الطاقة والنهوض بالتعليم، ومكافحة الفقر وزيادة الاستثمارات الخارجية والنمو الاقتصادى المستدام، وغير ذلك، هذا وفقًا لأساسيات العلاقات الدولية، وللحديث بقية إن شاء الله.
البريد الإلكترونى: [email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: القيادة المصرية
إقرأ أيضاً:
خالد عامر يكتب: مصر والتحديات الإقليمية
كشف اجتماع رئيس الجمهورية قبل أيام في مقر القيادة الإستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة مع كبار قادة القوات المسلحة المصرية والشرطة والأجهزة الأمنية والذي أعقبه لقاء مع القيادات الإعلامية، عن تأهب الدولة المصرية وجاهزيتها في ضوء المستجدات الأخيرة بالشرق الأوسط، وما أسفر عنه الوضع في سوريا وغزة. وقد كان لزاما أن يحاط الرأي العام بالموقف الحالى.
فما تشهده مصر في آخر أيام شهر ديسمبر 2024 من تزايد التهديدات والتحديات، كثير، والمشهد ليس بجديد، لأن مصر دائما مستهدفة فكل ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من أحداث الهدف الحقيقي منه مصر. الأزمة الاقتصادية التي نعيشها الآن سببها رفض مصر مشاريع التقسيم وتهجير سكان قطاع غزة من جانب والأزمة الدولية التي بدأت بجائحة كورونا ثم الحرب الروسية ثم رفع الفائدة في الفيدرالي الأمريكي مرات عديدة لإرباك أسواق العالم ثم طوفان الأقصى.. كل هذا يجعل مصر في حالة حرب وعدوان همجي يستهدف مصادرة الوعي الجمعي للمصريين لاستخدامهم في إسقاط مصر من خلال إطلاق الشائعات.
نجت مصر من فخ التوريط في مواجهات مباشرة سواء في ليبيا أو إثيوبيا أو السودان أو البحر الأحمر أو حتى في غزة، لأن ما تملكه أنت كمواطن مصري الآن من حقوقك البسيطة مثل منزل آمن تنام فيه أنت وأسرتك أفضل من خيام على حدود دولة، كما هو الحال الان مع من ضاعت أوطانهم.
أتعلم أن هناك الآن ملايين الناس يحلمون أن يمشوا في الشارع مطمئنين. هذه الأمنية أصبحت مستحيلة لنصف دول الإقليم، إما بسبب اندفاع حكامها أو سذاجة شعبها.
فما شهدته القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة قبل أيام توثيق للقاء هو الأهم في زخم الأحداث الأخيرة، تلك رسائل للخارج والداخل بأن مصر الدولة والجيش في جاهزية قصوى تتزامن مع المشهد العام في الشرق الأوسط.
مبعث قلق الدولة المصرية يرجع إلى القراءة الواعية للمشهد الحالى والتاريخ القديم، هناك مخططات لتقسيم الشرق الأوسط نجحت في دول عديدة مثل لبنان، العراق، سوريا، السودان، ليبيا، واليمن.. إلا أنه أخفق في مصر بفضل الله وقوة جيشها والقراءة الواعية من القيادة السياسية.
فشل مخطط إسقاط الدولة المصرية في أعقاب ما جرى في يناير 2011 وفشل مخطط جعل سيناء وطنا بديلا للفلسطينيين وتم القضاء على الإرهاب في سيناء.. العدو الآن يستتر وراء تنظيمات إرهابية وميليشيات مسلحة وأبواق إعلامية خارجية تسعى للنيل منك والمخاطر تزداد، لأجل هذا لابد من الإشادة والتأكيد على قوة الدولة المصرية وجيشها، فمصر دولة قوية بتماسك شعبها.. ادعم بلدك، ثق في جيشك وحافظ عليه، هو صمام الامان وسفينة النجاة.. حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.