الثورة نت/..

أكد القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس طاهر النونو، أن “معركة طوفان الأقصى أظهرت الكيان الهش على حقيقته، وأنه لا يستطيع الاعتماد على نفسه.”

وقال النونو في تصريحات لقناة الأقصى، الليلة الماضية: إن “الكيان يتعرض للضرب من غزة ولبنان واليمن والعراق، بعد أن كان بالونًا منتفخًا يخشاه الجميع”.

وأضاف: إن العدو الصهيوني يفشل في تحقيق أي أهداف حربه الفاشية التي يشنها على قطاع غزة.

وتابع: “مقاومو القسام حطموا خطوط الدفاع الصهيونية على الأرض خلال سويعات ضمن خطة محكمة”.. مشدداً على أن “جميع الفصائل الفلسطينية منخرطة بالمقاومة تحت لواء البندقية، وأن العلاقة بينها متينة ومبنية على عامل المقاومة ومواجهة الاحتلال”.

وعبر عن فخر حركة حماس “بوحدة الساحات المتمسكة بخيار مقاومة المحتل وزواله عن أرض فلسطين”.. لافتاً إلى أن المقاومة بالضفة تشهد تطوراً متصاعدًا وسريعًا وقويًّا في مواجهة المحتل.

كما أكد أن “حماس حركة مقاومة فلسطينية تدافع عن كل شبر في فلسطين دون تفريق أو تمييز”.. داعياً كل القيادات الحرة في العالم العربي، بالدفع لوقف الحرب النازية عن الشعب الفلسطيني في غزة.

وارتفعت حصيلة العدوان الصهيو-أمريكي العسكري المستمر على قطاع غزة إلى 41 ألفًا و226 شهيدا، بالإضافة لـ 95 ألفًا و413 مصابا بجروح متفاوتة، منذ السابع من أكتوبر 2023 الماضي، وفقاً لبيان وزارة الصحة الصادر الإثنين.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

وهْم القضاء على حكم حركة حماس في غزة

يستند وهم القضاء على حكم حركة حماس في غزة إلى تصورات استشراقية وثقافوية مسيانية خلاصية راسخة في الثقافة الغربية المسيحية الإنجيلية واليهودية الصهيونية، تعززت مع بروز التفوقية العرقية اليهومسيحية ومنظورات الاستعمار الصهيوني القائمة على المحو والتطهير والإبادة. وتلك الخلفيات المشتركة بالسوء ما يجمع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

فعندما بدأت إسرائيل حرب الإبادة على قطاع غزة خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو عن هدف رئيس من هذه الحرب، وهو القضاء على حماس وحكمها في غزة. وفي ظل استمرار صمود حماس في القتال وقدرتها على إلحاق خسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي، تعالت الأصوات حول صعوبة القضاء على حماس في قطاع غزة، فعقب نحو عام ونصف من القتال لا تزال الحركة تُحكم قبضتها وحكمها على القطاع، وفي ظل حالة العجز عن إزاحة حكم حماس تبرع ترامب بمقترح تطهير غزة بالكامل من سكانها الأصليين وفي مقدمتهم حركة حماس، وهو ما يكشف عن جهل مركب بماهية حركة حماس.

مع انعدام وجود اي إمكانات واقعية لإزالة حكم حماس تزايدت الأصوات الإسرائيلية المشككة بإمكانية القضاء على حكم حركة حماس في قطاع غزة، رغم مرور قرابة عام ونصف على حرب الإبادة، وتمسك نتنياهو بشعار القضاء على حكم حماس ورفضه إنهاء الحرب. فنتنياهو يدرك جيدا أن بعض المقترحات الإسرائيلية والأمريكية بعودة السلطة الفلسطينية، أو المبادرة العربية بوجود حكم محلي، سوف تفضي إلى عودة حماس، ففي خضم الحرب كان أعضاء لجنة الطوارئ الحكومية من الشرطة والعاملين في كل من وزارة الشؤون الاجتماعية، ووزارة الاقتصاد، ووزارة الصحة التابعين لحركة حماس، حماس ليست مجرد أيديولوجية دينية، رغم أهمية العامل الديني، حيث تتبنى قيادة وأعضاء حماس عقيدة إسلامية مترسخة الجذور في عقول وقلوب عناصرها، تحت شعار "إما النصر أو الشهادة"، لذلك لا تكترث حماس بسياسة استهداف الرؤوس وحملة الاغتيالات الإسرائيلية، فالمقاومة الفلسطينية تاريخيا قومية بأبعاد دينية مناهضة للاستعمار، لكن المخيلة الإنجيلية والصهيونية اعتنقت خطابا مشبعا بأوصاف صليبية لنعت الفلسطينيين بأوصاف تجردهم من القيم الإنسانيةيشاركون في اجتماعات دورية مع مؤسسات المجتمع المدني والأونروا من أجل تنسيق عملية توزيع المساعدات الإنسانية. وتتصرف وزارة الاقتصاد التابعة لحماس بشكل طبيعي أثناء الحرب، حيث تنشر بشكل دوري قوائم بأسعار السلع الغذائية في السوق، وقائمة السلع الكمالية الممنوعة من الاستيراد، وذلك يدل على عدم تنازل حماس عن إدارة الوضع الاقتصادي بغزة.

ومن الإشارات المؤكدة لاستمرار إدارة حماس لشؤون المدنيين، هو قيام المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية التابعة لحماس، بإطلاق منصة رسمية تحت مسمى الجبهة الداخلية- قطاع غزة، حيث تقوم هذه المنصة، عبر وسائل الإعلام المجتمعي، بنشر البيانات والمعلومات في شتى المجالات التي تتعلق في المجتمع الفلسطيني. وهي تقوم أيضا بتحذير المواطنين من المشاركة بنشر شائعات عن أحداث الحرب، وتقوم بتنبيههم أيضا بعدم الاقتراب من مخلفات الحرب.

إن الجهل بماهية حماس تقود إلى مقاربات خاطئة تستند إلى استخدام مزيد من القوة الغاشمة، لكن حماس ليست مجرد أيديولوجية دينية، رغم أهمية العامل الديني، حيث تتبنى قيادة وأعضاء حماس عقيدة إسلامية مترسخة الجذور في عقول وقلوب عناصرها، تحت شعار "إما النصر أو الشهادة"، لذلك لا تكترث حماس بسياسة استهداف الرؤوس وحملة الاغتيالات الإسرائيلية، فالمقاومة الفلسطينية تاريخيا قومية بأبعاد دينية مناهضة للاستعمار، لكن المخيلة الإنجيلية والصهيونية اعتنقت خطابا مشبعا بأوصاف صليبية لنعت الفلسطينيين بأوصاف تجردهم من القيم الإنسانية. فمنذ ثمانينيات القرن التاسع عشر وصفت الصهيونية الفلسطينيين بعرب "قذرين" و"متوحشين"، و"معادين للسامية"، وبعد تأسيس حركة حماس في عام 1987، بدأت الحكومة الإسرائيلية تتحدث عنهم باعتبارهم مسلمين جهاديين معادين للسامية يجب سحقهم بالقوة، وتعززت هذه الرؤية عقب هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، حيث اتهمت حماس بأنها تقف خلف الهجمات، وانتشرت فكرة المزاوجة بين معاداة الإسلام ومعاداة الفلسطينيين.

إن الربط بين هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر وعملية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وصعود سياسة حرب الإرهاب الأمريكية والإسرائيلية، تنطوي على حالة من الغطرسة تؤدي إلى تكرار ذات الأخطاء، وقد حذر العديد من الخبراء من خطورة استنساخ النموذج الأمريكي الفاشل في إسقاط حكم طالبان في أفغانستان، لأن كثيرا من الإسرائيليين يقارنون هجوم حماس في السابع من أكتوبر بهجوم القاعدة على أبراج نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر، مع وجود تشابه آخر أنه في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2001 بالضبط، بدأت القوات العسكرية الأمريكية عملية عسكرية ضخمة ناجحة للإطاحة بحكم طالبان، ورغم النجاح التكتيكي، فإن النتيجة اليوم في 2024، أن طالبان تحكم أفغانستان مرة أخرى، وهو ما سيحدث ويتكرر مع حركة حماس.

تشير كافة المقاربات في التعامل مع حركة حماس إلى فشل ذريع في فهم الحركة، حيث تهيمن القراءة الثقافوية الجوهرانية الماهوية على حساب المقاربة الاجتماعية السياسية السياقية، ففي حين تركز القراءة الجوهرانية على الأيديولوجيا والهوية بوصفها حركة إسلامية يشغل فيه تحليل الخطاب موقعا مركزيا، تتعامل القراءة السياقية مع الحركة بوصفها حركة اجتماعية تهتم بالفعل الاجتماعي الجمعي وعقلانيته النسبية، ويذهب بعض الباحثين إلى فهم "حماس" في إطار خصوصية القضية الفلسطينية وسياق التحولات التي شهدتها الهوية الوطنية الفلسطينية، وتحولات تعريف الجماعة الفلسطينية لنفسها، واعتبارها التعبير المتأخر لحركة التحرر الوطني الفلسطيني.

لا تخرج حركة حماس في تطورها عن سيرة الحركات الإسلامية وسلوك جماعات "الإسلام السياسي"، وممثلها الأبرز جماعة "الإخوان المسلمين"، التي دخلت في أطوار من التحولات في سياق التغيّرات السياسية والاجتماعية والثقافية، فقد تعاقبت على حركة حماس أطوار تاريخية قولبت أيديولوجيتها وممارساتها من حركة إحيائية إلى سياسية فجهادية، وطورت من معجمها الديني والأيديولوجي من الديني إلى القومي من خلال تأويلات مجسدة تستند إلى تقاليد خطابية إسلامية، في إطار سسيولوجيا التحولات من الاستمرارية والتحول، وقد كان واضحا خلال العقود الثلاث الماضية دخول الحركة في ديناميكية "التسييس" التي تستند إلى مفهوم "المصلحة" التي تنشأ بفعل إكراهات الواقع وموازين القوى والتي قادت إلى سلسلة من المواقف والخيارات والممارسات؛ أفضت ببطء إلى تراجع النزعة الأيديولوجية الدينية وتنامي النزعة الوطنية وفق نهج محسوب من البراغماتية السياسية.

لم تتخل حماس عن هويتها الدينية الإسلامية وإنما أعادت تعريفها هويتها نتيجة تطور نظرتها العالمية المتغيرة، ولم تستبدل معجمها الديني الإسلامي وحقلها الدلالي، وإنما أضافت إليه مفردات من المعجم القومي الحداثي، لتوسع مجال الخطاب إلى مجال تداولي أشمل، فقد حافظت على استخدام مصطلحات إسلامية كالجهاد، إلى جانب مصطلحات حداثية كالمقاومة، إذ يقتصر مفهوم الجهاد التداولي على الأمة الإسلامية، بينما يتمتع مصطلح المقاومة بدلالة شاملة وعالمية. وتعتبر المقاومة مشروعة من حيث القانون الدولي في الحرب ضد الاستعمار والاحتلال، وبذلك فإن تبني خطاب المقاومة سمح لحركة حماس بأن تصبح أكثر شمولا لمختلف التوجهات الدينية والسياسية داخل الساحة السياسية الفلسطينية دون التضحية بمصطلح الجهاد، الأمر الذي سمح بتوفير مجال أكبر للتعبئة الشعبية، وسهل جهود الحركة لنشر رؤية عالمية أكثر شمولا.

فمن خلال الحفاظ على التقاليد الخطابية الإسلامية وإعادة تأويلها وتفسيرها، بقي الدين راسخا في تكوينها وهويتها، فلا تزال المصطلحات الدينية سائدة، وفي نفس الوقت لم تتحول حماس إلى حركة علمانية قومية، إذ يستمر الدين في تشكيل حماس كحركة إسلامية، وتعمل المقاومة على توسيع مجال التداول والتلقي إلى فضاءات خارج قواعدها الدينية والوطنية الأساسي، وهو ما ظهر بصورة جلية في خطاب الحركة مع صدور ميثاق حماس الذي نشر في 18 آب/ أغسطس 1988عقب تأسيس الحركة بثمانية شهور، والذي استند إلى معجم هوياتي ديني يقوم على مفاهيم أيديولوجية دينية تتأسس على مصطلحات الأمة/ الجهاد/ اليهود، لتتحول في وثيقة "المبادئ والسياسات العامة" الصادرة في 1 أيار/ مايو 2017 إلى حركة دينية قومية تركز على الحقوق الوطنية دون التضحية بالإسلامية، وفق معجم سياسي يتأسس على مصطلحات الشعب/ المقاومة/ الصهيونية.

إن الفشل الذريع في فهم حركة حماس، تشير إلى إشكالية مناهج النظر تجاه حقل دراسات "الإسلام السياسي"، وهو ما يفضي إلى تعقد العلاقة بين القومي والديني والعلماني والدعوي والسياسي، فقد نشأت "حماس" كأحد فروع جماعة الإخوان المسلمين، وهي الجماعة النموذجية في حركات الإسلام السياسي، وقد هيمنت دراسة النماذج الإسلامية مقابل القومية والنماذج الدينية مقابل العلمانية على المناقشات العلمية حول الحركات الإسلامية طوال عقود من الزمن. إذ يتمحور الجدل والنقاش إلى حد كبير حول ما إذا كان من الممكن تفسير أدبيات وأقوال وكلمات المجموعة وممارساتها وسلوكياتها وأفعالها بشكل أفضل، في ضوء أيديولوجيتها الدينية الجوهرية أو بحسب السياق الاجتماعي والسياسي الوطني.

وعلى مدى عقود هيمنت المقاربة الأيديولوجية الماهوية على حقل دراسة الحركات الإسلامية، ومنها دراسة حركة "حماس" في مقاربة تستند أساسا إلى تحليل الخطاب، ومنه ينظر إلى الحركة بوصفها جزءا من كل، فهو تقاليد التنشئة والعمل الحركي الذي يختلط فيه الروحي بالزمني وينقلب فيه الداعية الديني إلى سياسي، وتبدو فيه لغة السياسة المعاصرة متطهرة كأنها تتدفق من زمن بعيد، إذ الأمة هي جماعة المسلمين والحكم هو شورى بينهم والقتال هو جهاد واستشهاد، أما النصر فليس سوى صبر ساعة.

أما الكل فلا يقتصر على الارتباط بجماعة الإخوان المسلمين، بل يتعداه بوصفه تجليا من تجليات خيال سياسي جديد نشأ بعد هزيمة حزيران/ يونيو 1967، وترسخ بعد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، وجرى عبره تثوير الإسلام أو بعبارة أخرى أسلمة الثورة.

وفي المقابل، نجد مقاربات سياقية تقصر تحولات الحركات الإسلامية على مقتضيات تطور السياقات السياسية والاجتماعية والثقافية، ففي سياق المقاربات المتعددة في فضاء دراسات الحركات الإسلامية والدراسات الفلسطينية، ظهرت المقاربات الجوهرانية والسياقية، حيث ظهرت مجموعة من الدراسات حاولت فهم ظاهرة حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" من خلال زوايا ومقتربات عدة، حيث جرى دراسة "حماس" بوصفها حركة تجمع بين الهوية الفلسطينية والإسلامية، ومنها مقاربات عالجتها كحركة تحرر مناهضة للاستعمار، وعالجتها دراسات عدة باعتبارها حركة اجتماعية أو بكونها حركة هوية إٍسلامية، وأخرى باعتبارها منظمة إرهابية.

ومن حيث الموضوع اهتمت بعض الدراسات ببحث علاقات حماس بالقوى الفلسطينية الأخرى، أو دراسة علاقاتها الخارجية، في حين ركزت دراسات أخرى على البنية الداخلية لحركة حماس، أو نشأة حماس وتحولاتها، أو موقف حماس من الديمقراطية، إضافة إلى السير الذاتية وشهادات قادة حماس التي توثق تجربة الحركة من منظور الفاعلين.

تقلبت حركة حماس في أطوار تاريخية ضمن ظروف سياسية محلية وإقليمية ودولية متغيرة، وقد طورت الحركة خطابها السياسي وقولبت أيديولوجيتها مع تبدل السياقات، سواء أكانت داخلية أم خارجية، ورغم التحول لكبير في استخدام الحقل الدلالي الديني الإسلامي لمصلحة الحقل الدلالي والمجال التداولي العلماني الوطني، فإن حماس لم تغادر التقاليد الخطابية الإسلامية وتتحول إلى حركة وطنية علمانية، وإنما استندت إلى تأويلات خطابية مجسدة تعكس تطور فهمها للدين والعلمانية وجدلية الدعوي والسياسي.

حركة حماس رغم خصوصية العمل في نطاق نظام استعماري، لكنها لا تختلف في تطورها عن جماعات "الإسلام السياسي"، التي دخلت في أطوار من التحولات في سياق التغيّرات السياسية والاجتماعية والثقافية، وقد تعاقبت على حركة حماس أطوار تاريخية قولبت أيديولوجيتها وممارساتها، وتحولت من جماعة إحيائية إلى حركة سياسية فمنظمة مقاومة جهادية، وطورت من معجمها الديني والأيديولوجي من الديني إلى القومي من خلال تأويلات مجسدة تستند إلى تقاليد خطابية إسلامية، في إطار سسيولوجيا التحولات من الاستمرارية والتحول
فالنزعة البراغماتية المحسوبة تنشد الجمع بين مفهوم الأمة الإسلامية ومقتضبات الدولة القومية، فهي تمزج بين مفهومي الأمة والشعب، والجهاد والمقاومة، وذهبت حماس إلى تغيير الأطر الرئيسية للخطاب السياسي من المصطلحات الدينية إلى المصطلحات العلمانية بهدف توسيع دائرة جمهور المخاطبين وكسب مزيد من الأتباع والمناصرين، وفي الوقت الذي لا يزال الدين يتمتع بحضور قوي في خطاب حماس، فإنه لم يعد يُستخدم كما كان من قبل باعتباره الإطار الرئيس الذي بحدد هوية الحركة ويميز ممارساتها.

خلاصة القول أن حركة حماس رغم خصوصية العمل في نطاق نظام استعماري، لكنها لا تختلف في تطورها عن جماعات "الإسلام السياسي"، التي دخلت في أطوار من التحولات في سياق التغيّرات السياسية والاجتماعية والثقافية، وقد تعاقبت على حركة حماس أطوار تاريخية قولبت أيديولوجيتها وممارساتها، وتحولت من جماعة إحيائية إلى حركة سياسية فمنظمة مقاومة جهادية، وطورت من معجمها الديني والأيديولوجي من الديني إلى القومي من خلال تأويلات مجسدة تستند إلى تقاليد خطابية إسلامية، في إطار سسيولوجيا التحولات من الاستمرارية والتحول. وقد كان واضحا خلال العقود الثلاث الماضية دخول الحركة في ديناميكية "التسييس" التي تستند إلى مفهوم "المصلحة"؛ التي تنشأ بفعل إكراهات الواقع وموازين القوى والتي قادت إلى سلسلة من المواقف والخيارات والممارسات أفضت ببطء إلى تراجع النزعة الأيديولوجية الدينية وتنامي النزعة الوطنية، وفق نهج محسوب من البراغماتية السياسية.

لم تتخل حماس عن هويتها الدينية الإسلامية وإنما أعادت تعريفها هويتها نتيجة تطور نظرتها العالمية المتغيرة، ولم تستبدل معجمها الديني الإسلامي وحقلها الدلالي، وإنما أضافت إليه مفردات من المعجم القومي الحداثي، لتوسع مجال الخطاب إلى مجال تداولي أشمل. فقد عملت حماس على حل جدلية الديني والسياسي في الفكر والممارسة من خلال رؤية تأويلية للتقاليد الخطابية الإسلامية، فهي لا تستند إلى منظورات التقدم ومفهوم التعاقب بالانتقال من الأسلمة إلى العلمنة، ولا تركن إلى مفهوم التزامن، وتحتكم إلى ماهوية جوهرانية ولا سياقية تطورية، وبهذه الرؤية الجديدة خسرت حماس أنصار الحركات الأصولية التي نظرت إلى تحولات حماس انتهازية سياسية تقوم على التضحية بالثوابت الدينية الإسلامية، لكن حماس من خلال المزج بين المعجمين الديني والقومي اكتسبت المزيد من الأنصار، ووضعت أسس قبولها في إطار الوطنية الفلسطينية، وإمكانية استدخالها في الحلول الدولية للقضية الفلسطينية.

x.com/hasanabuhanya

مقالات مشابهة

  • فجوات كبيرة بين الكيان الإسرائيلي وحماس، بحسب مسؤول إسرائيلي
  • وهْم القضاء على حكم حركة حماس في غزة
  • هاليفي: لا أملك سوى الإشادة بحماس على خداعنا قبل 7 أكتوبر
  • المقاومة تلعب بذكاء والعدو يكرس فشله أكثر.. الهُدنة إلى أين؟
  • حركة حماس تدين مجزرة العدو شمال غزة وتؤكد أنها انتهاك فاضح لوقف النار
  • فصائل فلسطينية تعقب على القصف الإسرائيلي في بيت لاهيا
  • موقع صهيوني يؤكد فشل الكيان والتحالف الدولي في مواجهة التهديد اليمني
  • الثقل النوعي لغزة في النضال الفلسطيني.. دور المقاومة وتحديات المستقبل
  • حماس تستنكر قرار حجب قناة الأقصى
  • قيادي في حماس يحذر: “الخروج عن اتفاق وقف إطلاق النار يعيدنا إلى الصفر”