ابوبكر القاضي ينعى الناشطة:(جميلة النور)
تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT
كارديف UK :
احتشد السودانيون والسودانيات في صالات المسجد اليمني بمدينة كارديف عاصمة ويلز لتعزية اسرة الناشطة (جميلة النور ) صاحبة الحضور الكبير.. الأنيق .. في كل أفراح وأتراح الجالية السودانية في كارديف جنوب مقاطعة ويلز.. كما احتشدوا لتعزية بعضهم البعض في فقيدة الجالية والوطن وحي الموردة امدرمان (جميلة النور) .
في سرادق العزاء توقفت مع ست الوجعة.. إلا وهي الاستاذة ثريا النور شقيقة المرحومة جميلة النور وهي أي ثريا.. زميلة لي في الجامعة.. وقد تكرمت بتقديم اولاد المرحومة شقيقتها وهم (خالد وعبدالله وابراهيم) .. لنقدم واجب العزاء.. ماشالله عليهم كلهم اطباء بريطانيون بالميلاد.. هذه هي ثمرة جميلة النور الطيبة في تربية وتعليم اولادها .. خدمة ونفع عام للمجتمع.. قل هو الله أحد. كنا نسمع عنهم.. ولكن لاول مرة نتعرف عليهم وجهنا لوجه لان المعايش جعلتهم يسكنون في لندن . كما عرفتنا الزميلة ثريا النور بولدها وبنتها (اطباء ايضاً) ذكروا لي أسماءهم (الحديثة) ولكني نسيتها .. ما يهمني ذكره ان ولد الزميلة ثريا النور مهتم جدا بالقيم والأصول السودانية المتعلقة بكرم الضيافة والبشاشة آخذا بالمثل السوداني: (بليلة مباشر ولا ذبيحة مكاشر ) . فقد كان الولد الدكتور حريصا جدا أن يكرمنا بالطعام.. وهذه ثقافة أبناء دارفور سادت عندنا في ويلز.. وكانت الثقافة السائدة هي تقديم الشاي والقهوة وموية الصحة.
الناشطة الراحلة جميلة النور الامدرمانية / حي الموردة من حيث مكان الميلاد كانت (إنسانة تفتيحة ) .. وناشطة اجتماعية من الطراز الأول.. فقد اشتغلت في مجلس اللاجئين بمقاطعة ويلز (The Welsh Refugee Council ) ومن خلاله تعرفت علي جميع اللاجئين من دول مختلفة وثقافات متعددة.. فمن دلائل تحضر الراحلة جميل النور انها انشأت منظمة خيرية ذات نفع عام هدفها الأساسي هو التعارف والاندماج الاجتماعي بين (الثقافات والعادات المختلفة) للأقليات العرقية المختلفة في مقاطعة ويلز.. الأمر الذي تشجعه وتدعمه بقوة سلطات مقاطعة ويلز و المملكة المتحدة بصورة عامة. ولعل الراحلة جميلة النور قد استلهمت اهداف منظمتها الخيرية من قوله تعالى: ( يا ايها الناس إنّا خلقناكم منّ ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم..الخ الاية) .. ومعلوم ان التعارف بين الشعوب يخلق السلام الاجتماعي.
الراحلة جميلة النور لها حضور مميز في كل المناسبات الاجتماعية للجالية.. في الأعياد الدينية والوطنية.. والإفطارات الرمضانية التي تنظمها الجاليات المتعاقبة ايام (السبت الاربعة خلال شهر رمضان الفضيل) حيث يحضر السودانيون (بطعامهم الرمضاني المصبوغ بالثقافة السودانية من عصيدة وقراصة وتقلية ونعيمية وبامية مفروكة .. وحلو مر .. وكركدي وزلابية أكل المرفهين في الزمن الجميل) .. ومن الذكريات العطرة الباقية في الذاكرة حين كنت رئيسا للجالية بكاردف خلال الفترة من ٢٠١٤ - ٢٠١٦ ان نظمت بنات النور الثلاثة لوحدهن برنامج افطار جماعي للجالية في احدي الصالات الفسيحة حضر هذا الإفطار جمع غفير من السودانيين لاسيما من اقليم دارفور النازف منذ عام ٢٠٠٣ .. وقد تحدثت في هذه المناسبة الراحلة جميلة النور .. ومن كلماتها العالقة في الذاكرة قولها انها تحب وتعز كل السودانيين بلا تمييز.. وأنها ليست عنصرية بدليل انها تزوجت (راجلا من دارفور) .. ربما استلهاما لشعار بنات الخرطوم (وليد دارفور بمشي معاك الليلة .. ورحم الله شاعر السودان محجوب شريف فقد جعل من هذه شعارا لاستقطاب الشارع السوداني لقضية السودان في دارفور.. وقد وجد كلامها قبولا حسنا من جميع الحاضرين لاسيما من ناشطي الجبهة الثورية انذاك.
وفي ثقافتنا السودانيين فان وصف المرأة بانها جميلة ليس عيبا ولا جريمة .. والشاعر ود الزومة حين تحدث عن جمال اسيا في اغنية اسيا بابورك في الاراك لم يجرمه احد لانه تكلم في المباح .. ولكنه انسجن علي قولته في القصيدة: (كان داير يقوم لها سيدي الحسن ) بشكري من السادة الختمية .، شاهدنا ان (الصمت والصوم عن الحديث عن حمال المراة الجميلة) يقع في خانة (ابشع أنواع البخل ) .. وهو البخل بالمشاعر والكلمات .. بل يرقي الي الوقوع في المحظور حين قال المولى (ولا تبخسوا الناس اشياءهم) .. وأعظم هبة ونعمة ظاهرة وباطنة منحها المولى للمرأة هي حالة كونها جميلة. ومعلوم أن وصف المرأة بالجمال ركن أساسي من بنية الشعر العربي.. ولم يقدح النقاد في قصيدة حسان بن ثابت مادح الرسول صلى الله عليه وسلم حين افتتح قصيدته الشهيرة بمدح (سعاد ) بقوله (بانت سعاد فقلبي اليوم ..الخ .) ثم دلف بعد ذلك الي مدح سيد الخلق عليه الصلاة والسلام .
الراحلة (جميلة النور ) كانت جميلة (اسما على مسمى) منذ يوم ولادتها .. فقد اعترفت لها نساء حي الموردة بالجمال منذ لحظة ولادتها.. الله تعالى خلقها جميلة.. مكحلة بلا كحل.. واهلها الكرام حين أطلقوا عليها اسم (جميلة انما أرادوا اثبات حالة ) .. وتثبيت واقعة شهدت بها نساء حي الموردة أمدرمان وهي ان هذه الصغيرة الله خلقها جميلة .. بل ان اهلها دخلوا في حالة تحدي مع العالم قائلين : (سمّيناها جميلة لأنها كذلك وليس من باب فأل الخير.. ونتحدي الدنيا كلها ان يقول لها احد من الناس لاحقاً (همسا أو يعيرها جهرة بان اسمها (جميلة لا يطابق حقيقتها ) .. فقد تربت وخرجت من بيتهم لتكون (ست البنات ..وست الجيل) .. وقد فاقت بنات جيلها حسناً وجمالا وادبا وكرما وحشمة .. وقد تغنى شعراء أمدرمان بجمالها وأدبها.. نحن .. هنا في كارديف عاصمة مقاطعة ويلز.. نحن من يعرف الراحلة جميلة آلنور.. نعرف جمال خلقتها الربانية.. ونشهد لها إنسانيّتها وقيمها الفاضلة التي عاشتها وسط مجتمعنا .. وأقر بها جميع وجهاء الجالية السودانية الذين عاشروها عبر مؤسسات المجتمع المدني المختلفة التابعة للجالية.. والله على ما نقول شهيد.. اختم مقالي بالقول إن جميلة النور عصية على النسيان.. وسوف تبقي حية في ذاكرة (زول كاردف ) من خلال عطائها الجميل ونفعها لعامة الناس والوطن.
ابوبكر القاضي
زول من كاردف / ويلز UK
aboubakrelgadi@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
القاضي شايع يتفقد أوضاع السجناء في نيابة معبر بذمار
الثورة نت/ رشاد الجمالي
تفقد رئيس نيابة استئناف محافظة ذمار، القاضي عنان شائع، اليوم، أوضاع المساجين على ذمة قضايا في نيابة مديرية معبر.
والتقى القاضي عنان، خلال الزيارة، وكيل وأعضاء وموظفي النيابة في المديرية، واطّلع من خلالهم على القضايا الواردة إلى النيابة، ومستوى إنجازها ومتابعتها أمام المحاكم.
واستمع رئيس النيابة إلى المساجين والإجراءات المتخذة بشأنهم، ووجّه بالإفراج عن عدد منهم، ممن توافرت فيهم الشروط وبالضمانات.
وأكد أن النزول الميداني للسجون يأتي تنفيذًا لتوجيهات النائب العام بسرعة البت في القضايا، والتأكد من سلامة الإجراءات، والإفراج عن السجناء ممن يمكن الإفراج عنهم بالعفو عن بقية المدة، أو بالضمانات.