سودانايل:
2024-09-19@04:47:43 GMT

مُذَكِّرات مُغترِب في دُوَل الخَليج العَربي (١٤)

تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT

قامَ مُديرُ مَدرسةِ الجُبيل المُتوسِطة بتَنفيذِ نَقلي حالَمَا واتَتْهُ الفُرصَة - كما ذكرتُ في آخرِ حلقةٍ ( ١٣ ) مِن المُذكِّرات. إلا أنَّ الانتقالَ هذه المَرّة جاءَ سَهلآ، يَسيراً وطيِّباً. كان سهلآ حيثُ لم تتعدَ المسافةُ إلى الوُجهةِ الجَدِيدةِ ١٥ كم مِن الجُبيل البَلد . وكانَ يَسِيراً إذ لم تَصْحَبه مَشَقةُ نَقلِ عَفشٍ أو تَرحِيلٍ إذ اسْتمَرَّ سَكنِي في الجُبيل وبَقِيتُ في نفسِ الشقّة أدَاوِم مِنها جِيئةً وذَهَاباً إلى مَدارِس تَحلية الجُبيل ، ولا يَتعَدَّى المِشوارُ عٍشرينَ دقيقةً إليها وعِشرين أخُرى رجعةً مِنها .

أمَّا كيفَ كانَ الانتقالُ طَيِّبا، فتلكَ رَحمَةٌ مِن ربِّ العالَمِين أعقبتْ صَبراً جميلآ على الشَّدائِد والابْتِلاءات " ورحمةُ ربِّك خيرٌ مِمّا يَجمَعُون " . فقد مُنِحتُ سَكنَاً فَخماً داخٍل مُجمَّع تَحليةِ مِياه الجُبيل بعد شهرٍ ونِصْف مِن الغُدُوِّ والرَّوَاح بينَ الجُبيل البلد ومُجمّع تَحلِية المِياه . وما أدْرَاكَ ما هذا المُجَمّع ! تَجدْ داخِله كلَّ وسًائلَ الرَّاحةِ والرَّفَاه مِن السَّكنِ والمَحَلاتِ التِّجارِية والعِياداتِ الطِّبيةِ والوِرَش المُتخَصِّصة في صِيانة كُل ما يتبعُ لهذا السًّكَن مِن سِباكةٍ وكَهرباء ومِياه وأجْهِزة . وفوقَ هذا وذاك ، يَحتَضِنُ البَحرُ هذا المُجَمّع بِذراعَين واحدةٍ تَنثٌرُ الخُضْرةَ وأخْرَى تسقي " الكورنيش " فيَفتَرِشُ سُكَّانُ المُجمّع خُضرَةَ السَّاحِل في الأمْسَياتِ ويَنعُمُون بِنُضرَة الخَليجِ مَدَّاً وجَزْرَاً " يا خَليجُ يا واهِبَ اللُّؤلؤ والمَحَارِ والرَّدَى فيُرجِعُ الصَّدى ........ " .
فاتَني أنْ أذْكُرَ أنَّني قد أتممتُ إجْراءاتِ استِقدام زَوجَتي واستِقبالِها قبلَ أنْ يَتِمَّ نقلي وانتقالي إلى تَحلِية الجُبيل . قد يقولُ قائِلٌ إنَّ ذلك الانتِقالَ اليَسِير و السَّهل والطَّيِّب قد جاءَ مع قُدُومِ الزَّوجَةِ فَذَلِك حظُّها . فأقولُ نَعمْ فالخَيرُ على قُدُومِ الوَارِدين - كما يُقالْ .
كانتْ تلك الفترةِ مِن العَملِ بالتَّدريسِ في تَحْليةِ مِياه الجُبيل جميلةً ومُمتِعةً وخَالِيةً مَن المَشاكِل . زادَها ألَقاً وجَمالاً قُدُومُ الأخِ الأُستاذ عَادِل أحمد مَنقُولاً مِن رأس تنُّورة إلي مَدَارِس التَحلِية مُعَلِّما للرِّياضيات. وقد تَخَرَّج معنا في كُليةِ التَّربية جامعةِ الخُرطوم في نفسِ السَّنة الأكادِيمية . عمِلنا مَعاً بِنَفسِ المدرسةِ وسَكَنَّا جِيراناً في شقَّتينْ مُتقَابِلتَين لِمُدة عامَين تقريبآ . وكانتْ مِن أجْملِ الفتَراتِ التي عِشناها في السَّعودية حيثُ كانتْ الأُسرَتان في وِئامٍ ومَحبَّةٍ بأطفالهما لكأنَّهُما عائلةٌ واحِدةُ .
أثناءَ تَواجُدِنا بمُجَمَّع تحلية المياه بالجُبيل انْدَلعتْ حربُ الخَلِيج الثَّانِية والتي عُرِفَتْ كذلك باسمِ عَمَلية " عاصِفة الصَّحرَاء "Operation Desert Storm والتي تَبَنَّتْها الولاياتُ المُتّحِدة مع حُلفائِها في ١٧ يناير سنة ١٩٩١ لِتَحرِيرِ الكُويت مِن الغَزوِ العِراقي .
------------------------------------
محمد عمر الشريف عبد الوهاب

m.omeralshrif114@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

مُذَكِّرات مُغترِب في دُوَل الخَليج العَربي (١٤)

قامَ مُديرُ مَدرسةِ الجُبيل المُتوسِطة بتَنفيذِ نَقلي حالَمَا واتَتْهُ الفُرصَة - كما ذكرتُ في آخرِ حلقةٍ ( ١٣ ) مِن المُذكِّرات. إلا أنَّ الانتقالَ هذه المَرّة جاءَ سَهلآ، يَسيراً وطيِّباً. كان سهلآ حيثُ لم تتعدَ المسافةُ إلى الوُجهةِ الجَدِيدةِ ١٥ كم مِن الجُبيل البَلد . وكانَ يَسِيراً إذ لم تَصْحَبه مَشَقةُ نَقلِ عَفشٍ أو تَرحِيلٍ إذ اسْتمَرَّ سَكنِي في الجُبيل وبَقِيتُ في نفسِ الشقّة أدَاوِم مِنها جِيئةً وذَهَاباً إلى مَدارِس تَحلية الجُبيل ، ولا يَتعَدَّى المِشوارُ عٍشرينَ دقيقةً إليها وعِشرين أخُرى رجعةً مِنها . أمَّا كيفَ كانَ الانتقالُ طَيِّبا، فتلكَ رَحمَةٌ مِن ربِّ العالَمِين أعقبتْ صَبراً جميلآ على الشَّدائِد والابْتِلاءات " ورحمةُ ربِّك خيرٌ مِمّا يَجمَعُون " . فقد مُنِحتُ سَكنَاً فَخماً داخٍل مُجمَّع تَحليةِ مِياه الجُبيل بعد شهرٍ ونِصْف مِن الغُدُوِّ والرَّوَاح بينَ الجُبيل البلد ومُجمّع تَحلِية المِياه . وما أدْرَاكَ ما هذا المُجَمّع ! تَجدْ داخِله كلَّ وسًائلَ الرَّاحةِ والرَّفَاه مِن السَّكنِ والمَحَلاتِ التِّجارِية والعِياداتِ الطِّبيةِ والوِرَش المُتخَصِّصة في صِيانة كُل ما يتبعُ لهذا السًّكَن مِن سِباكةٍ وكَهرباء ومِياه وأجْهِزة . وفوقَ هذا وذاك ، يَحتَضِنُ البَحرُ هذا المُجَمّع بِذراعَين واحدةٍ تَنثٌرُ الخُضْرةَ وأخْرَى تسقي " الكورنيش " فيَفتَرِشُ سُكَّانُ المُجمّع خُضرَةَ السَّاحِل في الأمْسَياتِ ويَنعُمُون بِنُضرَة الخَليجِ مَدَّاً وجَزْرَاً " يا خَليجُ يا واهِبَ اللُّؤلؤ والمَحَارِ والرَّدَى فيُرجِعُ الصَّدى ........ " .
فاتَني أنْ أذْكُرَ أنَّني قد أتممتُ إجْراءاتِ استِقدام زَوجَتي واستِقبالِها قبلَ أنْ يَتِمَّ نقلي وانتقالي إلى تَحلِية الجُبيل . قد يقولُ قائِلٌ إنَّ ذلك الانتِقالَ اليَسِير و السَّهل والطَّيِّب قد جاءَ مع قُدُومِ الزَّوجَةِ فَذَلِك حظُّها . فأقولُ نَعمْ فالخَيرُ على قُدُومِ الوَارِدين - كما يُقالْ .
كانتْ تلك الفترةِ مِن العَملِ بالتَّدريسِ في تَحْليةِ مِياه الجُبيل جميلةً ومُمتِعةً وخَالِيةً مَن المَشاكِل . زادَها ألَقاً وجَمالاً قُدُومُ الأخِ الأُستاذ عَادِل أحمد مَنقُولاً مِن رأس تنُّورة إلي مَدَارِس التَحلِية مُعَلِّما للرِّياضيات. وقد تَخَرَّج معنا في كُليةِ التَّربية جامعةِ الخُرطوم في نفسِ السَّنة الأكادِيمية . عمِلنا مَعاً بِنَفسِ المدرسةِ وسَكَنَّا جِيراناً في شقَّتينْ مُتقَابِلتَين لِمُدة عامَين تقريبآ . وكانتْ مِن أجْملِ الفتَراتِ التي عِشناها في السَّعودية حيثُ كانتْ الأُسرَتان في وِئامٍ ومَحبَّةٍ بأطفالهما لكأنَّهُما عائلةٌ واحِدةُ .
أثناءَ تَواجُدِنا بمُجَمَّع تحلية المياه بالجُبيل انْدَلعتْ حربُ الخَلِيج الثَّانِية والتي عُرِفَتْ كذلك باسمِ عَمَلية " عاصِفة الصَّحرَاء "Operation Desert Storm والتي تَبَنَّتْها الولاياتُ المُتّحِدة مع حُلفائِها في ١٧ يناير سنة ١٩٩١ لِتَحرِيرِ الكُويت مِن الغَزوِ العِراقي .
------------------------------------
محمد عمر الشريف عبد الوهاب

m.omeralshrif114@gmail.com  

مقالات مشابهة