مع اقتراب العيد الـ62 لثورة 26 سبتمبر 1962، يتجدد الأمل في قلوب اليمنيين، حيث تظل هذه الثورة رمزًا للحرية والتحرر من الاستبداد. لقد استطاعت الثورة، التي قادها مجموعة من الأبطال الخالدين، أن تنقل اليمن من عصور الظلام إلى النور، مقدمةً التضحيات الجسام من أجل تحقيق العدالة والكرامة والديمقراطية.

تعد ثورة 26 سبتمبر نقطة انطلاق جديدة للشعب اليمني، حيث وضعت حدًا لأكثر من ألف عام من الكهنوت والظلم، حينما ألغت العبودية والجهل، وأعلنت ميلاد إنسان يمني جديد يسعى نحو المعرفة والحرية.

إن قيم الثورة لا تزال حية، حيث يتذكر اليمنيون دائمًا الشجاعة والتضحيات التي قدمها الثوار لتحقيق الأهداف النبيلة.

ومع اقتراب المناسبة يستعيد اليمنيون اليوم ذكريات حكم الإمامة البائد، إذ يتشابه الوضع الحالي تحت سيطرة مليشيا الحوثي بشكل لافت مع تلك الحقبة المظلمة. فالحوثيون، أحفاد (الإمامة)، يعيدون إنتاج نفس أنماط الاستبداد والظلم، مما يجعل اليمنيين يشعرون بأنهم عائدون إلى عصور الكهوف، حيث يعانون من القهر والفقر تحت سطوة الحديد والنار.

اليوم تتجلى معاناة اليمنيين في مختلف المجالات، حيث تسعى مليشيا الحوثي إلى تعزيز هيمنتها من خلال تجهيل الشعب وإفقاره. فقد حولت المدارس والجامعات إلى ثكنات عسكرية، وأجرت تعديلات على المناهج بهدف تجهيل الطلاب مما أدى إلى تدمير التعليم، كما هجّرت الاطباء من المستشفيات وخصخصت القطاع الصحي، مما يفاقم الأزمات التي يعيشها المواطنين.

تعمد الحوثيون على تغيير الهوية الثقافية لليمن، عبر فرض أفكار طائفية على الأجيال الجديدة في ممارسات ممنهجة تذكر بما كان يحدث في العصور السابقة من استبداد كهنوتي، حيث اعادت أخذ الرهائن من القبائل، وفرضت قيود على الحريات وصادرت الحقوق ومارست سياسة التجويع، واستخدمت سياسة وطتلفيق التهم ضد الخصوم، لذا فإن اليمنيين اليوم بحاجة ماسة إلى مقاومة هذا التوجه، واستعادة هويتهم الثقافية الأصيلة.

رغم تلك التحديات الصعبة، تظل روح ثورة 26 سبتمبر حاضرة في وجدان كل يمني حر، وسط اصرار يتزايد من عام إلى آخر بالاحتفاء بالمناسبة العظيمة التي تؤكد إن التمسك بالأهداف والمبادئ الثورية، ما يشكل دافعًا قويًا للنضال من أجل تحقيق الحرية والكرامة والعدل والمساواة التي يتطلب من الشعب اليمني التوحد.

وفي ظل غياب قيادة حكومة الشرعية في المنفى منذ عشر سنوات، وتنصلها عن المسؤولية تجاه رعاياها سواء المنكوبين تحت وطأة القهر الحوثي أو القابعين بالمناطق المحررة، تبرز الحاجة الملحة لقيادة ثورية جديدة تستلهم توجهها من رموز ثورة 26 سبتمبر، أمثال، علي عبدالمغني والمشير عبدالله السلال والفريق حسن العمري وغيرهم من أمثال هؤلاء القادة العظام الذي يمثلون تجسيدًا لرؤية ثورية قادرة على استعادة الجمهورية من براثن الاستبداد الحوثي، وتجديد العهد مع مبادئ ثورة سبتمبر الخالدة.

ويأتي العيد الـ 62 لثورة 26 سبتمبر الخالدة في وقت حرج، حيث تتطلب المرحلة الراهنة وقفة جدية لإحياء المبادئ الثورية والادراك الجمعي لدى كافة اليمنيين، لإخراج البلاد من بوتقة الفوضى والانقلابات المسلحة التي عصفت بها منذ العام 2011.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: ثورة 26 سبتمبر

إقرأ أيضاً:

هل تؤسس ثورة غزة ضد حماس للسلام؟

في واشنطن وبروكسل والعواصم العالمية، لم يصدق الناس ما شاهدوه على شاشات الأخبار المتواصلة من شرق البحر المتوسط، إذ بمئات ثم آلاف المتظاهرين يحتجون ضد سطة حماس، للمرة الأولى منذ حرب السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وربما المرة الأولى منذ تولي الحركة الحكم في القطاع.

ورغم قصف إسرائيل المتواصل لأهداف داخل القطاع منذ خريف 2023 لكن المحللين والمراقبين يتوقفون على أسئلة ثقيلة ومنها، من يقف وراء الاحتجاجات، هل تقف جهة إقليمية أو دولية أو فريق فلسطيني؟ هل إسرائيل دبرت المسألة؟ أم أن المجتمع الغزاوي هو الذي أفرز تلك الظاهرة؟ وبعدها تأتي موجة ثانية من الأسئلة، هل ستتحول التظاهرات إلى شبه انتفاضة؟ هل تتوسع؟ هل ستطول؟ هل ستنهار أم ستنتصر؟ إن كان ذلك حاصلاً فما السيناريوهات ومستقبل غزة في خضم التطورات الإقليمية والحروب والعلاقات الدولية. ولعلها معادلة مترابطة بين إيران وميليشياتها، و"السابع من أكتوبر" وحملة إسرائيل رداً عليها، وعامي حرب، وثورة في غزة على حكامها. فلنحاول في هذا المقال أن "نقشر" الحال المعقدة الدموية في القطاع ونفهم ما يجري أو في الأقل ما نراه.

هل هنالك معارضة لحماس في غزة؟

بالطبع داخل كل مجتمع قوة مسيطرة وقوة تعارضها، حتى تحت الاحتلال. وهذا كان الوضع في الأراضي الفلسطينية منذ انتهاء الحرب الباردة، منظمة التحرير في الصدارة والحركات الإسلامية تنخر من تحت. ومع وفاة القائد التاريخي ياسر عرفات عام 2004، بدأت الحركة الإسلامية الفلسطينية في تمددها ولا سيما داخل غزة، معقل "الإخوان" التاريخي. ومع الانسحاب الإسرائيلي من القطاع عام 2005، بدأ صراع وسباق على السلطة، مر بمواجهة دموية انتهت بانقلاب عسكري قامت به حماس ضد فتح، عام 2007 لتسيطر على القطاع لعقدين ونيف، ودخلت فتح وآخرون صف المعارضة. لكن مع مرور الزمن خرجت من داخل المجتمع الفلسطيني مجموعات اجتماعية شبيهة باليسار الليبرالي، ومشاركة في عهد الإنترنت منذ ظهوره. وكانت حماس المسيطرة على القطاع منذ صيف عام 2007 بنت قوة خارقة بعد الانقلاب على فتح، جمعت في مساحتها الدعمين الإخواني والإيراني ما وضع "المعارضة الفتحية" ومعارضة المجموعات الليبرالية في موقف مستحيل، قبل حرب السابع من أكتوبر.

مع اندلاع المواجهة العسكرية بين القوات الإسرائيلية و"المقاومة الإسلامية" في غزة منذ الثامن من أكتوبر، بدأت رحلة الـ18 شهراً من الحرب المدمرة التي تخطت غزة إلى إسرائيل فلبنان، وسوريا، والعراق، واليمن إلى الداخل الإيراني. وهذه الحرب لم تكن كسابقاتها ولم تعد العودة إلى الستاتيكو هي الهدف عند الإسرائيليين.

كسر هيبة حماس والمحور

إن تدمير الآلة العسكرية لحماس ومن بعدها حزب الله في لبنان، وتصفية قيادات القوتين الميليشياوية في القطاع ولبنان هزت تدريجاً هيبة حماس، والميليشيات الأخرى داخل المنطقة. فلا إسرائيل تراجعت ولا الدول العربية "انتحرت" في سبيل إنقاذ الجيش الحمساوي. وامتدت الضربات الإسرائيلية إلى حزب الله الحليف الشمالي لحماس، وأقعدته استراتيجياً. واخترقت أسراب من المقاتلات الإسرائيلية الأجواء الإيرانية وضربت الدفاعات الجوية للنظام وقلمت أظافره، فتقلصت قدرة "الجمهورية الإسلامية" على حماية قطاع غزة، وأدركت القيادة الحمساوية أن "النجدة الخمينية والإخوانية" لن تصل، لا لغزة ولا حتى أطراف الدولة العبرية. ومن وسط الأنقاض والبيوت المدمرة بدأ الناس يتكلمون عن ضرورة وقف الحرب، ليتمكن فلسطينيو القطاع أن "يعيشوا" كبشر. ووصلت الحرب المدمرة إلى حدود انهيار الصبر لدى المجتمع المدني، فسقطت قدسية "المقاومة العسكرية" ضد إسرائيل وبدأت مشروعية "المقاومة السلمية" ضد حماس.

 معارضة حماس من أين؟

سيتم تجميع الوثائق ومعرفة جذور معارضة حماس خاصة منذ 2007، لكن انتشار مسيرات الغزاويين ضد السلطة الحاكمة في القطاع بات يسلط الضوء على بعض الظواهر الكامنة وراء التحركات الشعبية المتلاحقة. وأهم معارضي حماس وأولهم كانوا ولا يزالون أعضاء وأنصار حركة فتح، ومؤيدي السلطة الفلسطينية، الذين ذاقوا الأمرين من حماس، لا سيما إبان انقلاب عام 2007 وبعده. وبعد "السابع من أكتوبر" بنحو شهرين بدأ على الـ"سوشيال ميديا" ظهور لمجموعات من اللاجئين الخارجين من غزة باتجاه مصر وهم ينددون بتهور حماس، ومسؤوليتها عن الدمار والخسائر الفادحة للأهالي، إلا أن الجو العام للإعلام كان يعكس تأييداً لسلطة حماس، رغم المآسي على الأرض.

لكن ظاهرة أخرى بدأت تهز ثقة الناس في حكامهم، وهي الفيديوهات التي ظهرت عن تعذيب الميليشيات لفتيان داخل غزة متهمين بـ"السرقة"، بما فيه الطعام والخبز، وسربت تقارير عن تصفيات لمن عدتهم الحركة "جواسيس" بينما هم مجرد معارضين للحركة، ولهذه الحرب. وهنا تذمرت جماعات أكبر من المواطنين داخل القطاع من قمع حماس بحقهم. المعترضون حافظوا على امتعاضهم من إسرائيل بسبب القصف لكنهم بدأوا ينتقدون نظامهم، لا سيما أن حماس تنسق حربها مع النظام الإيراني.

انهيار الجسر

ومع انسحاب جماعة حزب الله، وبعدها سقوط نظام الأسد كلياً، أدركت المعارضة الغزاوية لحماس أن هذه الأخيرة لن تكسب المعركة، وأن إطالة الحرب باتت كارثة. وبحسب بعض المعلومات فإن التحضيرات للتظاهرات بدأت منذ أشهر، وإن هنالك هيئات تنسيق في الداخل تقف وراء المسيرات. وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير إعلان الرئيس الأمريكي عن مشروع لنقل أهالي غزة إلى دول أخرى، بينما تُصلح المؤسسات ويُعاد الإعمار. وكان لهذه التصريحات أثر عميق خوفاً من ترك الأرض، بينما حماس تستمر في جهادها ولا تأبه بجهاد الناس الحياتي، فانفجرت الاحتجاجات وتوسعت.

مقالات مشابهة

  • الحرب والغلاء المعيشي يحرمان اليمنيين من فرح العيد (تقرير خاص)
  • محمد علي الحوثي يهنئ قائد الثورة والرئيس المشاط بعيد الفطر المبارك
  • العليمي: التحالف الجمهوري بات اليوم أكثر قوةواستعادة صنعاء صار أقرب من أي وقت مضى
  • رئيس المؤتمر الشعبي يهنئ السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بعيد الفطر المبارك
  • رئيس مجلس الوزراء يهنئ قائد الثورة والرئيس المشاط بحلول عيد الفطر المبارك
  • عفو عام عن رئيس غينيا الأسبق المدان بجرائم ضد الإنسانية
  • أول صور من داخل حديقة الحيوان بالجيزة أثناء التطوير.. والافتتاح سبتمبر المقبل
  • هدد بإغلاق مضيق هرمز..الحرس الثوري: وجود السفن الأجنبية في الخليج غير مُبرر
  • هل تؤسس ثورة غزة ضد حماس للسلام؟
  • مشوار الزمالك في كأس مصر قبل مواجهة سيراميكا كليوباترا اليوم