نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرا، أعدّته أليسا روبن، من بغداد، قالت فيه إن "حركة حماس وجماعة الحوثيين في اليمن، كانوا يُعتبرون أعداء في الماضي، لكنهما حصلتا على استقبال حار في العراق، حيث فتحت كل منهما مكتبا لها في العاصمة العراقية، ما يعبر عن  رغبة إيران في بناء كتلتها الإقليمية". 

وأضافت روبن، عبر التقرير نفسه، الذي ترجمته "عربي21" أنه "لا توجد علامة على بوابة المكتب السياسي لحركة حماس، في بغداد، وعنوانها سر يحافظ عليه؛ ونفس الأمر ينطبق على حركة الحوثيين التي يبعد مكتبها مسافة قصيرة بالسيارة".



وتابعت، بأن "المسؤولين العراقيين سمحوا، وبهدوء، لكل من الجماعتين اللتين تدعمهما إيران بحضور دائم في بغداد، بداية صيف هذا العام، وبعد أعوام من زيارات ممثليهم. ويأتي هذا التحول الذي ينكره المسؤولون العراقيون علنا، حتى مع تداول صور المجموعات في العراق على وسائل التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي يبدو فيه أن إيران تشجع وكلاءها من دول مختلفة على تبادل المهارات العسكرية وحتى التنسيق بشأن الأهداف". 

وأردفت بأن "مكاتب حماس والحركة الحوثية، في بغداد، تكشف عن الدور العراقي المتزايد في حرب الظل بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة. فعلى مدى أكثر من عقدين، ومنذ الإطاحة بصدام حسين، ناضل العراق من أجل الحفاظ على علاقة غير مريحة مع إيران، التي تشترك معها بحدود تمتد على ألف ميل ومع الولايات المتحدة التي لا تزال تحتفظ بـ 2,500 جندي على أراضيه". 

وفي السياق ذاته، ترى الصحيفة، أن "الميزان ينحرف وبشكل تدريجي لصالح إيران التي عملت بجهد كبير على توسيع تأثيرها الجيوسياسي وزيادة التجنيد والتمويل للقوى الموالية لها في العراق".

"هي من الجهود الإيرانية، لبناء كتلة إقليمية شيعية تمتد من حزب الله في لبنان إلى الحركة الحوثية في اليمن" كما أبرزت الصحيفة نفسها، مردفة بأن "إيران، دفعت في السنوات الأخيرة الحكومة العراقية لإضفاء شرعية على المليشيات العراقية، وبعضها موال لطهران، وكذلك على جماعات سنية ومسيحية وأزيدية مسلحة، ودمجها في أجهزة الأمن العراقية".

وبحسب الصحيفة ذاتها، فإن المليشيات العراقية استطاعت إنشاء أحزاب سياسية وتحالفات، فازت بمقاعد كافية في الانتخابات النيابية خلال عام 2021، ما منحها الفرصة لاختيار رئيس الوزراء. وعلى خلفية هذا  النفوذ الإيراني المتزايد، فقد رضخت القيادة العراقية عندما أراد الحوثيون وحركة حماس فتح مكاتب لهم في العراق. 


وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن بعض المسؤولين الحكوميين العراقيين يقولون، خلال أحاديثهم الخاصة، إنهم "غير متحمسين لضيوفهم الجدد، ولم تكن لديهم القوة لمنعهم نظرا للقوة التي تتمتع بها الأحزاب الموالية لإيران في العراق". 

ونقلت الصحيفة، عن عراقيين وغربيين وكذا عضو في جماعة عراقية مسلحة، كلهم تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم، إن "المكاتب التابعة للحركتين التي افتتحت في حزيران/ يونيو تركز تحديدا على تطوير العلاقات مع العراق".

إلى ذلك، تعلق الصحيفة بأن "المكتبين لحركة حماس والحوثيين، يعكسان التغير الذي حدث في العراق، منذ نهاية حكم صدام حسين. فلم يقمع صدام حسين الحركات الشيعية فقط بل والسنية مثل جماعة الإخوان المسلمين التي كانت حركة حماس جزءا منها. واعتبر الإسلاميين تهديدا لهيمنة حزبه، البعث" وفق تعبيرها.

وتابعت: "سمح هذا التحول للجماعات الأجنبية التي تربطها علاقات بإيران، بتوسيع نفوذها بشكل عزز ما يعرف بمحور المقاومة الإيراني. وهو ما يطلق على شبكة الجماعات المسلحة الموالية لها في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، والتي  تكرس جهودها لمواجهة النفوذ الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة".

كذلك، نقلت الصحيفة عن أستاذ العلاقات الدولية بجامعة أوتاوا، توماس جونو، قوله إنه هو وعدد آخر من الأكاديميين لاحظوا تيارا تشجع فيه إيران الجماعات المسلحة من بلدان مختلفة على العمل معا. مشيرين في الوقت ذاته إلى ما وصفوه بـ"الجهود التي تبذلها الجماعات العراقية واللبنانية، نيابة عن نظام بشار الأسد خلال الحرب الأهلية السورية".

وأضاف أن "هناك مأسسة متزايدة للعلاقات بين إيران وشركائها في محور المقاومة. ومن أجل تحقيق هذه الغاية، أنشأت طهران غرف عمليات مشتركة وعقدت اجتماعات منتظمة تجمع بين قادتها، وهي الجهود التي "تكثفت" منذ عملية حركة حماس وحلفائها على إسرائيل". 

وأردف بأن "هناك مخاوف من أن يدفع وجود جماعات من محور المقاومة في العراق، إسرائيل، إلى توجيه ضربات لها، ما يؤدي إلى زعزعة استقرار البلد. ومن جانب آخر، فقد تتعاون الفصائل العراقية الموالية لإيران، مع بقية الجماعات المسلحة في محور المقاومة وتوقيت هجماتها ضد إسرائيل في وقت واحد..

فيما زعمت الجماعات العراقية وجماعة الحوثي أنها ضربت إسرائيل معا ثماني مرات في حزيران/ يونيو، وثلاث مرات في تموز/ يوليو، وهذه الأرقام من "أجندة الغارات" التي يعدها معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى في واشنطن". 

وتقول الصحيفة إن "حركة حماس فتحت مكتبها في شارع العرصات بحي الكرادة، الذي تعيش فيه طبقة متوسطة في بيوت من طابقين بنيت في فترة السبعينيات من القرن الماضي، إلى جانب المباني الجديدة التي تطل على شوارع تنتشر فيها محلات البيتزا والمفروشات وكذا بنايات جديدة لا تزال تحت الإنشاء. وتسيطر على مساحة كبيرة منه جماعة كتائب حزب الله، التي تعد من أبرز الجماعات الموالية لإيران".

وأبرزت الصحيفة أنها حاولت الاتصال هاتفيا، خلال الشهر الماضي مع  ممثل حركة حماس في بغداد، محمد الحافي، وهو عضو مكتب "حماس" للعلاقات العربية والدولية، لكنه رفض قائلا: "لست مخولا بالحديث مع الإعلام". 

وتقول الصحيفة إنه "التقى مع عدد من الجماعات العراقية والأفراد الشيعة  المرتبطين بمحور المقاومة والسنة الذين يشتركون في فلسفة  حركة حماس والإخوان المسلمين". وقال حسام الربيعي من حزب الخدمات، وهو مرتبط  بجماعة مسلحة إنه التقى مع الحافي عدة مرات وأن المكتب يقدم صلة مباشرة بين العراقيين وحركة حماس. 


وقال الربيعي إن "الحافي هو ممثل سياسي وليس عسكريا والمكتب في بغداد يمنحه الفرصة لإيصال الرسائل مباشرة  للسياسيين العراقيين، وليس عبر وسطاء، كما قال". بينما أشارت الصحيفة إلى أن "افتتاح مكتب لحركة حماس في بغداد يعد بمثابة تطور إيجابي للحزب الإسلامي العراقي، وهو حزب سني يشترك في فلسفة الإخوان المسلمين وإن لم يكن له حضور علني كبير في السنوات الأخيرة". 

وقال رشيد العزاوي، وهو رئيس الحزب الإسلامي العراقي، إن "الحرب على غزة، التي كانت مدمرة للمدنيين، أدت إلى تعاطف كبير من العراقيين ومن جميع الأديان وجعلتهم أكثر انفتاحا على وجود حركة حماس". وقال إنه ينظر إلى الجماعة بأنها تقاتل من أجل "قضية إنسانية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية حماس الحوثيين العراق العراق حماس الحوثيين صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی العراق حرکة حماس فی بغداد

إقرأ أيضاً:

العقوبات تضيق الخناق على إيران.. هل تُفسح الطريق أمام الخليج وتركيا في العراق؟- عاجل

بغداد اليوم – بغداد

يرى الخبير الاقتصادي، أبي ياسر الحسيني، أن الضغوط الأمريكية المفروضة على الشركات الإيرانية قد تمهد الطريق أمام الشركات الخليجية والتركية لتعزيز حضورها في الأسواق العراقية، مما قد يؤدي إلى تغييرات كبيرة في المشهد الاقتصادي خلال الأشهر المقبلة.

وقال الحسيني، في حديث لـ”بغداد اليوم”، اليوم الاثنين (10 آذار 2025)، إن "الشرق الأوسط يشهد منذ سنوات حروبا اقتصادية شرسة"، لافتا إلى أن “واشنطن تعتمد سياسة التجويع والهيمنة لتحقيق أجنداتها في المنطقة، وهو ما ينعكس على العراق بشكل مباشر”.

وأشار إلى أن "العراق قد يتأثر سلبا بهذه السياسات، لا سيما في قطاع الخدمات، وعلى رأسها الكهرباء، حيث يُتوقع أن تؤدي العقوبات الأمريكية إلى تعقيد الأزمة مع حلول الصيف".

وأوضح، أن "تشديد العقوبات على الشركات الإيرانية وعرقلة حصولها على مستحقاتها من التجارة مع العراق، خاصة في قطاع الوقود، سيفتح الباب أمام الشركات السعودية والتركية، المدعومة أميركيا، لتعزيز وجودها في السوق العراقية".

وأضاف، أن "إيران تفتقر حاليا إلى الأدوات الكافية لوقف هذا التراجع في حصتها بالسوق العراقية، رغم المزايا التي تتمتع بها بضائعها من حيث القرب الجغرافي وقلة تكاليف النقل وملاءمتها للسوق المحلية".

وأكد أن "العراق سيشهد تحولات اقتصادية واضحة خلال الفترة المقبلة، مع دخول لاعبين جدد إلى الساحة التجارية".

كان ولايزال العراق ساحة مفتوحة لتنافس القوى الإقليمية والدولية، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي. فمنذ عام 2003، شهدت الأسواق العراقية تدفقا للمنتجات والشركات من دول عدة، أبرزها إيران وتركيا ودول الخليج، وذلك وفقا لمتغيرات سياسية واقتصادية مرتبطة بتوجهات الحكومات المتعاقبة والعلاقات الخارجية للبلاد.


الضغوط الأمريكية وتأثيرها على الشركات الإيرانية

في السنوات الأخيرة، شددت واشنطن ضغوطها الاقتصادية على إيران عبر فرض عقوبات متتالية، كان لها تأثير مباشر على الشركات الإيرانية العاملة في العراق.

وتشمل هذه الضغوط تقييد التعاملات المالية ومنع بغداد من تسديد مستحقات الغاز والطاقة لطهران بالدولار، مما أدى إلى أزمة في ملف الكهرباء العراقي، حيث تعتمد البلاد بشكل كبير على الغاز الإيراني.


تغيرات متوقعة في المشهد الاقتصادي العراقي

ومع استمرار الضغوط الأمريكية على إيران، وتنامي الحضور التركي والخليجي، يتوقع مراقبون أن يشهد الاقتصاد العراقي تحولا ملحوظا خلال الأشهر المقبلة.

فإما أن تتجه بغداد نحو شراكات جديدة تعزز التنافس بين اللاعبين الإقليميين، أو أن تجد نفسها أمام تحديات اقتصادية معقدة نتيجة فقدانها مصادر طاقة حيوية كانت تعتمد عليها بشكل كبير.

مقالات مشابهة

  • مع السعي الأمريكي لدعم بغداد.. إيران قد تخسر العراق قريبًا
  • بعد هجوم مفاجئ.. استنفار أكبر قاعدة تركية على الأراضي العراقية
  • تحالفًا خطيرًا بين مليشيات الحوثي وحركة الشباب في الصومال
  • العقوبات تضيق الخناق على إيران.. هل تُفسح الطريق أمام الخليج وتركيا في العراق؟
  • العقوبات تضيق الخناق على إيران.. هل تُفسح الطريق أمام الخليج وتركيا في العراق؟- عاجل
  • الحكومة العراقية تعزز خططها لتأمين الكهرباء الصيف المقبل
  • إيران: قرار واشنطن عدم تجديد الإعفاء لبغداد لشراء الكهرباء غير قانوني
  • الحكومة العراقية تعزز خطط تأمين الكهرباء الصيف المقبل
  • العقوبات الأمريكية على الفصائل العراقية .. هل المواطن في مأمن؟
  • العقوبات الأمريكية على الفصائل العراقية .. المواطن في مأمن- عاجل