يمن مونيتور:
2025-03-31@19:52:11 GMT

قيمة شعرية أم قيمة أخلاقية؟

تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT

قيمة شعرية أم قيمة أخلاقية؟

راجح المحوري

ثمة شواهد دقيقة تثبت مسألة المرونة التي تكتسبها القيم الأخلاقية لدى الناس أحيانا، حيث لا يتساهلون مع خرق هذه القيم فحسب، بل أنهم يطربون للمضامين التي تحمل ما ينسفها نسفا، ويحطمها كليا، ولكن وفق شروط أخرى، وضمن سياقات لها نظمها وقوانينها الخاصة.

فمثلا في الأدب وفي (الشعر خاصة) نجد أن الناس يطربون لنص شعري يصادم ويناقض منظومات القيم الاجتماعية المستقرة، فيتداولونه ويحتفون به كثيرا، ليس لأنه يناقض هذه القيم ويصطدم معها، ولكن لأنه يستجيب لكامل شروط مقبولية هذا النقض والمخالفة، وهم يفعلون ذلك دون أن يجتهدوا لتفسير ما يفعلون، فهو من البديهيات بالنسبة إليهم.

يقول جرير في مدح عبدالملك بن مروان:

“سَأَشكُرُ أَن رَدَدتَ عَلَيَّ ريشي

وَأَثبَتَّ القَوادِمَ في جَناحي

(أَلَستُم خَيرَ مَن رَكِبَ المَطايا

وَأَندى العالَمينَ بُطونَ راحِ)”

جميعنا نطرب لهذا البيت فنردده ونعتمده شاهدا على قوة شاعرية جرير، مع أن مضمونه يناقض القيم الموضوعية، والأخلاقية المستقرة لدينا! والسبب أن هذه المضامين الناقضة، صيغت ضمن نسق شعري، ذي قيمة جمالية إمتاعية عالية، ولو قال أحدهم “فلان خير البشر وأكرمهم” لأنكرنا عليه ذلك، لأن المقارنة الذهنية تذهب مباشرة إلى الرسول، وعندها نقول ليس هناك من هو خير من الرسول، ولا أكثر كرما منه.

القيمة هنا قيمة شعرية وليست قيمة أخلاقية أو موضوعية، والقيمة الشعرية لها أساسات في الوجدان تختلف عن القيمة الأخلاقية، هذه الأساسات تبلورها الثقافة، والمصادر التي يتلقى عنها الشخص، ونوع الوعاء الاجتماعي الذي يتخلق وعيه داخله.

وهناك شاهد شعري حديث، وهو قول الشاعر أسامة المحوري :

فـي قَبْضَةِ الفتياتِ طِفْلٌ واقِعُ

رَحُبَ الخيالُ بهِ وضاقَ الواقِعُ

الـقـابضاتُ عـلـى أعِـنَّـةِ قـلْـبِهِ

(شُـمُّ الـصدورِ، نُهُودهنَّ مدافِعُ)

مــا فـرَّ مِـنْهُنَّ الْـغَدَاةَ بـنبضِهِ

إلا لـيـقـتـلَهُ الــغَـرَامُ الــراجِـعُ

لو حاكمنا هذا البيت وفق القيم الموضوعية، والتي هي أيضا قوية وراسخة لدينا وندافع عنها، ونطالب بحمايتها باستمرار؛ لقلنا إن هذا الرجل كاذب! أو لأصابتنا حالة من الشفقة الشديدة على تلك الفتيات، ولطالبنا بنقلهن إلى المستشفى، لإجراء عمليات جراحية، توقف هذا النمو غير الطبيعي، كما سيحدث لمن يتلقي البيت بعقلية موضوعية ساذجة.

ولكننا نطرب لهذا البيت لجماله، وطرافته، وللصورة الشعرية الجديدة التي يجترحها، والتي تحيل الذهن إلى بروز صدر المرأة وفتنته وجماله.

خلاصة القول إن الناس في العبارة الشعرية، يحتكمون إلى قيم نابعة من المنظومة الإبداعية ذاتها، ولا يحتكمون إلى منظومات قيمية خارجية، وإذا فعلوا فحينئذ يسقط الشعر والإبداع كله، وبالضربة القاضية.

إذن نحن أحيانا نخرج خروجا كاملا عن قيم نحترمها، وندافع عنها، نخرج عنها ونركضها بعيدا، ولكننا لا ننطلق إلى الفراغ، بل ندخل إلى منظومات قيمية أخرى، لها نفس الرسوخ ونفس الاستقرار، كالنظام الخاص بالشعر.

والذي يعطينا الحق في هذا الخروج، هو القيمة الجمالية الإمتاعية فقط.

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الشعر

إقرأ أيضاً:

مدافع الإنتر «الأعلى قيمة» في العالم

 
معتز الشامي (أبوظبي)

أخبار ذات صلة «الإمارات للدراجات» يستعيد الصدارة في «فولتا إيه كاتالونيا» مارادونا «تعذب» أثناء وفاته!


أنتجت إيطاليا عدداً من أشهر المدافعين في التاريخ الحديث، مثل فرانكو باريزي، وباولو مالديني، وأليساندرو نيستا، وفابيو كانافارو، وجورجيو كيليني، وليوناردو بونوتشي، لكن أليساندرو باستوني لاعب إنتر ميلان أصبح جديراً بأن يكون أحد نجوم «الأزوري».
وبعد التقدم في صفوف شباب أتالانتا، تعاقد إنتر ميلان مع باستوني، المولود في لومباردي، مقابل 31 مليون يورو عام 2017، وينحدر قلب الدفاع من عائلة جيدة، حيث يلعب والده نيكولا على المستوى الاحترافي في مركز الظهير الأيسر في العديد من الأندية الإيطالية، بما في ذلك كريمونيزي. 
وفي البداية، أعار الإنتر باستوني إلى أتالانتا لمدة موسمين، وبعد موسم إلى بارما، حيث أثبت أنه قادر على النجاح في الدوري الإيطالي، ومنذ عودته إلى الإنتر عام 2019، تطور باستوني بشكل رائع تحت قيادة اثنين من الخبراء التكتيكيين هما أنطونيو كونتي وسيميوني إنزاجي.
وتألق اللاعب «25 عاماً» في مركز قلب الدفاع الأيسر في تشكيلتي 3-5-2 للمدربين، بفضل براعته في الكرات الهوائية، وقدرته على الاستحواذ على الكرة وبنيته البدنية، ما أكسبه سمعة أفضل قلب دفاع في إيطاليا، وفاز باستوني بلقبين في الدوري الإيطالي و4 كؤوس في إيطاليا، بينما خسر بصعوبة في نهائي دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي.
وارتفعت القيمة السوقية لباستوني بمقدار 5 ملايين يورو، لتصل إلى 80 مليون يورو في أحدث تحديث لقيمة السوق في الدوري الإيطالي، ما يجعله المدافع الأعلى قيمة في العالم، إلى جانب الفرنسي ويليام ساليبا لاعب أرسنال، وعلاوة على ذلك، أصبح باستوني الآن أيضاً اللاعب الإيطالي الأكثر قيمة في تاريخ سوق الانتقالات، إلى جانب زميله الحالي في فريق إنتر نيكولو باريلا.
ويسير باستوني على الطريق الصحيح للفوز بلقب الدوري الإيطالي للمرة الثالثة هذا الموسم، كما يظل إنتر ميلان «الحصان الأسود» في دوري أبطال أوروبا، بعد وصوله إلى شباك نظيفة 8 مرات في 10 مباريات حتى الآن، مع انتظار مواجهة بايرن ميونيخ في ربع النهائي.

مقالات مشابهة

  • هل سيخفض ترامب قيمة الدولار؟ وما أثر ذلك عربيا؟
  • سنن صلاة العيد ووقتها وكيفية أدائها .. علي جمعة يكشف عنها
  • حماس: قتل الأطفال يوم العيد يكشف عن فاشية الاحتلال وتجرده من القيم الإنسانية
  • ترامب يعيد نشر فيديو لأميركية مفرج عنها من أفغانستان بوساطة قطرية
  • أهالي بوشر ينظمون غدا احتفالا شعبيا وأمسية شعرية
  • مظاهر العيد.. عادات عمانية راسخة تعبّر عن القيم والأصالة
  • هل تنوي الذبح في العيد.. إرشادات مهمة لا يجب أن تغفل عنها
  • مدافع الإنتر «الأعلى قيمة» في العالم
  • جلسات لتعزيز الروابط الأسرية وترسيخ القيم
  • أزهري: القيم الدينية جاءت لتوحيد الصف.. مصر خير دليل