شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش -أمس الاثنين- على أن "لا شيء يبرر العقاب الجماعي" الإسرائيلي اللاحق بسكان قطاع غزة الذين يعانون على نحو "لا يمكن تصوره".

ويأتي ذلك بينما حذر خبراء أمميون من أن إسرائيل قد تصبح "منبوذة" دوليا على خلفية ما ترتكبه من "إبادة جماعية" في غزة، وندّدوا بـ"ازدواجية معايير" في ما يتصل بالحرب في القطاع، مشددين على وجوب مساءلة إسرائيل.

انتقادات حادة

ووجّه غوتيريش انتقادات حادة للطريقة التي تدير بها إسرائيل حربها على القطاع المدمّر، وقال "هذا أمر لا يمكن تصوره: مستوى المعاناة في غزة، ومستوى الموتى والدمار لا مثيل له في كل ما شهدته منذ أن أصبحت أمينا عاما" عام 2017.

وأضاف "بالطبع، ندين كل هجمات (حركة المقاومة الإسلامية) حماس الإرهابية.. لكن الحقيقة أن لا شيء يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني، وهذا ما نشهده على نحو دراماتيكي في غزة".

وأكد غوتيريش أن "المساءلة يجب أن تكون ضرورية" في ما يتصل بالقتلى المدنيين، مشيرا إلى "انتهاكات واسعة النطاق" ارتكبتها إسرائيل وكذلك حماس.

وبهذا الصدد، دعا الأمين العام للأمم المتحدة مرارا إلى وقف فوري لإطلاق النار، لكن المحادثات التي تجرى بوساطة أميركية مصرية قطرية ما زالت تراوح مكانها وسط تبادل إسرائيل وحماس المسؤولية عن عرقلة جهود التوصل لاتفاق.

ووصف غوتيريش المحادثات بأنها "لا نهاية لها" معربا عن اعتقاده أنه سيكون من "الصعب جدا" التوصل إلى تسوية، لافتا في الوقت نفسه إلى أنه لا زال متفائلا.

دولة منبوذة

من ناحية أخرى، حذر خبراء أمميون من أن إسرائيل قد تصبح "منبوذة" دوليا على خلفية ما ترتكبه من "إبادة جماعية" في غزة.

وندد الخبراء بـ"ازدواجية المعايير" في ما يتصل بالحرب المدمرة الدائرة في غزة، وشددوا على وجوب مساءلة إسرائيل على أفعالها.

وقالت مقررة الأمم المتحدة الخاصة لحقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيزي "أعتقد أنه لا مفر من أن تصبح إسرائيل منبوذة على خلفية هجومها المستمر الذي لا هوادة فيه على الأمم المتحدة والفلسطينيين".

بدوره، شدد الخبير المستقل المعني بتعزيز نظام دولي ديمقراطي وعادل، جورج كاتروغالوس، على وجوب أن تعامَل إسرائيل وفق المعايير نفسها المعتمدة مع كل البلدان، ودان هجماتها المتكرّرة على مسؤولين أمميين أو وكالات أممية.

من جهته، حذر المقرر الخاص المعني بحق الإنسان في الحصول على مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي، بيدرو أروخو-أغودو، من أن تجاهل إسرائيل وحلفائها الصارخ، لما خلصت إليه محاكم دولية ومجلس الأمن وغيرهما من الهيئات الأممية في ما يتصل بالنزاع، يقوّض المنظمة ككل.

كما قالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالحق في الصحة، تلالينغ موفوكينغ، إنهم شاهدوا رعب الإبادة الجماعية في غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع.

مستوى غير مسبوق

وأوضحت موفوكينغ أن الهجمات على المستشفيات والعاملين في القطاع الصحي وصلت إلى مستوى غير مسبوق، وأشارت إلى تدمير البنية التحتية الصحية في غزة بالكامل.

وأفادت بأن 17 فقط من أصل 36 مستشفى في غزة تواصل عملها بشكل جزئي.

وتابعت المسؤولة الأممية: إسرائيل وحلفاؤها يواصلون انتهاك القانون الدولي من خلال شن هجمات على المدنيين والأطفال والعاملين بقطاع الصحة.

يشار إلى أن إسرائيل تشن للشهر الـ12 على التوالي حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 136 ألف شهيد وجريح فلسطينيين معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.

وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة المحاصر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی غزة

إقرأ أيضاً:

د.مظهر محمد صالح: ميشيل فوكو…حوارٌ لا ينقطع!

بقلم: د. مظهر محمد صالح ..

عُد التعذيب في السجون الاديولوجية من أكثر وسائل المواجهة عنفاً وبدائيةً،إذ يتهاوى المناخ الإنساني وتغُيب روابط المواطنة وتتقًطع العلاقات بين البشر.فالمعتقلون في نظر جلاديهم خونة سياسيون او كفرة لابد من استئصالهم او تعذيبهم او ترويعهم ليتاح إذابة ثوريتهم او إصلاح رجعيتهم! وهو النمط الاول الذي اطلق عليه فيلسوف النصف الأخير من القرن العشرين (ميشيل فوكو)1926-1984في كتابه الشهير( المراقبة والعقاب) الصادر في باريس في العام 1975والذي سماه (بالنمط الملوكي) في إستعمال تكنولوجيا العقاب .وينظر الى النمط الأول بكونه الأشد قمعا والأكثر وحشيةً والذي جرى من خلاله تشخيص تاريخ الإجرام والعقوبات والممارسات الاجتماعية في السجون.وعلى الرغم من ان التعذيب لدى علماء النفس،هو نوع من أنواع السادية التي تعظم الرغبة في إيذاء الآخرين لتحقيق النشوة،لكن (فوكو) قد صور جسد المعذب في كتابه (المراقبة والعقاب) ليمثل محور الخطاب ومفهومه في تشكيل فلسفته التي قدمت فحصاً متكاملاً للآليات الاجتماعية والنظريات التي كانت وراء الاختلاف الهائل بين نظم العقاب في العصر الحديث.فالتعذيب عند(فوكو) مراسم وطقوس وعملية تدوين لجسد المعذب ،بغية الحصول على الاعتراف بالجريمة.لذا فأن الاعتراف هو القطعة الأساسية من عملية التعذيب ومن اجلها يمارس التنكيل والتعذيب بمختلف إشكاله ولكونه يُؤمن اقتران البرهان المكتوب بالبرهان الشفوي في شكل اعتراف.فمسألة اعتقال الاخرين كخيار لدى القائمين على أجراءات العقاب ضمن اطار حركة واسعة ترمي الى مناؤة عالم السجن والاعتقال ولكن بدرجات متفاوتة تتراوح ما بين إنتقاد شروط السجن وانتهاءً بمواقف راديكالية تنتقد مبدأ السجن نفسه وتطالب بأغلاق السجون حسب ما يعتقده (ميشيل فوكو)!.بيد ان وقائع التعذيب تنطوي على اشكالية وحضور ملتبس:إذ كثير ما ينقلب مسرح التعذيب كما يقول( فوكو )من العبرة الى العاطفة ومن الانتقام الى التسامح مع السجين وخاصة عندما يعلم الرأي العام ان العقوبة جائرة وان الاحكام ظالمة.ولاشك ان فوكو هو اول الفلاسفة اللذين ناقشوا ظاهرة السجن ذاتها وقام بتحليلها في سياق تاريخها ،انطلاقاً من ولادتها وحتى مفاهيمها الحديثة وولوجها ساحة النقاش الفكري الفلسفي ولاسيما عند التطرق إلى مؤسسات الطب النفسي ومؤسسات العقاب بالسجن.فالسؤال الذي اجاب عليه(ميشيل فوكو) والذي خص جانب علم النفس والقائل:انه كلما تعاظم الاحتكاك بين الجلاد والمعتقلين،تراجعت قدرته النفسية على إلحاق الأذى و الاهانة.وعلى الرغم من ذلك ، لم تتاح لي فرصة التحدث والحوار المباشر مع (فوكو) كي يفسر لي ظاهرة مختلفة حدثت بين الضحية والجلاد في سجون القصر الملكي المرعب والمسمى( بقصر النهاية) ببغداد في العام 1971.فمساء كل يوم يتبادل الجلاد(فرحان) التحية الباهتة قبل الغروب مع معتقليه، ذلك عندما يقوم بفتح زنزاناتنا الواحدة بعد الأخرى بنفسه ،ثم يأخذ بين يديه طبلة خشبية صغيرة ضمت قطع من الحلوى وسجائر وغيرها من السلع الاستهلاكية الساذجة. هنا يمارس فرحان دور بائع المفرد ويتقن فن التسويق على المسجونين والتربح من كل درهم او دينار مازال في جيوبهم الخاوية.و يختلف المسرح التجاري وزبائنه داخل الزنزانات عند الجلاد( فرحان) في السلوك والعاطفة عن مسرح التعذيب وزبائنه الذين هم أنفسهم .فالعاطفة والود والتسامح التجاري ينقلب في ليلتها حالاً إلى سادية متوحشة وقدرة على التعذيب وازدواجية في التصرف وعلى نحو لاتجد له تفسيراً في اي فصل من فصول كتاب(فوكو) – المراقبة والعقاب. فالقطيعة الانسانية امست حاصلة لامحالة، والتبضع التجاري لايولد عاطفة كافية تسد ذريعة الجلاد(فرحان) بالامتناع عن ساديته تجاه استباحة اجساد زبائنه. فحالما تنتهي فصول المسرحية التسويقية في البيع والشراء والتعاطي التجاري مع المسجونين وتوقف دورة المراوغة ألسعريه غير المتكافئة ،يدخل السجناء من فورهم، وقبل ابتلاعهم قطعة الشكولاته، الى دوامة مسرح التعذيب الذي يمارسه بائع المفرد( فرحان) نفسه مستبيحاً اجساد زبائنه!.انها المفارقة في ازدواجية السلوك التي يعيشها شخوص النمط الملوكي في ممارسة تكنولوجيا التعذيب وهو النمط الاول الذي نوه عنه(فوكو) دون ان يدري مايحصل من ازدواجية خالية العاطفة في احد سجون شرق المتوسط – واقصد هنا قصر النهاية المرعب.فقد كان الجلاد (فرحان) انسان منفصم الشخصية،فهو وحش في السجن و انسان عادي في ممارسة التسويق التجاري على السجناء.كما ان انفصام شخصيته بدأت يوم كان حارساً في السجن ثم مشاهداً لحفلات التعذيب وانتهى مشاركاُ محترفاُ في فصول التعذيب من النمط الاول قبل ان يصبح بائع مفرد داخل محاجر السجن الرهيب.رحَل ميشيل فوكو في العام 1984 بعد ان حول فكرة السجن الى رهان فلسفي من اجل فرض العقاب.كما ان تطور نُظم العقاب عند فوكو ولدَت في العصر الحديث ما يسمى بالرؤية او النمط الثاني للعقاب وهو النمط التأديبي القائم على مبدأ ممارسة مفهوم:سلطة-معرفة…ذلك ابتداءً من السجن وانتهاءً بالمنزل المحمي اليوم بالكاميرات الالكترونية او حتى دور الشرطي او المعلم او المؤسسات التي تمارس جميعها دور الانضباط وفرض العقاب التأديبي على خروقات النظام العام و في حوار لم ينقطع .!!

*) باحث ومحلل إقتصادي ونائب محافظ البنك المركزي السابق

د.مظهر محمد صالح

مقالات مشابهة

  • د.مظهر محمد صالح: ميشيل فوكو…حوارٌ لا ينقطع!
  • أستاذ عقيدة بغزة: أهل القطاع يمثلون تطبيقا حيا للوفاء بعهد الله
  • جوائز بمليون درهم.. دبي تفتح باب التسجيل في التحدي الدولي للذكاء الاصطناعي
  • المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: القطاع على أبواب مجاعة محققة بسبب الحصار
  • غوتيريش: هناك ارتفاع مقلق في التعصب ضد المسلمين
  • غوتيريش: ارتفاع مقلق في التعصب ضد المسلمين
  • رئيس الوزراء الكندي الجديد: كندا لن تصبح أبدا جزءا من الولايات المتحدة
  • المكتب الاعلامي: العدو يتنصل من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة
  • غوتيريش: قطع أمريكا ودول أوروبية المساعدات الإنسانية "جريمة"
  • نقيب المقاولين بغزة لـ«البوابة نيوز»: مصر تلعب دورًا محوريًا في مشاريع إعادة إعمار القطاع