منذ منتصف شهر يوليو الماضي بدأ هواة البحث عن نبات الفطر الملكي في أودية وسهول وأرياف جبال محافظة ظفار، حيث تنتعش الحياة الفطرية في جبال المحافظة مع موسم الخريف.

ويسمى الفطر محليا (القمبأ)، وهو فطر بري، ينتهى موسمه نهاية شهر أغسطس الحالي، ويتكاثر كلما تساقط المطر والرذاذ بشكل متواصل ومستمر، حيث ينمو على تلال الجبال مضيفا جمالا بألوانه في لوحة قلما يراها الإنسان.

ويأتي الفطر في نوعين: الأول يؤكل وله مذاق شهى، ويميل لونه إلى الرمادي، أما النوع الآخر فهو سام ويميل لونه للأصفر.

وفي هذه الأيام بالذات يبدأ موسم الفطر، ويكثر البحث عن هذا النبات رغم ما يكتنف ذلك من مصاعب جمة أقلها لدغات الحشرات أو ما يعرف محليا باسم (العيرنوت)، ولكن كل هذا العناء يحتمل في لقاء الحصول على حفنة من هذا النبات الشهي جدا.

ويجهز للفطر في الطبخ مستلزمات عديدة من ضمنها السمن البلدي (القطميم)، ويؤكل دون إضافة أي أكلات أخرى معه. كما تعد رحلة البحث عن (القمبأ) هواية ممتعة لعشاق الفطر الملكي الذي ينبت في هذا الموسم، وهذا النوع يعدّ من أفضل أنواع الفطر وأفضلها قيمة غذائية، إذ تصنف الدراسات العلمية فطر المحار الملكي ضمن المأكولات التي تعزز النظام المناعي للجسم، نظرا لاحتوائه على عناصر ومواد مهمة تساعد في تعزيز مناعة الجسم ضد الأمراض.

جريدة ((عمان)) التقت بالشاب حسن بن سالم كشوب في وادي اضبيض بولاية صلالة وهو يبحث عن نبات الفطر، وأكد أن الكثير من المواطنين في الجبل بمجرد أن يبدأ الموسم يشكلون فرقا من شخصين أو أكثر، ويشرعون في عملية البحث لجمع الفطر المحلي. مبينا أن البعض يقوم بتلك الرحلة من أجل الرياضة واستكشاف المواقع والتمتع بطهي الفطر على الطرق المحلية المختلفة. والبعض الآخر يقوم بذلك لأجل الكسب المادي حيث تتراوح قيمة الفطر بين ٢٠ - ٣٠ ريالا للكيلوجرام الواحد. مفسرا أن مبلغا كهذا بشكل يومي يعد رافدا ولو مؤقتا للبعض خصوصا ذوي الظروف المادية الصعبة.

وأشار حسن كشوب إلى أن السنوات الأخيرة شهدت انخراط بعض الأيدي العاملة الوافدة في منافسة المعنيين من أهالي الجبل في هذه العملية، مبينا أنها لا تتبع الطرق السليمة والتعليمات الصحيحة في البحث والاستخراج تحديدا، كما أن عملية استخراج الفطر لها أسلوب متوارث ومتعارف عليه، حيث أن الفطر عادة ما ينبت في أماكن تجمع تراب الشجر العتيقة اليابسة، التي يتحول جذعها وجزء من ساقها إلى طين بفعل دابة الأرض التي تحول الحطب إلى تراب كجزء من تكامل النظام البيئي الذي أودعه الله في كونه، ومن هنا تتجدد التربة لتعوض عن الفقدان الناتح عن عوامل انجراف التربة الطينية. وبهذا نفهم أن الفطر أكثر ما ينبت على أكوام التربة الطينية، التي ترتفع عن مستوى الأرض المحيطة بها. منوها أن الوافد حين يقوم بحفر الفطر، ولكي يستفيد من ساقها المتجذر في التربة يزيح الطين، ويخرجه من تجمعه مما يجعل التربة أكثر عرضة للانجراف، ونسبة استمرار ظهور الفطر مستقبلا أقل بكثير بسبب فقدان التربة المتجمعة. مضيفا أن هناك نوعا آخر من أنواع الفطر الذي يظهر في الموسم نفسه، وفي المواقع نفسها أحيانا، وهو فطر سام وضار ولا يؤكل وربما ضرره يرقى إلى درجة السموم وكثير من الوافدين لا يفرقون بينهما نظرا لتشابهما.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

ابن بطوطة وخبز ظفار

 

 

 

خالد بن سعد الشنفري

 

بعد فراغي من كتابة روايتي "طفلة" وكانت أول إصداراتي، أحببت كعادة أي كاتب أن يحظى كتابه الأول بمقدمة من كاتب مرموق يشد إليه القراء وأثناء ذلك وصلتني رسالة واتس من رقم فرنسي ليس مخزناً عندي اسم صاحبه عرفني باسمه بأنَّه الأستاذ فيصل جلول، فقلت له الكاتب والباحث والمحاضر في أكاديمية باريس للجيوبوليتيك ما غيره؟ قال لي نعم هو.

فقلت له إذن لقد ساقتك الأقدار لي. استغرب ولكنني واصلت الترحيب به فقال في الحقيقة لقد أعطاني رقمك الأخ الزميل الكاتب علي بن مسعود المعشني ذلك أنني بصدد تأليف كتاب عن ابن بطوطة في الخليج وكنت أريد التأكيد بأنَّ ظفار التي زارها ابن بطوطة مرتين يفصل بينهما عشرون عاماً وأسهب في وصفها هل هي ظفار العُمانية أم ظفار اليمن فدلني مشكورا أنك يُمكن أن تفيدني أكثر منه في هذا الأمر، فقلت له وصلت أهلا وسهلاً أستاذي العزيز وسأكتفي بتعداد بعض الأشياء التي ذكرها ابن بطوطة عن ظفار تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنها هي ظفار العُمانية وليست ظفار اليمن ومنها؛ سمك السردين (العيدة) الذي أشار إليه ابن بطوطة ويصطاده الظفاريون بكميات كبيرة بواسطة شباك "الضاغية" المعروفة إلى اليوم في ظفار ويجففوه ويطعموه لأبقارهم لتسمينها وإدرار الحليب وأيضاً لتسميد المزروعات.

ثمرة جوز الهند (النارجيل) الذي ذكر بأنهم يصنعون منه عسل النارجيل وتقوم عليه صناعته وتجارته وتصديره للخارج كما إن لديهم نوعان من الموز هما موز الفرض الصغير وموز "أبو بقرة" الكبير (هذان النوعان من الموز تضاءلت زراعتهما حتى كادت أن تنقرض اليوم بعد أن حل محله موز صلالة الحالي بعدما استجلب منه السلطان سعيد بن تيمور فسائل من الخارج وزرعها في مزرعته بالمعمورة في منتصف القرن الماضي ومنها انتشر بين المزارعين) أخيرا وليس بآخر الخبز الظفاري الرقيق الشهير أو ما يُسمى بخبز أو كعك والذي يعمر لأشهر دون أن يفسد وأسهب ابن بطوطة في وصفه وطريقة طهيه ولذة طعمه بالسمن البلدي وقد أخذ زاد سفره منه وهو في طريق عودته من ظفار إلى كيرلا بالهند التي استغرقت شهراً كاملاً.

كل هذه الأشياء وغيرها مما ذكره ابن بطوطة عن وصف ظفار لا تُوجد وإلى يومنا هذا إلا في ظفار، عندها قال لي خلاص اكتفيت وشكراً لك. قلت له لا شكر على واجب أستاذي الكريم ولكنني أطمح منك أن تحقق لي أمراً ليس بالمقابل ولكن تكرمًا منك؛ حيث إنني أسعى منذ فترة للحصول عليه، فقال تفضل؛ ترجيته أن يكتب لي مقدمة لكتاب رواية "طفلة" قال لكنني لست بكاتب روائي ومختص في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا والسياسة فأجبته وأنا لكل ما ذكرت بالذات مُصرٌ أن تكتب أنت مقدمة لروايتي طفلة فوافق على أن أبعث له بمسودة الرواية أولا وسيفيدني بعد ذلك.

على ما يبدو أنَّ الرواية وافقت شيئًا في نفسه؛ فهو عروبي ومُهتم بالشأن العربي كثيرا خصوصا القضية الفلسطينية واليمن وأرسل لي المُقدمة الرائعة التي حظيت بها طفلة من كاتب ومؤلف وعروبي عملاق مثل فيصل جلول خلال أيام بعد أن قراها بتمعن بالطبع.

كل الشكر والتقدير والاحترام للأستاذ العزيز فيصل جلول.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • هل يجوز إخراج زكاة الفطر من أول شهر رمضان أم لا؟.. الإفتاء توضح.. «فيديو»
  • ابن بطوطة وخبز ظفار
  • وقفة تضامنية في محافظة إدلب بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب السوري للمطالبة برفع العقوبات التي فرضت على النظام البائد
  • القاهرة الإخبارية: سيارات الإسعاف في معبر رفح لتقديم الدعم الطبي للأسرى الفلسطينيين
  • لعبة Ninja Gaiden 4 تصدر في الخريف
  • «مصطفى بكري»: تربّينا في الصعيد وتشبّعنا بقيمه التي جعلتنا جميعا أكثر صلابة
  • إراحة المراعي في محافظة ظفار.. تجربة وطنية بأبعاد اقتصادية وبيئية
  • 85% من المطاعم تغلق أبوابها للصيانة خلال رمضان استعدادا لموسم العيد
  • جولة ممتعة في أرجاء قلعة حلب التاريخية
  • طقس الجمعة: جو مشمس طيلة النهار فوق مجموع أرجاء المملكة