لماذا نضحك عند تعرضنا للدغدغة؟
تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT
يحتوي قاموس التعاملات البشرية على أشكال وأنواع مختلفة لمفهوم التلامس، فهناك اللمس والضغط والقرص، وهناك نوع آخر من الملامسة عادة ما يستثير شعورا بالضحك، ألا وهو الدغدغة.
فمنذ اللحظة الأولى التي يولد فيها الانسان إلى أن يصل إلى المشيب، فإنك تجد أن بضع لمسات بالأصابع في منطقة البطن مثلا تجعل الشخص ينتفض وينثني ويضحك وقد يصرخ في مرح.
وتقول الباحثة ساندرا برويلس من مركز بيرنشتاين لعلم الاعصاب الحوسبي بالعاصمة الألمانية إن الشعور بالدغدغة "يعتبر استجابة فريدة للغاية، ويندرج في إطار التحسس الذاتي للمؤثرات الخارجية".
ورغم أن هذه المسألة مازالت مشوبة بغموض كبير، فقد توصل علماء مثل برويلس إلى تفسيرات وإجابات مثيرة للاهتمام بشأن طبيعة هذه الاستجابة، وما الذي يحدث لنا عندما نتعرض لهذا المؤثر الخارجي.
وعند تناول مفهوم الدغدغة، يؤكد العلماء ضرورة التمييز بين شعورين مختلفين، أولهما الشعور الناجم عن ملامسة خفيفة للبشرة بجسم ناعم مثل ريشة أو شعرة، ويعرف باسم الدغدغة الخفيفة Knismesis، وعادة لا يستثير رغبة في الضحك بل عادة ما يترك إحساسا بالحكة على الجلد. أما الشعور الثاني، فيطلق عليه اسم الدغدغة الثقيلة gargalesis ويكون من خلال الضغط المتكرر على موضع معين بالجسم مما يستثير رغبة في الضحك.
حماية الجسم من الطفيليات
يقول الباحث شيمبي إيشياما أخصائي علم الاعصاب بمعهد الصحة العقلية في مدينة مانهايم الألمانية "إنهما شيئان مختلفان تماما، فالغرض من الأول هو الحد من احتمالات إصابة الجلد بسبب احتكاكات خارجية" مضيفا في تصريحات للموقع الإلكتروني "بوبيولار ساينس" المتخصص ب الأبحاث العلمية أن "الغرض من هذه الاستجابة حماية الجسم من الطفيليات" مثل الأبقار التي تحرك ذيولها بشكل مستمر لطرد الذباب.
وأضاف أنه بالنسبة للدغدغة الثقيلة، فهناك العديد من النظريات التي تفسرها وتوضح أسبابها، من بينها أن الغرض منها هو الدفاع الآلي عن الأجزاء الضعيفة أو المراكز الحساسة بالجسم، فإبداء استجابة قوية، حتى لو كانت في صورة مرحة، قد يمنع ما يفترض أنه هجوم خارجي يتهدد جسم الانسان، رغم أنه يرى أن هذه النظرية ليست شاملة في ضوء أن ملامسة بعض أجزاء الجسم تستثير شعورا بالدغدغة رغم أنها لا تعتبر من المناطق الضعيفة أو الحساسة مثل باطن القدم مثلا.
ويرى إيشياما أن الشعور بالدغدغة في تقديره يندرج في إطار المداعبة وتعزيز الروابط الاجتماعية بين أفراد النوع الواحد، كما ينطوي على بعض الفوائد الثانوية الأخرى. علما بأنه لا يقتصر على البشر، حيث تبين أن بعض أنواع القردة العليا والقوارض تبدي استجابة مماثلة عند التعرض للدغدغة.
وأشار إلى أن العنصر المشترك في جميع المخلوقات التي تشعر بالدغدغة هو أنها جميعا "ثدييات اجتماعية تلعب سويا وتتعامل بخشونة مع بعضها وتتواصل مع بعضها البعض".
ومن بين النقاط التي تدعم النظرية السابقة أن الدغدغة نهاية المطاف عملية شعورية ترتبط بالسياق الاجتماعي، فالبشر والحيوانات يشعرون بالدغدغة عندما يكونون في حالة شعورية إيجابية ووضع مزاجي يميل للرغبة في اللعب.
مشاعر متضاربة
وتقول برويلس في تصريحات لموقع "بوبيولار ساينس" إن الاستجابة للدغدغة ترتبط بالألفة بين الأفراد، بمعنى أن الدغدغة لن تستثير شعورا بالضحك عندما تأتي بين غرباء. وتؤكد أن الشعور بالقلق يمكن أن يحد من الشعور بالدغدغة، كما أن الإنسان لا يمكن أن يستثير شعورا بالضحك عندما يقوم بدغدغة نفسه. ومن هذا المنطلق، يمكن القول إن الدغدغة رد فعل لابد أن يحدث في إطار اجتماعي.
وقد فحص العلماء أجزاء المخ التي تتأثر على نحو خاص بالدغدغة، وتبين من خلال تجارب أجريت على الفئران أن أجزاء المخ التي تتأثر أثناء اللعب هي نفسها التي تتأثر عند الشعور بالدغدغة، بالإضافة إلى المناطق داخل المخ المرتبطة بشعور التلامس أو الاستجابة العنيفة في حالات الهرب أو القتال أو التلفظ وبعض الأجزاء الخاصة بالشعور الانفعالي مثل اللوزة الدماغية والقشرة الحزامية الأمامية.
وقد التفت العلماء إلى المشاعر المتضاربة التي تواكب الدغدغة، وتساءلوا بشأن ما إذا كانت الدغدغة دائما تبعث على الفرحة والبهجة.
فقد تبين من التجارب على الفئران أن الدغدغة قد تستخدم أحيانا في إطار منظومة المكافأة أثناء التدريب، على حد قول برويلس، وقد أثبتت دراسة أجراها إيشياما في وقت سابق هذا العام أنها تعتبر أيضا من وسائل الاستثارة الحسية. غير أن البشر والفئران على حد سواء تبدو عليهم ملامح الخوف عند وجودهم في موقف ينذر باحتمال تعرضهم للدغدغة، وأحيانا يبدو عليهم النفور من الدغدغة ثم يأتون طلبا للمزيد منها في نفس الوقت، كما يقول إيشياما.
وتشير بعض الروايات التاريخية إلى أن الدغدغة كانت تستخدم في الماضي باعتبارها وسيلة من وسائل التعذيب لاسيما عندما تكون خارج إطار المداعبة والتآلف وتتم بشكل غير مرغوب فيه، وعندئذ يشعر الضحية بالاضطراب وعدم الارتياح ولا تثير لديه الدغدغة أي رغبة أو شعور بالضحك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی إطار
إقرأ أيضاً:
ديوكوفيتش لا يزال يشعر بالتوتر في مطار ملبورن
سيدني (رويترز)
اعترف نوفاك ديوكوفيتش بأنه لا يزال يشعر بالتوتر عندما يهبط من الطائرة في مطار ملبورن، بعد ترحيله من أستراليا قبل ثلاث سنوات، وتم إلغاء تأشيرة اللاعب الصربي الحائز 24 بطولة كبرى قبل بطولة أستراليا المفتوحة للتنس عام 2022 بعد أيام من الإثارة بشأن قواعد جائحة كوفيد المتعلقة بدخول البلاد، وعدم حصوله على التطعيم اللازم.
وقال ديوكوفيتش في مقابلة مع صحيفة هيرالد صن التي تصدر في ملبورن «يجب أن أكون صريحاً تماماً، في آخر مرتين حضرت فيهما إلى أستراليا، للمرور عبر مراقبة جوازات السفر والهجرة - تعرضت لصدمة طفيفة من ثلاث سنوات مضت، لا تزال بعض الآثار باقية عندما أمر بمنطقة مراقبة جوازات السفر، فقط للتحقق مما إذا كان شخص ما من منطقة الهجرة يقترب مني، الشخص الذي يفحص جواز سفري - هل سيأخذونني، أو يحتجزونني مرة أخرى، أو يدعوني أدخل البلاد؟ يجب أن أعترف أن لدي هذا الشعور».
وعاد ديوكوفيتش إلى ملبورن بارك عام 2023 بعد انتهاء أسوأ فترة من الوباء، وفاز بلقبه العاشر في بطولة أستراليا المفتوحة.
وأضاف اللاعب (37 عاماً) «لا أشعر بأي استياء أو غضب بصراحة. ولا أحمل ضغينة. جئت على الفور في العام التالي.. وفزت، كان والداي، وكل فريقي هناك، وكان ذلك في الواقع أحد أكثر الانتصارات العاطفية التي حققتها على الإطلاق بالنظر إلى كل ما مررت به في العام السابق».
ويسعى ديوكوفيتش، المصنف السابع عالمياً، إلى حصد لقبه 25 في البطولات الكبرى، عندما تنطلق بطولة أستراليا المفتوحة 2025 يوم الأحد المقبل.