الدخل السلبي والحرية المالية
تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT
هل سمعتم يوما عن الدخل السلبي أو الدخل غير المكتسب وكيفية الحصول عليه؟ وما علاقته بالحرية المالية التي ينشدها الكثيرون؟ الدخل السلبي أو الدخل غير المكتسب هو أحد أنواع الدخول التي يحصل عليها الفرد باستمرار، ولا يتطلب العمل بنشاط للحصول عليه، وهو معزز للأمان المالي ويساعد على تحقيق الحرية المالية. ويمكن تبسيط مفهوم الدخل السلبي بأنه تغيير العقلية والمنظور تجاه المال من حيث الوقت والجهد المبذول، وغالبا يتم تحصيله من الاستثمارات في الأسهم والسندات أو القيام بأنشطة تجارية توفّر دخلا ثابتا دون بذل جهد أو قت للحصول عليه، ويختلف عن الدخل الإيجابي أو المكتسب أن الأخير يتطلب بذل جهد مستمر للحصول عليه، ويرى مؤيدو الدخل السلبي أنه فرصة للتفرغ أكثر للحياة الاجتماعية والأسرية ومتابعة اهتماماتك، وتحقيق أهدافك الشخصية؛ كونها لا تلزم الشخص بدوام كامل أو الذهاب إلى مقر العمل يوميا، وأن الحرية المالية الناتجة عن الدخل السلبي لها دور في تخفيف القلق والتفكير باستمرار في تلبية المتطلبات الاجتماعية اليومية مثل سداد الالتزامات المالية الشهرية، وكذلك تساعد الحرية المالية على تحقيق الرغبات التي يحدها غالبا عدم توفر الوقت والموارد اللازمة؛ فالحرية المالية ليست حلما بل هدفا قابلا للتحقيق ويسعى إليه الجميع.
إن تحقيق الدخل السلبي ليس صعبا ولا يمثّل تحديا؛ لسهولة الحصول عليه وتوفّر الفرص لبدء تحصيله، فمثلا يمكن الاستفادة من المهارات والقدرات التي يمتلكها الفرد وتنميتها لتكون انطلاقة للبحث عن فرص لتوليد الدخل السلبي عبر استكشاف المجالات التي تجيدها وتستمتع بها؛ بهدف إطلاق مشروع تجاري يساعد على تحقيق الدخل السلبي، أيضا يمكن الاستفادة من الأصول مثل العقارات يمكن تحويلها إلى مصادر دخل سلبي عبر تأجيرها أو تطويرها، وكذلك الإنترنت وبناء علاقات في بيئة العمل تمثلان فرصة لتحقيق الدخل السلبي عبر ممارسة التجارة الإلكترونية أو الاستثمار في العمليات عبر الإنترنت لتحقيق مزيد من الدخل شريطة الاستمرار في التعلم والتطوير؛ خشية الوقوع في ممارسات خاطئة أو غير قانونية أو التعرض للخداع والاحتيال.
إن الدخل السلبي لا يمكن تحقيقه بين ليلة وضحاها ويتطلب صبرا والعمل بجد واجتهاد للوصول إليه واستدامته، وينبغي أن يكون حذرا في التعامل مع الأنشطة المرتبطة به؛ فمثلا الاعتماد على دخل شهري ثابت من نشاط تجاري دون بذل جهد ربما يؤدي إلى الوقوع في التجارة المستترة بهدف تحقيق الدخل السلبي، ورغم أن هذا النوع من الدخل غير مجهد، إلا أن تحصيله له ينبغي أن يكون وفق خطط مدروسة ودقيقة؛ لضمان استدامته وقانونيته إضافة إلى عدم تأثره بالعوامل المحيطة به، والأهم من ذلك ألا يكون سببا للتكاسل والاتكالية عن ممارسة الأعمال الأخرى التي تتطلب جهدا ووقتا لممارستها، ورغم أن الدخل السلبي سهل التحصيل إلا أن المستفيد منه ربما يبذل جهدا للتخطيط له وتصحيح مساراته بين فترة وأخرى، إضافة إلى تقييم مستوى الدخل المتحصل عليه والتأكد من قانونيته. ويعد التسويق بالعمولة وتوزيع أرباح الأسهم هما الوسيلتان السائدتان في المجتمعات لتوليد الدخل السلبي؛ لاحتمالية نموّه إلى مصدر دخل كبير ويمنح الحرية المالية والاستقلال، حيث يقوم الممارس لهذا النوع من التسويق غالبا بالاستفادة من شبكة الإنترنت للترويج عن منتجات شركات مختلفة عبر استهداف جمهور معيّن بهدف الحصول على عمولة عن كل عملية بيع أو خدمة يروّج لها، أما أرباح الأسهم تمثّل بوابة للبدء في الحصول على الدخل السلبي؛ لسهولة إجراء عملية الاكتتاب وسرعة الحصول على ربح سنوي فقط كل ما على الفرد أن يوفّر مبلغا من المال وبدء عملية الاستثمار في الأسهم، ورغم سهولة الحصول على الدخل السلبي واستدامته مقارنة بالدخل الإيجابي الذي يتوقف بانتهاء مدة العمل، إلا أن التخطيط السليم وفهم المخاطر المحتملة جيدا للدخل السلبي تعد من الأمور المهمة مع ضرورة أن يكون للأفراد قدرة على تحمّل المخاطر المحتملة وتحديد الاستثمارات التي تتناسب مع أهدافهم المالية ومدى كفاءة الفرد على الإدارة المالية للدخل السلبي.
إن الاستقرار المالي هدف يسعى إليه الفرد والمجتمع ويعد الدخل السلبي والدخل الإيجابي جزأين متكاملين ومتسقين لتحقيقه الذي يحفّز الحرية المالية، والدخل السلبي كمفهوم ومنهجية للحصول على دخل آخر يدفع الفرد للتغيير ويحفّز على تحقيق النجاح والازدهار المالي، واختبار مدى الصمود والقوة الشخصية ووضع الأولويات المالية التي يبنى عليها الخطط المستقبلية، ومع انتشار الدخل السلبي على نطاق واسع بين أفراد المجتمع، واختلاف طرق تحصيله، بات من الضروري وضع الحلول والمعالجات للتحديات الناتجة عنه وتحويلها إلى فرص تساعد على إيجاد أساس مالي قوي مستدام يعزز من الاستقرار المالي مستقبلا.
راشد بن عبدالله الشيذاني باحث ومحلل اقتصادي
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الحریة المالیة الحصول على على تحقیق
إقرأ أيضاً:
على قارعة الأمل
سارة البريكية
sara_albreiki@hotmail.com
يلفنا الصمت ونحاول مُجبرين مكابدة المشقة والعناء ولحظات التعب والضيق وعسر الحال.. نحمل روزنامة الأخشاب التي تمكنا من الحصول عليها من إحدى المزارع القديمة كي نستطيع أن نركزها في الشارع الذي سننصب فيه المقر الرئيسي لنا، لبيع ما تمكنا من الحصول عليه من فواكه وخضراوات، أو أيًّا كان قدر عرسية أو حتى عبوات المياه ونبيعها على المارة، وفي أحيان كثيرة تجد هناك بعض النساء يبعن الشاي والقهوة وبعض اللقيمات أو السمبوسة أو الدونات وأحيانا أخرى البسبوسة.
أرى مشهدًا متكررًا، عندما أُشاهد سيارة قديمة تقف ويفتح مؤخرة السيارة بجانب أحد الدوارات ليعرض الذرة وعلم السلطنة يرفرف على سطح السيارة. يصف الذرة واحدة فوق واحدة بانتظام، ويجلس برفقة زميل له أو أخيه، أو لا أعلم من يكون، إلا أنهما يتبادلان أطراف الحديث، وأحيانا كثيرة يلعبان الورق، ولا يكترثان بالمارة، وكأنهما في عالم آخر عجيب وغريب، وليس من هذا العالم. كلما مررت بهما أجدهما منشغلان بالتحدث أو اللعب أو الاستمتاع بذلك الوقت المخصص لهما في وسط العاصمة وبجانب الطريق.
ومع تزايد عدد الحالات لهذا الوضع في طريقة غير منظمة، بينما يسعى وطننا للتحول إلى قبلة ومزار لكل السياح والزائرين، فإننا نتمنى أن يعم النظام في شوارع البلد، مع وضع قوانين وتراخيص خاصة بهذا الأمر لكل من يرغب في البيع بالشارع، ويجب من على الجهة المختصة أن تمنحهم أكشاك موحدة على مستوى من الخدمات والأمن والسلامة العامة، حتى تصبح البضاعة التي تباع صالحة للاستهلاك، وأيضاً يكون المنظر العام للبلد ملائماً وغير مؤذٍ.
الطريق الذي نعيش فيه ليس جديدا ولا توجد به أي مقومات اقتصادية أو جمالية أو صناعية، ونحن بحاجة ماسة الى التطوير المستمر حتى في تجميل الشوارع الداخلية والخارجية. وهنا أسأل: أين دور البلدية المختصة في ذلك؟ وكيف يمكن أن تكون فعالة؟ وهل تجميل الشوارع يحتاج إلى الكثير والكثير لدرجة أن الشوارع باهتة لا أرصفة ولا زراعة ولا ورود ولا حتى إنارة جيدة؟ وأيضا إلى من يعود ذلك الأمر والى متى يجب علينا أن نتجاهل هذه الظواهر السلبية والى أين وصلنا ونحن بحاجة الى المزيد والمزيد من التفاصيل التي تجعل العاصمة وجهة جديدة للجميع؛ فالشوارع منذ أن حفظنا العقل هي كما هي لا يوجد بها أي جديد والخدمات كما هي!
نحن بحاجة إلى هيئة مختصة لتطوير الخدمات البلدية، والمنظر العام لعدد من المدن بحاجة إلى مزيد من الاهتمام والعمل وتوفير كل الإمكانيات من أجل العمل الدؤوب والمحافظة على البيئة والحفاظ على نظافة المنطقة وعدم التهاون بها حتى يتم تحقيق التوازن المطلوب بين كل الفئات.
إذا كان الناس الذين يبيعون على قارعة الطريق لا يستطيعون شراء أكشاك ذات جودة عالية، فلتقدم لهم الجهة المختصة ذلك، ولتوحِّد لهم المكان المناسب من أجل الحصول على أفضل الخدمات. أما بالنسبة لتجميل الشوارع؛ فهذا أمر طبيعي جدًا في كل البلدان.
إذن.. لنشمِّر عن سواعد الجد ولنمضِ في خطى ثابتة ولنساهم في رسم خارطة المستقبل التي سوف تكون من أجمل خرائط العالم في التقدم والازدهار والتطور والمضي قدمًا نحو ذلك.
رابط مختصر