جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-03@13:47:58 GMT

يومٌ آمن بحافلاتنا المدرسية

تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT

يومٌ آمن بحافلاتنا المدرسية

 

منى بنت حمد البلوشية

حوادث مُؤسفة ومُتكررة تقع للتلاميذ في كل عام دراسيّ ولا يخلو منها أي مُجتمع، وهذه المقالة ليست المرة الأولى التي أكتب فيها عمّا يخص الحافلات المدرسية والأمان بها ومراقبة نزول الطلبة حتى دخولهم لبيوتهم في أمان وسلام واطمئنان، فقد أصبح كل عام نسمع ونقرأ بمثل هذه الحوادث المؤلمة، وتكاد تنفطر منها القلوب وتُدميها، ولهذا وجب ويجب اتخاذ كافة الاشتراطات التي تضمن السلامة للتلاميذ من خلال الصعود والنزول وأثناء تواجدهم في الحافلات المدرسية، وهذه مسؤولية تقع على عاتق وزارة التربية والتعليم والمدارس سواء كانت حكومية أو خاصة وسائقي الحافلات والمشرفات، ولا ننسى دور الأسرة أيضًا فمن الخطأ أن نضع الثقل والعبء على جهة واحدة فالجميع عليه الالتفات لمثل هذه الأمور.

مع مطلع هذا العام الدراسي ما لبث حتى سمعنا بدهس طالب بالصف السابع، لم يهنأ بعامه الدراسي وفرحة انتقاله للعام الجديد وبزملائه الجدد. هنا على من سنضع المسؤولية، وهل أخذ السائق أو إدارة المدرسة التحقيق اللازم والاستجواب في هذه الحادثة التي آلمتنا ودفعتني للكتابة والتذكير في مقالتي الثالثة فيما يخص هذا الموضوع.

نعم، إنها أقدار الله وبقضائه يرضى الإنسان ولكن إلى متى ستظل مثل هذه الحوادث تتكرر وتزهق أرواحًا ليس لها ذنب، وهي ترحل وترحل معها أحلامها وطموحاتها، ويظل الندم يأكل سائق الحافلة والكادر الإداري بالمدرسة وحسرة الفقد لأهالي هذا الطالب الذي رحل بغمضة عين، فعلى سائق الحافلة؛ سواء كان الذي يقل الطالب أو حافلة أخرى أن يعي الأسباب التي أدت إلى دهسه لهذا الطالب الذي رحل دون سابق إنذار، هل السرعة والاستعجال هما السبب خلف ما حدث، وإن حدث أن الطالب ما زال لم يتخطَ الحافلة ومسارها، ألّا توجد كاميرات أو إنذار بها. أنا هنا لا أحقق في الموضوع، فكل ما في الأمر هو أخذ الحيطة والحذر لطلبة تقشعر لها الأبدان أن ترحل طفولة بريئة وهي بكامل عنفوان الفرح والسعادة والطموح الذي لم يتحقق لها، وألا يحدث ذلك مرة أخرى بأرواح لا ذنب لها بسبب تهور واستعجال.

ومن المؤسف جدًا أن نسمع بنسيان طفل داخل الحافلة؛ سواء عند أخذه صباحًا لمدرسته أو عند عودته مساءً للبيت، وبعض الطلبة الصغار لا يعي كيفية التعامل وبعضهم ينتابه النعاس ولا يشعر بما يدور حوله. ولا يخلو عام دراسي من هذه الحوادث التي تحدث وتُذكر.

لا بدّ من وضع مجموعة من الإرشادات والإجراءات لضمان السلامة والأمان للطلبة، فلا بد من ضرورة التزام سائقي الحافلات بالالتزام أثناء قيادتهم للحافلة، فكثيرًا ما نشاهد سائقي الحافلات وهم يسيرون بسرعة جنونية، وهذا ما شاهدته بنفسي وبأم عيني، في أول أسبوع دراسي لحافلة مدرسية؛ وهي تسير بسرعة غير آبهٍ سائقها بالمخاطر التي قد يخلفها بعد ذلك- لا سمح الله- فكيف سيشعر بالمسؤولية المُلقاة على عاتقه ومراقبة ذاته في ذلك، وهو يقود الحافلة بهذه السرعة، وتجاوزه الذي كاد أن يحدث في تلك اللحظة ما لم يحمد عقباه محاولًا أن يتخطى وينتقل بين وسائل النقل التي أمامه؟ ألم يشعر بما قد يحدث -لا سمح الله- بعد ذلك؟ وهذا السبب الآخر الذي جعلني أعيد كتابة مقال يخص نقل الطلبة والحفاظ عليهم، أفلا يستحق التذكير والكتابة!

نعلم أن كل إدارة مدرسية تعقد اجتماعًا بداية كل عام دراسي مع سائقي الحافلات وبعضها يعقد تعهدًا يُلزمه بالحفاظ على أرواح بريئة، ورغم هذا يتساهل بعض السائقين وكأن الأمر مجرد نقل هذ الطالب لمدرسته واسترجاعه للبيت فقط دون الاهتمام به، وكأنه لا يهمه سلامته فهل هو مجرد مهنة امتهنا وطبعًا لا أعمم فهناك من هو مهتم وحذر بسلامة الطلبة وأمانهم، وبعض هذه المدراس تتأكد من خلو بطاقة رخصة السائق من المخالفات وتأتمنه على الطلبة.

إناه أمانة عظيمة تقع على كاهل كل من هو مسؤول عن الطلبة من خروجه وحتى عودته لبيته. فلا بُدّ من إطلاق مبادرة، وأعلم هناك مبادارات كثيرة من أجل سلامة الطلبة، ولكن علينا جميعًا أن نكون يدًا واحدة لأجل أبنائنا وحفاظًا على سلامتهم، ويمكننا تشغيل الذكاء الاصطناعي والتطبيقات الإلكترونية داخل الحافلات والتأني بلا تهور من سائقي الحافلات عند خلو الحافلة من الطلبة، ويمكننا وضع الأصوات إلكترونيًا عند قرب طالب من الحافلة أو نسيانه بداخلها وتركيب الحساسات أو ما يسمى " السِنسُر" التي يمكن من خلالها التنبه بعدم وجود طالب حول من الحافلة؛ وتفقد السائق أو المشرقة من خلو الحافلة من الطلبة والاطمئنان عليهم عند دخولهم لمدراسهم وبيوتهم، تجنبًا لحدوث ما لا نودّ حدوثه، فقد بات الأمر يستدعي وضع القوانين الصارمة لذلك.

ويمكن من خلال التطبيقات الإلكترونية متابعة سير الطلبة ومراقبتهم سواء للأسر والمدارس وحتى سائقي الحافلات وذلك في الذهاب والعودة ويكون ذلك من خلال الصوت الذي يصدره عن كل طالب فالمدرسة وسائق الحافلة؛ ليكونوا على دراية بجميع الطلبة والأسركذلك يكون لديها رمز بأبنائها، لضمان عملية السير والنقل الآمن لأبنائنا، نعم هذه الميزة مكلفة ولكن لابد من تطوير الحافلات المدرسية ووضع ميزانية خاصة؛ لتكفل السلامة والأمن والأمان للطلبة ليكون يومهم الدراسي آمنًا لهم ولأسرهم ولمدراسهم وحتى لسائقي الحافلات.

كل ما في الأمر هو أن نكون على علم بأن هذه الحوادث المأساوية تحدث سنويًا بلا استثناء وبدأت بوفاة طفل دهسًا بحافلة مدرسية، وفي كل مرة نجد أنفسنا مسؤولون جميعًا على أرواح بريئة تزهق روحها دون أن تكمل طموحاتها وابتسامتها بيومها وعامها الدراسي الجديد فطلبة العلم أمانة لابد أن نحافظ عليها؛ ليصبح يومهم الدراسيّ مفعمًا بالسعادة والأمان، وأعلم أن هذا الموضوع سيطول ولن ينتهي، ولن نضع المسؤولية فقط على سائق الحافلة والمشرفات بداخلها إن وجد بل على الجميع ولكن السائق مسؤوليته أكبر عن غيره، وحتى المشرع العُماني قد سنّ في المادة (311) من أحكام قانون الجزاء العُماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (7/ 2018) فيما يلي نصه "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 3 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 300 ريال ولا تزيد عن 1000 ريال عُماني كل من تسبب بخطئه في موت إنسان".

لذلك.. وجب علينا التذكير والسعي الحثيث لأخذر الحذر وعدم تكرار مثل هذه الحوادث المؤسفة والمؤلمة، فجميعنا عين ساهرة لأبنائنا الطلبة ولأرواحهم حُراس بعد عين الله عزوجل.

حفظ الله أبناء عُمان من كل مكروه وسوء وحقق الله لهم مطلبهم وسعيهم في طموحاتهم التي يسعون لها وتحلق فوق رؤوسهم فهم أمانة علينا الحفاظ عليها بشتى الطرق.

وكل عام وطلبة العلم بخير وعافية واطمئنان وكودرنا التعليمية مبدعين ومنجزين، وعام دراسي مفعم بالإنجازات العظيمة لذواتهم ولعُمان الحبيبة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

إسكات التاريخ.. القضية الفلسطينية في كتب التاريخ المدرسية المصرية

صدر عن جسور للترجمة والنشر في فبراير/شباط الجاري كتاب "إسكات التاريخ: القضية الفلسطينية في كتب التاريخ المدرسية المصرية" تأليف الدكتور عبد الفتاح ماضي أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإسكندرية.

ويتناول الكتاب حضور القضية الفلسطينية في كتب التاريخ المدرسية بالتعليم العام الرسمي في مصر على مدار ما يقرب من قرن من الزمان تقريبا، من أربعينيات القرن العشرين حتى مقررات العام الدراسي 2023/2024.

ويبحث المؤلف فيما طرأ على هذا الحضور من تغيرات عبر حقب زمنية مختلفة، وعلاقة هذه التحولات وارتباطها بالأحداث والتحولات التاريخية الكبرى في مصر، مثل إسقاط الملكية وقيام الجمهورية عام 1952، واتفاقية السلام التي أبرمها الرئيس الراحل أنور السادات مع الكيان الصهيوني عام 1979، وإنشاء مركز تطوير المناهج والمواد التعليمية عام 1988.

‎وتضم المادة البحثية التي جرت دراستها أكثر من 70 كتابا مدرسياً، وعددا آخر من الكتب والوثائق المنشورة والمراجع ذات الصلة، فضلا عن عدة مقابلات مع عدد من مؤلفي الكتب المدرسية والخبراء والمسؤولين وأساتذة الجامعات التربويين.

ومما ينبغي ملاحظته أن الدراسات التاريخية عموما وتلك التي تتصل بالأطر الثقافية على وجه الخصوص تكتسب قيمة خاصة، كونها تعيد التاريخ الذي يتعرض لعمليات منظمة من النهب والتغيير والإزاحة والمحو والإخفاء والإسكات، وأكثر تاريخ تعرض لذلك في الواقع المعاصر هو التاريخ الفلسطيني، مقابل إثبات التاريخ الإسرائيلي.

الدكتور ماضي استعرض في كتابه 3 حالات مرت بها المصطلحات المتعلقة بماهية القضية الفلسطينية وطبيعتها بكتب التاريخ (الجزيرة)

وقد قسم المؤلف كتابه الواقع في 217 صفحة إلى 4 فصول جاءت بعد المقدمة، على النحو الآتي:

إعلان الفصل الأول: السياقات التاريخية والسياسية لكتب التاريخ

وفيه بحث الكاتب عن وجود القضية الفلسطينيّة في 3 حقب: حقبة ما قبل عام 1952، والحقبة الممتدة ما بين عام 1952 وحتى منتصف سبعينيات القرن الماضي، وأخيرًا الحقبة الممتدة ما بين نهايات سبعينيات القرن الماضي إلى نهاية عام 2024.

في حين جاء الفصل الثاني حاملا عنوان: الحضور الفلسطيني في كتب التاريخ

واستعرض فيه المؤلف مرحلتين مر بهما الحضور الفلسطيني في كتب التاريخ المصرية، وقد أطلق عليها مرحلة البداية والتوسع، ثمّ انتقل إلى استعراض المرحلة الثانية التي أسماها مرحلة الانحسار كمًا ونوعًا.

أما الفصل الثالث من الكتاب فجاء تحت عنوان: طبيعة القضية والمصطلحات المستخدمة في كتب التاريخ

وقد استعرض المؤلف في هذا الفصل 3 حالات مرت بها المصطلحات المتعلقة بماهية القضيّة الفلسطينيّة وطبيعتها في كتب التاريخ، حيث بدأت بكونها قضيّة تحرر وطني، ثم انكفأت المصطلحات والمفاهيم نحو القطرية أو الوطنيّة المصريّة، ليصل الأمر بعد ذلك إلى الحديث عن حل القضيّة حربًا أو سلمًا ثم انتهاج السلام العادل سبيلًا للحل.

ومما ذكره المؤلف بهذا الفصل أنّه بعد معاهدة السلام في اتفاقية كامب ديفيد في 17 سبتمبر/أيلول 1978، لم يستخدم كتاب "تاريخ مصر والعرب الحديث" مصطلحات مثل "الاستعمار الصهيوني" أو "الإرهاب الصهيوني" أو الإرهاب اليهودي" لكن وردت كلمة "إرهابيين وعبارة "الإرهابيين الصهيونيين" عند الحديث عن نسف فندق الملك داود بالقدس عام 1946 على يد يهود لإرهاب الانتداب البريطاني على فلسطين، وبدلاً من استخدام كلمة "العصابات اليهودية المسلحة" ظهرت عبارة "العناصر العسكرية اليهودية" عند الحديث عن حرب 1948.

ثمّ يؤكد المؤلف أنّه ابتداء من كتاب "التاريخ" للثانوية العام عام 2002، وحتى آخر كتاب صادر عام 2017- 2018، فإن حجم تناول حضور فلسطين والقضية الفلسطينية تقلّص وتبدّلت المفاهيم والمناهج في المقرّرات الدراسية في التعليم العام، مع التوسع في ذكر الحروب العربية الإسرائيلية، والتركيز على الدور المصري تحديداً.

إعلان ثمّ يأتي الفصل الرابع حاملًا عنوان: نتائج وملاحظات نهائية

وفيه يجيب المؤلف عن مجموعة من الأسئلة أهمها: من يضع كتب التاريخ المدرسية؟ ما الحاضر والمفقود من القضية من القضية الفلسطينية في كتب التاريخ؟ كيف تفسد السياسة كتب التاريخ؟ وما تداعيات التغافل عن سياقات تاريخية ودينية؟ وكيف تطورت كتب التاريخ عموما؟

المؤلف يخبرنا أن الأراضي التي اشتراها اليهود قبل انتفاضة 1936 لم تتخط 5% من الأراضي الفلسطينية (الجزيرة)

ويعتمد المؤلف في هذا الفصل مرجعية النقد المنهجي حيث يقدم عرضا تحليليا نقديا خلال الإجابات عن هذه الأسئلة الجوهرية.

وفي واقعنا خرافات كبيرة منتشرة حول قضية فلسطين من أكثرها اشتهارا أن الفلسطينيين باعوا أراضيهم لليهود، وأنهم تركوا منازلهم، والعجيب أن تجد مؤرخا مثل إيلان بابيه يفند هذه الخرافة بوضوح فيخبرنا أن الأراضي التي اشتراها اليهود قبل انتفاضة 1936، التي قام بها الفلسطينيون ضد الوجود الصهيوني وسلطة الانتداب البريطاني، لم تتخط 5% من الأراضي الفلسطينية، وتمت كلها في إطار تعايش كوزموبوليتاني اشتهرت به الدول العربية في تلك الفترة، قبل أن يتضح الهدف من الشراء الممنهج للأراضي، فصدر قرار بعد الانتفاضة بمنع بيع الأراضي إلى اليهود. أما باقي الأراضي، فلم يتخل عنها أهلها إلا بالترويع وارتكاب المجازر، وليس كما تروج خرافات إسرائيل أن الفلسطينيين تركوا الأرض ليفسحوا المجال لجيش الإنقاذ.

ومثل هذه الخرافات الكثير التي يسهل انتشارها مع تقليص القضية الفلسطينية في مناهج التعليم، ولذا فإن الكتاب يمثل مرجعا مهما للباحثين في صورة القضية الفلسطينية بالمناهج الدراسية، وللباحثين عن التحولات التي تطرأ على صورة القضية الفلسطينية في وعي الأجيال المتعاقبة، ودحض روايات الاحتلال من عقول الأجيال التي ينتظر أن تكون حاملة الأمانة والقضية.

مقالات مشابهة

  • كم عدد الطيور التي أمر الله إبراهيم بتوزيعها على الجبل؟
  • إفطار تحت الخيمة.. مبادرة شبابية تحتضن سائقي التوصيل والتكسي في رمضان (صور)
  • الطبق الذي كان يفضله الرسول عليه الصلاة والسلام
  • عبد الله: ودعنا اليوم رفيقنا علي عويدات الذي تشهد له الساحات والمواقف
  • حدث في ثاني يوم رمضان.. اعرف أهم الأحداث التاريخية التي وقعت فيه
  • بعد الخسارة أمام بيتيس.. جماهير ريال مدريد تهاجم الحافلة والفريق
  • الرئيس اليمني في خطاب للشعب بمناسبة شهر رمضان : الأمة التي تجتمع على الخير لا تهزم أبدا
  • معنى تصفيد الشياطين في شهر رمضان.. ومن الذي يوسوس لنا ؟
  • إسكات التاريخ.. القضية الفلسطينية في كتب التاريخ المدرسية المصرية
  • خطيب الجامع الأزهر: القرآن الكريم هو نبراس الأمة الذي ينير طريقها