جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-04@01:07:05 GMT

القصص الصامتة لمن لا صوت لهم

تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT

القصص الصامتة لمن لا صوت لهم

 

محمد بن أنور البلوشي

في كل زاوية من زوايا العالم، تتكشف القصص، مكونة شبكة مُعقدة من التجارب الإنسانية. بعض القصص تجلب الفرح، فتملأ القلوب بالسعادة، بينما تثير قصصٌ أخرى الحزن، تاركة في نفوسنا شعورًا بالأسى. ومع ذلك، ورغم تنوع القصص التي تحيط بنا، لا تُسمع كل الأصوات التي تقف وراءها. وتصل بعض الأصوات إلى آذاننا بوضوح وقوة، بينما تظل أخرى صامتة بشكل مأساوي، مطموسة بفعل اللامبالاة أو الغموض.

خذ لحظة للتفكير؛ ألا تشعر بالغضب عندما تسمع عن زوجة تُساء مُعاملتها من قبل زوجها؟ ألا تشعر بالحزن عندما تعلم أنَّ موظفًا تمَّ فصله بشكل غير عادل؟ ألا تشعر بالإحباط عندما ترى شخصًا يُكافح للحصول على الدعم، ولكنه لا يجد أحدًا يساعده؟ هذه قصص تصرخ طلبًا للانتباه، ولكنها غالبًا ما تبقى غير مسموعة. الواقع المحزن هو أنه في حين أن بعض الأفراد يمكنهم مشاركة قصصهم مع العالم، يظل الكثير من الناس بلا صوت، يذوبون في غياهب النسيان حيث لا تجد صرخاتهم من يجيبها.

في عالم اليوم السريع الخطى، أصبحت الأخبار جزءًا أساسيًا من حياتنا. كأفراد، لدينا الحق في معرفة ما يحدث حولنا، وأن نكون على دراية بالأحداث التي تشكل عالمنا. لكن كيف نتلقى هذه الأخبار، والأهم من ذلك، كيف نعرف أنها موثوقة؟ هنا يظهر الدور الحقيقي للإعلام والصحافة. في بعض أجزاء العالم، يعمل الإعلام كقوة قوية، مضاعفًا أصوات من لا صوت لهم، ويقف كحارس للحقيقة والعدالة. في أماكن أخرى، مع ذلك، يكون الإعلام صامتًا، غير قادر—أو غير راغب—في أن يكون الصوت الذي يجب أن يكونه.

الصحافة في جوهرها مهنة محفوفة بالمخاطر. فقد العديد من الصحفيين حياتهم في سبيل كشف الحقيقة، مُضحين بسلامتهم لإبلاغ الجمهور. وقد قال الأمريكي الشهير هنري وارد بيتشر ذات مرة: "الصحف هي المُعلِّم للناس العاديين". ولكن اليوم، يجب أن نسأل: هل الصحافة تؤدي حقًا دورها كصوت لمن لا صوت لهم؟

لفهم هذا الموضوع بعمق، يجب أولاً أن نحدد من هم الأشخاص الذين لا صوت لهم. الحقيقة هي أن الأشخاص الذين لا صوت لهم موجودون في كل مكان، يعيشون بيننا. وربما تكون أنت واحدًا منهم. النساء في جميع أنحاء العالم يكافحن من أجل حقوقهن الأساسية، لكن مناشداتهن غالبًا ما تقع على آذان صماء. الأطفال في العديد من المناطق يحلمون بالذهاب إلى المدرسة، لكنهم يفتقرون إلى الموارد اللازمة لجعل أصواتهم تُسمع. كبار السن، اللاجئون، الفتيات الصغيرات، والعديد من الآخرين من جميع الأجناس واللغات يعيشون على الهامش، حيث تظل قصصهم غير ملاحظة وغير مروية.

إنها مسؤولية الإعلام تسليط الضوء على هؤلاء الأفراد وتجاربهم، لكن في كثير من الأحيان، يتم تجاهل أولئك الذين هم في أمس الحاجة إلى الانتباه. في كثير من الحالات، تُعطي وسائل الإعلام الأولوية للإثارة أو الأجندات السياسية، متجاهلة القصص الملحة لمعاناة الإنسان التي تمر دون أن تُلاحظ.

تجربة شخصية مررتُ بها قبل عام تبرز كمثال على هذه القضية. بعد أن أوصلت عائلتي إلى مطار مسقط، لاحظت رجلاً وصل لتوه إلى عُمان، وكان ينتظر رحلة إلى صلالة. وكان قد فاتته رحلته وكان عالقًا في المطار لمدة يوم، غير متأكد مما يجب عليه فعله بعد ذلك. لم يكن يتحدث الإنجليزية أو العربية، ولم يكن هناك أحد ليُساعده. أثناء مراقبتي له، أصبح من الواضح أنه كان يشعر بالضياع تمامًا، وكانت عيناه محمرتين من قلة النوم والإحباط.

في تلك اللحظة، لم أستطع إلّا أن أتساءل: ماذا لو كنت أنا ذلك الرجل؟ ماذا لو كنت أنت الشخص الذي تُرك عالقًا في بلد أجنبي، دون القدرة على التواصل أو العثور على المساعدة؟ ماذا لو كنت المرأة التي تُساء مُعاملتها باستمرار من قبل زوجها، ولا يوجد أحد ليسمع صرخاتك من أجل العدالة؟ ماذا لو كنت لاجئًا، محرومًا من الاحتياجات الأساسية مثل الطعام والماء والمأوى؟ وماذا لو، في اللحظة التي كنت في أمس الحاجة فيها إلى أن تُخبر قصتك، رفض الإعلام أن يكون صوتك؟

هذه ليست أسئلة افتراضية، إنها الحقائق القاسية التي يواجهها عدد لا يحصى من الأفراد كل يوم. إن الشعور بفقدان الصوت هو تجربة عميقة للعزلة، واحدة تآكل شعور الشخص بالكرامة والإنسانية. ومع ذلك، كل شخص، بغض النظر عن ظروفه، لديه قصة تستحق أن تُروى. والسؤال هو: من سيرويها؟

تخيَّل للحظة ما يشعر به الشخص الذي لا صوت له. تخيل أن لديك قصة، رواية شخصية عميقة تريد للعالم أن يسمعها. تبدأ في كتابتها، لكن قبل أن تتمكن من إكمالها، تُقطع حياتك. ماذا سيحدث لقصتك؟ هل ستختفي معك؟ هل سيتولى شخص آخر الأمر ويشاركها مع العالم، أم ستظل إلى الأبد غير مروية؟ وإذا اختار الإعلام- المؤسسة التي من المفترض أن تضخم مثل هذه القصص- ألا يستمع، كيف سيتم سماع قصتك؟

هذا هو التحدي الذي يواجهنا. كل شخص، من المرأة التي تُساء معاملتها إلى المسافر العالق، يحمل قصة بداخله. إنها مسؤولية المجتمع، وخصوصًا الإعلام، أن يضمن أن تلك القصص تُروى.

فقدان الصوت ليس مجرد مأساة شخصية، إنه فشل اجتماعي. يجب علينا أن نطالب بأن يرتقي إعلامنا إلى مستوى مسؤوليته، وأن لا يغض الطرف عن معاناة المنسيين. فقط عندها يمكننا أن نضمن أن كل قصة، مهما كانت صغيرة أو صامتة، لن تظل غير مروية.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مختص يكشف عن الفحصين الذهبيين لتفادي جلطات الدماغ قبل فوات الأوان

صورة تعبيرية (مواقع)

في تنبيه طبي بالغ الأهمية قد ينقذ حياة الآلاف، فجر استشاري وأستاذ أمراض القلب وقسطرة الشرايين، الدكتور خالد النمر، مفاجأة حين كشف عن أبسط وأفضل وسيلتين يمكن من خلالهما الوقاية من أحد أخطر الكوارث الصحية الصامتة: جلطات الدماغ.

وأوضح الدكتور النمر، عبر حسابه الرسمي على منصة "X"، أن أفضل فحصين يمكن لأي شخص القيام بهما للوقاية من الجلطات الدماغية هما قياس ضغط الدم وقياس الكوليسترول الضار (LDL). وأضاف أن هذين الفحصين، رغم بساطتهما وتوفرهما على نطاق واسع، يُهملهما كثير من الناس إلى أن يقع المحظور.

اقرأ أيضاً ترامب يكشف: إسرائيل رضخت لشروط الهدنة في غزة.. وهذه مدتها 2 يوليو، 2025 إعلان هام من الخطوط اليمنية حول طائرتها التي تعرضت لحادث 2 يوليو، 2025

ويُعد ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول الضار من الأسباب الصامتة والرئيسية للإصابة بالجلطات الدماغية، حيث لا تظهر لهما أعراض مباشرة في كثير من الحالات، مما يجعل الفحص المبكر سلاحًا حاسمًا في الوقاية.

تذكير النمر يأتي في وقت تتزايد فيه معدلات الإصابة بالجلطات الدماغية، لا سيما بين فئات عمرية شابة نسبياً، بفعل نمط الحياة غير الصحي والإهمال في إجراء الفحوص الدورية.

مقالات مشابهة

  • أبوظبي تحتضن أول ملتقى تعاوني مستدام
  • وزير الخارجية: توجت جهودنا برفع العقوبات ورفع علم سوريا في مقر الأمم المتحدة، سوريا التي نراها اليوم تشبه الشعب السوري، والرمزية السورية اليوم أكثر انفتاحاً ترمز إلى الإنسان السوري وثقافته وأرضه
  • احذر العلامات الصامتة.. أعراض مبكرة قد تكشف عن سرطان القولون
  • ربع نهائي مونديال الأندية.. «فايق» يعلن المواجهات التي ستنقل عبر قناة MBC
  • مختص يكشف عن الفحصين الذهبيين لتفادي جلطات الدماغ قبل فوات الأوان
  • ما هي الكوارث التي ينذر بها التغير المناخي العالم؟
  • هدوء ما قبل العاصفة!
  • من الإهداء إلى القارئ.. تمثلات المعاناة النسائية في «صديقة الأمل»
  • سافيتش: انتقدونا على ذهابنا للدوري السعودي والآن النتائج هي التي ترد
  • بعد تأهل الهلال.. الأندية التي حجزت مقعدها في ربع نهائي كأس العالم 2025