عملية “تل أبيب”.. ما هي رسائل اليمن الفرط صوتية ومفاعيلها؟
تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT
يمانيون/ تقارير
نحو ألفي كيلومتر قطعها صاروخ بالستي فرط صوتي انطلق من اليمن لاستهداف “إسرائيل”، ليسقط بالقرب من مطار “بن غوريون”.. ما هي الرسائل التي حملها ومفاعيلها؟
في تطورٍ عدّته “إسرائيل” دراماتيكياً، استيقظت “تل أبيب”،الأحد، على صوت انفجارٍ كبير سبقته صفارات إنذار أدخلت أكثر من مليوني مستوطن إلى الملاجئ.
فبعد مسيرة “يافا” التي استهدفت “تل أبيب” في 19 تموز/ يوليو الماضي.. اليمن يطلق صاروخاً باليستياً فرط صوتي سقط على بُعد نحو 6 كلم من مطار “بن غوريون” في “تل أبيب” قرب الطريق الحيوي الهام الذي يربطها بالقدس المحتلة، ليحدث أضراراً في المنطقة وحرائق ويوقع إصابات باعتراف الإعلام الإسرائيلي.
هذا الصاروخ البالستي الفرط صوتي الذي عبر أكثر من ألفي كيلومتر، يُعدّ الأول الذي يضرب “إسرائيل” منذ تأسيس كيانها في العام 1948.
استقبل رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو الصاروخ اليمني بعد ساعات فقط من إعلان عزمه توسيع الحرب ضد الجبهة الشمالية (مع حزب الله)، والرسالة الأولى كانت من اليمن.
“الجيش” الإسرائيلي، وفيما عدّه مراقبون “عذراً أقبح من ذنب”، أقرّ بأنّ منظوماته الدفاعية حاولت اعتراض الصاروخ القادم من اليمن، ولكن فشلت في ذلك، الأمر الذي كشف ثغراتٍ خطيرة في منظومة الدفاعات الإسرائيلية وأثار تساؤلات جوهرية عن فعاليتها وقدرتها، في مواجهة الصواريخ القادمة من جبهات الإسناد لغزّة ومقاومتها، وماذا لو أطلقت عدة صواريخ ومسيرات من أكثر من جبهة في وقت واحد؟
الصاروخ اليمني الفرط صوتي يرعب “إسرائيل” وداعميهاقائد حركة أنصار الله في اليمن، السيد عبد الملك الحوثي، في خطابه أمس، وصف العملية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية بالنوعية، وأن تنفيذها جرى باستخدام صاروخٍ ذي تقنية عالية تجاوز منظومات الاحتلال الإسرائيلي، وقبله بساعات كشف المتحدّث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، أنّ “العملية جرى تنفيذها باستخدام صاروخ بالستي فرط صوتي جديد”.
وتُعرف الصواريخ الفرط صوتية، بأنّها نوعٌ من أنواع الأسلحة الفتاكة بسرعةٍ تتجاوز خمسة أضعاف سرعة الصوت (5 ماخ). وتتميز هذه الصواريخ بأنّها لا تتبع مساراً مقوساً، وأنّ بمقدورها المناورة أثناء الطيران ما يُسهل اختراقها للدفاعات الجوية، وكذلك تتجاوز مناطق تغطية الرادار الخاص بالخصوم، وتلتف حول أشكال العوائق المختلفة أيًّا كانت، جبالاً أو مباني أو أيّ حاجزٍ آخر.
في رحلة الصاروخ اليمني الفرط صوتي الذي انطلق من اليمن وقطع في 11 دقيقة ونصف الدقيقة، 2040 كلم، نستنتج أنّ سرعة الصاروخ وصلت إلى 10640 كلم/الساعة، أي أنّه سار بسرعةٍ تفوق 8 أضعاف سرعة الصوت حتى وصوله إلى هدفه في “تل أبيب”، علماً أنّ “جيش” الاحتلال الإسرائيلي أقرّ بفشله في اعتراض الصاروخ وتدميره.
التكنولوجيا تخيف جنرالات الحربالفشل في اعتراض الصاروخ اليمني الجديد كشف نقاط ضعف في منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلي، إذ اخترق المجموعة الكاملة المُتعددة الطبقات من: “السهم -آرو” (منظومة دفاعية مصممة للدفاع الصاروخي بعيد المدى، خارج الغلاف الجوي للأرض)، “حيتس” (منظومة اعتراض صواريخ بالستية)، “مقلاع داوود” (المسؤولة عن إسقاط الصواريخ البالستية متوسطة المدى)، و”القبة الحديدية” (المسؤولة عن إسقاط الصواريخ قصيرة المدى)، بتأكيد خبراء أمنيين إسرائيليين.
بدورها، لفتت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أنّ هذا الفشل الدفاعي الإسرائيلي لكلّ هذه المنظومات بتطوّرها وتكلفتها الباهظة في اعتراض صاروخٍ يمني واحد، يؤكّد أنّ اليمن “نجح نجاحاً مقلقاً في ضرب عمق تل أبيب”.
ويُضاف الفشل الإسرائيلي إلى فشل دفاعات البحرية الأميركية والفرنسية في البحر الأحمر في اعتراض الصاروخ اليمني من قبل المدمرتين الأميركيتين والمدمرة الفرنسية، وذلك قبل دخول الصاروخ اليمني أجواء فلسطين المحتلة.
وعلى الرغم من أنّ الصواريخ الفرط صوتية لا تزال تكنولوجيا ناشئة، لا تمتلكها إلا دول قليلة مثل روسيا والصين والولايات المتحدة وإيران فإن امتلاك اليمن لتلك التكنولوجيا وتسارع تطويرها، يزيد من مخاوف جنرالات الحرب في “إسرائيل”، ولا سيما أنّه لا يوجد حتى الآن منظومة دفاع إسرائيلية، يُمكنها تحييد تلك الصواريخ بشكلٍ كامل.
صاروخ يمني متعدد الرسائلمن زاوية سياسية، جاء الصاروخ اليمني، في ظلّ انسداد مسار التفاوض بشأن غزّة بسبب التعنت الإسرائيلي، وقرع طبول الحرب على جبهة لبنان، ولا سيما بعد تهديدات نتنياهو بإمكانية توسيع الحرب في جبهة الشمال.
وفي ظلّ هذه الظروف يأتي الصاروخ حاملاً عدة رسائل للاحتلال، أولها، أوقفوا إطلاق النار في قطاع غزّة من أجل أن يهدأ إطلاق النار في البحر الأحمر وباب المندب والبحر المتوسط ومؤخراً في “تل أبيب”، وثانيها أوقفوا قرع طبول الحرب ضد لبنان لأنّ اليمن يقف في محور المقاومة، ولن يقف صامتاً متفرجاً إذا ما وسّعت “إسرائيل” حربها ضد لبنان.
وبشأن الرسائل التي حملها الصاروخ اليمني، أشار وزير الإعلام في حكومة التغيير والبناء، هاشم شرف الدين، خلال تصريحاتٍ للميادين إلى أنّ “إطلاق الصاروخ جاء بعد ساعاتٍ من كلام نتنياهو عن التصعيد مع لبنان، لذلك فإنّ اليمن لا يقبل بتجزئة المعركة بل هو على تنسيقٍ دائم مع محور المقاومة.
لذلك، يرى محللون أنّ الصاروخ اليمني قد يدفع “إسرائيل” ومن خلفها الولايات المتحدة الأميركي إلى إعادة النظر في استراتيجياتها بشأن توسع الحرب ولا سيما في الجبهة الشمالية مع لبنان، وهذا الأمر يبعد شبح “الحرب الواسعة”.
وفي هذا السياق، يؤكد مدير مركز القدس للدراسات السياسية، عريب الرنتاوي لوكالة “فرانس 24” أنّ رسالة القوات اليمنية لم تكن ضرب “تل أبيب” فقط بل تتجاوز ذلك إلى أنّ اليمن قادر وبكل أريحية على ضرب “تل أبيب” ومطار “بن غوريون” والمناطق الفلسطينية المحتلة كافة.
ومن الواضح أنّ اليمن صعّد من عمليات إسناده للمقاومة في قطاع غزّة بشكلٍ تدريجي إذ بدأ بمنع مرور السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر وباب المندب، وبعدها منع السفن المتوجهة إلى موانئ الاحتلال، ومنع أيضاً السفن المتوجهة إلى موانئ الاحتلال في البحر المتوسط، وطالت عملياته الأراضي المحتلة أيضاً باستهداف أم الرشراس “إيلات” عدة مرات و”تل أبيب”.
هذا المسار التصاعدي في العمليات ضد الاحتلال سيكون له تأثير في المعركة القائمة “طوفان الأقصى”، كما أنّه يؤكّد أنّ “اليمن غير مردوع” رغم العدوان الأميركي – البريطاني المستمر عليه، وهو قادر على التعامل مع “إسرائيل” حتى بعد هجماتها على ميناء الحديدة، مع الإشارة إلى أنّ ضرب “تل أبيب” بالصاروخ اليمني ليس رداً على عدوان الحديدة وهو ما يعني أنّ اليمن لا زال يخفي الكثير من المفاجآت، فتصاعد عملياته ضد الأراضي المحتلة قد تفرض حصاراً جوياً على “إسرائيل” إضافة إلى الحصار البحري، ولعل ما أكّده قائد حركة أنصار الله في اليمن، السيد عبد الملك الحوثي، بأنّ “القادم أعظم” يؤشر إلى ذلك.
نقلا عن الميادين نتالمصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الصاروخ الیمنی اعتراض الصاروخ الفرط صوتی فی اعتراض من الیمن فی البحر تل أبیب إلى أن
إقرأ أيضاً:
يتسحاق بريك: “الجيش الإسرائيلي” لا يستطيع حسم المعركة مع “حماس”
#سواليف
كتب .. #يتسحاق_بريك
يبدو أن المستويَين الأمني والسياسي أغلقا آذانهما، ولم يتعلّما بعد شيئاً ممّا حدث لـ”شعب إسرائيل” خلال العام ونصف العام الماضيَين. لم يفهما حتى اللحظة أن ” #الجيش ” لا يستطيع، بوضعه الحالي، #تفكيك ” #حماس “. ألم يفهما حتى الآن أن “جيشنا” لا يستطيع البقاء وقتاً طويلاً في المناطق التي احتلها، ولا يملك القوة الكافية من أجل تفجير مئات الكيلومترات من الأنفاق؟ بكلمات أُخرى: إنه لا يستطيع، بوضعه الحالي، #حسم_المعركة مع “حماس”.
إن أيّ جولة أُخرى من الحرب في غزة ستضع حياة المخطوفين في خطر، وتزيد في الإصابات في صفوف قواتنا، وفي أوساط الغزّيين الأبرياء. هذا بالإضافة إلى أن العالم كلّه سيعلن أننا مجرمو حرب؛ نعم – العالم العربي برمّته سيتوحّد ضدنا، ويفكّك حصانتنا القومية، وسيستمر وضعنا الاقتصادي في التراجع، وبالتالي سيتراجع الجيش. سنبقى وحدنا في العالم مع [الرئيس الأميركي دونالد] ترامب غير المتوقّع، الذي يمكن أن يتركنا وحدنا في أيّ لحظة.
مقالات ذات صلةالأمر المفاجئ أكثر هو أن القيادة العليا الجديدة للجيش وقعت أسيرة فخ #نتنياهو وتابعه وزير الدفاع يسرائيل كاتس، وتنفّذ كلّ ما يريدانه. وبدلاً من ترميم “جيشنا” وتجهيزه للتهديدات المستقبلية على حدودنا الشرقية، وحدودنا مع مصر، والضفة الغربية، والحدود اللبنانية، حيث لم نُخضع حزب الله؛ وبدلاً من إقامة حرس قومي ضد المجرمين المتطرفين في بلدنا- يقوم المستويان العسكري والسياسي ببثّ الشعارات بشأن تفكيك “حماس” بشكل مطلق.
لم يفهم المسؤولون عندنا بعد أنه من أجل تفكيك “حماس”، عليهم أن يزيدوا في حجم “الجيش”، وفي حجم القوات لكي تستطيع تفجير الأنفاق، وبعدها فقط، يمكن الحسم. إن هدم المنازل في قطاع غزة وتفكيك بنى “حماس” فوق الأرض لم يساعدانا على التقدّم نحو هدف تفكيك الحركة التي تقيم بمدينة مساحتها مئات الكيلومترات تحت الأرض. وتخرج من حصنها هذا لتقتل المئات، وتُصيب الآلاف. وعلى الرغم من ذلك، فإن القيادة العسكرية، وبتوجيهات من القيادة السياسية، تريد جرّنا إلى مسلسل آخر من القتل والعزاء، من دون أيّ إنجاز واضح.
أيها القرّاء الأعزاء، قولوا لي: على مَن يُمكن الاعتماد هنا؟ هل تبقّى لنا مزيد من حرّاس التخوم في “الدولة”؟ كان يجب على رئيس هيئة الأركان العامة الجديد، الجنرال إيال زمير، أن يدافع عن موقفه، ويعرض أمام المستوى السياسي وضع “الجيش” الحقيقي، حسبما توقّعنا جميعاً منه، وأن يعرض الحقيقة عارية، من دون أيّ تجميل. وكان يجب عليه أن يقاتل بكل قوته من أجل التقدّم إلى المرحلة (ب) من الصفقة لتحرير المخطوفين وإنقاذ الأحياء منهم، من دون تخوّف – حتى لو كلّفه ذلك منصب رئيس هيئة الأركان. وأكثر من ذلك، كان يجب على رئيس هيئة الأركان أن يمنع المستوى السياسي من الاستمرار في وهم أن “الجيش” قادر على هزيمة “حماس” والإيرانيين، كما أرادوا أن يسمعوا.
إن أقوال رئيس هيئة الأركان الموجّهة إلى الجمهور بشأن أهمية تحرير المخطوفين كأولوية، يبدو أنها من دون رصيد – أقوال ليست سوى واجب يجب أن يقال. أقواله تتناقض كلياً مع موافقته على تجديد الحرب في غزة.
هل اختار رئيس هيئة الأركان الجديد الخضوع منذ بداية طريقه؟ إذا كان الجواب نعم، فماذا سيحدث مستقبلاً؟ أنا دعمت تعيين إيال زمير بكل قوتي، لكنني لم أتخيّل أنه سيخضع أمام رئيس الحكومة ووزير الدفاع، لأنهما يريدان الاستمرار في الحرب من أجل البقاء في السلطة، على حساب حياة المخطوفين وأمن مواطني دولة إسرائيل.
الطريق الصائبة والصحيحة في هذا الوقت هي الاستمرار في المفاوضات والدخول في المرحلة (ب)، بحسب الاتفاق، وتحرير جميع المخطوفين، الذين يختنقون في ظلام الأنفاق، دفعة واحدة، وانتهاء الحرب. وبعدها، علينا أن نشمّر عن سواعدنا ونُعيد ترميم “الدولة والجيش” في جميع المجالات، لكي يستطيع الدفاع عن حدود “إسرائيل”، بما معناه أن على “الجيش” أن يتجهّز لحرب كبيرة يستطيع الضرب والحسم فيها.
في نهاية المطاف، إذا مات المخطوفون في الأنفاق المظلمة، فإن التهمة ستقع على كاهل المستويَين السياسي والعسكري، إلى الأبد، وهما اللذان اختارا الاستمرار في حرب من دون هدف، لن تحقّق أيّ إنجاز. هذا الخيار سيدفع إلى موت المخطوفين الذين لا يزال من الممكن إنقاذهم. إن كلّ يوم يمرّ يؤجّل فيه الحديث عن المرحلة (ب) من الصفقة، يضع حياة المخطوفين في خطر، أكثر فأكثر، إذ إن ثمة خطوة فقط تفصلهم عن الموت.