افتراق مفهوم السلام بين العرب وإسرائيل
تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT
د. عبدالله الأشعل **
المشكلة التي لمستُها خلال المفاوضات مع إسرائيل وكنت بالإدارة القانونية بوزارة الخارجية المصرية هي أن العرب وإسرائيل، كل منهما في وادٍ آخر؛ فكلاهما لديه أهداف مختلفة وتصور مختلف عن الآخر.
وقد واجه العرب مشكلة الصراع مع عدو غامض، فلم تكن إسرائيل بهذا الوضوح الذي كشفته عمليات "طوفان الأقصى" وسلوك إسرائيل الواضح وتصريحات كبار المسؤولين فيها.
أما السلام مع إسرائيل، فقد كان هو الآخر لُغزًا بدأته الولايات المتحدة مع الرئيس المصري الراحل أنور السادات، ويبدو أن واشنطن قدرت أن تبدأ الارتباطات مع مصر، وقد كانت مصر مُهمة للغاية خلال الحرب الباردة، ولم تتحمل واشنطن أن تتحالف مصر مع روسيا ضد إسرائيل؛ لذلك بالغت واشنطن في إلحاق الهزيمة بالجيش المصري وتمكين إسرائيل عام 1967.
هكذا بدأ العرب بعد 1967 وهزيمة مصر، مرحلةً جديدةً ولم تشفع بسالة الجيش المصري في أكتوبر 1973 في أن تُزيل آثار الانكسار، لكن الحقيقة أن شارون أوضح في مذكراته التي نُشرت دراسة عنها 2003 حول الفكر الصهيوني في مذكرات آينشتاين وشارون؛ إذ قارن شارون العقلية العسكرية والسياسية الفذة للجندي المصري عام 1967 والجندي المصري عام 1973، وأكد في هذه الدراسة أن الجيش المصري يجب ألّا يُستهان به، فإنه الخطر الأكبر على إسرائيل، خصوصاً إذا وجد القيادات السياسية والعسكرية والوطنية والتي تتميز بالكفاءة (لا شك أن القادة العظام للجيش المصري فى عام 1973 كانوا الميزة الكبيرة لأنور السادات بعد قرار شن حرب تحرير سيناء في 6 أكتوبر عام 1973).
ويترتب على ذلك أن النظام السياسي في مصر لم يُدرك بالكامل معنى قيام إسرائيل الصهيونية؛ فاستجابت لطلبات كثيرة في معاهدة السلام 1979، وهذا هو المعيار الذى تزعمه إسرائيل للتدليل على أن المُنتصر يُملي شروطه على المهزوم، وتعترف إسرائيل بأن الجيش المصري أبلى بلاءً حسنًا عام 1973، لكن نتائج الحرب السياسية لم تستقم مع عظمة الجيش المصري في الميدان، ويفسرون ذلك في إسرائيل أنه يضاف إلى مكرمات واشنطن على إسرائيل، وبالذات هنري كسنجر اليهودي الألماني الذي كان وزيرًا لخارجية الولايات المتحدة ومن قبلها مستشار الأمن القومي الأمريكي، وهو الذي تولى ملف السادات ومصر، وثبت أنه كان يتفاوض مع مصر نيابة عن إسرائيل، وهو الذي أحبط توصيات الفريق سعد الدين الشاذلي للسادات، لإنهاء "ثغرة الدفرسوار" وإنقاذ الجيش الثالث الميداني من الحصار والاختناق، ولذلك بكى المشير محمد الجمسي وزير الحربية آنذاك، وهو يُوقِّع على اتفاق الكيلو 101، الذي أنهى الثغرة مقابل فك الحصار عن الجيش الثالث الميداني، وكانت النتيجة أن مناحم بيجن تفاوض مع السادات في كامب ديفيد بواسطة الرئيس جيمي كارتر، وأملى شروط إسرائيل في كامب دايفيد واتفاقية السلام.
لقد فهمت إسرائيل السلام بمعناه الروماني"Pax" وفهم العرب السلام بمعنى "Peace"، أما السلام الإسرائيلي فيعني تسليم العرب بمشروعية اللص الصهيوني وتأمينه على سرقاته والموافقه على أن يمضي فى مشروعه حتى يُغيِّر هوية المنطقة إلى صهيونية لا عربية، وقد بشّر بذلك الرئيس الإسرائيلي شمعون بريز فى كتابه "الشرق الأوسط الجديد"، ومعنى ذلك أن الشرق الأوسط مُضاد لعروبة المنطقة، وأن إسرائيل الكبرى ستُصبح مركز التفاعلات الاقليمية في المنطقة.
لذلك فإن تفسيري للصراع بين إيران وتركيا من ناحية، وبين إسرائيل من ناحية أخرى، هو حول من يُسيِطر على المُقدَّرات المصرية والعربية؛ فساحة العالم العربي أصبحت مسرحًا للتنافس بين المشروعات الاقليمية الثلاثة وهي: الإسرائيلية والإيرانية والتركية، ولذلك لو ظهر مشروع عربي فإنه يُنهي هذه المشروعات الثلاثة الإقليمية، لكن ظهور المشروع العربي لا يُرضي إسرائيل والولايات المتحدة؛ لأن معناه تحرير فلسطين من الصهاينة، وتأكيد عروبة المنطقة؛ علمًا بأن العروبة لا تتناقض مع الفارسية والتركية، فكُلها أمم عظيمة، لها مكان فى التاريخ، ونأمل أن يُقيِّض الله للأمة العربية من يُعيد أمجادها في المستقبل، بالتعاون مع الفرس والاتراك.
الخلاصة.. أنه لا يُمكن أن يعقد سلام بين الضحية والجلّاد؛ إذ إنَّ الجلّاد يُريد الضحية، وأن الاتفاقيات مع الضحايا العرب مجرد هدنة، ريثما يستعد الجلاد لالتهام الضحية؛ لذلك صيغت المبادرة العربية للسلام بحُسن نية، وتنص على أنه إذا انسحبت إسرائيل من الأراضي العربية واعترفت بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني سيتم التطبيع العربي الجماعي مع إسرائيل، وقلبت إسرائيل المعادلة وهي أن إسرائيل مُستعدة للانسحاب بعد الاعتراف العربي بها؛ أي أن الاعتراف يأتي أولًا!
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
إحدى علامات الساعة الصغرى.. 4 سيناريوهات تعيد المروج والأنهار إلى جزيرة العرب
بغداد اليوم - متابعة
كشف خبير سعودي، اليوم الخميس (26 كانون الأول 2024)، عن "إحدى علامات الساعة الصغرى" في جزيرة العرب.
وقال أستاذ المناخ ونائب رئيس جمعية الطقس في السعودية عبدالله المسند، إن "هناك 4 سيناريوهات محتملة لعودة جزيرة العرب مروجا وأنهارا"، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة "تعد من علامات الساعة الصغرى".
وأكد المسند لـ برنامج "بودكاست منظور" أن التغير المناخي والعوامل الطبيعية يمكن أن تلعب دورا جوهريا في إحداث تغييرات جذرية في مناخ المنطقة.
وفيما يتعلق بالسيناريوهات المحتملة لعودة جزيرة العرب مروجا وأنهارا، قال المسند: إن "السيناريو الأول هو التغير المناخي بفعل الإنسان"، حيث يؤدي إلى تغييرات في مراكز الضغط الجوي السطحية أو العلوية، مما قد يفتح بوابة الجنوب "بحر العرب والمحيط الهندي" لضخ الرطوبة كما كان الحال قبل 7 آلاف عام.
وأشار إلى أن هذا السيناريو يمكن أن يعيد للأرض أمطارا صيفية غزيرة، كما شهدتها السعودية في العامين الماضيين، مما يمهد لتحول المنطقة إلى بيئة خضراء.
وأوضح المسند، أن السيناريو الثاني هو انفجار بركاني ضخم، متحدثا عن وجود 2.000 بركان في السعودية، معظمها يقع في المنطقة الغربية ضمن الدرع العربي "وهو العدد الأكبر في العالم العربي"، حيث يكفي انفجار بركان واحد عظيم، مثل بركان الوعبة قرب الطائف، لمدة أسبوعين، ليغير مناخ العالم بأسره.
وتابع أن الغبار البركاني الناتج قد يقلل أشعة الشمس الواصلة إلى الأرض مما يؤدي إلى انخفاض درجة الحرارة، وتبريد المنطقة، وتوغل الرطوبة مما يحول أراضي السعودية تدريجيا إلى أنهار ومروج.
أما السيناريو الثالث بحسب أستاذ المناخ السعودي، وهو اصطدام نيزك عظيم بالأرض، واصفا السيناريو الثالث بـ"الأخطر"، موضحا أن هذا الاصطدام قد يغطي الغبار الناتج عنه أشعة الشمس لفترة طويلة مما يؤدي إلى شتاء دائم يمتد 12 شهرا، وانخفاض كبير في درجات الحرارة، وتحول طقس المنطقة ليصبح شبيها بالمناطق الباردة كالنرويج والسويد.
وأشار المسند إلى السيناريو الرابع، وهو "تغييرات فلكية" مشيرا إلى احتمال حدوث تغيرات في محور الأرض حيث قد ينحرف الميل الحالي "23.5 درجة" بسبب تأثير كويكب أو طاقة جاذبة من كوكب آخر.
وأكد أن هذا التغير يمكن أن يعيد توزيع مراكز الضغط الجوي، مما قد يؤدي إلى نزول أمطار غزيرة على جزيرة العرب.
ولفت أن أي تغييرات في طاقة الشمس الحرارية الواصلة إلى الأرض قد تؤدي إلى تغيرات مناخية كبيرة.
المصدر: "سبق"