لماذا نحب وجبات الطائرة رغم مذاقها المختلف؟
تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT
بعد ساعات طويلة من الإعداد للسفر، وتجهيز الحقائب وشحنها إلى الطائرة والمرور من بوابات المطار والانتهاء من إجراءات السفر، تبدأ لدى كثير من المسافرين متعة الرحلة عند دخول الطائرة.
دقائق قليلة من إقلاع الطائرة ويبدأ فريق الضيافة في إعداد الوجبات التي سيتم تقديمها خلال الرحلة، لا سيما في الرحلات الطويلة.
وتعد الوجبات على متن الطائرة جزءا من الرفاهية التي تتنافس شركات الطيران على تقديمها للمسافرين، حتى إنها تصبح عاملا أساسيا في الدعاية إلى شركات الخطوط الجوية جنبا إلى جنب مميزات مقعد الطائرة وعوامل الأمان.
ورغم أن وجبات الرحلات الجوية ليست الأفضل مذاقا على الإطلاق، فإنها كفيلة بأن ترفع تقييمات الركاب بشأن خدمات شركة الخطوط الجوية، بل هي محل سخرية منذ عقود، لكن الأمر زاد انتشارا تزامنا مع عصر منصات التواصل الاجتماعي. فمتى بدأ تقديم الوجبات على الرحلات الجوية؟ ولماذا يحبها الكثيرون؟
أول وجبة على متن الطائرةتم تقديم الوجبة الأولى على متن رحلة هاندلي بيج من لندن إلى باريس يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول 1919، التي تضمنت الدجاج المقلي البارد وسلطات الفواكه والسندويشات المقدمة في سلال الخيزران.
كانت الوجبة الأولى التي يتم تقديمها على متن طائرة ركاب عادية عبارة عن صندوق غداء معبأ مسبقًا يتكون من السندويشات والفواكه، ويقدمه "رجال المقصورة" مقابل "3 شلن إنجليزي".
ووفقًا لمؤرخ الطهي ريتشارد فوس، فإن الوجبات الساخنة الأولى التي تم تقديمها على متن الطائرة كانت على رحلات شركة لوفتهانزا في عام 1928. وفي بعض الرحلات الجوية في الثلاثينيات، قدمت شركات الطيران الأميركية سجائر مجانية مع وجباتها.
يقول ريتشارد فوس، مؤرخ الطهي ومؤلف كتاب "الطعام في الهواء والفضاء.. التاريخ المفاجئ للطعام والشراب في السماء"، إنه مع انطلاق الرحلات الجوية التجارية في العشرينيات من القرن الماضي، كان الركاب عادةً يتناولون السندويشات والسلطات، وربما قطعة واحدة من الدجاج المقلي البارد".
يوضح فوس "لم تكن الطائرات تحتوي على مطبخ، لذا فإن الشيء الوحيد الذي يمكن تقديمه هو وجبة غداء في درجة حرارة الغرفة، مع مشروبات من الترمس (أوعية حفظ الحرارة)".
السر في الرحلةالطعام في الطائرات له جاذبية خاصة بالنسبة للكثيرين، رغم أن العديد يعترف بأنه ليس الأفضل من حيث النكهة. أحد الأسباب التي تجعلنا نجد وجبات الطائرة ممتعة هو العامل النفسي. في الطائرة، يكون لدينا توقع مختلف، ونحن في بيئة مغلقة حيث تكون الخيارات محدودة، لذا يمكن أن تجعلنا هذه الوجبة البسيطة نستمتع بتجربة الأكل بشكل أكبر مما لو كنا على الأرض. ومن العوامل المساهمة في الاستمتاع بأكل الطائرات:
التغيير في الروتين: الرحلات الجوية تخلق تجربة جديدة ومثيرة تختلف عن الروتين اليومي. تناول الطعام على ارتفاعات شاهقة وفي بيئة غير معتادة يمكن أن يكون جزءًا من هذه التجربة الممتعة.
المحفزات البصرية: في الطائرة، تقدم الوجبة بصورة أنيقة في علب صغيرة منظمة، مما يجعل الطعام يبدو مغريًا وجذابا، رغم أنه قد لا يكون لذيذا كما يبدو.
الجوع والانتظار: خلال الرحلة، غالبًا ما يشعر المسافر بالجوع نظرًا للفترات الطويلة من الانتظار وقلة النشاط. هذا قد يجعل الطعام المقدم يبدو ألذ مما هو عليه في الواقع.
التأثيرات الجوية على الحواس: في الطائرة وعلى ارتفاعات عالية، ينخفض مستوى الرطوبة والضغط الجوي، مما يؤثر على حاسة التذوق والشم، ويجعل الطعام أقل مملوحة أو أقل حلاوة مما هو عليه في الأرض. هذا قد يدفع شركات الطيران لإضافة المزيد من التوابل والنكهات للطعام لجعله أكثر جاذبية.
منصات التواصل، لا تتعجب حينما ترى كثيرا من الركاب يلتقطون الصور لكل نشاط يحدث خلال الرحلة لتوثيقها للذكرى الشخصية أو على منصات التواصل الاجتماعي التي باتت جزءا مهما في حياتنا.
الحنين والذكريات: بالنسبة لبعض الأشخاص، وجبات الطائرة قد ترتبط بالذكريات الجيدة للسفر والمغامرات، مما يجعلهم يشعرون بالحنين ويحبون التجربة.
تكلفة وجبات الطائرة عادة ما تتراوح بين 3% و5% من إجمالي سعر تذكرة الرحلة، ولكنها قد تختلف حسب شركة الطيران والوجهة ونوع التذكرة (اقتصادية أو درجة رجال الأعمال أو الدرجة الأولى).
وعلى الرحلات الاقتصادية الطويلة، يمكن أن تتراوح تكلفة الوجبة بين 10 و12 دولارا أميركيا، في حين يمكن أن تصل تكلفة وجبة على متن الدرجة الأولى إلى أكثر من 100 دولار، حيث يتم تقديم وجبات من إعداد طهاة مشهورين مع خدمات راقية.
وتستثمر شركات الطيران مبالغ كبيرة في عمليات الإعداد اللوجستي للوجبات، بما في ذلك مراحل الطهي والتبريد وإعادة التسخين، مما يؤثر على تكاليف تقديم الوجبات على متن الطائرة.
كم يوفر إلغاء وجبة الطائرة؟توفر شركات الطيران مبالغ كبيرة من خلال عدم تقديم وجبات مجانية على متن الطائرات، خصوصا في الرحلات القصيرة. على سبيل المثال، أظهرت بيانات من بعض شركات الطيران الأوروبية أن إلغاء تقديم الوجبات المجانية يمكن أن يوفر حوالي 0.61 دولار لكل مسافر.
ورغم أن هذا المبلغ قد يبدو قليلا، فإنه على نطاق واسع ومع ملايين المسافرين، يمكن أن يؤدي إلى توفير ميزانية كبيرة للشركات، قد تصل إلى مئات الملايين سنويًا، وذلك بسبب تقليل التكاليف اللوجستية والحد من هدر الطعام.
ولعل أشهر نماذج التوفير التي اتبعتها شركات الطيران هي قصة الزيتونة التي تعود إلى شركة الطيران الأميركية "أميركان إيرلاينز" في الثمانينيات من القرن الماضي.
حينها، لاحظت الشركة أنها يمكن أن توفر مبلغا كبيرا سنويا من خلال إزالة حبة زيتون واحدة من كل سلطة تقدم لركاب الدرجة الأولى. وفقًا للتقارير، تم توفير حوالي 40 ألف دولار سنويًا بفضل هذا التعديل البسيط، مما أصبح مثالاً شهيرا على كيف يمكن للتغييرات الصغيرة أن تحدث تأثيرًا كبيرا على التكاليف التشغيلية في صناعة الطيران.
وجبات الطائرة بعد جائحة كوفيد-19أشارت تقارير إلى تقلص حجم وجودة وجبات الطائرات بعد جائحة كوفيد-19 بنسبة تتراوح بين 20% و50% خاصة في الدرجات الاقتصادية، وذلك بسبب عدة عوامل. الجائحة تسببت في انخفاض الطلب على الرحلات الجوية، ودفعت شركات الطيران إلى تقليص التكاليف بشكل عام بما في ذلك خدمات الطعام.
وفي مرحلة ما بعد الجائحة، اتجهت العديد من شركات الطيران إلى الحد من تقديم الوجبات المجانية في الدرجة الاقتصادية أو قدمت خيارات أبسط، وأحيانًا مع رسوم إضافية.
بعض شركات الطيران تبنت إستراتيجيات جديدة تعتمد على تقليل النفقات التشغيلية، مثل تقليص حجم الوجبات أو استبدالها بخيارات مسبقة التغليف، مما أسهم في تحسين تكاليف التشغيل ولكن على حساب تجربة الركاب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات على متن الطائرة الرحلات الجویة تقدیم الوجبات شرکات الطیران یمکن أن
إقرأ أيضاً:
لماذا لا يعود أغلب السوريين؟
لماذا لا يعود أغلب السوريين؟ _ #ماهر_أبو طير
إغراق #الأردن بموجات #اللجوء، تسبب بضغط هائل على خاصرة الاردن الاقتصادية، إضافة إلى ما يتعلق بالحسابات الداخلية الامنية والاجتماعية، ومنسوب التذمر والسخط الشعبي.
عشرات الجنسيات العربية الاسلامية مصنفة قانونيا باعتبارها من اللاجئين تعيش وتعمل في الاردن، حتى تحول الاردن الى ساحة لتفريغ الشحنات الكهربائية الفائضة في الاقليم، والمنطقة العربية، وإذا كان الامر يبدو اجتماعيا بكونه عملا خالصا لوجه الله، حيث لا يمن احد على احد على مستوى التعاملات اليومية بين الناس، الا انه من ناحية اقتصادية واجتماعية بات يصنع ازمة حادة، وليس ادل على ذلك من ازمات الاردن امام ندرة المياه، مثلا، وقلة فرص العمل، وتراجع المساعدات، وكلف ادامة الخدمات والبنى التحتية، وما يتعلق بالعلاج.
الاردن بين خيارات صعبة، اذ لو تشدد ضد اللاجئين لتم اتهامه بالعنصرية وضيق الافق، ولو تلطف لتم اتهامه من مواطنيه بكونه يفرط بمصالح مواطنيه وعلى حسابهم، ولو توسط بين الامرين لضجت المنظمات الدولية، وسودت سمعة الاردن في التقارير الدولية، ولو بقي متفرجا لتضاعفت كلفة هذه الازمات على المدى البعيد، ولو تذمر واشتكى لتم اتهامه بكونه يجمع المال ويتكسب على ظهور اللاجئين ويستثمر في مصائب الجوار دائما لجمع المال، وهو كلام سمعناه مرارا، فهو وسط خيارات صعبة جدا، في ظل اقليم يتفنن بانتاج الازمات.
مقالات ذات صلةبين يدي ارقام العائدين من الاشقاء السوريين بعد سقوط نظام الاسد في السابع في كانون الاول 2024، وهذه ارقام دقيقة حتى نهاية دوام يوم الواحد والثلاثين من شهر كانون الثاني 2025، اي قبل ايام، حيث تكشف المعلومات ان مجموع الاشقاء السوريين الذين عبروا الحدود البرية الاردنية السورية منذ سقوط النظام، الى ما قبل يومين تقريبا بلغت 102 الف سوري، اغلبهم من السوريين الذين يقيمون خارج الاردن اصلا وقدموا من دول اوروبية وعربية الى الاردن للمرور فقط، نحو معبر جابر، وبعضهم عاد لاحقا ودخل الاردن وغادر الى البلد الاصلي الذي قدم منه، بجوازه الاحنبي، او حتى بجواز سوري مع اقامة خارجية.
من بين 102 الف شقيق سوري ٣١٤١ سوريا من سكان المخيمات السورية في الاردن، و٢٤٢٨١ سورياً ممن يعيشون داخل المدن الاردنية اي ان عدد اللاجئين الفعليين الذين غادروا الاردن كبلد مضيف هو مجموع الرقمين السابقين، اي ٢٧٤٢٢ سوريا، وبالتاكيد هذه الارقام ارتفعت قليلا مع آخر التحديثات، لكنها لن ترتفع بشكل كبير، ويضاف الى ما سبق عدد الذين يغادرون حاليا بواسطة الطيران من عمان، وبعضهم قادم من دول ثانية، حيث ان مطار الملكة علياء هنا محطة وصول كترانزيت فقط للوصول الى دمشق او حلب.
ماتزال اسباب بطء العودة قائمة، اذ اغلب العائلات تنتظر نهاية الفصل الثاني من المدارس، كما ان العامل الاقتصادي يلعب دورا، حيث يعمل اغلب السوريين هنا، والاقتصاد داخل سورية لا يأتي الناس بالقمح لمعاجنهم، وبرغم فرض تصاريح العمل على السوريين وتوجه كثرة للمغادرة بسبب التصاريح، الا ان البعض يفكر بكيفية تعويض قيمة التصريح والبقاء في الاردن، كما ان من اسباب بطء العودة، عدم وجود مساكن، او هدمها كليا او جزئيا داخل سورية، وتفشي اعمال الثأر والانتقام في بعض المناطق، والمخاوف من انفلات امني شامل في اي لحظة، وسط كلام سائد في اوساط السوريين في الاردن، ان الاردن قد يفرض رسوما مالية مختلفة على طلبة المدارس الحكومية السوريين، بحيث يصير وجودهم صعبا، اضافة الى ما يتردد من مخاوف حول قطع مفوضية شؤون اللاجئين للمساعدات المالية عن السوريين في توقيت قريب، خصوصا، اذا تم رفع العقوبات ولو جزئيا، وبدء مشاريع اعمار في سورية.
للمفارقة يشتد ضغط هذا الملف في توقيت تهدد فيه واشنطن بترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة الى الاردن، ووسط تجاوز دولي لحق العودة، وهو حق لكل من تهجر من فلسطين، وهي تعقيدات تلتقي في تواقيت متقاربة، بحيث يقف الانسان اليوم امام محن انسانية من جهة، مثلما تضغط عليه العاطفة بحق الاشقاء في كل مكان، فيما يطرقه واقع الاردنيين على وجهه بشأن حياتهم ومستقبل بلادهم، وآخر ما ينقصنا اليوم هو اذكاء التلاوم الداخلي ازاء كل هذه الاوضاع التي نجمت عن سياسات وازمات متتالية، ونحن امام مسرب اجباري للبحث عن حلول جذرية، دون تعسف، او اذى، او تورط في محاولات البعض لترسيم الاردن بصورة الكاره لغيره، وهو امر غير صحيح بطبيعة الحال، وليس عدلا ان يتم وصف الاردن به.
ستتضح الصورة النهائية بنهاية شهور الصيف المقبل.
الغد