التضخم في مصر.. بيانات حكومية متضاربة أم نجاح مؤقت؟
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
أصدرت جهتان حكوميتان في مصر بيانات "غير متطابقة" عن معدل التضخم السنوي في مصر، بينما يكشف مختصون لموقع "الحرة" حقيقة تلك البيانات وتوقعاتهم حول ارتفاع أو انخفاض الأسعار خلال الفترة القادمة وتأثير ذلك على المواطن المصري.
ارتفاع معدل التضخم السنوي بـ"المدن"الخميس، أظهرت بيانات من "الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء" في مصر أن معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية ارتفع في يوليو إلى 36.
وبذلك وصل معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى "أعلى مستوى على الإطلاق"، وفقا لوكالة "رويترز".
وارتفعت الأسعار على أساس شهري 1.9 بالمئة في يوليو، بانخفاض من 2.08 بالمئة في يونيو، وفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وكشف الجهاز المركزي أن أسعار المواد الغذائية والمشروبات ارتفعت 68.4 بالمئة على أساس سنوي في يوليو.
انخفاض معدل التضخم في "عموم مصر"!الخميس، أظهرت بيانات نشرها "البنك المركزي المصري" أن معدل التضخم الأساسي في مصر تراجع قليلا إلى 40.7 بالمئة في يوليو على أساس سنوي من 41 بالمئة في يونيو.
وسجل الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين، المعد من قبل البنك المركزي، معدلا شهريا بلغ 1.3 بالمئة في يوليو 2023 مقابل معدلا شهريا بلغ 1.5 بالمئة في ذات الشهر من العام السابق ومعدلا شهريا بلغ 1.7 بالمئة في يونيو 2023.
في المقابل، يرى خبراء اقتصاديون غربيون أن معدل التضخم الحقيقي في مصر "أعلى بكثير" مما تعلن عنه المؤسسات المصرية.
وفي مطلع يناير، أكد ستيف هانك، الخبير الاقتصاد بجامعة جون هوبكنز في ميريلاند، أن نسبة "التضخم الحقيقية السنوية "في مصر تصل إلى 101 بالمئة.
#EgyptWatch: As of August 3rd, I accurately measure Egypt’s inflation at a CRIPPLING 68%/yr. That's ~2 times the bogus official rate of 35.71%/yr. The Central Bank of Egypt is publishing rubbish. pic.twitter.com/SvM6hRzqeE
— Steve Hanke (@steve_hanke) August 5, 2023وفي 5 أغسطس، قال ستيف هانك والذي يقيس التضخم على أساس تعادل القوة الشرائية واحتساب أسعار الصرف في السوق السوداء، إن معدل التضخم الحقيقي في مصر يصل إلى 68 بالمئة.
بيانات "متضاربة"؟في حديثه لموقع "الحرة"، يشير الباحث بالاقتصاد السياسي، أبوبكر الديب، إلى "عدم وجود تضارب"، لأن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يقيس معدل "التضخم العام" بينما يقيس البنك المركزي معدل "التضخم الأساسي".
والتضخم العام الذي يقيسه جهاز الإحصاء يراقب "سلة السلع الغذائية وغير الغذائية والخدمات"، بينما البنك المركزي يقيس "السلع الرئيسية فقط" ويستثني سرعة التغير كالخضروات والفاكهة والسلع التي تحددها الحكومة سلفا كالوقود والكهرباء والمياه والغاز، وفقا للباحث بالاقتصاد السياسي.
ويؤكد أن معدل التضخم قد "تباطأ قليلا" على أساس شهري، ولا يوجد أي تناقض بين ما أعلنه البنك المركزي المصري من جانب، وما صرح به الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء من جانب آخر.
لكن الخبير الاقتصادي، عبدالنبي عبدالمطلب، يرصد "خطأ" مقصودا أو غير مقصودا في بيان البنك المركزي المصري.
ويوضح عبدالمطلب، في حديثه لموقع "الحرة"، أن بيان البنك المركزي قد أشار إلى أن الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لـ"الحضر" وليس "الرقم القياسي العام".
والرقم القياسي لأسعار المستهلكين في "عموم مصر" والذي أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بلغ 38.2 بالمئة، وإذا اعتمد البنك المركزي هذا الرقم المعلن فإن "معدل التضخم الأساسي سيكون أعلى من المذكور"، وفقا لحديثه.
ويرى الخبير الاقتصادي أن هناك "خطأ منهجي أو تعمد لإظهار انخفاض وتراجع معدلات التضخم على غير الحقيقة".
ما تأثير التضخم على "المواطن"؟ويعاني الاقتصاد المصري من تداعيات سنوات من الأزمات والهزات الأمنية، تلتها جائحة كوفيد وتأثيرات الحرب الأوكرانية، إذ إن روسيا وأوكرانيا هما البلدان الأساسيان اللذان كانت مصر تستورد منهما القمح، كما أنهما كانا مصدرا أساسيا للسياح الذين يزورون بلاد النيل.
وقفزت الأسعار بشكل هائل في خضم أزمة في العملة الصعبة تسببت في خفض قيمة العملة ثلاث مرات منذ مارس 2022، ويرى الكثير من المصريين أن ظروفهم المعيشية تدهورت.
ويعد السبب الرئيسي للتضخم "وجود سيولة مالية بالسوق أكبر من السلع والخدمات والمنتجات المعروضة"، وفقا للديب.
ويمكن معالجة التضخم من خلال "امتصاص السيولة الموجودة بالسوق" برفع البنك المركزي لسعر الفائدة، أو زيادة الإنتاج ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، حسب الديب.
ويوضح الباحث بالاقتصاد السياسي أن التضخم المرتفع يتسبب في تآكل مدخرات المصريين في البنوك بالعملة المحلية، وبالتالي فهو "يضر المواطن بشكل مباشر".
هل تتراجع الأسعار؟وفقا لعبدالمطلب فإن تراجع التضخم يعني "زيادة القوة الشرائية للجنيه المصري"، ويعطي شعور للمواطن بأن "الأسعار سوف تتراجع بشكل مستمر"، وإيحاء للأسواق بأن الفترة القادمة "ستشهد ارتدادا اقتصاديا للأسعار بعد وصولها للذروة وتراجعها بعد ذلك".
ولكن إذا لم تتراجع الأسعار وتبين أن "البيانات وهمية أو غير صحيحة"، يصاب المواطن بالإحباط، وفي الوقت الحالي "لا يمكن الحكم على حال الاقتصاد المصري إلا بعد وضوح الرؤية بشكل كامل مع صندوق النقد الدولي"، حسب توضيح الخبير الاقتصادي.
ويرى عبدالمطلب أن "تراجع الأسعار أو زيادتها" يرتبط بوضوح الرؤية من اتفاق صندوق النقد، وإذا كان هناك "تخفيض جديد لقيمة العملة المحلية أم لا".
ويشير عبدالمطلب إلى أن "عدم وضوح الرؤية" يجعل مجتمع الأعمال ينتظر "التخفيض الجديد، ويخنق عرض السلع في السوق المصري"، ما يتسبب في ارتفاع الأسعار على آمل الحصول على أرباح كبيرة عند تخفيض سعر العملة.
ومن جانبه، يرجّح الديب استمرار موجة التضخم التي تعاني منها مصر حتى نهاية العام الجاري ٢٠٢٣.
وفي ديسمبر، وافق صندوق النقد الدولي على قرض بتمديد التسهيلات المالية لمصر بقيمة ثلاثة مليارات دولار لمدة 46 شهرا.
وتم تأجيل المراجعة الأولى، التي تجرى بعد ستة أشهر وكان من المقرر القيام بها في مارس الماضي، لحين وفاء الحكومة بتعهدها بتبني سعر صرف مرن للعملة وبيع المزيد من أصول الدولة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: معدل التضخم السنوی بالمئة فی یونیو البنک المرکزی الرقم القیاسی فی یولیو على أساس فی مصر
إقرأ أيضاً:
البنك المركزي الرواندي يبقي على سعر الفائدة الرئيسي عند 6.5٪
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أبقى البنك المركزي الراوندي، سعر الفائدة الرئيسي عند 6.5٪، اليوم الخميس، بعد أن خفضه في الاجتماعين السابقين هذا العام.
وقال محافظ لبنك المركزي، جون روانغومبوا، في مؤتمر صحفي اليوم، إن القرار استند إلى حالة عدم اليقين بشأن أداء قطاع الزراعة وأن البنك المركزي يشعر أنه يمكن إبقاء التضخم ضمن النطاق المستهدف الذي يتراوح بين 3% و8%.
وأضاف المحافظ: "نعتقد أن الوقت الحالي جيد بما يكفي للحفاظ على التضخم ضمن نطاق محدد"، مشيرا إلى بقاء معدل التضخم السنوي الي أقل من 6% هذا العام كما بلغ 3.8% في أكتوبر الماضي.
وأوضح روانغومبوا، أن أقتصاد راوندا ظل قويا في الربع الثالث بفضل قطاعي الخدمات والصناعة، وأن التضخم سيبلغ في المتوسط حوالي 4.6% في عام 2024.
يشار الى أن البنك المركزي رفع متوسط توقعاته للتضخم للعام المقبل إلى 5.8% من 5%، بسبب تأثير الظروف الجوية السيئة على الزراعة.