التنويع الاقتصادي في المحافظات
تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT
وليد المحروقي
تُعد التنمية الاقتصادية من القضايا الجوهرية التي تشغل الأفراد والمؤسسات والحكومات على حد سواء، ويَعتبر التنويع الاقتصادي بمثابة الخيار الأساسي الذي تبنته العديد من الدول لإعادة هيكلة اقتصاداتها وجعلها أكثر استقرارًا ونموًا، فبينما يسهم الاقتصاد المتنوع في تحقيق استدامة أكبر، يُشكل الاعتماد على مصدر واحد خطرًا على النمو الاقتصادي للعديد من الدول على النطاق العربي والعالمي.
لهذا؛ اعتمدت العديد من الدول النفطية على اعتماد استراتيجيات للتنويع الاقتصادي المُختلفة بهدف حماية اقتصاداتها وتعزيز التنمية الاقتصادية بداخلها ومن ضمن الدول التي سعت لتحقيق ذلك سلطنة عُمان، والتي تسير بخطوات ثابتة نحو تعزيز التنويع الاقتصادي تحقيقًا لأهداف خطة التنمية الخمسية التاسعة 2016-2020، ومن أبرز المبادرات في هذا المجال هو البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي "تنفيذ"، الذي يهدف إلى تحسين التخطيط الاجتماعي والاقتصادي، وتوجيه الموازنات نحو مشاريع ذات عوائد اقتصادية وقيمة مضافة، هذا البرنامج يهدف إلى تعزيز فرص العمل المستدام للمواطنين، ويساهم في تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، مما يظهر أثر التنويع الاقتصادي في تحقيق أهداف رؤية "عُمان 2040" التي تسعى السلطنة إلى تحقيقها مع حلول عام 2040.
وفي هذا السياق فإن مفهوم التنويع الاقتصادي يُشير إلى السعي نحو تحقيق مصادر دخل متعددة في المحافظات، مما يعزز قدرتها التنافسية على المستوى العالمي، يهدف هذا التنويع إلى تعزيز الإنتاجية في قطاعات متنوعة، حتى لو لم تكن هذه القطاعات تتمتع بميزات نسبية عالية؛ وذلك لأنَّ التنويع يعتمد على تطوير مجموعة من هذه القطاعات بشكل تدريجي، لكي تكون بمثابة بدائل فعّالة يمكن أن تحل محل الاعتماد على مورد واحد.
ويُمكن حصر المتطلبات الاقتصادية للمحافظات في سلطنة عُمان من خلال تحقيق خطوات فعّالة نحو تعزيز التنويع الاقتصادي ولا سيما في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة، تبرز مجموعة من الخطوات الأساسية لتعزيز التنويع الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة والتي يُمكن طرحها في السطور التالي:
أولاً: يجب التركيز على تطوير قاعدة الموارد البشرية وتعزيز رأس المال البشري، حيث يُعتبر الاستثمار في الأفراد أساسًا لنجاح أي استراتيجية.
ثانيًا: يتطلب التنويع الاقتصادي توفير الموارد المالية اللازمة لدعم المشاريع الجديدة. كما يجب العمل على خلق بيئة مستقرة للاقتصاد الكلي من خلال إصلاح وتنسيق السياسات المالية والائتمانية.
إلى جانب ذلك، يؤدي القطاع الخاص دورًا حيويًا في هذا السياق، لذا ينبغي تعزيز بيئة الأعمال وتفعيل دوره في دفع عجلة التنمية. كذلك، يجب تشجيع ريادة الأعمال من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي تُعتبر محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي.
كما إن الاستثمار في البنية الأساسية والتعليم وتطوير المهارات يُعدّ ضروريًا لبناء قاعدة اقتصادية قوية. ومن المهم أيضًا تشجيع روح المبادرة والابتكار من خلال تحسين الوصول إلى المعلومات.
علاوة على ذلك، يتطلب الأمر تعزيز البيئة القانونية والتنظيمية لجذب الاستثمارات، سواء كانت محلية أو أجنبية، ويجب إصلاح سوق العمل وإعادة تنظيم الحوافز للشركات والقوى العاملة لضمان فاعلية أكبر.
ويُمثِّلُ إعداد مناهج تعليمية متطورة ترتكز على الذكاء ورفع المهارات، والتنسيق مع متطلبات التشغيل، خطوة أساسية لضمان تأهيل الأفراد في سوق العمل، بهذه الخطوات، يمكن للدول تحقيق أهداف التنويع الاقتصادي وتعزيز التنمية المستدامة.
وتُعد مؤشرات العمالة من الأدوات الأساسية لقياس التنوع الاقتصادي؛ حيث تعكس التغيرات في التكوين القطاعي للناتج المحلي الإجمالي، ويُظهر هذا المؤشر مدى قدرة القطاعات الاقتصادية المختلفة على استيعاب الأيدي العاملة، مما يعكس مستويات التنوع. على سبيل المثال، في بعض المحافظات، قد تكون نسبة العاملين في القطاع الزراعي مرتفعة، رغم انخفاض مساهمته في الناتج الإجمالي؛ ما يدل على ضعف الإنتاجية، بالمقابل، يسهم القطاع النفطي بأعلى نسبة في الناتج المحلي الإجمالي، لكنه يوفر فرص عمل أقل، في حين يساهم القطاع الخدمي في تشغيل عدد كبير من الأيدي العاملة، إلا أن إنتاجيته تبقى منخفضة بسبب ضعف القطاع الصناعي.
ولتحقيق الاستقرار في الميزانية العامة، من الضروري تفعيل القطاعات الإنتاجية بشكل متوازن، مما يضمن مساهمة متساوية لكل قطاع في الميزانية والناتج المحلي الإجمالي والصادرات.
وتستند نجاحات التجربة العُمانية في تعزيز التنوع الاقتصادي إلى عدة محاور، منها البرنامج الوطني العُماني "تنفيذ"، والذي يُشكل جزءًا من رؤية "عُمان 2040"، ويركز هذا المحور على تكوين الثروة من خلال التنويع الاقتصادي والشراكة مع القطاع الخاص، مع ضمان تنمية متوازنة للمحافظات والحفاظ على الاستدامة البيئية.
وفي الختام.. نقترح على الحكومة الرشيدة إنشاء شركات أهلية في كل محافظة تحت إشراف مكتب المحافظ، من حيث التشريعات والقوانين واللوائح التنظيمية في هذا الشأن، وعلى الحكومة بدعم هذه الشركات بمبلغ مالي بمقدار 5 ملايين ريال عُماني للمساندة، مع إمكانية مشاركة الأهالي للمساهمة حسب الأسهم؛ حيث يكون دور الشركات تطوير الولايات، وستُتاح لهذه شركات للمحافظات فرصًا أسنادًا لها المناقصات في القطاع الحكومي والقطاع الخاص في كل المجالات مثل البنية الأساسية واللوجستي وتعليم والصحة والسياحة والمعادن.
ومن خلال هذه المبادرات، يمكن أن ينتعش اقتصاد الولايات والمحافظات، عبر التعاون بين الحكومة والشركات الأهلية؛ مما يسهم في تعزيز ريادة الأعمال وتطوير المشاريع التنموية بشكل مركزي وفعّال وإيجاد فرص عمل الباحثين.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
محافظ جدة يتفقد المنشآت الجديدة في القطاع الخاص ويدعم التنمية الاقتصادية
زار صاحب السمو الأمير سعود بن عبدالله بن جلوي محافظ جدة, ومعالي وزير الصحة الأستاذ فهد بن عبد الرحمن الجلاجل، اليوم، عددًا من منشآت القطاع الصحي الخاص المدشّنة حديثًا في محافظة جدة، للتأكد من توفير أفضل الخدمات الصحية للمواطنين والمقيمين، بما يسهم في الارتقاء بالمنظومة الصحية، تجسيدًا لحرص القيادة الرشيدة على تقديم رعاية صحية عالية الكفاءة والجودة، كما تعكس التزام الوزارة بتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بما يسهم في تحقيق مستهدفات برنامج التحول الصحي ضمن رؤية المملكة 2030، لبناء مجتمع حيوي يتمتع بحياة صحية عامرة.
وأكد وزير الصحة أن تعزيز جودة الرعاية الصحية هو التزام راسخ لتوفير خدمات شاملة ومتكاملة تلبي احتياجات المجتمع، مع التركيز على تبني أحدث التقنيات وأفضل الممارسات، لافتًا النظر إلى أن الاهتمام بالصحة النفسية وعلاج الإدمان جزءًا لا يتجزأ من جهود تعزيز جودة الحياة ورفاهية الأفراد، ووفق رؤية القيادة الرشيدة، مشيرًا إلى مواصلة تطوير منظومة صحية متكاملة تضمن سهولة الوصول إلى خدمات متميزة في جميع أنحاء المملكة.
وشملت الزيارة مشاريع صحية مدشنة حديثًا بلغ إجمالي استثماراتها قرابة ملياري ريال، وتضمنت مستشفى كينقز كوليدج لندن المعروف عالميًا بريادته في مجال الرعاية الصحية بسعة 150 سريرًا واستثمارات تصل إلى 550 مليون ريال، ومستشفى الأندلسية، المجهز بأحدث التقنيات العصرية لتقديم خدمات طبية متطورة بسعة 130 سريرًا واستثمارات تتجاوز 600 مليون ريال، ومركز مسار للصحة النفسية وعلاج الإدمان، الذي يُعد أول مركز تأهيل خاص متكامل للصحة النفسية وعلاج الإدمان طوعًا في المملكة بسعة 150 سريرًا واستثمارات تبلغ 600 مليون ريال.
أخبار قد تهمك قمة IAAPA الشرق الأوسط 2025 تختتم أعمالها بالرياض مستعرضةً تطورات الترفيه وفرص الاستثمار 20 فبراير 2025 - 4:08 صباحًا افتتاح مكتب صادرات قطر في الرياض لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية 20 فبراير 2025 - 1:27 صباحًاوتضم مستشفيات جدة أكثر من 9 آلاف سرير ليصل معدل الأسرة في المحافظة إلى 2.28 سرير لكل 1000 نسمة مرتفعًا بنسبة 30% خلال الخمس سنوات الماضية، وذلك ضمن جهود تطوير الخدمات الصحية وتعزيز القدرة الاستيعابية لتلبية احتياجات سكان المنطقة وزوارها.
وتأتي هذه الزيارة في إطار حرص وزارة الصحة على تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص انطلاقًا من دوره المحوري في دعم وتطوير المنظومة الصحية، والارتقاء بالخدمات الصحية، إلى جانب تعزيز الاستثمار في هذا القطاع الحيوي، بما يلبي احتياجات المستفيدين ويعزز من مستوى جاهزية المنشآت الصحية وفق أعلى معايير الجودة.