العرب بين حياة البشر وحياة الماعز
تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT
د. سليمان المحذوري
abualazher@gmail.com
خلال الفترة القريبة أُثيرت ضجّة كبيرة في وسائل الإعلام، وعبر منصات التواصل الاجتماعي لا سيما العربية بسبب عرض فيلم "حياة الماعز The Goat Life" الهندي على إحدى منصات البث الترفيهي العالمية.
أحداث الفيلم مستوحاة من قصة حقيقية لمغترب هندي جاء للعمل في دول الخليج الغنية بالنفط في فترة التسعينات من القرن المنصرم؛ بيد أنَّ هذا العامل تعرض للخداع من قبل شركة التوظيف في بلاده، كما أُجبر على رعي الأغنام في الصحراء العربية، وواجه مُعاملة قاسية من قبل كفيله في العمل بحسب رواية الفيلم.
ودون الدخول في تفاصيل هذا الفيلم ورؤيته الفنية التي أُشبعت نقاشًا، وكُتبت حوله عشرات المقالات والرؤى مع أو ضد؛ فإنه مما يلفت الانتباه ويحزّ في النفس أن العقل العربي يلتفت إلى أشياء قد تبدو هامشية؛ فيما يغض الطرف عن أحداث جوهرية تعصف بالمنطقة العربية نتيجة للتكالب الاستعماري عليها. وبنظرة عامة على خارطة الوطن العربي نجد أنه مُثخن بالجراح ابتداءً من العراق واليمن مرورًا بسوريا وليبيا والسودان، والساحة العربية وللأسف الشديد هي ميدان الصراعات الدولية، والدماء العربية هي وقود تلك الحروب. ودول العالم شرقًا وغربًا تتقدم وتتطور؛ فيما تعود بلداننا العربية إلى العصور الوسطى والله المستعان.
ولا نذهب بعيدًا ومنذ أحد عشر شهرًا وما زال الكيان المُحتل يمارس إجرامه البربري في الأراضي الفلسطينية بتواطؤ دولي، وبدعم غربي لا متناهٍ، وخذلان وصمت عربي راح ضحيته أكثر من 40 ألف شهيد حتى اللحظة، ناهيكم عن الأعداد المهولة للجرحى، وتعمُّد قتل الأطفال والنساء والشيوخ، واستهداف الطواقم الطبية والتعليمية والإعلاميين، وتدمير غزة بالكامل، لا لشيء إلّا أنها قالت "لا" للغطرسة الصهيونية، وطالبت بحقها المشروع إنسانيًا ودوليًا في إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ورحيل المحتل إلى غير رجعة.
ومع هذه الأحداث الأليمة التي نعيش تفاصيلها لحظة بلحظة، واستمرار ممارسة لعبة المفاوضات لإطالة أمد الحرب، نجد أن المجتمع العربي غير مكترث لما يدور حوله، أو أنه منقسم مع أو ضد، رغم أن الموقف لا يختلف عليه اثنان، وقلة قليلة هي من تدعم المقاومة الفلسطينية، ولله الأمر من قبل ومن بعد. وفي خضمّ هذه الأحداث، وفي ظل التشرذم العربي القُطري، وتجذّر الفكر الطائفي والمذهبي الذي وُظِّف لخدمة أجندات محددة، يبدو أننا بعيدين عن الوصول إلى مُبتغانا من الوحدة العربية، وتعمير بلداننا، والاستفادة من خيراتنا. ويبدو واضحًا كذلك أن سياسة "فرق تسد" قد نجحت بامتياز في بلداننا العربية.
ومع ذلك، فالأمل دائمًا موجود، ولن يغلب عسر يسرين، والرؤية أضحت واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار إلا من كان على عينيه غشاوة. ويُمكن إعادة توجيه البوصلة مجددًا، واستثمار المناخ السياسي الإيجابي، والتخلص من مصالحنا الآنية الضيقة شريطة توفر الرغبة الصادقة، والإرادة الأكيدة نحو رسم خارطة طريق للمستقبل، وضرورة العمل التكاملي، ورص الصفوف من أجل الخروج من هذه الشرنقة، وقبل كل هذا وذاك لا بد أن نعترف أن المشكلة في داخلنا، وفي طريقة تفكيرنا وما نحتاجه فعلًا هو صناعة وعي عربي، وإعادة برمجة عقولنا رأفة بالأجيال القادمة، وتنقيتها من الرواسب الفكرية المنحرفة عن جادة الصواب والتي قادتنا إلى هذا المصير المتردي.
قال تعالى في سورة الرعد "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ" صدق الله العظيم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزير الشباب يشهد احتفالية إعلان بغداد عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام ٢٠٢٥
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شهد الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، ورئيس المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشباب والرياضة العرب، احتفالية إعلان بغداد عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام ٢٠٢٥، وذلك بحضور المهندس حيّان عبدالغني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير النفط في جمهورية العراق، والسفيرة الدكتورة/ هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، رئيس قطاع الشئون الاجتماعية، والدكتور أحمد المبرقع وزير الشباب والرياضة العراقي، ولفيف من وزراء الشباب والرياضة العرب، والإعلامي أشرف محمود رئيس الاتحاد العربي للثقافة الرياضية.
خلال كلمته، قال وزير الشباب والرياضة:"إنه لمن دواعي سروري أن أكون معكم في هذه اللحظة التاريخية التي تجتمع فيها أسرة وزارات الشباب والرياضة العرب على أرض الرافدين العراق وفي عاصمتها العزيزة بغداد صاحبة الاسم الضارب في جذور التاريخ، فهي مدينة السلام، ومدينة الأبواب الأربعة التي تستقبل زائريها بالحب والحفاوة، مدينة الشعراء والحكماء والأدباء، والتي تمكنت بما قدمته من خدمة للعلم من خلال مدارسها التاريخية، أن تحفر اسمها في كتب التاريخ جنباً إلى جنب مع منارات العالم".
وأضاف :"إن لبغداد مكانة عظيمة في تاريخ العرب اذ كانت مقر حكم الدولة العباسية، في حقبة تاريخية شهدت امجاداً عربية، وها نحن اليوم نجتمع معاً لنحتفل ببغداد عاصمة للثقافة الرياضية العربية للعام ٢٠٢٥، وهو اختيار صادف أهله، كما هو حال هذه الجائزة التي يرعاها مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب منذ تقديم فكرتها من قبل الاتحاد العربي للثقافة الرياضية وانطلاق نسختها الأولى في إمارة الشارقة في العام2022، وكانت الجزائر عاصمة النسخة الثانية في العام ٢٠٢٣، وبعدها الاقصر في عام ، وها نحن مع النسخة الرابعة في بغداد ٢٠٢٥".
أكد صبحي أن جائزة الثقافة الرياضية العربية وسيلة مهمة للتأكيد على الهوية العربية وحفظ تراثها الثقافي، والتأكيد على قدرة الرياضة والثقافة في تحقيق التنمية المستدامة للمدن.
وقدم رئيس المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشباب والرياضة العرب التهنئة لبغداد وللشباب العربي الذي يشارك في أنشطة فعالياتها، متمنياً لهم طيب الإقامة والاستمتاع بالحضارة العراقية ومد جسور التواصل مع أشقاءهم، فالثقافة جسر شيده المثقفون والحكماء ليلتقي عليه البشر ويحدث التكامل الذي يفيد البشرية.
وفي ختام كلمته، قال وزير الشباب والرياضة:"أتوجه بالشكر الجزيل لأخي الدكتور أحمد المبرقع وزير الشباب والرياضة بجمهورية العراق على ما وجدناه من حسن استقبال وكرم ضيافة ليس غريبين عن العراق وأهلها، متمنياً لأمتنا العربية أن تنعم بالأمن والأمان".
ومن المقرر أن يترأس الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة غداً الجمعه أعمال الدورة الـ48 لمجلس وزراء الشباب والرياضة العرب.
جدير بالذكر أن الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة ورئيس المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشباب والرياضة العرب كان قد ترأس اجتماع الدورة (71) للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشباب والرياضة العرب، صباح اليوم، عقب وصوله للعاصمة العراقية بغداد.