أُمامة بنت مصطفى اللواتية

أما التساؤل الرابع فيتعلق بانخفاض البعثات الخارجية التي تُمكن الطالب حقيقة من خوض تجربة منوعة وغنية أكاديميا وثقافيا ولغويا، والقدرة على المنافسة العلمية والوظيفية في بيئات ذات منافسة شديدة وتوقعات عالية. إلى جانب أنَّها توفر بدائل لعدم قدرة مؤسسات التعليم العالي المحلية على توفير عدد كاف من المقاعد.

وحسب إحصائيات العام الجاري (2024/ 2025)، فقد بلغ العدد الإجمالي للمقاعد الدراسية بمؤسسات التعليم العالي الحكومية والبعثات الداخلية، والمنح المقدّمة من القطاع الخاص للدراسة في مؤسسات التعليم العالي الخاصة، والبعثات الخارجية ومنح الدول الشقيقة، نحو 32625 مقعدًا دراسيًا؛ منها 20449 مقعدًا دراسيًا بمؤسسات التعليم العالي الحكومية، و11573 بعثة ومنحة داخلية، و603 بعثاتٍ ومِنَحٍ خارجية.

أما أسباب انخفاض البعثات الخارجية الحاد من 1643 بعثة خارجية في عام 2016 إلى 603 بعثات ومنح فقط في عام 2024؛ فهي مثيرة للتساؤلات، وفي عام 2016 أشارت وزيرة التعليم العالي السابقة بوضوح في جلسة لمجلس الشورى، حين جرى النقاش حول الأوضاع الاقتصادية في ذلك الوقت- نتيجة لانخفاض أسعار النفط- إلى أنه لا مساس بالبعثات، وأن مجلس التعليم (سابقًا) أقرَّ آليةً للإبقاء على أعداد المقاعد الدراسية الحكومية والبعثات الداخلية والخارجية لخريجي دبلوم التعليم العالي. لكن يبدو أنَّ آلية "الإبقاء" تلاشت في السنوات الماضية، فيما يتعلق بالبعثات الخارجية، وقد شهدت أسعار النفط تقلبات خلال الفترة من 2016 إلى 2024، لكنها الآن في ارتفاع ووصلت لما يُقارِب 82 دولارًا خلال عامي 2023 و2024. ويبدو أنَّ الوزارة ما تزال تُبرر تراجع عدد البعثات بالتحديات الاقتصادية.

أما التساؤل الخامس فيتعلَّق بالبعثات الخارجية للدراسات العليا التخصصية، والذي هو الآخر تم ربطه بالأوضاع الاقتصادية المرتبطة بأسعار النفط، وقد أصبح هذا البرنامج حلمًا جميلًا بثَّ التفاؤل والأمل لكل من لم تُسعفه الظروف في الحصول على فرصة ملائمة في الدراسات الجامعية الأولى، وكأن أبناءنا لم يكونوا يستحقون استمرار هذه الفرصة التي تساوى فيها الجميع، وتميزوا فقط بجهدهم وإمكانياتهم الفردية. وهذا يقودنا إلى التساؤل الأخير عن طلبتنا العُمانيين المجيدين في الدول الأجنبية، والذين حققوا نجاحات مُلفتة ومميزة في مرحلة الدراسات الجامعية الأولى؛ بل وتفوقوا فيها على أقرانهم من الطلبة الدوليين وعلى مستوى الكليات التي يدرسون بها وبلغات أجنبية، دون أي تُقدِّم لهم وزارة التعليم العالي أي فرصة ولو منحة جزئية لمواصلة تميزهم وتفوقهم عبر الدراسات العليا.

في الختام.. نرى أن نظام القبول الجامعي الحالي في سلطنة عُمان يحتاج إلى مراجعة شاملة لضمان تحقيق الأهداف المعلنة للتعليم العالي، وهذه دعوة للاستثمار في أبنائنا على المدى الطويل، ويجب أن يتم التركيز على تقديم فرص تعليمية تتناسب مع مؤهلات الطلبة ورغباتهم وما يحقق العدالة لهم، بعد شوط طويل من الدراسة النظامية، وفي ذات الوقت هناك مطالبة مُلحَّة لتعزيز جودة التعليم في مؤسسات التعليم العالي المحلية لتكون قادرة على المنافسة إقليميًا وعالميًا.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

” وزير التعليم العالي مع التحية “

بقلم : سمير السعد ..

يعتبر الإعلام السياسي أحد أبرز الحقول المعرفية التي تؤثر بشكل كبير على المجتمعات والدول، حيث يشكل حلقة الوصل بين السياسيين والجمهور، ويؤدي دوراً محورياً في تشكيل الرأي العام وصياغة السياسات العامة. ومع التقدم التكنولوجي والثورة الإعلامية، أصبح الإعلام السياسي أكثر تعقيداً وتأثيراً، مما يفرض ضرورة وجود دراسات أكاديمية متخصصة تُعنى بفهم آليات هذا المجال وإدارته بطرق علمية ومنهجية.

الإعلام السياسي: ضرورة معرفية ملحة ، ولا يقتصر على نقل الأخبار والمعلومات فحسب، بل يتعدى ذلك إلى تحليل الخطابات السياسية، وتوجيه النقاشات العامة، والتأثير على مواقف الناس حيال القضايا المحلية والدولية. بالإضافة إلى ذلك، يُستخدم كأداة أساسية في الحملات الانتخابية، والمفاوضات الدولية، وتشكيل التحالفات السياسية. ومع هذه المهام المتنوعة، يبرز أهمية توفير كوادر متخصصة تمتلك القدرة على تحليل المشهد السياسي بمهارة وإدارة وسائل الإعلام بكفاءة.

رغم الأهمية الكبيرة للإعلام السياسي، إلا أن العديد من الجامعات لا تزال تفتقر إلى أقسام أو فروع متخصصة تُعنى بهذا المجال. وقد بات من الضروري تأسيس مثل هذه الأقسام في كليات الإعلام والعلوم السياسية لعدة أسباب:

فتح أقسام متخصصة في الإعلام السياسي سيُسهم في تأهيل طلاب يملكون الفهم العميق للسياسات العامة، والإعلام السياسي، والدعاية السياسية، ما يجعلهم قادرين على العمل بفاعلية في المؤسسات الإعلامية والسياسية.
سيُتيح فتح هذه الأقسام للباحثين والأكاديميين فرصة لإجراء دراسات متعمقة حول العلاقة بين السياسة والإعلام، وتحليل كيفية تأثير الإعلام على القرارات السياسية وتشكيل الرأي العام.
مع الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها الهائل على السياسات العالمية، يحتاج الإعلاميون والسياسيون على حد سواء إلى فهم معمق لهذه الأدوات وكيفية إدارتها بفعالية.
بتوفير برامج أكاديمية متخصصة في الإعلام السياسي، يمكن للمجتمعات تعزيز مبدأ الشفافية والمساءلة في المشهد الإعلامي والسياسي، مما ينعكس إيجاباً على النظم الديمقراطية.
و إلى أصحاب القرار في الجامعات ووزارات التعليم العالي والمعنيين بتطوير الحقول الأكاديمية، نتوجه إليكم بهذه المناشدة بضرورة إيلاء اهتمام أكبر بفتح أقسام متخصصة في الإعلام السياسي ضمن كليات الإعلام والعلوم السياسية. هذا الحقل الحيوي بات مطلباً ضرورياً في ظل المتغيرات السياسية والإعلامية التي يشهدها العالم، والتي تتطلب فهماً عميقاً وتخصصاً أكاديمياً لتحليلها وإدارتها بكفاءة.
إن غياب هذه الأقسام المتخصصة في العديد من الجامعات يحرم الطلاب والباحثين من فرصة دراسة هذا المجال الحيوي بشكل أكاديمي وعلمي، ما يؤدي إلى نقص في الكوادر المتخصصة القادرة على العمل بفعالية في مؤسسات الإعلام والسياسة.
لذا، نناشدكم بالنظر بالموضوع وبرعايتكم الكريمة العمل على إنشاء هذه الأقسام بما يتماشى مع تطلعات الأجيال القادمة، ويُسهم في تعزيز الشفافية، وفهم العلاقة بين الإعلام والسياسة، وتطوير المعرفة الأكاديمية في هذا المجال.
وفي الختام إن فتح فروع متخصصة في الإعلام السياسي في كليات الإعلام والعلوم السياسية بات ضرورة حتمية في ظل التحولات العالمية المتسارعة. هذا سيسهم في تأهيل جيل جديد من الإعلاميين والسياسيين القادرين على فهم العلاقة المعقدة بين السياسة والإعلام، ويمنحهم الأدوات اللازمة لإدارة المشهد السياسي بفعالية ومهنية

سمير السعد

مقالات مشابهة

  • إعلان نتائج امتحانات الدبلوم العام للدور الثاني
  • التعليم تقرر تمديد التقديم الى استمارة القبول المركزي والمباشر وقناة النخبة
  • التعليم تقرر تمديد التقديم الى استمارة القبول المركزي والقبول المباشر وقناة النخبة
  • إعلان نتائج امتحانات الدبلوم العام للدور الثاني.. عاجل
  • المعهد العالي للصناعات البلاستيكية يفتح باب القبول لحملة الشهادة الثانوية العامة لجميع التخصصات
  • مؤسسات التعليم العالي.. إشكاليات وتحديات (1- 2)
  • محافظ الشرقية يُقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بمدارس التعليم الفني
  • التعليم العالي: غلق كيان وهمي جديد بالشرقية
  • ” وزير التعليم العالي مع التحية “